رغم ارتفاع الأجور.. الشركات الأمريكية تعاني نقصًا حادًا في الموظفين

كبريات الشركات الأمريكية، تعاني من نقص الموظفين ومساعيها لتأمين عدد كافٍ منهم، للتعامل مع زيادة الطلب، رغم رفع الأجور إلى مستويات دفعتهم إلى رفع الأسعار لحماية هوامش ربحهم.

رغم ارتفاع الأجور.. الشركات الأمريكية تعاني نقصًا حادًا في الموظفين

 ترجمات - السياق

سلَّطت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، الضوء على معاناة كبريات الشركات الأمريكية، من نقص الموظفين ومساعيها لتأمين عدد كافٍ منهم، للتعامل مع زيادة الطلب، رغم رفع الأجور إلى مستويات دفعتهم إلى رفع الأسعار لحماية هوامش ربحهم.

وكشفت الصحيفة، في تقرير، أن إعلانات الأرباح هذا الأسبوع، أوضحت الصعوبة التي يجدها أرباب العمل، من مستودعات التجارة الإلكترونية إلى مطاعم الوجبات السريعة، في توظيف العمال والاحتفاظ بهم، حيث يصطدم الإنفاق الاستهلاكي المتزايد بسوق العمل الضيق.

وأوضحت الصحيفة، أن شركة "ستاربكس" تحدثت عن الزيادات "السريعة" في الأجور، بينما أعربت "ماكدونالدز" عن استيائها من "بيئة التوظيف الصعبة للغاية"، وتوقعت "أمازون" أن يضيف "تضييق سوق العمال" ملياري دولار إلى قاعدة التكلفة، في الربع الأخير من هذا العام.

 

تأثر الإنتاجية

ونقلت "فايننشال تايمز"، عن المدير المالي لشركة أمازون، برايان أولسافسكي ، قوله: "بالنسبة للمستقبل المنظور، فإن القيود المفروضة على قدرتنا، تتمثل في تصاعد أزمة العمالة، وهي أزمة جديدة وغير مرحب بها"، مضيفًا أن النقص يؤثر في الإنتاجية ومستويات الخدمة.

وترى كارول تومي، الرئيسة التنفيذية لشركة UPS وهي من أكبر شركات الشحن في العالم، أن "المشكلة تتمحور حول حقيقة أن الجميع يسارعون لملء الوظائف، لاسيما بعد أن انفتح الاقتصاد مرة أخرى، وهو ما أسهم في ممارسة الكثير من الضغوط علينا".

وعزا جون موريس، كبير مسؤولي التشغيل بإدارة النفايات، معدل دوران الموظفين "الحاد" الذي شهده العالم مؤخرًا، إلى ظاهرة أطلق عليها الاقتصاديون "الاستقالة الكبرى"، حيث يترك ملايين العمال وظائفهم، ويعيدون التفكير في حياتهم المهنية.

من جانبها، قالت شركات عدة منها IBM -وهي شركة استشارية وتقنية أمريكية، يعمل فيها أكثر من 350.000 موظف يخدمون عملاء في 170 دولة، وشركةSherwin-Williams ، التي تعمل في مجال صناعة الطلاء: إنهم عدَّلوا الأجور، ليس فقط لجذب موظفين، ولكن للاحتفاظ بالموظفين الحاليين.

بينما قالت سينثيا سانبورن، كبيرة مسؤولي التشغيل في "نورفولك ساذرن" المتخصصة في تقديم خدمات النقل بالسكك الحديدية: الاحتفاظ بالعمال في السكك الحديدية، أصبح "تحديًا متزايدًا" ، مضيفة أن الأشغال بالسكك الحديدية، شهدت تسارع الاستنزاف خلال الربعين الماضيين، في إشارة إلى هروب العمال من هذه الشركات لتدني الأجور.

 

تراجع كبير

وأوضحت "فايننشال تايمز" أن تعليقات بعض أكبر أرباب العمل في الولايات المتحدة، جاءت بالتزامن مع اقتراب نشر تقرير الوظائف، المرتقب صدوره يوم الجمعة المقبل، الذي يراقبه المستثمرون، لاسيما بعدما أظهرت بيانات جداول الرواتب الشهر الماضي، أن الاقتصاد الأمريكي أضاف 194 ألف وظيفة فقط في سبتمبر الماضي، وهو أقل بكثير من التوقعات.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه ردًا على الأزمة، استجاب بعض أرباب العمل، من خلال تقديم حزم رواتب أعلى، وهو ما أكدته أرقام وزارة العمل الأمريكية، بإعلان ارتفاع الأجور والمزايا، بأسرع وتيرة لها منذ عام 2001.

وفي طريقها إلى جذب أكبر عدد من العمال، كشفت "فايننشال تايمز"، أن كوستكو -شركة أمريكية متعددة الجنسيات تعمل في مجال التجزئة- رفعت الحد الأدنى للأجور إلى 16 دولارًا في الساعة في فبراير، ثم زادت مرة أخرى إلى 17 دولارًا للساعة هذا الأسبوع، في حين أن ستاربكس -شركة مقاهٍ أمريكية- تأخرت في زيادات الأجور بدءًا من يناير، ما يعني أن عمالها يحققون ما يقرب من 17 دولارًا في الساعة.

ونقلت الصحيفة، عن "ماكدونالدز" قولها: أصحاب الامتياز يعانون تضخم الأجور بأكثر من 10 في المئة، لكن البعض لا يزال بحاجة إلى تقليص ساعات العمل، في وقت متأخر من الليل، بسبب نقص الموظفين.

بينما قال مطعم براندز إنترناشونال، الذي يمتلك برجر كنج للصحيفة: مشكلات العمل أجبرت بعض المطاعم على إغلاق غرف الطعام الخاصة بها.

من جانبه، توقع كريس كيمبزينسكي، الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز، أن تستمر هذه الأزمة في نقص العمال خلال الفترة المقبلة، أو على الأقل حتى نهاية العام الجاري.

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن شركتي ماكدونالدز وKimberly-Clark  -التي تنتج معظم المنتجات الاستهلاكية الورقية- من الشركات التي أعلنت أنها كانت تنقل التكاليف المتزايدة للعملاء من خلال رفع الأسعار.

وتتوقع سلسلة مطاعم برجر أن ترتفع أسعار قوائمها في الولايات المتحدة بنحو 6 في المئة هذا العام، مقارنة بعام 2020، ما يسهم في زيادة هوامش الربح.

 

نمو الأرباح

وأوضحت "فايننشال تايمز"، أن هذه الزيادات في هامش الربح، إلى جانب ارتفاع الطلب الاستهلاكي، ساعدت في تعزيز نمو قوي للأرباح، مشيرة إلى أن أرباح أعضاء "ستاندرد آند بورز" -التي تضم أسهم أكبر 500 شركة مالية من بنوك ومؤسسات مالية داخل الولايات المتحدة- بلغت في الربع الثالث 36.6 في المئة عن العام الماضي، وفقًا لمنصة التحليلات  (FactSet)ما يضع الشركات في الولايات المتحدة على المسار الصحيح، لتحقيق ثالث أعلى نمو ربع سنوي لها منذ عام 2010.

ومع ذلك -تضيف الصحيفة- فإن نقص العمالة يفاقم أمورًا أخرى، ويفتح الباب أمام المزيد من التحديات، مشيرة إلى أن أبرز هذه التحديات، هو التضخم في السلع -من الصلب إلى الراتينج -أحد مكونات الحليب النباتي- فضلًا عن الاضطرابات المكلفة في الشحن والنقل بالشاحنات وغيرها من الروابط، في سلسلة التوريد.

وحذَّر الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة، من أن هذه التحديات "دفعت بشكل غير عادل أرباب العمل الأمريكيين، بمن في ذلك تجار التجزئة، الذين يستعدون لموسم العطلات المزدحم، إلى نقاش سياسي مثير للجدل".