تصريحات للمنقوش تثير أزمة في ليبيا... قرار للمجلس الرئاسي بإيقافها والحكومة تتحدى
قرار المنفي، جاء بعد تصريحات للمنقوش عن استعداد طرابلس لتسليم مسؤول المخابرات الليبي السابق أبوعجيلة مسعود للولايات المتحدة، على خلفية تهم بتورطه في تفجير طائرة أمريكية فوق لوكربي الاسكتلندية عام 1988

السياق
في الوقت الذي تستعد فيه ليبيا، لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعد قرابة شهر ونصف الشهر، أصدر المجلس الرئاسي الليبي قرارًا بإيقاف وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، وإحالتها للتحقيق.
نصت المادة الأولى من قرار المجلس الرئاسي الليبي، الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، على توقيف نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية الليبية، عن العمل احتياطيًا للتحقيق، في ما نُسب إليها من «مخالفات» إدارية، تتمثل في انفرادها بملف السياسة الخارجية، من دون التنسيق مع المجلس الرئاسي، وفقًا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي.
ونصت المادة الثانية من القرار، على منع الوزيرة المنقوش من السفر خارج البلاد، إلى حين انتهاء التحقيقات والبت في نتائج أعمالها من المجلس الرئاسي، لتأتي المادة الثالثة وتنص على: تشكيل لجنة تحقيق مع المنقوش بموجب أحكام هذا القرار، على أن تكون برئاسة عبدالله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي.
مؤتمر باريس
قرار محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، جاء بعد تصريحات للمنقوش عن استعداد طرابلس لتسليم مسؤول المخابرات الليبي السابق أبوعجيلة مسعود للولايات المتحدة، على خلفية تهم بتورطه في تفجير طائرة أمريكية فوق لوكربي الاسكتلندية عام 1988.
كما يأتي قبل أيام من انعقاد مؤتمر دولي، من المقرر أن تستضيفه باريس في 12 نوفمبر، للتحضير للانتخابات الرئاسية المقررة بليبيا في 24 ديسمبر، في إطار جهود إعادة الاستقرار إلى الدولة التي مزقتها الحرب.
المنقوش ترد
إلا أن وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، فنَّدت ما نُسب إليها بخصوص الليبي أبوعجيلة مسعود، نافية بشكل قطعي ذكرها للمعنى، خلال مقابلتها مع قناة بي بي سي البريطانية.
وأوضحت الوزيرة المنقوش، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أنها أجابت عن سؤال متعلق بضحايا لوكربي وضحايا تفجير (مانشستر أرينا) الذي وقع سنة 2017 واتهم بتنفيذه بريطاني من أصول ليبية، مشيرة إلى أن هذه المسائل من اختصاص مكتب النائب العام في ليبيا، وهو مَنْ يتولى مسؤولية معالجتها بين المؤسسات القضائية في البلدين.
وأشارت إلى أن النتائج الإيجابية لمؤتمر استقرار ليبيا، لا تزال تلقى «صدى واسعًا» في الأروقة الليبية، واصفة إياه بـ«الإنجاز» الذي سيسهم في تحسين وتعزيز وضع ليبيا في الساحتين الدولية والإقليمية.
وأكدت وزارة الخارجية، ضرورة عدم تداول ونشر «الأخبار الكاذبة المضللة للرأي العام»، لأنها من الجرائم التي يعاقب عليها القانون.
الحكومة تتحدى
من جانبها، اعتبرت حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبدالحميد الدبيبة، قرار المجلس الرئاسي بإيقاف وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، «والعدم سواء».
وقالت الحكومة الليبية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنه كان من الضروري التنسيق بين المجلس الرئاسي والحكومة، بما لا يربك أعمال الدولة، ويحافظ على قواعد العمل المهني ويمنع أي أزمة سياسية جديدة، من شأنها أن تؤثر في حياة المواطنين.
وأشارت إلى أن صلاحيات المجلس الرئاسي المحددة، من خلال مخرجات الحوار السياسي الموقع في جنيف، لا تعطي أي حق قانوني له في تعيين أو إقالة أعضاء السلطة التنفيذية أو إيقافهم أو التحقيق معهم، التي تعد صلاحيات حصرية لرئيس الحكومة كما ورد في المادة الثانية بالاتفاق السياسي، في ما يتعلق بالباب الخاص بالسلطة التنفيذية، الذي حدد المهام بشكل واضح.
وأشادت حكومة تصريف الأعمال بـ«إنجازات وزيرة الخارجية، من نجاح يحظى بأعلى مستويات التقدير في الأوساط الدولية، من خلال تنظيمها لمؤتمر استقرار ليبيا وتبني سیاسة تواصل إيجابية تجاه الدول الصديقة والشقيقة، بما يساعد في الاستقرار ويمنع التدخلات السلبية في الشأن الليبي، الأمر الذي يحتم على السلطات والأطراف الوطنية دعم هذه الجهود، وعدم التأثير عليها سلبًا أو عرقلة أعمالها بأي شكل من الأشكال، بما يؤثر في خطة عمل السياسة الخارجية التي تتبناها الحكومة».
وشددت على ضرورة اتباع السلطات للإجراءات الإدارية السليمة، والتزامها بمهامها المحددة في الإعلان الدستوري وملحقاته، والاتفاق السياسي الليبي الموقَّع في جنيف، والابتعاد عن كل ما من شأنه التسبُّب في تداخل الصلاحيات، أو عرقلة أعمال حكومة الوحدة الوطنية في هذا الوقت.
ووجَّهت الحكومة، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بمتابعة عملها بالوتيرة نفسها، مؤكدة سعيها لتوحيد المؤسسات وتقريب وِجهات النظر وحل المختنقات السياسية، استنادًا إلى الحوار والتواصل الإيجابي بين الأطراف، حيث يمكن إنجاز الاستحقاق الوطني المهم المتمثل في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أجواء إيجابية وسليمة.
نواب يدعمون الرئاسي
بالمقابل، أعلن 80 عضواً في البرلمان الليبي، دعمهم للمجلس الرئاسي في صراعه مع الحكومة التي يقودها عبدالحميد الدبيبة، على صلاحيات إدارة ملف التعيينات على رأس البعثات الدبلوماسية والسياسة الخارجية للبلاد.
وأكد النواب، في بيان، دعمهم للمجلس الرئاسي، ضد ما وصفوه بـ"اختراق الحكومة لخارطة الطريق وإصدارها قرارات وتعيينات ليست من اختصاصها".
مقابلة الأزمة
كانت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، نقلت على لسان وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، قولها إن الحكومة تنوي التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، لتسليم المطلوب في قضية لوكربي، مشيرة إلى أن الحكومة الليبية تتفهم ألم وحزن أسر ضحايا الحادث، لكنها بحاجة إلى احترام القوانين.
وتعود أزمة لوكيربي إلى عام 1988، بعد تفجير الطائرة الأمريكية فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية، التي اعترفت ليبيا عام 2003 بمسؤوليتها عنها، ودفعت تعويضات مقابل ذلك.
تصريحات المنقوش، أثارت غضبًا في الأوساط الليبية، التي اتهمت الوزيرة بإحياء قضية أغلقت منذ سنوات، ودفعت ليبيا نتيجتها سنوات من العزلة الدولية.
نجلاء المنقوش
هي أول وزيرة للخارجية في تاريخ ليبيا، في حكومة الوحدة الوطنية التي تضم أيضًا أول وزيرة للعدل، و3 وزيرات لتبلغ نسبة تمثيل المرأة بالحكومة 15% حتى الآن.
دخلت المنقوش منذ تعيينها، في صراعات مع الأطراف المختلفة في ليبيا، خاصة بعد أن عملت على تقليص البعثات بالخارج، وأطلقت تصريحات ضد وجود المرتزقة الأجانب، ونظمت مؤتمرًا دوليًا لاستقرار ليبيا.
أستاذة قانون، ومحامية في القانون الجنائي، وتركز في بحوثها وعملها على عملية الانتقال من الحرب إلى السلم، وفقًا لما جاء في سيرتها الذاتية المنشورة على موقع مركز الأديان العالمية والدبلوماسية وحل النزاعات.
حصلت على الماجستير في القانون الجنائي من جامعة قاريونس (حالياً جامعة بنغازي)، ثم ماجستير إدارة الصراع والسلم من جامعة إيسترن مينونايت، ثم دكتوراه إدارة الصراع والسلم من جامعة جورج مايسون.
حازت منحة برنامج فولبرايت الشهيرة (Fulbright) لتدرس الماجستير في مجال تحويل النزاعات من مركز العدالة وبناء السلام (CJP) في الولايات المتحدة الأمريكية، وعملت ممثلة محليّة لمعهد الولايات المتحدة للسلام في ليبيا، كما عملت في المجلس الانتقالي الوطني.