مئات القتلى والمعتقلين.. هل يخمد قمع النظام احتجاجات الإيرانيين؟
قال أحد الناشطين إنه تعرض لتهديدات بالقتل والاغتصاب والتعذيب على يد قوات الأمن، بسبب مشاركته في الاحتجاجات.

السياق
منذ منتصف الشهر الماضي والشعب الإيراني في زخم ثوري يحمى وطيسه يومًا بعد الآخر، ليضع النظام الطاعن في السن في مأزق وجودي بتحديات داخلية غير مسبوقة، وهو ما قابلته السلطات بحملة عنف وتنكيل وتعذيب مختلفة هدفها إخافة الجمهور وإسكات الغاضبين.
وحسب شبكة سي إن إن قال أحد الناشطين إنه تعرض لتهديدات بالقتل والاغتصاب والتعذيب على يد قوات الأمن، بسبب مشاركته في الاحتجاجات، التي اندلعت قبل أسابيع على خلفية مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد ما تسمى "شرطة الأخلاق" بدعوى عدم ارتدائها "لباسًا ملائمًا".
الناشط نفسه اعترف لمراسل سي إن إن أنه تعرض لمدة أربعة أيام لكل أساليب التعذيب على يد عناصر الحرس الثوري الإيراني. ويقول في تفاصيل الأيام الصعبة التي عاشها: احتجزت في الحبس الانفرادي وتعرضت للضرب بشكل متقطع، قبل أن أوضع في غرفة مع حوالي 20 متظاهرًا، مضيفًا: كانت بينهم امرأة، ومصابة بجروح في وجهها ورقبتها، وأكد على أن المرأة التي رآها تعرضت لاعتداء جنسي من قبل القوات الأمنية.
"تمويل من أمريكا"
وأشار الشاب صاحب الـ29 عامًا إلى أنه اضطر للتوقيع على اعتراف -حتى يطلق سراحه- يقر فيه بتلقيه أموالًا من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل لخلق الفوضى وزعزعة استقرار إيران.
وفي وقت سابق قال نائب قائد قوى الأمن الداخلي قاسم رضائي، إنه لا مكان للاحتجاج الذي يؤدي إلى "الفوضى والاضطراب وانعدام الأمن". مشددًا على أن القوى الأمنية "لن تتسامح أبدًا مع المتظاهرين الذين يسعون وراء مثل هذه الأهداف." وفق قوله. مشيرًا إلى أن أفعال مثيري الشغب -ويقصد المتظاهرين السلميين- لن تمر دون رد.
"العنف الممنهج"
وفي السياق ذاته أكدت متحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أن السلطات الإيرانية تستخدم العنف الممنهج ضد المحتجين، كما دعت إلى إفراج فوري عن المعتقلين تعسفيًا.
ودخل على خط الأزمة لجنة حقوق الطفل الأممية؛ إذ أدانت ما وصفتها بالانتهاكات الخطيرة التي تعرض لها الأطفال الإيرانيون، ومنهم 23 طفلًا على الأقل قتلوا على يد قوات الأمن الإيرانية جراء التظاهرات الأخيرة. حسب بيان اللجنة الأممية والتي دعت -بدورها- إلى إجراء تحقيق معمق من قبل "سلطات مختصة مستقلة ومحايدة".
"اعتقال أكثر من 20 ألفًا"
وفي إحصائية صادمة أعلن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن الاحتجاجات التي شهدتها إيران أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص في صفوف المتظاهرين، كما تم اعتقال أكثر من 20 ألف شخص في أرجاء البلاد، بينهم طلاب مدارس وجامعات.
وقال مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية محمود أميري مقدم، إن احتمال تعذيب وقتل المعتقلين الذين يتعرضون أحيانًا للاختفاء القسري، أمر خطير للغاية، وعلى المجتمع الدولي التحرك بسرعة في هذا الوضع الصعب.
فيما أكد على أن بعض المعتقلين محتجزون في معتقلات غير رسمية لا تخضع لأي رقابة.
"شجاعة خيالية"
الدعم الدولي جاء في أغلبه بصوت نسائي؛ فمن كندا قالت وزيرة الخارجية ميلاني جولي: "لن يتسامحن بعد الآن مع نظرة النظام إلى دور المرأة في المجتمع أو كيف ينبغي للمرأة أن ترتدي وتتصرف.. لدينا التزام أخلاقي بدعمهن".
كما تعهدت بدعم نساء إيران "اللاتي يتسمن بشجاعة خيالية"، وجاء ذلك خلال اجتماع مع نظيراتها على مستوى العالم عبر الإنترنت استضافته خصيصًا لمناقشة "قمع المحتجين في إيران".
وأكدت الوزيرة الكندية على أن الاجتماع الافتراضي يظهر تضامنًا عالميًا مع النساء في إيران
ويوصل رسالة للنظام في طهران بأن "العالم يتابع ما يحدث".
وأشارت إلى أنها تأخذ على عاتقها مسؤولية المساعدة في رفع أصوات النساء في إيران".
وحسب صحيفة الإندبندنت عربية فمن المتوقع أن يشارك في الاجتماع وزيرات خارجية ألمانيا وتشيلي ونيوزيلندا والنرويج، ومسؤولة من باريس. ومن غير الواضح إذا ما كانت ستشارك الولايات المتحدة في هذا "الاجتماع التضامني".
هذه الاحتجاجات الدموية تأتي في وقت تواجه فيه طهران تحديات خارجية حرجة فالاتفاق النووي المتعثر في حال موته نهائيًا سيعرض طهران لحالة من الاختناق الاقتصادي جراء العقوبات المنتظرة، فيما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على ثلاثة أفراد وكيان يزوّدون روسيا طائرات مسيّرة إيرانية الصنع تستخدم لقصف أوكرانيا، وفق ما أعلنت الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي أمس.
"المسيرات الإيرانية"
وكتبت الرئاسة على تويتر "بعد ثلاثة أيام من المحادثات، اتفق سفراء الاتحاد الأوروبي على إجراءات ضد الكيانات التي تزود (روسيا) الطائرات المسيّرة الإيرانية الصنع التي تضرب أوكرانيا". فيما ستدخل العقوبات حيز التنفيذ الخميس.
وأضافت الرئاسة "قررت دول الاتحاد الأوروبي تجميد أصول ثلاثة أفراد وكيان مسؤول عن تسليم الطائرات المسيّرة".
وتابعت أن "الاتحاد الأوروبي مستعد أيضًا لتوسيع العقوبات لتشمل أربعة كيانات إيرانية أخرى كانت مدرجة أصلًا على قائمة عقوبات سابقة".
وقال رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا، إن العقوبات "استهدفت الأشخاص والكيانات التي تصنع الطائرات المسيّرة وتزودها".
وأضاف "هذا هو ردنا الواضح على قيام النظام الإيراني بتزويد روسيا بطائرات مسيّرة تستخدمها لقتل مواطنين أوكرانيين أبرياء".
واتهمت أوكرانيا روسيا باستخدام أربع طائرات مسيّرة إيرانية الصنع لقصف كييف الإثنين وقالت إن دفاعاتها الجوية أسقطت 223 طائرة مسيّرة إيرانية الصنع منذ منتصف أيلول/سبتمبر.
لكن الكرملين يقول إنه لا علم لديه باستخدام جيشه طائرات مسيّرة إيرانية الصنع في أوكرانيا، فيما قالت طهران: إن المزاعم بأنها تزود روسيا أسلحة "لا أساس لها".