توتر متصاعد بين الجزائر والمغرب.. من المستفيد؟

الأزمة الحالية، التي تفجرت من قرية الكركرات في 13 نوفمبر من العام الماضي على حدود الصحراء، أخذت أبعادًا بينية منذ يوليو الماضي

توتر متصاعد بين الجزائر والمغرب.. من المستفيد؟

السياق

توتر متصاعد يتجسَّد في الحملات الإعلامية، وإغلاق الحدود، وقطع العلاقات الدبلوماسية، وتعطيل المبادلات والمصالح الاقتصادية، وصولًا إلى سباق التسلح والتأهب العسكري، أحداث أثارت مخاوف من إمكانية اندلاع حرب بين المغرب والجزائر.

الأزمة الحالية، التي تفجرت من قرية الكركرات في 13 نوفمبر من العام الماضي على حدود الصحراء، أخذت أبعادًا بينية منذ يوليو الماضي، حين دخلت الرباط على ملفات الخلافات الجزائرية الداخلية، لتصل إلى قطع العلاقات بين البلدين، وبدء مرحلة من التراشق الإعلامي، واتهمت الجزائر المغرب بقتل ثلاثة من مواطنيها على الحدود مع موريتانيا، بينما نفت الرباط ذلك جملة وتفصيلًا.

إلا أن ذلك النزاع الإقليمي، الذي وُصف بـ«المفتعل»، قال عنه ملك المغرب محمد السادس، إن بلاده تتفاوض على إيجاد حل سلمي للنزاع الإقليمي، لا على صحرائه التي لم تكن يوماً، ولن تكون على طاولة المفاوضات».

 

المسار السياسي

وجدد الملك محمد السادس، في خطاب وجَّهه إلى الشعب بمناسبة الذكرى الـ46 للمسيرة الخضراء (مسيرة سلمية كبرى نُظمت في 6 نوفمبر 1975، من أجل الضغط على إسبانيا لمغادرة إقليم الصحراء الذي كانت تحتله)، تمسُّك بلاده بالمسار السياسي الأممي، مجدداً التزامه بالخيار السلمي، وبوقف إطلاق النار، ومواصلة التنسيق والتعاون، مع بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو)، في نطاق اختصاصاتها المحددة.

وأكد دعمه لجهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ولمبعوثه الشخصي ستيفان دي ميستورا، لإعادة إطلاق العملية السياسية في أسرع وقت ممكن، مشيرًا إلى ضرورة الالتزام بالمرجعيات، التي أكدتها قرارات مجلس الأمن منذ عام 2007، التي تم تجسيدها في اللقاءات المنعقدة بجنيف، برعاية الأمم المتحدة.

قصف همجي

تصريحات ملك المغرب، جاءت بعد 3 أيام من اتهام الرئاسة الجزائرية المغرب، بقتل 3 من مواطنيها، في «قصف همجي» لشاحناتهم، أثناء تنقلهم على المحور الرابط بين نواكشوط وورقلة، مؤكدة أن لديها إشارات لضلوع قوات مغربية في ارتكاب هذا «الاغتيال الجبان بسلاح متطور».

وأكد بيان الرئاسة الجزائرية حينها، أنها اتخذت على الفور التدابير اللازمة للتحقيق في هذا العمل وكشف ملابساته، وتعهدت الرئاسة الجزائرية، بأن «اغتيال» مواطنيها الثلاثة، لن يمر من دون عقاب.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، إنها راسلت الأمم المتحدة ومنظمات أخرى بشأن الحادث، مشيرة إلى أن الوزير رمطان لعمامرة أبلغ مسؤولي المنظمات الدولية بـ«الخطورة الشديدة لعمل إرهاب الدولة» الذي نفَّذته القوات المغربية، والذي لا يمكن بأي ظرف من الظروف تبريره».

 

التحقيق

بدأت بعثة الأمم المتحدة «مينورسو» تحقيقًا مستقلًا لمعرفة تفاصيل حادث مقتل 3 جزائريين، مشيرة إلى أنه لا يبدو أن الشاحنتين قُصفتا بقنابل طائرات من دون طيار.

بدوره، قال علي محمد ربيج، أستاذ العلوم السياسية بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية بالجزائر، إن «أطرافًا» -لم يسمها- تحاول جر المنطقة إلى حرب ستكون مكلفة للمنطقة، متوقعًا أن يكون رد الجزائر، ليس عبر تسليم البوليساريو معدات عسكرية، بل دبلوماسيًا، وأن تلجأ للمحاكم الدولية ضد المغرب.

وبحسب خبراء عسكريين، فإن تطورات الأزمة الحالية، توحي بما هو أبعد من قطع العلاقات الدبلوماسية، وإغلاق المجال الجوي ووقف مرور الغاز من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب، في حادث قد يصل إلى مناوشات عسكرية في الآونة الأخيرة.

 

سيناريو ليبيا

ورغم أن النزاع يتطور بسرعة، وسط ردود فعل دولية باردة جداً، فسَّرها مراقبون، بأمرين: أولهما أن التوتر لن يتجاوز السقف الحالي، لأن الطرفين يدركان أن تبعات الحرب كبيرة، بينما الثاني تمثل في أن بعض الدول الأوروبية ستستفيد من تفجر الأوضاع شمالي إفريقيا، ما يتيح لها هامشاً لخلط الأوراق والحصول على بعض المزايا، كما حدث في ليبيا.

وتعيش العلاقات المغربية الجزائرية، منذ أشهر، أزمة غير مسبوقة، كان أبرز فصولها توجيه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، أمرًا للشركة الوطنية سوناطراك، بوقف العلاقة التجارية مع الشركة المغربية وعدم تجديد العقد، الذي انتهي في 31 أكتوبر الماضي.

كما كان من فصولها -أيضًا- إعلان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، في 25 أغسطس الماضي، قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في خطوة وصفها المغرب بـ«الأحادية الجانب وغير المبرَّرة» .