ذا أتلانتك: التحول الاقتصادي في السعودية يفيد الإمارات أيضًا
سواء كان السياح السعوديون ينفقون دخلهم في أسواق البحرين، أو يصطادون في بحر العرب قبالة عمان، أو يشترون العطور الفاخرة المنتجة في الإمارات العربية المتحدة، هناك مساحة لتنمية الأسواق الاستهلاكية الحالية

ترجمات - السياق
في حين حرص العديد من المعلقين، على تفسير محاولات المملكة العربية السعودية، تحويل الرياض إلى عاصمة اقتصادية إقليمية، بأنها تهديد للمصالح الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، فإن التجارب المقارنة تشير إلى عكس ذلك، بحسب موقع "ذا أتلانتك" الأمريكي.
وذكر الموقع، في تقرير، أنه عندما طلبت المملكة العربية السعودية من الشركات الدولية، أن تكون مقراتها الإقليمية في المملكة، كشرط للمشاركة في العقود الحكومية، من عام 2023، فسَّر الكثيرون هذه الخطوة بأنها تهديد لمصالح الإمارات العربية المتحدة، لأن دبي المكان المفضل لمعظم الشركات العاملة في المنطقة.
تصادم اقتصادي
وأوضح التقرير أن العديد من الأنشطة، التي جعلت دبي نقطة جذب للمواهب في المنطقة -مثل المشهد الفني والمطاعم والضيافة والفنادق الفاخرة والتسوق- تجد منافسة قوية من السياسة الاقتصادية الجديدة في المملكة العربية السعودية، وهو ما فسَّره آخرون بأن البلدين يسيران في مسار تصادم اقتصادي.
لكن بإلقاء نظرة سريعة على بعض الاقتصادات الرائدة في العالم، نجد أن الرواية السابقة "معيبة أو مفرطة في التبسيط".
وعلى سبيل المثال، بينما تتنافس المدن الأمريكية نيويورك وسان فرانسيسكو بشدة في العديد من المجالات، بشكل عام، يستفيد اقتصاد كل مدينة من نجاح الأخرى، لأنه يفرز أعمالًا لمنافستها. وكذلك داخل الاتحاد الأوروبي، تنافست باريس وفرانكفورت ولندن لعقود، على ما تُعرف بالعاصمة المالية لأوروبا، ومع ذلك كانت المنافسة بناءة وليست مدمِّرة، بحسب الموقع الأمريكي.
نتائج إيجابية
وذكر الموقع أن هناك أسبابًا تدعو للتفاؤل، بشأن تأثيرات المنافسة بين أكبر اقتصادين في المنطقة، مشيراً إلى أن سياسات المملكة العربية السعودية، ستجعل التنافس الاقتصادي أكبر.
وأوضح: يمكن للنمو الذي يقوده التحرر في أحد أكبر اقتصادات الشرق الأوسط -المملكة العربية السعودية- أن يلعب دورًا إيجابيًا للغاية، في رفع مستوى المعيشة في جيران المملكة من خلال مجالات مختلفة.
وحسب الموقع، فإن المجال الأول الذي يتيحه التحرر الاقتصادي في المنطقة، يتمثل في طريق التجارة المباشرة، ففي ظل ارتفاع مستوى معيشة السعوديين، تصبح فرص التجارة المربحة مع الرياض، هي الأفضل لاستغلال الفرص الناشئة.
وسواء كان السياح السعوديون ينفقون دخلهم في أسواق البحرين، أو يصطادون في بحر العرب قبالة عمان، أو يشترون العطور الفاخرة المنتجة في الإمارات العربية المتحدة، هناك مساحة لتنمية الأسواق الاستهلاكية الحالية، بحسب الموقع.
وأكد الموقع، أن فرص الاستثمار المتبادل هائلة، مثل تلك المتاحة لأعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا، والكتلة التجارية لأمريكا الجنوبية، وغيرها من التكتلات الاقتصادية الإقليمية القائمة.
الأمن والدفاع
أما المسار الثاني، بحسب الموقع، فهو التأثير غير المباشر في جودة صُنع السياسات والحوكمة في جميع أنحاء المنطقة، إذ ستستفيد الحكومات في دول الخليج من تجربة المملكة العربية السعودية المتطورة، في إنشاء اقتصاد شرق أوسطي ديناميكي، بينما تواجه الحكومات الأكثر تشددًا ضغوطًا أكبر لتحديث اقتصاداتها لمواكبة ذلك.
وأضاف الموقع: "حتى الإمارات العربية المتحدة -التي كانت في طليعة الحوكمة الاقتصادية على مدى العشرين عامًا الماضية- لديها مجال للتحسين، وسيؤدي التعرُّض لتجربة المملكة العربية السعودية القوية في الإصلاح الاقتصادي، إلى دفع صُناع السياسة الإماراتيين إلى تطوير سياسات أفضل.
إضافة إلى هذه الفوائد الاقتصادية في المقام الأول، هناك أيضًا مكاسب مرتبطة بالأمن والدفاع، نابعة من النظرية الليبرالية الكلاسيكية للعلاقات الدولية.
وأشار الموقع إلى مكاسب اقتصادية ضخمة، يمكن جنيها من خلال خفض التصعيد في المنطقة وتخصيص الموارد، بعيدًا عن الأسلحة وتوجيهها نحو التنمية الاقتصادية.
وأضاف: "يجسد الاتحاد الأوروبي هذه المكاسب، فعلى سبيل المثال، كان هناك انخفاض في الإنفاق الدفاعي من الدول الأعضاء، عندما تكاملت أوروبا الغربية خلال النصف الأخير من القرن العشرين، وانضمت أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي، خلال الألفية الجديدة.
ووفقًا للموقع الأمريكي، ستعود الزيادة المعرفية للسعودية بالنفع على الإمارات، مع سعي البلدين إلى أن يصبحا رائدين في الابتكار، إذ تعد البيئة الفكرية المتنوعة ومتعددة الأقطاب، أمرًا بالغ الأهمية لإنشاء مركز أبحاث ديناميكي في دبي أو الرياض، ويقف شاهداً على هذا المبدأ برنامج تبادل الباحثين في الاتحاد الأوروبي الناجح على نطاق واسع، الذي ينقل العلماء والطلاب من خلال الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، عبر المنح والأدوات الأخرى، ما يسمح للباحثين بتبادل الأفكار.
واستبعد الموقع، أن يكون هناك أي تشاؤم محتمل من المنافسة الاقتصادية السعودية الإماراتية، مشيرًا إلى أنه في نهاية المطاف، سيكون للاقتصاد السعودي المتنامي والحيوي فائدة كبيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً.