الحقيقة المزعجة حول السياسة الخارجية لإدارة بايدن

علاقة أوبك بروسيا تعدّ أداة تسويقية لمساعدة اقتصادات العالم على الأداء الجيد في أعقاب الركود الاقتصادي الذي سيطر على اقتصادات العديد من البلدان في العالم جراء فيروس كورونا.

الحقيقة المزعجة حول السياسة الخارجية لإدارة بايدن

ترجمات - السياق

وصف الكاتب والمحلل السياسي فيصل الشمري، نهج الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه المملكة العربية السعودية -خصوصًا انتقاداته للرياض بشأن قرار أوبك بلس بخفض إنتاج النفط- بأنه مثير للسخرية، مشيرًا إلى أن المملكة ليست العضو الوحيد في أوبك لتسيطر على قرار المنظمة بالكامل.

وقال في تحليل نشرته صحيفة عرب نيوز السعودية، "لقد كان فقر تفكير الرئيس الأمريكي وعدم ملاءمة لغته واضحًا عندما قال على شبكة سي إن إن "ستكون هناك عواقب" لقرار أوبك+ بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا".

وتعليقًا على هذا التصريح، رأى الشمري أن بايدن لا يزال معتادًا على التفكير القديم بأن الدول يجب أن تكون مطيعة لأمريكا لتكون دولًا ذات سيادة، معتبرًا أن نهج الرئيس الأمريكي تجاه السعودية مثير للسخرية لأن المملكة ليست العضو الوحيد في أوبك وإنما مجرد دولة واحدة من بين 13 دولة.

 

مسؤولية جماعية

وشدد الشمري، على أن أوبك تتحمل مسؤولية جماعية، لذلك يتعين على بايدن التعامل مع 12 دولة أخرى لمناقشة أسباب القرارات الأخيرة لخفض مستويات إنتاج النفط.

ورأى أن المقارنة التي يجريها بايدن بين علاقات أوبك مع روسيا وعلاقاتها مع الولايات المتحدة أكثر سخافة، معتبرًا أن نفط أوبك هو شريان الحياة بالنسبة للغرب، ومن ثمّ لا تستطيع اقتصاداتها البقاء دون استيراده.

وأوضح، أن علاقة أوبك بروسيا تعدّ أداة تسويقية لمساعدة اقتصادات العالم على الأداء الجيد في أعقاب الركود الاقتصادي الذي سيطر على اقتصادات العديد من البلدان في العالم جراء فيروس كورونا. وأمام ذلك، يرى الكاتب، أن بايدن يتجاهل حقيقة أن أسعار النفط -كما حددتها أوبك- هي ترتيبات مؤسسية تأخذ في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية في الدول التي تشتري النفط من أوبك والدول التي لا تشتري نفطًا من أوبك.

ومن ثمّ -وفقًا للكاتب- كان دور المملكة العربية السعودية في أوبك هو تنظيم المنافسة في السوق على نطاق عالمي لصالح كل دولة، مشيرًا إلى أنه بالمقابل لم تعترض المملكة على قيام الولايات المتحدة بزيادة إنتاجها النفطي لتقليل اعتمادها على النفط المستورد.

أيضًا -يضيف الكاتب- "لم يكن لدى المملكة العربية السعودية أي ضغينة عندما بدأت أوروبا في تنويع وارداتها النفطية عن طريق شراء المزيد من النفط من روسيا، على سبيل المثال".

كما أن المملكة العربية السعودية لم تقدم أي شكاوى بشأن إنشاء خط أنابيب باكو - تبيليسي جيهان من أذربيجان إلى تركيا.

 

تهديد في غير محله

ومع حقيقة حرية السوق، وحق كل دولة في الاستفادة من إنتاجها، قال الشمري: "نظرًا لأن بايدن لم يكن حريصًا أثناء حديثه، فلا ينبغي أن يؤخذ تهديده للمملكة العربية السعودية على محمل الجد"، معتبرًا أن الرئيس الأمريكي لم يكن ينتقد المملكة على قرار تم اتخاذه وحسب، وإنما كان يتصرف بطريقة معادية لهذه الأمة العظيمة.

وأشار إلى أن منطق "أوبك" كان واضحًا وصريحًا، وهو أن قرارها بخفض الإنتاج كان اقتصاديًا بحتًا، وليس له أي دوافع سياسية على الإطلاق، وهو ما أكدته جميع الدولة المشاركة في المنظمة مرارًا وتكرارًا.

وبيّن الكاتب، أن "الدوافع السياسية" هي التي تحرك بايدن، خصوصًا عندما أطلق خطبته اللاذعة المعادية للسعودية، معتبرًا أن المفردات التي استخدمها المتحدث باسم البيت الأبيض لشرح كراهية بايدن للسعودية "سخيفة ومربكة".

كان مسؤول بارز في البيت الأبيض أفاد بأن الرئيس الأمريكي، شرع في إعادة تقييم علاقة بلاده بالسعودية، بسبب قرار أوبك الأسبوع الماضي، بخفض إنتاجها من النفط.

وقال المتحدث باسم الأمن القومي، جون كيربي، في حديث لقناة "سي إن إن" التلفزيونية: إن "بايدن مستاء من الموقف، وإنه سيعمل مع الكونغرس للنظر في شكل العلاقة التي ينبغي أن تكون مع السعودية الآن".

كان بايدن زار السعودية في يوليو الماضي، لحثها على وقف قرار خفض إنتاج النفط، إلا أنه أخفق في إقناع الرياض برفع الإنتاج لمواجهة النقص في السوق العالمية، عقب الاجتياح الروسي لأوكرانيا.

ويعلق الشمري على تصريحات كيربي، بالقول: "هذه مفردات لا معنى لها، خصوصًا أنَّ أوبك تتصرف دائمًا وفق احتياجات السوق، وتنفذ سياسة متوازنة بين تحقيق المكاسب الاقتصادية لدولها، وطرح ما يخدم الحاجة البشرية".

وحسب الكاتب، كان هناك العديد من الأزمات في تاريخ علاقة أوبك الطويلة مع الولايات المتحدة منذ تأسيسها في عام 1960.

ولكن في الوقت الذي حذرت فيه المملكة العربية السعودية من انهيار العلاقة بين الدول المصدرة والمستوردة للنفط، لم يلتزم بايدن بالرابطة التاريخية القوية بين الولايات المتحدة والمملكة، كمحاولة لمساعدة البلدين على التشاور مع بعضهما البعض -سواء فيما يخص علاقاتهما الثنائية أو في علاقات واشنطن بـ أوبك -.

ووصف الشمري، بايدن بأنه يملك "عقلية هجومية" لكل ما تفعله المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أنه يكرر نفس الرواية في كل مرة يتحدث فيها عن المملكة، ويردّد نفس القصة في كثير من الأحيان، لدرجة أنه يحمل في طياته حالة من الغضب تجاه السعوديين، الذين يصرون على دعم حكومتهم وسياساتها الاقتصادية الخارجية.

وأمام ذلك، يؤكد الشمري أن السعودية دولة قوية، ولا تخشى أي دولة أخرى، ومن ثمّ لا تخطط لسياستها الخارجية وفق إملاءات الدول الأخرى، وإنّما تملك سياساتها الاقتصادية والعسكرية والخارجية المستقلة الخاصة بها تمامًا، فضلًا عن دورها الدبلوماسي النشط.

ووصف الكاتب، السعودية بأنها "الركيزة التي يتكئ عليها الوطن العربي والإسلامي"، كما أنه على بايدن أن يدرك أن معظم دول العالم تدعم مخطط خفض الإنتاج وليس العكس.

وخلص الشمري تحليله بالقول: "المملكة العربية السعودية دولة تصر على الدفاع عن سيادتها وتسعى جاهدة من أجل رفاهية البشرية جمعاء، ومن ثمّ فإن تصريحات بايدن تجاهها عديمة الجدوى".