لماذا يخوض أردوغان معركة بشأن توسيع الناتو؟

رئيس تركيا القوي يريد تعزيز سلطته في الداخل وإدارة سياسة خارجية مستقلة

لماذا يخوض أردوغان معركة بشأن توسيع الناتو؟

ترجمات - السياق

هذا الأسبوع، أنظر في ضباب السياسة التركية المحلية والسياسة الخارجية لتركيا، في محاولة لتوضيح سبب منع الرئيس رجب طيب أردوغان فنلندا والسويد من الانضمام إلى "الناتو".

 دخول السويد وفنلندا، في التحالف العسكري الغربي، من شأنه أن يبرز إلى أي مدى يؤدي الغزو الروسي لأوكرانيا إلى قلب النظام الأمني ​​الأوروبي، لكن معارضة تركيا، العضو في "الناتو" منذ عام 1952، قد تمنع التحالف -الذي يعمل بالإجماع- من قبول طلبات فنلندا والسويد رسميًا في قمة مدريد، نهاية يونيو.

في مواجهة الأمور، سترفع تركيا اعتراضاتها، إذا اتخذت البلدان الاسكندنافية موقفًا أكثر تشددًا ضد حزب العمال الكردستاني، الجماعة المتمردة التي تشن حملة مسلحة ضد الدولة التركية منذ الثمانينيات.

تريد تركيا من فنلندا والسويد تسليم عشرات الأفراد الذين تربطهم صلات مزعومة بالمسلحين الأكراد، وكذلك بحركة غولن الإسلامية، التي تقول أنقرة إنها العقل المدبر لانقلاب عسكري فاشل عام 2016.

 زار مفاوضون سويديون وفنلنديون أنقرة هذا الأسبوع، في محاولة لكسر الجمود، لكن من دون الكثير من الحظ.

 في غضون ذلك، أثار أردوغان التوترات على جبهة ثانية، من خلال شن هجوم شخصي على رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، زميل تركيا في "الناتو" ومنافسها التقليدي شرقي البحر المتوسط.

 

هل هذا كافٍ بالنسبة إليكم؟

 نقطة البداية لفهم ما يجري، إدراك أن فنلندا والسويد (وإلى حد ما اليونان) ليست في صميم اهتمامات تركيا. ما يحفز أردوغان هو... أولًا: الرغبة في إبراز تركيا كقوة إقليمية ذات عقلية مستقلة، وثانيًا: تصميمه على هزيمة خصومه السياسيين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في غضون عام.

للحصول على تحليل شامل وحديث للقوى الدافعة للسياسة الخارجية التركية، أوصي بمقال غاليب دالاي للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية. 

يجادل بأن العدوان الروسي والتوسع في جوار تركيا -من حرب عام 2008 ضد جورجيا وضم شبه جزيرة القرم عام 2014 إلى غزو أوكرانيا في فبراير- يدفعان في الواقع أنقرة نحو الغرب.

 ومع ذلك، تعتمد تركيا -بشكل كبير- على الطاقة الروسية، ولم تنضم إلى العقوبات الغربية الأخيرة ضد موسكو. 

يلاحظ الدالاي: "ستواصل تركيا السعي إلى الحكم الذاتي في سياستها الخارجية والأمنية، هذا المسعى يسبق سياسة التوازن بين روسيا والغرب، كما أن قراءة تركيا للنظام العالمي، أنه أصبح متعدد الأقطاب وأقل تركيزًا على الغرب".

أظهر الاستطلاع الخاص بصندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، أن الرأي العام التركي يدعم -بشكل متزايد- فكرة أن البلاد يجب أن تذهب بمفردها على المسرح الدولي، وبالتأكيد لا تتعاون بشكل وثيق مع الصين أو روسيا أو الولايات المتحدة.

يؤكد خبراء آخرون، مثل مارك بيريني، سفير الاتحاد الأوروبي السابق في أنقرة، دور السياسة الداخلية في تشكيل سياسة أردوغان الخارجية. 

يقول بيريني، الذي يكتب لمركز أبحاث كارنيغي أوروبا: "اختيار قضايا مثل توسيع (الناتو)، والمعاملة غير العادلة لتركيا من قِبل الدول الغربية، والقتال ضد حزب العمال الكردستاني، يتماشى بشكل جيد مع التيار القومي للرأي العام، وقد قعت السويد وفنلندا ضحية لهذه التكتيكات".

بفضل أساليبه الاستبدادية المتزايدة في الحكم، الموصوفة في كتاب ديميتار بيشيف الجديد "تركيا تحت حكم أردوغان" يمكن القول إن الرئيس ليس في خطر حقيقي، بفقدان السلطة العام المقبل، من خلال صناديق الاقتراع.

 لكن الكثير من الجمهور غير راضٍ عن ارتفاع الأسعار، وتراجع الليرة، وسياسات أردوغان الاقتصادية المنحرفة، وقمعه للمعارضة.

خوض معركة مع الولايات المتحدة وحلفائها في "الناتو" بشأن توسيع الحلف، وسيلة لأردوغان لتحفيز مؤيديه الوطنيين في الداخل.

 ربما يقبل نوعًا من التسوية، وعاجلاً وليس آجلاً ستنضم فنلندا والسويد إلى "الناتو"، لكن لا تتوقع أن تتلاشى الخلافات بين تركيا والحكومات الغربية.

 

ترجمة عن: "فايننشال تايمز"