من صحفي إلى رئيس وزراء.. الكاظمي رجل المخابرات الذي لا يعادي أحداً
يقول سياسي مقرَّب منه، إن الكاظمي شخصية لا تعادي أحداً، فهو صاحب عقلية براغماتية، ولديه علاقات بكل اللاعبين الأساسيين على الساحة العراقية، علاقة جيدة مع الأمريكيين، وعلاقة عادت إلى مجاريها، أخيراً، مع الإيرانيين.

السياق
من كاتب عمود، إلى رئاسة جهاز المخابرات، إلى رئيس وزراء العراق، مسيرة طويلة لمصطفى الكاظمي، الذي تعرَّض فجر الأحد لمحاولة اغتيال كادت أن تنهي تلك المسيرة.
الرئيس السابق لجهاز المخابرات والصحفي والمفاوض الماهر، أصبح مستقبله السياسي مجهولًا، بعد الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت في أكتوبر 2021، إلا أن سياسيين قالوا إنه سيبقى الورقة الرابحة، حال عدم توافق القوى السياسية على مرشح جديد لخلافته.
فمَنْ هو الكاظمي؟ وكيف وصل إلى رئاسة جهاز المخابرات، فرئاسة الوزراء من بوابة الصحافة؟ وكيف يمكن أن تؤثر محاولة اغتياله على الأحداث في العراق؟
مَنْ هو الكاظمي؟
ولد في العاصمة العراقية بغداد عام 1967، ودرس القانون في العراق، قبل أن يعمل بالصحافة، وعُرفت عنه مناهضته لحُكم الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، من المنفى في إيران والسويد وبريطانيا.
كان مصطفى الكاظمي كاتب عمود ومحررًا في مجلة نبض العراق للمونيتور بين عام 2013 و2016، وكانت كتاباته متخصصة في الديمقراطية وحقوق الإنسان والدين والسياسة في العراق.
لديه خبرة في توثيق الشهادات وأرشفة الأفلام الوثائقية المرتبطة بالممارسات القمعية، وله مؤلفات كثيرة منها «مسألة العراق هموم إسلامية» و«علي بن أبي طالب الإمام والرجل».
كان الكاظمي، الذي درس القانون في العراق، صحفيًا وناشطًا مناهضًا للرئيس الراحل صدام حسين من أوروبا، التي لجأ إليها هرباً من النظام الديكتاتوري.
أدار من بغداد ولندن مؤسسة «الحوار الإنساني»، ورغم أنه عاش سنوات في المنفى، فإنه لم ينضم إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية.
جرائم النظام السابق
عام 2000، اختير كتابه «مخاوف إنسانية» من الاتحاد الأوروبي أفضل كتاب للاجئ سياسي، وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، عاد الكاظمي إلى بلاده، وشارك في تأسيس شبكة الإعلام العراقي، تزامناً مع عمله مديرًا تنفيذيًا لـ«مؤسسة الذاكرة العراقية»، وهي منظمة تأسست لتوثيق جرائم النظام السابق.
تسلَّم الكاظمي رئاسة جهاز المخابرات الوطني العراقي، في يونيو 2016، في ظل احتدام المعارك ضد تنظيم داعش، ما سمح له بنسج روابط عدة مع عشرات الدول والأجهزة التي تعمل ضمن التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة.
طوَّر مواهبه كمفاوض ووسيط، إضافة إلى دوره في مكافحة الإرهاب والتهريب.
يقول سياسي مقرَّب منه، في تصريحات صحفية، إن «الكاظمي شخصية لا تعادي أحداً، فهو صاحب عقلية براغماتية، ولديه علاقات بكل اللاعبين الأساسيين على الساحة العراقية، علاقة جيدة مع الأمريكيين، وعلاقة عادت إلى مجاريها، أخيراً، مع الإيرانيين».
صديق لعدوين
يعرف الكاظمي كيف يكون صديقاً لعدوين، فمع عودته إلى التقارب مع طهران، لم ينس صداقاته القديمة.
خلال زيارة إلى الرياض، عقب توليه رئاسة وزراء العراق في مايو 2020، شوهد يعانق صديقه الشخصي، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
طريقة الكاظمي في التعامل مع علاقاته، شرقاً وغرباً، جعلته يحاول جعل بغداد تتمتع بمركز دولي، فقد كانت العاصمة العراقية في الأشهر الأخيرة مسرحاً لمفاوضات مغلقة بين طهران والرياض، شهدت زيارة تاريخية للبابا فرنسيس في مارس، إضافة إلى استضافتها في أغسطس الماضي مؤتمراً دولياً، شارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
اضطر الكاظمي، بعد حصوله على دعم الطبقة السياسية العراقية التي تحتكر السلطة منذ 16 عاماً، لإعادة نسج الروابط التي تقطعت مع العراقيين الغاضبين، الذين تظاهروا خلال أشهر ضد السياسيين «الفاسدين».
الكاظمي حاول -كذلك- التفاوض بشأن القنوات الاقتصادية الحيوية للبلاد، مع انهيار أسعار النفط عالمياً، إضافة إلى الإعفاءات الأمريكية للعراق من العقوبات على إيران.
ونقلت «فرانس 24»، عن مراقب غربي قوله، إن الكاظمي «يجسد عودة دولة عراقية ذات سيادة»، لكن فصائل موالية لإيران تتهمه بأنه متواطئ في اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، على يد الولايات المتحدة في بغداد، وكان لا بد عليه لذلك أن يعيد تحسين صورته أمام طهران».
معارضة الحشد الشعبي
يواجه الكاظمي معارضة من الحشد الشعبي المناهض للولايات المتحدة، الذي يطالب مناصروه بانسحاب القوات الأمريكية من العراق، محاولين الضغط على الكاظمي، محملينه مسؤولية ما اعتبروه «تزويرًا» في الانتخابات النيابية المبكرة، التي تراجع فيها عدد مقاعد تكتل الفتح الممثل للحشد الشعبي.
بعد ساعات من تهديدات أطلقتها مليشيا «عصائب أهل الحق» ضد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، تعرَّض الأخير لمحاولة اغتيال فاشلة بثلاث طائرات مُسيَّـرة، تمكنت القوات الأمنية من إسقاط اثنتين منها.
وقالت وزارة الداخلية العراقية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن محاولة اغتيال رئيس الوزراء جرت بثلاث طائرات مُسيَّـرة، مشيرة إلى أن القوات الأمنية تمكنت من إسقاط طائرتين، بينما هاجمت الثالثة منزل رئيس الوزراء.
وقال مدير إعلام وزارة الداخلية اللواء سعد معن، إن الكاظمي لم يصب بأذى، إلا أن هناك بعض الإصابات للموجودين في المنزل ويتلقون العلاج، مؤكدًا فتح تحقيق، فضلاً عن تشكيل فرق عمل وتسخير الموارد والجهود للوصول للجناة، من خلال متابعة الكاميرات ومناطق الانطلاق، والآلية المستخدمة.
دعوة للتهدئة
من جانبه، قال رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، إن «صواريخ الغدر» لن تثبط عزيمة «المؤمنين»، مشيرًا إلى أنه «كان وما زال مشروع فداء للعراق وشعبه».
وأوضح الكاظمي عبر «تويتر»، أنه «لن تهتز شعرة في ثبات وإصرار قواتنا الأمنية البطلة على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق ووضع القانون في نصابه»، متابعًا: «أنا بخير والحمد لله، وسط شعبي»، داعيًا الجميع إلى التهدئة وضبط النفس، من أجل العراق.