ماذا سيحدث إذا سقط النظام الإيراني؟
رأى مايكل روبين، الباحث المقيم في معهد أمريكان انتربرايز، أن الموجة الحالية من الاحتجاجات المناوئة للنظام الإيراني، تعد الأكثر جدية وربما الأكثر فتكًا فيما يتعلق بالتهديد الذي تُشكِّله على إيران.

ترجمات - السياق
قال الباحث الأمريكي مايكل روبين، إنه في حال سقوط النظام الإيراني -الذي يحكم البلاد منذ نحو 40 عامًا- سيتم الكشف عن عملاء "أمريكيين" يتعاونون معه بعيدًا عن أعين أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية، مطالبًا هذه الأجهزة بضرورة فضح هؤلاء "العملاء" وعدم التستر عليهم، مثلما حدث في السابق بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق.
وأوضح روبين في تحليل نشره موقع "فورتي فايف" الإخباري الأمريكي، أن الموجة الحالية من الاحتجاجات المناوئة للنظام الإيراني، تعد الأكثر جدية وربما الأكثر فتكًا فيما يتعلق بالتهديد الذي تُشكِّله على إيران.
وقال: "حقيقة إحراق سجن إيفين الرمز الأكثر قمعًا للنظام ينبئ بالكثير.. إذ تبدو رسالة واضحة ينبغي أن يفهمها الجميع الآن مفادها أن النظام الإيراني تفتقد الشرعية".
واعتبر أن تطور الأحداث من التظاهر احتجاجًا على مقتل الفتاة مهسا أميني على يد شرطة الآداب بدعوى عدم ارتدائها الحجاب بالشكل اللائق، إلى المناداة بإسقاط النظام، وهو الأمر الذي تلاه حريق كبير بسجن إيفين (سيئ السمعة)، يجعل نظام الملالي غير شرعي.
وتسبب الحريق الذي اندلع في سجن إيفين بطهران، مساء السبت الماضي، وتواصل حتى صباح الأحد، في سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، مما فاقم الأزمات التي تواجهها إيران منذ أكثر من شهر، على وقع احتجاجات شعبية واسعة بسبب موت الشابة مهسا أميني لدى احتجازها من قِبل شرطة الأخلاق.
ماذا يحدث إذا سقطت إيران؟
وتساءل روبين -الباحث المقيم في معهد أمريكان انتربرايز (AEI)، والمحاضر بكلية الدراسات العليا البحرية- ماذا يحدث إذا سقطت إيران؟ مشيرًا إلى أنه في هذه الحالة سيحدث ما لا يمكن توقعه.
وأوضح أنه أثناء حرب العراق عام 2003، كان زميلًا في مجلس العلاقات الخارجية بمكتب وزير الدفاع في البنتاغون كمسؤول عن الشأن الإيراني والعراقي، ومع سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، تم الكشف عن سيل من الوثائق التي استولى عليها الأمريكيون.
وبيّن أنه وجد بصحبة مجموعة من العراقيين بالقرب من قبر مؤسس حزب البعث ميشيل عفلق في بغداد، سجلات عديدة لاجتماعات المجلس الرئاسي، وسجلات أخرى عن التعليم، والتي كانت على غرار كوريا الشمالية لا تضع النتيجة وفق الدرجات وإنما بحسب الولاء المتصور للطلاب على أساس صلاتهم العائلية.
وأشار إلى أن العديد من الأكاديميين العراقيين، ومن بينهم أستاذ الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في جامعة براندايس (كنعان مكية)، تولوا تنظيم بعض هذه الوثائق من خلال مؤسسة ذاكرة العراق، وذلك بمساعدة رئيس الوزراء المستقبلي مصطفى الكاظمي، الذي عمل كصحفي مَعْنِيٍّ بحقوق الإنسان آنذاك.
وحسب "روبين"، كان من بين هذه الوثائق، مفاجآت لم يتوقعها أحد، إذ تمَّ الكشف عن اتصالات بين بعض الأكاديميين والصحفيين الأمريكيين بالنظام العراقي آنذاك.
وأشار إلى أنه بينما وعد البعض بأخذ الحيطة حتى لا يتم كشفه، عبر آخرون عن تعاطفهم صراحةً مع نظام صدام، فيما ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك وأبلغوا بلا مبالاة عن زملائهم من أجل كسب ود السلطات العراقية حينها، لافتًا إلى أن بعض الوثائق كشفت عن قبول بعض هؤلاء الأكاديميين والصحفيين الأمريكيين، هدايا نقدية أو إعانات أخرى من صدام وكبار مساعديه.
وكشف الباحث الأمريكي، عن أن اكتشاف أن هؤلاء كانوا مواطنين أمريكيين أثار جدلاً كبيرًا خلف الكواليس داخل الإدارة الأمريكية حينها برئاسة جورج بوش الابن، إلا أنه في النهاية، نصح البعض بإبقاء مثل هذه الوثائق سرية، بدعوى أنها لا تحمل أي دليل يؤكدها، خصوصًا أنه- نظريًا- ربما يكون نظام صدام قد زوّر هذه الأسماء أو بالغ في أدوارهم.
أصدقاء إيران
ومع التعتيم على أسماء هؤلاء الصحفيين المتعاونين مع نظام صدام، طالب روبين، الإدارة الأمريكية الحالية بعدم ارتكاب نفس الخطأ إذا سقطت إيران.
وأشار إلى أن الأدلة الظرفية وسجلات البريد الإلكتروني تُظهر تفاعلات وثيقة بين المحللين البارزين والأكاديميين والعلماء والدبلوماسيين الإيرانيين، كما عمل العديد من أبرز النشطاء المؤيدين للجمهورية الإسلامية أو المناهضين للعقوبات في أوقات مختلفة مع شركات استشارية مقرها طهران، كاشفًا عن أن بعض مراكز الأبحاث الأكثر عداءً للعقوبات المفروضة على أيران تشترك مع مانحين مماثلين.
وأوضح، أنه في حين أن هؤلاء العلماء والصحفيين -المتواصلين مع النظام الإيراني- قد ينكرون الروابط المباشرة مع النظام الإيراني أو يجادلون بأن تفاعلاتهم كانت فقط تلك الخاصة بالعلماء الذين يسعون إلى مناظرة الموضوعات العلمية، فإن سقوط النظام يمكن أن يكشف الصورة الأكبر أو، على العكس من ذلك، يُبرّئهم.
وأكد روبين، أن النظام القائم في إيران "بيروقراطي"، ومن ثمّ فإن كل التعاملات -مع وكلاء أو متعاونين أو غيرهم- لابد أن يكون لها دليل ورقي مادي، وهو ما قد يكشف المتعاونين الأمريكيين أو غيرهم، في حالة سقوط النظام هناك.
وشدد على أنه إذا ظهرت بعض أسماء الأمريكيين ضمن السجلات الإيرانية، فعلى إدارة الرئيس جو بايدن ألا تكرر أخطاء إدارة جورج بوش الابن، بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، بالتغاضي أو بالتعتيم على هؤلاء المتعاونين.
وبيّن أن أهمية الكشف عن تلك الوثائق، يأتي من مدى تأثيرها وفضح نشاط هؤلاء المتعاونين، مشيرًا إلى أنه قد يتم الكشف عن صحفي يعرض تقديم معلومات عن زملائه (كما حدث في السجلات العراقية)، أو ربما يكون هؤلاء الأكاديميون يرددون كـ"الببغاء"، ما يريده النظام الإيراني، خصوصًا فيما يتعلق بتأخير الاتفاق النووي، مقابل الحصول على خدمات مالية أو غيرها.
ولكن -حسب الباحث الأمريكي- إذا ادعى أي أمريكي ورد اسمه أنه تم تضمينه بشكل خاطئ، فعلى إدارة بايدن أن تتركهم يعلنون هذا النفي علانية، مشيرًا إلى أنه إذا كان الدليل كافيًا لتوجيه الاتهام إليهم كعملاء غير مسجلين، فلا ينبغي لفريق بايدن أن يتردد في فضحهم ومحاسبتهم.
وأضاف موجهًا حديثه إلى إدارة بايدن: "في حالة سقوط النظام الإيراني، من الضروري فضح عملاء النظام الإيراني على مرأى من الجميع"، متابعًا حديثه إلى الرئيس الأمريكي: "لا تحميهم".