على غرار تايتنك... تويتر لم تعد آمنة والمنصة تقترب من الانهيار

الشركة التي اشتراها ماسك بـ 44 مليار دولار قبل أسابيع، في حالة من الفوضى غير المعهودة.

على غرار تايتنك... تويتر لم تعد آمنة والمنصة تقترب من الانهيار

ترجمات -السياق 

حذر سياسيون وكُتّاب ومشاهير، من أن سلسلة القرارات الأخيرة لمالك "تويتر" الجديد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك بتسريح آلاف العاملين، بخلاف إقدام مئات على الاستقالة، تُقرِّب المنصة من الانهيار النهائي، وشددوا على أن المنصة لم تعد "آمنة"، وأن أحد أقوى أنظمة الاتصالات في العالم "تشهد تدميرًا فعليًا".

كانت منصة التواصل الاجتماعي "تويتر" أخبرت موظفيها بأن مباني مكاتب الشركة ستُغلق مؤقتًا، حتى الاثنين المقبل، ولم تذكر الشركة سببًا لهذه الخطوة.

يأتي هذا الإعلان، وسط تقارير عن استقالة أعداد كبيرة من الموظفين، بعد أن طالبهم المالك الجديد إيلون ماسك بالعمل "ساعات طويلة وبكثافة عالية" أو مغادرة الشركة.

كانت الشركة قد قالت إنها ستخفض قوتها العاملة بنسبة تصل إلى 50 في المئة.

وقد أثارت قرارات ماسك المتسرعة جدلاً يوميًا، ما أثار قلق عدد من السلطات والمعلنين والمستخدمين والأقليات، بينما علق عدد كبير من المعلنين إنفاقهم على الشبكة الاجتماعية المؤثرة، التي تعتمد -في نموذجها الاقتصادي- على الإعلانات بنسبة تسعين في المئة، ما اضطر مكتب إنسَيد إنتليغنس لخفض توقعاته لإيرادات إعلانات "تويتر" بنسبة 39 في المئة عامي 2023 و2024.

تطورات لاحقة

كان قد ورد أن موظفي "تويتر" استقالوا بالمئات، الخميس الماضي، بعد رفضهم الموافقة على طلب إيلون ماسك، بأن يعملوا ساعات أطول، كجزء من خطته التي وصفها بأنها "مشددة" لإصلاح منصة التواصل الاجتماعي.

ونتيجة لذلك -حسب موقع صالون الأمريكي- فإن الشركة التي اشتراها ماسك بـ 44 مليار دولار قبل أسابيع، في حالة من الفوضى غير المعهودة، حيث إن الهجرة الجماعية للموظفين وقرار الملياردير السابق بفصل ما يقرب من نصف القوى العاملة في "تويتر" يهددان العمليات اليومية، في المنصة التي يستخدمها مئات الملايين عبر العالم.

وعلى الفور استجاب الاتحاد الأمريكي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية -الذي يُعد أكبر اتحاد للنقابات في الولايات المتحدة- للعديد من الشكاوى التي قدمها العمال، وبدأوا التحقيق في الاضطرابات الداخلية بالشركة، بينما سارع ماسك ومستشاروه لمنع الموظفين الرئيسين من الاستقالة.

كانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، ذكرت أن "تويتر" في وضع حرج وسط تساؤلات عن قدرته على الاستمرار بالعمل، بعد أن شهدت الشركة مئات الاستقالات، إثر مطالبة مالكها الجديد إيلون ماسك الموظفين بزيادة ساعات العمل.

وأشارت إلى أن شركة تويتر تواصل خسارة مهندسين وعاملين مهمين للغاية، في عمليات التشغيل للموقع، بعد أن منحهم المالك الجديد إيلون ماسك خيار التعهد بالعمل "الشاق" أو الاستقالة مع الحصول على مكافأة نهاية الخدمة.

بدأ ماسك طرد مجموعة صغيرة من المهندسين، الذين تجادلوا معه علنًا أو عبر نظام المراسلة الداخلي للشركة "سلاك"، بينما لجأ بعض الموظفين والمهندسين إلى إعلان استقالتهم، بعد الموعد النهائي الذي حدده ماسك لهم لتقديم التعهد.

وبينت الصحيفة الأمريكية، أنه تم تخفيض عدد المهندسين الذين يشرفون على أنظمة حرجة، في بعض الحالات إلى ما يقرب من الصفر، بينما بدأ بعض مستخدمي الموقع -بمن في ذلك السياسيون والسفارات والدوائر الحكومية- الاستعداد للأسوأ حال تعطل الموقع بشكل دائم.

كان إيلون ماسك غيّر قواعد العمل عن بُعد في "تويتر" من جديد، قبل الموعد النهائي للموظفين للالتزام برؤيته لشركة "متشددة".

وكتب ماسك في مذكرة جديدة إلى موظفي "تويتر": "في ما يتعلق بالعمل عن بُعد، كل ما هو مطلوب للحصول على الموافقة، أن يتحمل مديرك مسؤولية ضمان تقديم مساهمة ممتازة"، وأضاف أن الفرق يجب أن تجتمع مرة واحدة على الأقل شهريًا، رغم أن الاجتماعات الأسبوعية "مثالية".

الوقت فات

لكن -حسب موقع صالون الأمريكي- فإن الوقت كان قد فات، لمنع "تويتر" من عدم الاستقرار، حيث أصر مئات العاملين على الاستقالة.

ونقل الموقع الأمريكي عن أحد العمال قوله: "لم يعد هناك حتى طاقم هيكلي يحكم النظام"، ما يعني أن المنصة "ستستمر في الانهيار حتى تتوقف نهائيًا".

ما فاقم الأزمة -حسب الموقع الأمريكي- اندفاع العديد من الشركات المعلنة نحو التخارج، مدفوعة بالتجديد المتسارع الذي أجراه ماسك لعملية التحقق، ما مكّن بعض التحايلات المحرجة والكشف عن الشركات الكبرى، مثل شركة الأدوية العملاقة إيلي ليلي وشركة الأسلحة لوكهيد مارتن.

كل هذه التطورات - الناجمة عن قرارات إدارة ماسك العشوائية والديكتاتورية- أثارت سلسلة من منشورات "RIP تويتر" على المنصة، حيث تساءل المستخدمون -بمن في ذلك الصحفيون والمشرعون والشخصيات العامة البارزة والأشخاص- عن المستقبل القريب والطويل الأمد للمنصة.

من جانبها، كتبت الكاتبة الصحفية الشهيرة كيم كيلي على "تويتر": "كما يقول كثيرون من العاملين في الموقع على حسابهم الخاص، إذا انهار موقع تويتر، فإن سُبل عيشنا ستعاني"، مضيفة: "تويتر هو المكان الذي أشارك فيه عملي، وأروّج لكتبي، وأتواصل مع المحررين، والمصادر، والصحفيين، والعاملين، والنشطاء، والمنظمين".

وأضافت كيلي على صفحتها الخاصة بـ "تويتر" في إشارة إلى ماسك: "أحد المليارديرات المناهضين للعمال، ينسف في لحظة طيش سُبل عيش الآلاف من العاملين"، متابعة: "منصة تويتر لم تعد آمنة".

بينما ربطت النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز عن ولاية نيويورك -التي لديها 13.5 مليون متابع على "تويتر"- الانهيار المحتمل للمنصة بارتفاع مستويات الدخل وعدم المساواة في الثروة، ورفض صانعي السياسات معالجتها، من خلال فرض ضرائب أعلى على المليارديرات مثل إيلون ماسك.

وكتب ألكساندريا على "تويتر": "لو فرضنا ضرائب على الأغنياء فقط، ربما لم يحدث شيء من هذا".

كان ماسك قد أعطى موظفي "تويتر" حتى الساعة 5:00 مساء الخميس الماضي، بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة، لقبول شرط ساعات العمل الأطول، أو مغادرة الشركة وتلقي ثلاثة أشهر من مكافأة نهاية الخدمة، إلا أنه يبدو أن مئات الموظفين، بمن فيهم بعض المسؤولين عن عمليات مهمة، اختاروا القرار الأخير (أي ترك العمل بالمنصة).

تدمير

ونقل موقع صالون الأمريكي، عن نيكول جيل، وهي مديرة في "تويتر" كانت بين ائتلاف يضم 60 منظمة حقوقية دعت، الجمعة، إلى مقاطعة المعلنين للمنصة، قولها: "نشهد تدميرًا حقيقيًا لأحد أقوى أنظمة الاتصالات في العالم"، مضيفة: "إيلون ماسك ملياردير غريب الأطوار وغير مؤهل لإدارة هذه المنصة".

وتابعت جيل: "ما لم يتمكن ماسك من فرض معايير المجتمع الحالية لتويتر بقوة، فإن المنصة ليست آمنة للمستخدمين ولا المعلنين".

واستطردت: "هذا المشهد الجحيمي سيصبح أكثر جحيمًا، عبر المزيد من الكلام الذي يحض على الكراهية والتحرش، والمزيد من الخداع وانتحال الهوية، والمزيد من مخاطر الخصوصية والأمان لنا جميعًا، ومن ثمّ نود -مرة أخرى- أن نطلب من المعلنين القفز من السفينة، لكن في هذه المرحلة، لا يحتاج أي مدير تسويق يُعمل عقله بشكل صحيح لهذه النصيحة"، في إشارة إلى أن الجميع اختاروا القفز من السفينة قبل الغرق.

بينما قال أحد موظفي "تويتر" الذي تم تسريحه مؤخرًا: "بصراحة، يبدو الأمر كأنه بداية النهاية" واصفًا الشركة بأنها "تيتانيك" و"كل شخص يبحث عن قارب نجاة".

وذكرت شبكة بلومبرغ الأمريكية، أن بول روث رئيس الثقة والأمان في الشركة تقدم باستقالته، بينما يخطط رئيس الإعلانات روبن ويلر للحاق به، بينما أعلنت كبيرة مسؤولي أمن المعلومات في "تويتر" ليا كيسنر استقالتها، وكذلك كبير مسؤولي الخصوصية داميان كيران.

وحسب الشبكة "ستجعل خسارة كبار المسؤولين التنفيذيين، خاصة روث وويلر، جذب المعلنين المتشككين بالفعل للعودة إلى موقع التواصل الاجتماعي صعبًا للغاية"، مشيرة إلى أنه مع قيام ماسك بجعل التحقق من الحساب على "تويتر" مدفوعًا، وإفساح المجال للمتصيدين وغيرهم ممن ينشؤون حسابات وهمية، سيصبح من الصعب معرفة سبب قيام المعلنين بوضع أموالهم وإيمانهم في "تويتر".

بينما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن ماسك وكبار مستشاريه "عقدوا اجتماعات مع بعض العاملين على "تويتر" الذين عدوهم حاسمين، لمنعهم من المغادرة" و"أرسلوا رسائل مربكة عن سياسة العمل عن بُعد للشركة، على ما يبدو لتخفيف حدة الموقف".

وذكرت الصحيفة الأمريكية، أنه من الذين تم طردهم الرئيس التنفيذي باراغ أغراوال، والمدير المالي نيد سيغال، ورئيس الشؤون القانونية وسياسة الشركة فيغايا جادي، والمستشار العام شون إدغيت.

من جانبها، قالت جيسيكا غونزاليس، الرئيسة التنفيذية لمجموعة فري بريس -حركة عالمية قوية لتغيير وسائل الإعلام والسياسات التقنية- في بيان، الجمعة: "ماسك أهلك بسرعة قدرة تويتر في الحفاظ على سلامة المنصة".

وقالت: "أفعاله المتهورة، بما في ذلك إقالة معظم موظفيه وإجبار الآخرين على المغادرة، تسببت في انفجار خطاب الكراهية ونظريات المؤامرة والاحتيال على الموقع"، مضيفة: "إذا كان هناك درس واحد يجب على جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي أن تستخلصه من هذه الكارثة، هو أنه من دون حماية المستخدمين من الكراهية والأكاذيب، لن تكون لديك شركة على الإطلاق".

وأضافت غونزاليس: "يعتمد ملايين الأشخاص في العالم على تويتر لتحدي الأنظمة القمعية، وتسليط الضوء على الانتهاكات والتنظيم من أجل العدالة، ولهذا السبب سنواصل النضال من أجل تويتر أفضل وأكثر استقرارًا".