شهادات مدفوعة وأكاذيب.. برنامج قناة الجزيرة يسقط على عتبة فيلم The Misfits

حاولت القناة في زاوية أخرى، انتزاع شهادات من آفي كوهين، مخرج مشهد المطاردة في الفيلم، متسائلة عن ميول الفيلم، وما إذا كانت سياسية أم لا؟ إلا أن الضيف دحض ما قالته القناة، قائلًا، إن الفيلم لم يظهر أي ميول سياسية، مشيرًا إلى أنه لم يُظهر أحدًا بصورة سلبية.

شهادات مدفوعة وأكاذيب.. برنامج قناة الجزيرة يسقط على عتبة فيلم The Misfits

السياق

حمل برنامج «ما خفي أعظم» على قناة الجزيرة القطرية، في ثوبه الذي ارتداه الأحد الماضي، سقطات مهنية ومغالطات وُصفت بـ«الفادحة»، في إطار تعريضه لفيلم «The Misfits» أو "غريبو الأطوار"، وهو أول فيلم هوليودي، يصوَّر بشكل كامل في الإمارات، زاعماً أنه يسيء إلى قطر.

فما حاول البرنامج إثباته، من أن العاصمة الإماراتية أبوظبي، حاولت توظيف وتوجيه الفيلم، وجعله سياسيًا في المقام الأول، انقلب عليه، بشهادة الشهود الذين استضافهم في حلقته.

البرنامج لم يستطع الخروج من عباءته السياسية، محاولًا إلباس كل مَنْ حوله، العباءة نفسها، حتى وإن لم تكن تليق به، إلا أنه في محاولاته، وقع في الكثير من السقطات المهنية والمغالطات الفادحة، بل إن أحاديث مَنْ استضافهم، كانت تناقض نفسها.

محاولة قناة الجزيرة، إطلاق شائعة وترويجها لجعلها حقيقة، أصبحت ظاهرة، يكذِّبها ويفنِّدها الواقع، بل إن الحلقة الماضية من برنامج «ما خفي أعظم»، حملت الكثير من التناقضات، والترويج لادعاءات لا أساس لها، وكأن ما حمل القناة، على تلك الحملة التي تشنها، هو متلازمة الإمارات، التي باتت ملازمة لدولة قطر، في غُدوِّها ورواحها.

وفي ما يلي، تحاول «السياق»، كشف تلك الادعاءات، التي حملها البرنامج والرد عليها، في سياقها المهني.

The Misfits.. أول فيلم هوليوودي يُصوّر كاملاً في الإمارات

تناقضات كثيرة

حلقة البرنامج، التي قال عنها المذيع تامر المسحال، إنها نتاج عامين من البحث والتتبع لمراحل صناعة الفيلم الإماراتي، استند فيها إلى شهادة شخص يدعى رامي جابر، ممثل ومنتج بالفيلم، محاولًا نسج عدد من الادّعاءات، وانتزاع الإجابات من الضيف.

جابر الذي قام عليه ما سُمي «التحقيق»، لم تكشف قناة الجزيرة، أنه تقاضى 900 ألف ريال قطري، مقابل الظهور في البرنامج، أي أن ظهوره، كان بدافع الحصول على الأموال، لا لإظهار ما قالت عنه القناة لتجلية الحقائق.

الأموال التي تلقاها رامي جابر، كشف عنها تسريب صوتي، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد خلاله، أن ظهوره في البرنامج مجرَّد «بزنس»، فلا يهمه ما سيقوله ولا نتيجته، بل «خليهم يخبطوا في بعض»، على حد قول التسريب، ما ينسف شهادة الضيف، ويجعل بنيان البرنامج مؤسَّسًا على شفا جرف، هوى بالقناة والبرنامج إلى أسفل السافلين.

لم يقتصر الأمر على الأموال، بل إن جابر نفسه كشف في البرنامج، أن هناك نزاعًا قانونيًا بينه وبين منتج العمل، المخرج والكاتب الإماراتي منصور اليبهوني الظاهري، ما يجعل شهادته مشكوكًا فيها، وتأتي كنوع من الانتقام، بعد استبعاده من الفيلم مقابل تسوية، وهو ما يُـعَـدُّ مرفوضًا بنظر القانون، الذي يمنع شهادة أي صاحب نزاع قانوني، ضد الشركة محل النزاع، ما يجعل الحدث أيضًا، كأن لم يكن.

مغالطات متناثرة

إجابات الضيف، حملت الكثير من المغالطات، وكشفت زيف اتهامات القناة، فالأول قال إن هناك أزمة نفقات واجهت إنتاج الفيلم، إلا أن شريكه الإماراتي منصور اليبهوني، أحضر مليون دولار نقدًا له في حقيبة، لحلحة الأزمة، إلا أن الأخير تشكَّك في مصدر الأموال، ليبرز سؤال هنا: هل المشكلة في محاولة البيهوني حلحلة أزمة الفيلم، أم أن المشكلة في إحضار الأموال نقدًا؟

القناة القطرية، حاولت التمادي في نزع شهادات منافية للحقيقة، من الضيف المدفوع له مقابل الظهور، فعرضت وثيقة مسرَّبة لتحويل، من شركة إماراتية مدعومة من السُّلطات المحلية، بما قيمته مليون دولار إلى حساب «فيلم جيت» الإماراتية في 25 أبريل 2019، في محاولة لتأكيد أن السُّلطات الإماراتية، هي التي دفعت تلك الأموال بشكل فوري، حتى لا يتوقَّف تصوير الفيلم، في حين أن رامي جابر قال إن الفيلم جرى الانتهاء من تصويره في مارس 2019، أي بعد شهر من التحويل، ما يثبت زيف القناة.

 

انتزاع شهادات

الضيف الذي ادعى التشكيك في مصدر التمويل، قال إنه رفع دعوى قضائية ضد شريكه الإماراتي بأمريكا، في مايو 2019، أي بعد عام تقريبًا من الانتهاء من تصوير الفيلم، ليخرج سؤال للعلن: لماذا انتظر المخرج رامي جابر عامًا كاملًا، ليقاضي شريكه الإماراتي، وبعد تقاضيه أجره كاملًا، إذا كان لديه شبهة في الأموال التي تقاضاها؟!

حاولت القناة في زاوية أخرى، انتزاع شهادات من آفي كوهين، مخرج مشهد المطاردة في «غريبو الأطوار»، متسائلة عن ميول الفيلم، وما إذا كانت سياسية أم لا؟ إلا أن الضيف دحض ما قالته القناة، قائلًا، إن الفيلم لم يظهر أي ميول سياسية، مشيرًا إلى أنه لم يُظهر أحدًا بصورة سلبية.

وأضاف كوهين، في تصريحات لـ«ما حفي أعظم»، أن الفيلم عبارة عن قصة خيالية وليست حقيقية، مشيرًا إلى أن الأمر لا يتعلَّق باسم أي دولة، ولم يبد لي فيلمًا سياسيًا.

تصريحات مخرج أحد مشاهد الفيلم، كشفت محاولة القناة الحثيثة لتسييس الفيلم، وإلصاق تهمة التوجيه السياسي به للإساءة للخصوم، رغم أن البرنامج الذي استضاف كوهين، قائم أصلًا على الدعاية السياسية والتوجيه السياسي ضد خصومه، محاولًا التعريض بهم.

 

مفارقة صارخة

وفي مفارقة صارخة، بدت واضحة للعيان، استندت القناة إلى تصريحات آميك ريتشاردز، منتج ووكيل أعمال عدد من المشاهير في هوليود، الذي قال إن الفيلم سلَّط الضوء على الإرهاب، إلا أنه لم يكشف أسماء دول بعينها، ليحاول المذيع استدراج الضيف، متسائلًا: أتقصد قطر؟

استند البرنامج إلى تصريحات إيفلين السلطاني، وهي باحثة في صناعة الصورة الذهنية في الأفلام السياسية، عن تأثير الأفلام الموجَّهة، ورصد تداعيات رسم الصورة الذهنية، لدى المشاهدين عبر العالم، تطرَّقت إلى تأثير إنتاج فيلم عن الإرهاب، وتناسى البرنامج أن قناة الجزيرة القطرية طالما كانت منصة لقادة تنظيم الإخوان الإرهابي، التي وجَّهت سهامها إلى دول بعينها، محاولة هدم أركانها وبنيانها.

 

تداعيات هائلة

وقالت إيفلين للبرنامج، إنه عندما يتعلَّق الأمر بتحطيم صورة شعب، فالتداعيات هائلة، لتتناسى قناة الجزيرة، دورها في تحطيم شعوب ومحاولة ترويج ثورات، وزرع الفتن بين أبناء البلد الواحد.

فرغم أن الفيلم، لم يذكر اسم قطر تحديدًا، ولم يتطرَّق إليها، فإن الدوحة لم تحتمل أية إشارة إلى دورها في الترويج للإرهاب، داخل العالم العربي وخارجه، ما يطرح تساؤلات عن الازداوجية التي تمارسها قناة الجزيرة والحكومة القطرية.

القناة أشارت إلى تسريب منسوب لمنصور البيهومي، يحاول فيه تسوية خلاف مع المنتج، الذي استضافته وهو رامي جابر، بشكل ودي، ليكمن السؤال: أين المشكلة في محاولة تسوية أي خلاف بشكل ودي؟ أليس هو الأصل؟ أم أن الأصل اللجوء للنزاعات الدولية، وهي الساحة التي تفضِّلها قطر، وسياستها المفضَّلة في التعامل مع إخوانها في مجلس التعاون الخليجي؟!

 

حُسن نية

أشار البرنامج أيضًا إلى «حُسن نية» الإمارات، بعد توقيع اتفاق العلا في يناير 2021، بإجراء تعديلات كبيرة على الفيلم، تضمَّنت حذف أية إشارات من قريب أو من بعيد للدوحة، وإن افترضنا أن الأمر كان صحيحًا، فأين الأزمة هنا؟ هل الأزمة أن الإمارات حاولت التعامل مع شقيقتها بشكل ودي، ونسيان الماضي الأليم، الذي تسبَّبت به الصغيرة الدوحة؟!

ورغم ذلك فإن «ما خفي أعظم» قال إن الفيلم -بعد التعديلات التي أجريت عليه- بدا مشوهًا، إلا أنهم نسوا أو تناسوا أن الفيلم اعتلى منصات العرض في العالم العربي وأمريكا، وغيرها من الدول التي عُرض فيها، وهناك الكثير من الدلائل على ذلك.

القرضاوي نموذجًا

الإبقاء على مشهد للقرضاوي، كان أحد الانتقادات التي وُجِّهت للفيلم، إلا أن منتقد المشهد، حاول تناسي أن يوسف القرضاوي، كانت لفتاواه التحريضية آثار هائلة في دمار بعض بلدان الربيع العربي، فضلًا عن فتاواه التي أباحت شن هجمات ضد الولايات المتحدة والقوات الدولية، كرد فعل على ما يحدث في أفغانستان، ضد القاعدة وطالبان.

أشار البرنامج، الذي ارتدى زي المحقِّق، إلى أن الفيلم تطرَّق إلى عبدالرحمن النعيمي، وهو أحد الإرهابيين على لائحة قطر، فضلًا عن إدراج اسمه على لوائح العقوبات الأمريكية عام 2013 والأمم المتحدة عام 2014، لتقديمه الدعم المالي لمنظمات إرهابية، لينسى تامر المسحال، دور الرجل في دعم أنشطة تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي عاث في بلاد العرب فسادًا، فضلًا عن دوره للضغط على الحكومات الخليجية، للضغط على أعضاء تنظيم القاعدة الإرهابيين.

ورغم أن البرنامج كان موجَّهًا لانتقاد الإمارات، ومحاولة لإظهارها بالمظهر السيئ، فإن السحر انقلب على الساحر، وكان للبرنامج فضل كبير، في إبراز دور أبوظبي، وسعيها الحثيث لمنع أية محاولة، من شأنها الإساءة إلى جيرانها الخليجيين، حتى وإن هم بدأوا بالإساءة، فأصبح يمثِّل نوعًا من الدعاية، لم تجهد الإمارات نفسها، في صياغتها أو الترويج لها، أو حتى الرد على مثل تلك الإشاعات.

محلي الإنتاج

الفيلم الذي صُوِّر بأكمله في الإمارات، يشارك في بطولته، بيرس بروسنان، جيمي تشونج، والإماراتي منصور الفيلي، والسوري سامر المصري.

ويعد الفيلم، أول عمل هوليودي يتم إنتاجه محليًا وتصويره في الإمارات، وتحديدًا في أماكن متفرِّقة بالعاصمة أبوظبي، هي: جزيرة السعديات، ومدينة مصدر، وكورنيش أبوظبي ومتحف اللوفر، إلى جانب مناطق أخرى بدبي والعين.

وكان الرئيس التنفيذي لـ«فيلم جيت»، قال إن «غريبو الأطوار» يهدف إلى إبراز ما تمتلكه أبوظبي من مقوذِمات وأسس وركائز، تؤهلها للريادة العالمية في مجال الإخراج والإنتاج، إلى جانب إبراز المواقع الخلابة، التي لم تستهلك سينمائياً في عمليات التصوير بها.

وأضاف الظاهري، أن إطلاق أول فيلم هوليوودي، من تصوير وإنتاج إماراتي في صالات السينما، لم يكن ممكناً، لولا الدعم المتواصل الذي قدَّمته الجهات المعنية بالفن في الإمارات، معبِّــرًا عن امتنانه لتوفيرها التصاريح والتسهيلات والمساعدات اللازمة.

الفيلم سيسجل نقلة نوعية في مجال الإنتاجات العالمية، التي تتولاها شركة إنتاج إماراتية، لمشاركة نُخبة من النجوم العالميّين والعرب في بطولته، يقول الظاهري في تصريحات لوسائل إعلام محلية، مشيرًا إلى سعي شركته المتواصل لتقديم أعمال فنية نوعية، لإيصالها إلى العالمية.

وقال إن الفيلم مختلف، في القصة والمضمون، وبه جرعة زائدة من مشاهد الأكشن والحركة، التي نفَّذها باحترافية، النجم العالمي بيرس بروسنان، وتولى تصويرها المخرج ريني هارلن.