صندوق الاستثمار السعودي وعلاقته بشركة بوسطن كونسلتنغ
إيهاب خليل يصفه البعض بأنه وسيط قوي يعمل من وراء الكواليس وله دور فعّال في ظهور صندوق الاستثمار السعودي كواحدٍ من أكبر المستثمرين في العالم، وفي وضع خطط للمساعدة في إصلاح اقتصاد المملكة.

ترجمات – السياق
كشفت شبكة بلومبرغ الأمريكية العلاقة بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ووسيط شركة بوسطن كونسلتنغ غروب، مشيرة إلى أن الصندوق يعتمد كثيرًا على تأثير وسيط شركة الاستشارات الأمريكية في الكثير من عملياته.
ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن الشريك إيهاب خليل -المدير المفوض والشريك في بوسطن كونسلتينغ غروب- يُمثّل دعامة مهمة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، فيما قالت شركة بوسطن كونسلتنغ إن الاستشاري لا يعمل بالنيابة عن الصندوق.
وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أنَّ خطة المملكة العربية السعودية لاستخدام صندوق ثروتها السيادية الضخمة لتحقيق طموحات كبيرة ساعدت في خلق منجم بقيمة 1.8 مليار دولار لشركات الاستشارات العالمية.
وأمام ذلك، حسب الشبكة، يشير رجل واحد إلى النجاح الذي حققته تلك الشركات في كسب النفوذ داخل المملكة، وهو "إيهاب خليل-اللبناني الأصل- الشريك الأول في مجموعة بوسطن الاستشارية".
وسيط قوي
وحسب بلومبرغ، فإنَّه في حين أن "خليل" لا يظهر في أي مخطط تنظيمي في صندوق الاستثمارات العامة السعودي، البالغ حجمه 620 مليار دولار، إلا أنَّ الأشخاص الذين يعملون مع أو في الكيان المملوك للدولة يصفونه بأنه وسيط قوي يعمل من وراء الكواليس وله دور فعّال في ظهور الصندوق كواحدٍ من أكبر المستثمرين في العالم، وفي وضع خطط للمساعدة في إصلاح اقتصاد المملكة.
ووفقًا لأشخاص مطلعين على عمليات المنظمة -والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم- يتمتع خليل بعلاقة وطيدة مع ياسر الرميان، رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة، وقد قاد الاجتماعات الداخلية الأخيرة حول إستراتيجية الصندوق الجديدة.
وفي علامة على أهميته وشهرته ومكانته الدولية، اتخذت المملكة خطوة نادرة العام الماضي بمنح الجنسية السعودية للمواطن اللبناني.
فبصفته الوسيلة الرئيسة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد القائم على النفط، فقد استحوذ صندوق الاستثمارات العامة على حصص في الشركات الكبرى الأمريكية مثل أوبر تكنولوجيز- وهي شركة تكنولوجية أمريكية متعددة الجنسيات على شبكة الإنترنت- ودعم إدراج شركة لوسد موتورز في العام الماضي، كما أنَّ الصندوق في طور تطوير مدينة جديدة بقيمة 500 مليار دولار.
وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أنّه في الوقت الذي يسعى فيه صندوق الاستثمارات العامة إلى تحقيق هدف مضاعفة الأصول المدارة ثلاث مرات لتصل إلى 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، يسلط دور خليل الضوء على الأعمال الداخلية لأحد أهم صناديق الثروة السيادية في العالم ويؤكد التأثير الذي يلعبه المستشارون الخارجيون في تحول المملكة العربية السعودية.
ووفقًا لـ سورس غلوبال ريسيرش -المعنية بالاستشارات في المملكة- فقد فاق معدل النمو البالغ 19٪ في سوق الاستشارات في المملكة العربية السعودية جميع دول الخليج الأخرى.
ولكن حسب بلومبرغ، قد يصبح عمل الشركات الاستشارية مثيرًا للجدل مرة أخرى وسط توترات جديدة بعد أن تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بإعادة تقييم العلاقات مع المملكة العربية السعودية، بعد قرار منظمة أوبك+ للنفط بخفض الإنتاج.
فيما قالت مجموعة بوسطن الاستشارية، للشبكة الأمريكية: إن "خليل" ليس في مهمة في صندوق الاستثمارات العامة، وبالتالي "لا يتصرف بأي شكل من الأشكال" نيابةً عن الصندوق، مضيفةً أن الإستراتيجية تُدار من قِبل "كبار مديري صندوق الاستثمارات العامة بشكل دائم".
وردًا على ذلك، أوضح صندوق الثروة السيادية السعودي طبيعة عمل خليل قائلًا: إن دور المستشار يتمحور في أنه "مدير إداري أول في شركة بوسطن للاستشارات يقدم المشورة لصندوق الاستثمارات العامة".
ونقلت الشبكة عن برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة برينستون الذي سبق والتقى ولي العهد، قوله: إنَّ الأمير بن سلمان، "في عجلة من أمره لتغيير الأمور وتحريك البلاد في اتجاه التنويع الاقتصادي والتحرير الاجتماعي".
غزوات المجموعة
وترى بلومبرغ، أنَّ نطاق التحول الذي شهدته المملكة العربية السعودية- بما في ذلك مشروع ذا لاين التابع لصندوق الاستثمارات العامة، وهو ممر حضري بطول 170 كيلومترًا (106 أميال) بدون سيارات أو طرق تشكل جزءًا من مشروع نيوم الهائل، قد وفر فرصة كبيرة للخبراء الخارجيين.
وأشارت إلى أنه في عام 2016، لعب المستشارون دورًا بارزًا في المساعدة في صياغة الإصلاح الاقتصادي للمملكة لدرجة أن وزارة الاقتصاد والتخطيط لُقبت بوزارة ماكينزي نظرًا لعلاقات شركة الاستشارات المالية الوثيقة بالحكومة.
منذ ذلك الحين، برزت مجموعة بوسطن الاستشارية- التي تعتبر المملكة العربية السعودية كواحدة من أكبر أسواقها- كقاطرة واضحة للسوق السعودي، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى علاقاتها مع صندوق الاستثمارات العامة.
ونقلت بلومبرغ عن مصدر مطلع قوله: إنه تم تجنيد ما لا يقل عن 100 مستشار للعمل مع صندوق الاستثمارات العامة والكيانات التابعة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من مجموعة بوسطن الاستشارية.
ووفقًا لنشرة إصدار سندات حديثة، يوظف الصندوق حوالي 1700 شخص.
ويقول صندوق الاستثمارات العامة: إنَّ الصندوق وشركات محفظته قد استخدموا العديد من الشركات الاستشارية الدولية بما يتماشى مع المؤسسات المالية المماثلة لأنه يخلق "أنظمة بيئية جديدة، ومدنًا، وقطاعات، وشركات، ووظائف عالية الجودة".
وحسب الشبكة الأمريكية، فإنه على مدى السنوات الخمس الماضية، قاد صندوق الاستثمارات العامة دفعة نحو السيارات الكهربائية، كما قام بغزوات في الرياضة، حيث اشترى فريق كرة القدم الإنجليزي نيوكاسل يونايتد، واستثمر ما لا يقل عن ملياري دولار في مشروع غولف عالمي.
ورغم أنه على موقعه الرئيس على شبكة الإنترنت، لا يحدّد صندوق الاستثمارات العامة كيفية تشغيل الإستراتيجية، إلا أن بلومبرغ أوضحت أن الصندوق تخلى عن دينيس غونسون -كبير مسؤولي الإستراتيجية- عام 2020، وذلك بعد نحو عامين في منصبه، ثم خلفه تشاد ريتشارد، رئيس تطوير الإستراتيجية والتكامل، وعبد الله السالم، رئيس الإستراتيجية والتخطيط.
وحسب الشبكة، كان ريتشارد شريكًا في مجموعة بوسطن الاستشارية قبل انضمامه إلى صندوق الاستثمارات العامة لتولي منصبه الحالي في فبراير 2020.
أما السالم، فهو موظف في صندوق الاستثمارات العامة منذ عام 2016، قبل أن يتولى مسؤولية رئيس الإستراتيجية والتخطيط في يناير 2020، وفقًا لملفات لينكد إن الشخصية الخاصة به.
المسؤول الإستراتيجي
ووفقًا لوسائل الإعلام المحلية، فقد توطدت صلات "خليل" بالسعودية العام الماضي، عندما تمَّ منحه وثلاثة أشخاص آخرين الجنسية بسبب "القدرات المتميزة" و "التخصصات النادرة".
خليل، المولود عام 1978، حاصل على درجة الماجستير من كلية إدارة الأعمال الدولية إنسياد، وكان قد عمل في شركة (بوز وشركاه) قبل انضمامه إلى مجموعة بوسطن الاستشارية في عام 2014، قبل أن يتحول صندوق الاستثمارات العامة إلى قوة استثمارية من قِبل ولي العهد السعودي.
وفي عام 2020، سُجل خليل لدى الولايات المتحدة كوكيل أجنبي للمجلس السعودي للشؤون الاقتصادية والتنمية، وفقًا لإيداع أمريكي.
وحسب الشبكة الأمريكية، فقد واجهت الشركات الاستشارية الكبرى تدقيقًا في الماضي بشأن تعاملاتها التجارية مع المملكة العربية السعودية، ففي عام 2018، ضغطت السناتور الأمريكي إليزابيث وارن على مجموعة بوسطن الاستشارية وبوز ألين هاميلتون، للكشف عن عملهما المتعلق بالبلاد، إلا أنّه لم يتم الإعلان عن نتائج هذه المبادرة.
ويُعد تعيين مستشارين خارجيين أيضًا موضوعًا حساسًا في المملكة العربية السعودية، إذ إنه اعتبارًا من عام 2024، ستتوقف الحكومة والمؤسسات المدعومة من الدولة عن توقيع العقود مع الشركات الأجنبية التي تقيم مقارها في الشرق الأوسط في أي دولة أخرى في المنطقة.