ولي العهد السعودي يطلق أولى حزم المبادرات البيئية.. وسط إشادات دولية ومحلية

السعودية الخضراء... استثمارات بـ 700 مليار ريال وخطط طموحة لإنقاذ البيئة

ولي العهد السعودي يطلق أولى حزم المبادرات البيئية.. وسط إشادات دولية ومحلية

السياق

في وقت يعاني فيه العالم التغيُّـرات المناخية، التي ألقت بظلالها على الإنسان والحيوان، ورفعت معدلات الكوارث الطبيعية في العالم، اتجهت السعودية إلى وضع خارطة طريق، لحماية البيئة ومواجهة تحديات التغيُّر المناخي، تحقق المستهدفات الطموحة لمبادرة السعودية الخضراء التي أعلنتها قبل أشهر.

اتجاه سعودي طموح للحفاظ على البيئة، أعلنه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، في إطلاق النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة السعودية الخضراء في الرياض، الذي يعنى بإطلاق المبادرات البيئية الجديدة للمملكة، ومتابعة أثر المبادرات التي أُعلِنَ عنها، بما يحقق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء.

وأكد ولي العهد، في كلمته الافتتاحية لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء، إطلاق المملكة مبادرات في مجال الطاقةن لتخفيض الانبعاثات الكربونية بـ 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، ويمثل ذلك تخفيضاً طوعياً بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة، في ما يخص تخفيض الانبعاثات.

وأشار الأمير محمد بن سلمان، إلى بدء المرحلة الأولى من مبادرات التشجير بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراض محمية جديدة، ليتجاوز إجمالي المناطق المحمية في المملكة 20% من مساحتها، مشددًا على عزمه تحويل مدينة الرياض، إلى واحدة من أكثر المدن العالمية استدامة.

وأعلن ولي العهد السعودي، نية المملكة الانضمام إلى الاتحاد العالمي للمحيطات، وإلى تحالف القضاء على النفايات البلاستيكية في المحيطات والشواطئ، وإلى اتفاقية الرياضة لأجل العمل المناخي، إضافة إلى تأسيس مركز عالمي للاستدامة السياحية، وتأسيس مؤسسة غير ربحية لاستكشاف البحار والمحيطات.

وكشف عن طموح سعودي للوصول للحياد الصفري عام 2060، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خطط المملكة التنموية، وتمكين تنوُّعها الاقتصادي، بما يتماشى مع «خط الأساس المتحرك»، ويحفظ دور المملكة الريادي، في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية، في ظل نضج وتوفر التقنيات اللازمة لإدارة وتخفيض الانبعاثات، مؤكدًا أن الحزمة الأولى من المبادرات، تمثل استثمارات بأكثر من 700 مليار ريال، تسهم في تنمية الاقتصاد الأخضر، وتوفير فرص عمل نوعية، وفرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق رؤية المملكة 2030.

وزير الاتصالات السعودي، رئيس مجلس إدارة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، عبدالله بن عامر السواحة، أكد في كلمته خلال جلسة «استخدام التقنية لإعادة إحياء الغابات»، التي عُقدت ضمن منتدى مبادرة السعودية الخضراء، أنه يجب على الجميع أن يكونوا خبراء في التغيُّـر المناخي، ومعرفة حقيقة هذه الأزمة، والتركيز على حلول الاقتصاد في الكربون وتعزيزه، مشيراً إلى أنه يجب الفصل بين السياسة والجانب العلمي.

 

مشروع ذا لاين

وتطرق السواحة إلى ما تقوم به المملكة من مشروعات، تدعم التغيُّـر المناخي، منها مشروع «ذا لاين» بمدينة نيوم، للمضي قدماً ليكون انبعاث الغازات فيها صفر خلال السنوات المقبلة، والحفاظ على 90% من البيئة، مشيرًا إلى أن المملكة أدركت عام 2016 عملية التصحر التي تؤثر فيها، لذا عملت على تعزيز الصور التي يتم التقاطها عن طريق الأقمار الصناعية، ومعرفة كيفية إيقاف الزراعة العشوائية.

وأوضح السواحة، أن حكومة المملكة عملت على محافظة مصادر المياه واستخدام الهيدروجين، الذي يُعد من الحلول الرائعة لدفع عجلة الطاقة، وتشجيع العالم نحو هذا المجال، لتحقيق الهدف من هذا المشروع، والتركيز على مجال العلوم والتقنية، لدعم مشروع التغيُّـر المناخي، ومكافحة انبعاثات الكربون الضارة بالبيئة.

بدورها، قالت الأميرة ريما بنت بندر، سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية، إنه يجب أن يكون هناك تنوع بيئي يؤثر بشكل إيجابي في الجوانب التي تخص الحيوان، من خلال نظام بيئي جيد.

وأكدت خلال مشاركتها في جلسة «العودة بالزمن إلى مرحلة انقراض الكائنات الضخمة»، التي عُقدت ضمن منتدى مبادرة «السعودية الخضراء»، ضرورة الاهتمام بالحفاظ على البيئة، منوهة بما تقوم به المملكة، من بناء وإيجاد مشروعات تهتم بالجانب البيئي، مثل مبادرة مشروع البحر الأحمر التي تسعى إلى المحافظة على الجانب البيئي، وما يحمل من أهمية كبرى على الجانب الحيواني وانقراضه.

 

انقراض الحيوانات

وأشارت ريما، إلى أن مبادرات المملكة البيئية، هدفها الحفاظ على التنوع البيولوجي، ووقف انقراض بعض الحيوانات، مؤكدة تخصيص 30% من الأراضي في المملكة كمناطق محمية، عادّةً ذلك تأكيداً لسعي المملكة الحثيث لحماية البيئة، في الوقت الذي تمضي قدماً نحو التنمية والتطور، الأمر الذي يعني أن عمليات حماية البيئة والتطوير والتنمية تسير جنباً إلى جنب، وتحظى بالاهتمام ذاته.

ولفتت الانتباه إلى وسائل التقنية الخضراء الحديثة، في المشاريع البيئية الضخمة، التي تبنتها المملكة، مثل مشروعي البحر الأحمر ونيوم، إذ سيكون لها دور كبير في "مبادرة السعودية الخضراء" التي نفخر بها".

 

دور الرياضة

وعن دور الرياضة في هذا الصدد، بحكم ما تمارسه من عمل في القطاع الرياضي، نوهت ريما بقدرة الرياضة على التأثير الإيجابي في قطاع الشباب والرياضيين، لاسيما أنها طالما كرَّست مبادئ وقيمًا تؤكد الصداقة والاحترام، وضرورة التعلّم ونشر هذه الثقافة.

وأشارت إلى «الدور الكبير» والتأثير الذي تلعبه الرياضة في تعميم القيم، في المناسبات الرياضية العالمية، مؤكدةً أن التحديات الكبيرة التي يواجهها العالم كالتغيُّر المناخي، تحتم العمل بفعالية لتحقيق الأفضل في هذا الخصوص.

وشددت على ضرورة التعامل بجدية واهتمام، مع مبادرة السعودية الخضراء، التي جاءت لتوحد الجهود، للتغلب على هذه الأزمة الدولية، والعمل مع الشركاء في العالم، لتحقيق الهدف المنشود، بممارسة الرياضة وتسخير كل ما يمكن في ذلك، للمشاركة بالمحافظة على البيئة في العالم أجمع، وجعلها ثقافة عالمية.

وأوضحت الأميرة ريما بنت بندر، أن الرياضة في المملكة أسهمت في إيجاد قيم ومبادئ من شأنها تطبيق نظام بيئي على المستوى المحلي، وإيجاد ثقافة في حياة الشباب من الجنسين في مدارسهم ومجتمعاتهم، ما ترك أثراً كبيراً ومعاشاً جعل الجميع يدركون أهمية ما يمكن للرياضة تحقيقه في هذا المجال.

 

صندوق الطبيعة

من جانبه، سلَّط المدير العام للصندوق العالمي للطبيعة، الدكتور ماركو لامبرتيني، الضوء على أهمية المحافظة على المناخ وتقليل الانبعاثات الكربونية، وأهميتها في مجال التغيُّـر المناخي وتأثيرها، وانعكاساتها على الوضع الطبيعي.

وأشار الدكتور ماركو إلى أن هناك الكثير من الأنواع التي انقرضت في هذا المناخ البري، مبيناً أن التنوع البيولوجي يؤثر في الكوكب وصحتنا، خصوصاً الذين يعانون أمراضًا مزمنة، وأنه مشكلة منذ زمن طويل ولم يتم الالتفات إليها إلا مؤخراً.

 

الطاقة المتجددة

بدورها شددت المؤسسة، الرئيسة التنفيذية لشركة Interstellar Lab  في فرنسا باربرا بيلفيزي، على استخدام الطاقة المتجددة والتنوع فيها، للمحافظة على النظام البيئي، وكيفية إعادة الأرض إلى حالتها الطبيعية، وإيجاد حلول هوائية وأنظمة جديدة أكثر استدامة، تدعم التغيُّـر المناخي.

وأضافت أن المؤسسة تطوِّر الأنظمة، من خلال المهارات التقنية لإعادة الأرض إلى حياتها الطبيعية، وابتعادها عن التلوث الذي تصدره الانبعاثات الكربونية والتنوع البيولوجي اللذين يؤثران في الجانب الحيواني وانقراضه، وانعكاسه على الوضع الطبيعي.

 

استراتيجية الرياض

الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، فهد بن عبدالمحسن بن صالح الرشيد، قال إن إستراتيجية الرياض للاستدامة، تشمل إطلاق أكثر من 68 مبادرة طموحة للاستدامة في خمسة قطاعات: الطاقة والتغيُّـر المناخي، وجودة الهواء، وإدارة المياه، وإدارة النفايات، والتنوع الحيوي والمناطق الطبيعية، وتستهدف الاستراتيجية خفض انبعاثات الكربون في المدينة 50%، إضافة إلى ضخ 346 مليار ريال سعودي (92 مليار دولار أمريكي) في مبادرات ومشاريع الاستدامة للمدينة وتحفيز القطاع الخاص بفرص استثمارية.

ونوَّه بجهود الهيئة في إدارة الموارد الطبيعية بكفاءة، مشيرًا إلى مبادرات الاستدامة البيئية، التي أُطلقت لدعم أهداف مبادرة السعودية الخضراء، على غرار استثمار 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) لرفع معدل المياه المعالجة من 11% إلى 100% واستخدام كل قطرة ماء للريّ وتخضير العاصمة الرياض، واستثمار ما يقارب 56 مليار ريال (15 مليار دولار) في مشاريع إدارة النفايات لتدوير النفايات كمواد أولية وإعادة استخدامها، وتحويلها إلى طاقة بنسبة 94%.

وأوضح الرشيد أن هذه الاستراتيجية ستوفِّر على اقتصاد المدينة ما بين 40 و65 مليار ريال (11 إلى 17.3 مليار دولار) نتيجة رفع مستوى كفاءة البنية التحتية، وتخفيض استهلاك الطاقة والمياه، وتخفيض فاتورة الآثار الصحية، جراء تحسّن الصحة العامة.

 

تقليل الانبعاثات

وعن الأثر الذي تُحققه مشاريع الهيئة الملكية لمدينة الرياض، في نمط الحياة داخل المدينة، أشار الرشيد إلى أنه عند الانتهاء من تنفيذ مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض، الذي يُعد أكبر مشروع نقل عام متكامل على مستوى العالم يُطور دفعة واحدة، تستهدف الهيئة المملكة رفع نسبة استخدام السكان لوسائل النقل العام في المدينة من 5% إلى 20% عبر استثمارات بـ 112.5 مليار ريال (30 مليار دولار)، ورفع نسبة المركبات الكهربائية في المدينة إلى 30% بحلول عام 2030.

ومن المتوقع، أن يسهم مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام، بتقليل عدد الرحلات اليومية بمعدل مليون رحلة، ما ينتج عنه تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 1.5 مليون طن سنويًا.

وأكد الرشيد أن الهيئة تستثمر 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) في مشاريع ومبادرات لحماية البيئة، مشيرًا إلى منجزات مبادرة الرياض الخضراء، الذي يعد أحد مشاريع الرياض الأربعة الكبيرة، كمساهم رئيس في مؤشر الأهداف المستدامة، وتستهدف مبادرتا الرياض الخضراء والاستدامة البيئية للرياض، زراعة 15 مليون شجرة لرفع نصيب الفرد من المساحات الخضراء من 1.7 إلى 28 مترًا مربعًا داخل النطاق الحضري بحلول عام 2030، ما ينتج عنه خفض حرارة المدينة من 1.5 إلى درجتين مئويتين، أي خفض حرارة الوهج المنعكس من سطح الأرض من 8 درجات إلى 15 درجة في مناطق التشجير المكثف، كما سيتم توفير أكثر من 3300 حديقة متفاوتة الحجم و43 حديقة كبرى في مدينة الرياض، لتحسين أسلوب الحياة فيها.

وأكد أن الحدائق، ستُسهم في أنسنة العاصمة، وتقوية علاقة السكان ببيئتهم، وتحسين جودة الحياة، وستعزِّز انتماء سكان الرياض للمدينة وهويتها.

وتعليقًا على مشاريع الهيئة، المتماشية مع أهداف الاستدامة في المملكة، قال الرشيد: "سيتم العمل على تحسين جودة الهواء، بخفض انبعاثات الكربون 50%، واستثمار 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) لزيادة إنتاج الطاقة من مصادر متجددة بـ 50%".

ونوّه الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، إلى أن مشاريع الاستدامة، التي تقوم عليها الهيئة في مدينة الرياض، ستوفِّر 350 ألف وظيفة، وتضيف 150 مليار ريال للاقتصاد.

الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الطاقة، أكد الحاجة إلى تخفيف الغازات التي تسهم في تغيُّـر المناخ، والنظر في جميع القطاعات، والاهتمام بإعادة التطوير من خلال التقنيات المتاحة وكيفية حماية البيئة وإدارة المياه، بمشاركة القطاعين الحكومي والخاص.

 

خطوة إماراتية

من جانبه، قال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدِّمة، عضو مجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية لدولة الإمارات، الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» سلطان بن أحمد الجابر، إن الإمارات اتخذت خطوة للتغيير إلى استراتيجية طويلة الأمد، وخططاً في التنوع ، مشيرًا إلى أن البلد الخليجي يبرز قدرات فريدة، لمواجهة التحديات العالمية في التغيُّـر المناخي.

بدورها، هنأت الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّـر المناخ باتريشيا اسبينوزا، المملكة على قرارات المبادرة وطموحها بالعمل على ذلك، حيث يُعد تحدياً كبيراً يواجه البشرية، مشيرة إلى أن إعلان ولي العهد إشارة قوية نحو التغيُّـر إلى الأفضل، خصوصا لدولة قوية مثل المملكة، من الدول المهمة لتصدير النفط.

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة "سنام" في إيطاليا ماركو ألفيرا، أن هناك طموحًا من خلال العمل على هذه المبادرة، بمشاركة القطاع الخاص، والاستفادة من الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح وغيرهما.