إفريقيا.. الهدف التالي في قائمة السياسة الإيرانية

صُنِّفت إفريقيا من الأهداف الرئيسة لطهران، وتتطلع إلى توسيع نفوذها خارج منطقة الشرق الأوسط، إذ كانت رئاسة محمود أحمدي نجاد بين عامي2005 و2013 نقطة تحول في انخراط إيران في القارة، إذ عمَّقت طهران خلال حُكمه علاقاتها بالدول الإفريقية، لا سيما الجنوب

إفريقيا.. الهدف التالي في قائمة السياسة الإيرانية
إبراهيم رئيسي

ترجمات - السياق

ذكر موقع "ناينتين فورتي فايف" الأمريكي، أنه بالنسبة للمتابعين لنشاط إيران في إفريقيا، فإن المعلومات الواردة من أديس أبابا، باحتمال استخدام طائرات إيرانية من دون طيار، في الحملة العسكرية الجديدة لإثيوبيا ضد المتمردين في تيغراي ليست مفاجئة.

وأشار الموقع في تحليل لداني سيترينوفيتش، الذي عمل 25 عاماً في مناصب قيادية بأجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وجيسون إم برودسكي هو مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، إلى أنه وفقاً لبعض التقارير، هبطت في الأراضي الإثيوبية نحو 50 طائرة شحن تحمل أسلحة على مدى شهرين، وأكدت وزارة الخزانة الأمريكية، أن فيلق القدس الإيراني ينشر الطائرات من دون طيار لاستخدامها في أديس أبابا.

بصمة تاريخية
وذكر الموقع أنه من الناحية التاريخية فإن محاولات إيران للتأثير في إفريقيا منذ الثورة عام 1979 كانت صراعاً شاقاً لها، حيث لم تكن لطهران بصمة تاريخية كبيرة في القارة، بسبب هيمنة السُّنة والصوفية على المسلمين الأفارقة، ومع ذلك، فقد أنشأت إيران بنية تحتية من المساجد والمراكز الثقافية والشبكات الخيرية والمؤسسات التعليمية، التي عملت على نشر أفكارها في القارة.

وأضاف: "صُنِّفت إفريقيا من الأهداف الرئيسة لطهران، وتتطلع إلى توسيع نفوذها خارج منطقة الشرق الأوسط، إذ كانت رئاسة محمود أحمدي نجاد بين عامي2005 و2013 نقطة تحول في انخراط إيران في القارة، إذ عمَّقت طهران خلال حُكمه علاقاتها بالدول الإفريقية، لا سيما الجنوب".

ولكن بسبب ضغوط الغرب والمملكة العربية السعودية والإمارات، أظهرت هذه الدول الإفريقية عزوفاً قوياً عن توسيع علاقاتها الاستراتيجية بطهران، وهو ما يوضح الفجوة بين الإمكانات التي تمثلها القارة بالنسبة لإيران وما تتصوره الأخيرة.

استراتيجية إبراهيم رئيسي
ويرى الموقع أن وصول الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سدة الحُكم، يشير إلى أن المؤسسة الإيرانية تسعى إلى تحديث قواعد اللعبة في إفريقيا، التي كانت تعتمدها في ظل إدارة أحمدي نجاد.

وعلى عكس الرئيس حسن روحاني، الذي سعت إدارته إلى استخدام الاتفاق النووي الإيراني كحجر زاوية لجهود تعميق العلاقات بالغرب، من المرجَّح أن يستخدم رئيسي، إلى جانب الحرس الثوري الإيراني، المزيد من الوقت لتصدير ثورتهم  إلى إفريقيا، كما يبدو وزير الخارجية الإيراني الجديد، حسين أمير عبد اللهيان، الذي كان نائباً لوزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية، حريصاً، مثل رئيسي، على تعزيز علاقات طهران بالقارة، بحسب الموقع.

ووفقاً للموقع، فإنه علاوة على هذه الديناميكية، فإن النظام الإيراني قد ينظر إلى إفريقيا كمكان لتحقيق أهدافه الاستراتيجية، لا سيما في تخفيف الآثار الاقتصادية للعقوبات المفروضة عليه، وتوصيل رسالة إلى الجماهير الدولية والمحلية بأن لديه بدائل، الأمر الذي يرتبط بمحور طهران تجاه آسيا أيضاً، إذ يحاول النظام تقليل أي اعتماد على الغرب.

بيع الأسلحة
في ما يتعلق بإثيوبيا، فإن إيران ستزيد مبيعاتها من الأسلحة إلى إفريقيا، خاصة بعد انتهاء حظر الأسلحة، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، كما ستستخدم هذه الممارسات كمنصة لتوسيع نفوذها في القارة، حسبما أفاد الموقع.

مشيراً إلى أنه من الممكن ألا تكون إثيوبيا الدولة الوحيدة التي تعد سوقاً لتصدير الصناعة العسكرية الإيرانية، بعد رصد أسلحة إيرانية في الصومال أيضاً، كما أنه من المرجَّح أن تزيد طهران عدد المسؤولين رفيعي المستوى الذين يزورون القارة، وستحاول تعزيز المشاريع الاقتصادية، لتجاوز العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، ومن الممكن أيضاً أن تعمل طهران وبكين لتقليل نفوذ الولايات المتحدة في إفريقيا.

ويرى الموقع أن محور إيران في إفريقيا ليس اقتصادياً فقط، إذ تنظر طهران للقارة على أنها منصة انطلاق لاستهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وبدأت العمليات الإيرانية المتزايدة في إفريقيا، بعد مقتل القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

وفي يناير 2020، قال قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا للكونجرس إن التقارير الاستخباراتية، أشارت إلى أن إيران كانت تخطط لشن هجمات على الأمريكيين في إفريقيا للانتقام من مقتل سليماني، وُسلِّط الضوء على هذا التهديد في سبتمبر 2020 مع انتشار تقارير تفيد بأن إيران كانت تدرس مؤامرة لاغتيال السفيرة الأمريكية في جنوب إفريقيا لانا ماركس آنذاك، ومن أبريل 2021، حذرت القيادة الأمريكية في إفريقيا من أن "إيران تنشط في القارة بشكل متزايد".

خلايا إيرانية
كانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، كشفت أن وكالة المخابرات الإثيوبية، أحبطت خلية إرهابية إيرانية تخطط لاستهداف سفارة الإمارات هناك، بعد "تنشيط خلية نائمة في أديس أبابا الخريف الماضي، وتكليفها بجمع معلومات استخبارية أيضاً عن سفارات الولايات المتحدة وإسرائيل، بينما كانت خلية أخرى تسعى لاستهداف السفارة الإماراتية في السودان.

كما ذكرت مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية، العام الماضي، نقلاً عن مصدر استخباراتي غربي، أن شرطة النيجر، اعتقلت شخصًا اعترف بالعمل في الوحدة "400" التابعة لفيلق القدس، بعد تجنيده أثناء رحلة إلى إيران، حيث تلقى أيضاً تدريباً على استخدام الأسلحة، وبنى شبكات في جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وإريتريا وجامبيا والسودان وجنوب السودان.

كما اقترن هذا النشاط بمحاولات السعي للحصول على تراخيص التعدين في جمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر، للمساعدة في تعويض تأثير العقوبات الأمريكية على إيران، ولتمويل عملياتها السرية في القارة، حسب المجلة البريطانية.

شراكات اقتصادية
يقول "ناينتين فورتي فايف" إن طهران قد تسعى إلى استخدام أسلوب العمل هذا، المتمثل في تصدير الأسلحة وتحييد العقوبات المقترن بالإرهاب، بشكل أكثر قوة في السنوات المقبلة، مضيفاً أنه بعد وصول رئيسي إلى سدة الحُكم فإن القيادة الإيرانية ستسعى إلى زيادة وجودها في إفريقيا، من خلال عقد شراكات اقتصادية وعسكرية، والتخطيط للمؤامرات التي تسعى لمهاجمة المصالح الأمريكية، وهو ما رآه جزءًا من السياسة الجديدة التي تنفذها إدارة رئيسي، في الوقت الذي يسعى فيه النظام الإيراني إلى التحول إلى دول غير غربية.

وتابع: "بالنسبة لطهران فإن تبني هذا النهج أداة مهمة في مجموعة الأدوات الإيرانية، التي تهدف إلى مواجهة الهيمنة الغربية باستخدام عمق استراتيجي إفريقي، لذا فإنه من المحتمل أن تكرر طهران الطريقة التي تعمل بها في الشرق الأوسط في القارة السمراء، بمعنى أنها ستعمل مع القوات المحلية، مثل الحركة الإسلامية في نيجيريا، أو البوليساريو في الصحراء الغربية، وتستخدمها كوكلاء أو شركاء لتعزيز مصالحها، وهناك أيضاً احتمال أن تحاول إيران منع دول أخرى في إفريقيا من تحسين علاقاتها بإسرائيل، من خلال تسليح حركات التمرد وتمويلها".

ورأى الموقع أنه سيكون من الضروري للولايات المتحدة، أن تعمل مع شركائها في إفريقيا، لعرقلة أي محاولة إيرانية لتحقيق مصالحها هناك، ومعاقبة تلك الدول المتعاونة مع طهران.

وقالت "ناينتين فورتي فايف" إن توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية، لتشمل المزيد من البلدان في إفريقيا، إلى جانب المغرب والسودان، مثل النيجر سيكون أمراً مهماً، مشيرة إلى أنه من خلال ذلك، يمكن لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وإسرائيل العمل لإحباط النفوذ الإيراني في القارة.