لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية... هل الرد العسكري الأمريكي بات محتملًا؟

إيران باتت على بُعد مسافة أسابيع ربما من تخصيب مواد انشطارية ضرورية لتطوير سلاح نووي

لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية... هل الرد العسكري الأمريكي بات محتملًا؟

ترجمات -السياق 

لم يستبعد المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، الخيار العسكري لردع طهران عن امتلاك السلاح النووي، حال فشل العقوبات والدبلوماسية، بينما تتزايد حدة الاحتجاجات في إيران.

كان الرئيس الأمريكي جو بايدن وعد -أثناء حملته الانتخابية الرئاسية قبل عامين- بعودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني، التي انسحب منها سلفه الرئيس دونالد ترامب عام 2018.

لكن -حسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية- فإنه بعد عامين تقريبًا من ولاية بايدن، فشلت المحادثات لإعادة الدخول في الصفقة، وبدلاً من ذلك، صعَّدت إيران من تخصيب اليورانيوم أكثر من أي وقت مضى، وانتخبت رئيسًا جديدًا متشددًا، هو إبراهيم رئيسي، الذي من غير المرجح أن يدخل في حوار بنّاء مع الغرب.

وفي غضون ذلك، وسَّعت إيران دعمها للحرب الروسية في أوكرانيا، حيث زودت موسكو بطائرات من دون طيار لاستهداف المدنيين وقتلهم.

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن طهران واصلت هذه السياسات، حتى في الوقت الذي واجهت فيه أكبر احتجاجات وطنية منذ أكثر من عقد.

مستقبل العلاقات

وبصفته المبعوث الخاص لإدارة بايدن لإيران، تم تكليف روبرت مالي بتنفيذ سياسة واشنطن هناك، من عقوباتها المستمرة على طهران إلى محاولات إعادة الدخول في خطة العمل الشاملة المشتركة.

وخلال ندوة عن بُعد استضافتها "فورين بوليسي" عن مدى قرب إيران من إنتاج قنبلة نووية، قال مالي: إن "إيران باتت على بُعد مسافة أسابيع ربما من تخصيب مواد انشطارية ضرورية لتطوير سلاح نووي".

وأوضح أنه "في ما يخص الاتفاق النووي، كلما اقترب الأطراف من التوافق على صيغة لإحياء الاتفاق تطرح إيران مطالب جديدة في الدقيقة الأخيرة".

وأشار مالي إلى أنه في الأول من سبتمبر الماضي "طرحت إيران شرطًا جديدًا هو أن الاتفاق يجب أن يواكبه إنهاء العقوبات المفروضة عليها".

وأضاف: " تعليق العقوبات يأتي ضمن إطار الاتفاق، والأخير ليس مطروحًا للنقاش الآن، لذا فالعقوبات ستستمر في السياق نفسه".

وعن الأدوات التي تمتلكها الولايات المتحدة للرد على مواصلة إيران لتخصيب اليورانيوم، قال مالي: "لدينا العقوبات، والضغط، والدبلوماسية أيضًا"، مضيفًا: "إذا لم ينجح أي من ذلك، فإن الرئيس بايدن، قال -كملاذ أخير- إنه سيوافق على الخيار العسكري إذا تحتم ذلك، لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي"، متابعًا: "هذا ما سيحصل، لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة".

واستطرد: "إذا سألت أي مشارك في المحادثات، سيقول إن الولايات المتحدة لعبت دورًا حسن النية في محاولة العودة إلى الصفقة. لقد اقتربنا كثيرًا مرات عدة، آخرها في أغسطس الماضي، لكن كل مرة، كانت إيران تتراجع وتطرح بعض المطالب الجديدة، التي لا علاقة لها غالبًا بالمحادثات النووية، وآخرها يتعلق بعمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يوحي بأن النظام الإيراني منقسم".

واستدرك مالي: "كل مرة كنا نقترب فيها كثيرًا من الاتفاق، كانوا يتراجعون"، مشيرًا إلى أن بعض الصفقات لم تقدمها واشنطن، وإنما قُدمت من قِبل الدول الأوروبية الثلاث -ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة- أو من قِبل روسيا والصين -والأخيرتان ليستا صديقتين لنا- والجميع أكدوا أن الصفقة المطروحة على الطاولة عادلة، ومع ذلك فوجئنا بتراجع إيران ورفضها لأي اتفاق.

صفقة بعيدة

وعما يتردد بأن الصفقة بعيدة، أوضح مالي، أن إدارة الرئيس بايدن لا تزال تأمل أن تغير إيران مسارها، مشيرًا إلى أن المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران توقفت بعدما قدمت إيران مطالب إضافية لا علاقة لها بصلب الاتفاق النووي، الذي خرجت منه الولايات المتحدة عام 2018، خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وأضاف: "كنا مستعدين لرفع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب بعد انسحابها من الاتفاق النووي لعام 2015، لكن -حتى الآن- لم نتلق أي جواب من طهران"، متابعًا: "لقد رفضت إيران فرصًا لا حصر لها للعودة إلى الصفقة".

وشدد على أنه في مواجهة ذلك، واصلت الولايات المتحدة ضغوطها على إيران، من خلال فرض العقوبات، ومتابعة دورها الحيوي في دعم الإرهاب، وانتهاكات حقوق الإنسان، بخلاف متابعة برنامج الصواريخ البالستية الذي تمد به روسيا مؤخرًا، إضافة لمتابعة دقيقة لبرنامجها النووي، مضيفًا: "سنواصل سياستنا، والرد على أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار".

وعما يتردد بأن هناك نقطة معينة ستتوقف عندها واشنطن بشأن المفاوضات، والانتقال إلى منحنى آخر، بيّن المبعوث الأمريكي، أنه في الوقت الذي سيخبرنا فيه خبراؤنا النوويون بأن المفاوضات لم تعد لها أي فائدة، وأن إيران اقتربت كثيرًا من صُنع السلام النووي، عندها سنعلن انتهاء الصفقة.

إلا أنه شدد على أن واشنطن لم تعد ترى برنامج إيران النووي منفصلاً عن القضايا الأخرى، قائلًا: "تركيزنا على الاتفاق لا يمضي قدمًا، في ظل ما يحدث من احتجاجات شعبية واسعة النطاق في إيران، والقمع الوحشي للنظام ضد المحتجين، بخلاف دعم إيران لحرب عدوان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا".

ووصف مالي، الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، بأنه متشدد، مشيرًا إلى أن هناك انقسامات داخل النظام الإيراني، وهو ما يعيق الوصول إلى اتفاق نهائي ملزم للجميع.

الخيار العسكري

ونقلت "فورين بوليسي" عن المبعوث الأمريكي، قوله: العقوبات الأمريكية مستمرة على إيران، وهو مسار إلى جانب المسار الدبلوماسي، إلا أن واشنطن مستمرة في حملة الضغوط القصوى على طهران لمنعها من حيازة سلاح نووي، ولفت إلى أن الخيار العسكري ما زال مطروحًا على الطاولة، لمنعها من امتلاك تلك التكنولوجيا.

وكرر مالي أن إدارة بايدن لم تتخل عن الدبلوماسية، لكن الخيار العسكري ملاذ أخير لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.

وادعى المبعوث الأمريكي الخاص بإيران خلال الندوة، أنه "فور تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه، أعربنا على الفور لحلفائنا الأوروبيين، عزمنا على إحياء الاتفاق النووي بشرط التزام إيران".

وأضاف: "الخيار الدبلوماسي هو الأنسب لوقف اقتناء إيران سلاحًا نوويًا"، مشيرًا إلى أننا "نعمل بخطوات وثيقة ومنسقة مع فرنسا وبريطانيا لتحقيق الأمر".

ونقل مالي، عن بايدن قوله: "قد يأتي الزمن لتفعيل الخيار العسكري ضد إيران، لكن الظروف لم تنضج"، لافتًا إلى أن "مشاوراتنا مع قادة الحزبين مستمرة بشأن إيران، ونُدرك حجم معارضة البعض في الكونغرس".

وعن إقراره بأن إيران أقرب إلى قنبلة نووية مما كانت عليه في أي وقت مضى، لفت المبعوث الأمريكي الخاص بإيران خلال الندوة إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية أخذت بالاعتبار الظروف المرافقة لتفعيل عقوبات بأدنى معدل من التبعات، أي الدبلوماسية المدعومة بالعقوبات، مضيفًا: "سلاح العقوبات قاسٍ ونراجعه باستمرار لتخفيف تداعياته قدر الإمكان".

وبحسب مالي "جرى تفعيل منظومة جديدة من العقوبات ضد المسؤولين الإيرانيين لتعاملهم مع الاحتجاجات"، معلنًا أن "واشنطن تكرس قدراتها التقنية للمتظاهرين للتواصل عبر الفضاء الافتراضي".

وأعلن مالي "دعمه بقوة للمتظاهرين في إيران"، مضيفًا أن "التظاهرات تأتي في فترة تاريخية حساسة تُعيد صياغة التاريخ الإيراني"، وفق تعبيره.

وأضاف مالي: "سلوك واشنطن في تظاهرات عام 2009 في إيران كان يجب أن يكون أفضل، ويجب أن نتعامل بحنكة"، قائلاً: "نعتزم مع حلفائنا الآخرين تحميل المسؤولين الإيرانيين ما يجري".

وفي ما يخص مساعدة النظام الإيراني لموسكو في حربها ضد أوكرانيا، قال مالي: "لقد اتخذنا بالفعل خطوات لنجعل من الصعب على إيران نقل الطائرات من دون طيار وغيرها من المعدات العسكرية إلى روسيا، والعمل بالشراكة مع الآخرين في جميع أنحاء العالم لفرض عقوبات واتخاذ خطوات أخرى لجعل نقل الأسلحة الفتاكة أمرًا صعبًا قدر الإمكان على إيران".

وعن تشكيل بنيامين نتنياهو لحكومة جديدة في إسرائيل، وإمكانية أن تلجأ هذه الحكومة لرد فعل شديد تجاه إيران، أوضح مالي، أن هذه الحكومة لم ينتهِ تشكيلها، ومن السابق لأوانه الحديث في هذا الأمر، مشيرًا إلى أن نتنياهو سبقأن واعتلى السلطة في إسرائيل، وتم التحدث معه صراحةً بهذا الشأن.

وأضاف: "أتوقع أننا سنجري محادثات وثيقة للغاية مع حكومة نتنياهو. نحن نعلم أنه قد تكون هناك بعض الخلافات بشأن إيران، ولكن على الأساسيات، التي تمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، والتأكد من أنه يمكننا مواجهة أنشطتها المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، هناك الكثير من القواسم المشتركة".