لقاء عباس غانتس في إسرائيل.. رهان على سراب أم محاولة لفتح مسار سياسي؟
لأول مرة منذ 10 سنوات... عباس في إسرائيل لدفع إجراءات بناء الثقة

السياق
للمرة الأولى منذ عشر سنوات، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، محادثات مع مسؤول إسرائيلي كبير في إسرائيل، بعد أن استضافه وزير الدفاع بيني غانتس بمنزله في روش هعاين.
ويعد الاجتماع الذي استمر ساعتين ونصف الساعة، الثاني لغانتس وعباس منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة في يونيو الماضي، أكد خلاله المسؤولان الاهتمام المشترك بتعزيز التعاون الأمني، والحفاظ على الاستقرار ومنع الإرهاب والعنف.
وقال مكتب غانتس في بيان، إن وزير الدفاع أكد لعباس أنه يعتزم الاستمرار في دفع إجراءات بناء الثقة، في المجالات المدنية والاقتصادية، بحسب «تايمز أوف إسرائيل» التي قالت إن منسق الاتصال العسكري الإسرائيلي مع الفلسطينيين غسان عليان، شارك في الاجتماع من الجانب الإسرائيلي، بينما رافق حسين الشيخ، مستشار عباس، المسؤول الفلسطيني عن إدارة العلاقات مع إسرائيل، إلى جانب رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج.
وقال آل الشيخ عبر حسابه «تويتر»، إن الاثنين ناقشا مسائل سياسية وعنف المستوطنين، بين موضوعات أخرى، مشيرًا إلى أن الاجتماع «تناول أهمية توفير أفق يؤدي إلى حل سياسي، في ظل الأوضاع الميدانية المتوترة بسبب ممارسات المستوطنين».
البديل الوحيد
بينما قال غانتس إنه يرى أن نظام عباس، البديل الوحيد لحركة حماس في الضفة الغربية، مشيرًا إلى أنه إذا كانت السلطة الفلسطينية أقوى، ستكون حماس أضعف.
وقال غانتس أواخر أغسطس الماضي: «عندما تكون لدى السلطة الفلسطينية قدرة أكبر على فرض النظام، سيكون هناك المزيد من الأمن، وستكون يدنا أقل قوة».
وتحقيقًا لهذه الغاية، أقرضت الحكومة الإسرائيلية الحالية للسلطة الفلسطينية 500 مليون شيكل لتخفيف أزمة ديونها المستعصية، وقدَّمت تصاريح للفلسطينيين غير المسجلين، الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة، وزاد عدد تصاريح العمل للفلسطينيين في إسرائيل، كمحاولة لضخ اقتصاد الضفة الغربية.
وتحدث غانتس لأول مرة عبر الهاتف مع عباس، منتصف يوليو الماضي، عندما التقى الاثنان رسميًا في رام الله أواخر أغسطس، ما يمثل أول اتصال رفيع المستوى من هذا القبيل، بين كبار صُناع القرار الإسرائيليين والفلسطينيين منذ أكثر من عقد.
انتقادات إسرائيلية وفلسطينية
وانتقد حزب الليكود المعارض، اجتماع ليلة الثلاثاء في إسرائيل، قائلاً إن «حكومة بينيت الإسرائيلية تعيد عباس والفلسطينيين إلى مركز الصدارة»، محذرًا من أن «هذه مسألة وقت فقط، حتى تكون هناك تنازلات خطيرة الفلسطينيين».
وقال حزب ليكود اليميني المعارض، إن «التنازلات التي تشكل خطورة على أمن إسرائيل، مسألة وقت فقط».
بالمقابل، انتقدت حماس، الجماعة الإرهابية التي تحكم غزة، عباس للقائه غانتس، ووصفته بأنه «مستهجن ومدان».
وقال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم، في إشارة إلى سلسلة من الهجمات الأخيرة على جنود ومدنيين إسرائيليين: «هذا هجوم على الانتفاضة الجارية في الضفة الغربية».
وحذرت حركة حماس، مما وصفته بـ«الانزلاق الخطير في مراعاة مصالح العدو وحاجاته مقابل محافظة الاحتلال على بقاء سلطة التنسيق الأمني، كيانًا وظيفيًا بلا أي مضمون»، مشيرة إلى أن هذه اللقاءات «لا تخدم إلا العدو».
وأكدت الحركة الإرهابية، أنه كان «يتعين على رئيس سلطة أوسلو أن ينحاز إلى شعبه، ويلتقي الكل الوطني، لاتخاذ الخطوات العملية التي تضمن تعزيز عوامل قوّة شعبنا، والاستناد إليها للخلاص من الاحتلال»، مشيرة إلى أن «القيادة المتنفذة في سلطة أوسلو لم تعد تهتم أو تراعي أحوال شعبنا الفلسطيني ومصالحه وحقوقه، بل تمعن في إدارة ظهرها لكل القضايا الوطنية، التي تخدم الشعب وتطلعاته في الوحدة والتحرير والعودة».
وأشارت حماس إلى أن «هذا اللقاء يعد استفزازًا لجماهير شعبنا الفلسطيني، الذين يتعرضون يوميًا لحصار ظالم في قطاع غزة، وتصعيد عدواني يستهدف أرضهم وحقوقهم الوطنية ومقدساتهم في الضفة الغربية المحتلة والقدس، كما يمثل استهتارًا بمعاناة الأسيرات والأسرى في سجون العدو، الذين يُمارس ضدّهم أبشع أنواع الانتهاكات».
وبينما وصفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لقاء عباس غانتس بأنه «رهان على سراب وتعطيل لجهود الوحدة»، اعتبرت حركة فتح اللقاء، محاولة جدية لوضع حد للممارسات التصعيدية ضد الشعب الفلسطيني، ولفتح مسار سياسي يرتكز على الشرعية الدولية.
الاجتماع الأخير
وعُقد آخر اجتماع رسمي لعباس في إسرائيل عام 2010، عندما التقى رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو في مقر إقامته الرسمي لإجراء محادثات سلام، وكانت عملية السلام تحتضر في العقد الماضي، حيث عمل نتنياهو على تقويض عباس ودفع الصراع مع الفلسطينيين إلى الهامش.
وتدهورت العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، التي يوجد مقرها في الضفة الغربية، بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وتجاهل زعيم الليكود بنيامين نتنياهو القضية، من 2009 إلى 2021 كرئيس للوزراء، مع تعليق محادثات السلام عام 2014.