أفغانستان.. طالبان ترسل المئات من مقاتليها لمحاربة داعش

الحملة التي تشنها طالبان، تسببت في صدامات واسعة في نطاق الإقليم، وظهرت دعوات من جانب تنظيم داعش تدعو سكان ننغرهار إلى الانتفاض والمقاومة.

أفغانستان.. طالبان ترسل المئات من مقاتليها لمحاربة داعش

ترجمات - السياق

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن الحرب التي تشنها حركة طالبان على تنظيم داعش شرقي أفغانستان، تمثل تصعيدًا في القتال العنيف، واختبارًا محوريًا لقدرات الحركة في محاربة التنظيم، بعد الانسحاب الأمريكي.

وأوضحت الصحيفة، في تقرير، أن طالبان أرسلت أكثر من 1300 مقاتل إلى إقليم ننغرهار شرقي أفغانستان، الشهر الماضي، حيث تلقوا أوامر بتصعيد العمليات ضد تنظيم داعش، وفقًا لما أكده مسؤولو أمن في الحركة.

وأشارت إلى أن الغارات الليلية، التي تشنها طالبان على الأعضاء المشتبه في انتمائهم لتنظيم داعش في خراسان تتصاعد، والمئات الذين تم إلقاء القبض عليهم، إما اختفوا وإما لقوا مصرعهم، وفقًا لمقيمين في جلال أباد ومقاتلي طالبان.

 

صعب ووحشي

نقلت الصحيفة عن قاري نور الله فاتح، أحد مقاتلي طالبان، المنتمي للذراع الاستخباراتية للحركة في جلال أباد، قوله: "القتال صعب، وفي بعض الأوقات وحشي، لكن يجب علينا القضاء على داعش، ليس فقط في أفغانستان، لكن في العالم كله، إذا لم يستسلموا لنا، فإننا سنقتلهم".

وأوضحت "واشنطن بوست" أن الوحدة التي يتبعها فاتح تُجري عمليات بحث متعددة عن مسلحي داعش المشتبه بهم في جلال آباد، من غروب الشمس حتى صلاة الفجر، مشيرة إلى أن المقاتلين كانوا يغادرون القاعدة مرة أو مرتين في الأسبوع فقط، بينما قدر فاتح أنه من سبعة إلى عشرة من المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم الدولة يُعتقلون في جلال آباد كل أسبوع، وأن ستة يقتلون.

وقالت إن الحملة التي تشنها طالبان، تسببت في صدامات واسعة في نطاق الإقليم، وظهرت دعوات من جانب تنظيم داعش الإرهابي تدعو سكان ننغرهار إلى الانتفاض والمقاومة، مشيرة إلى أنه رغم أنه من غير الواضح عدد الأعضاء الجدد الذين انضموا إلى صفوف تنظيم داعش، فإنه منذ استيلاء طالبان على السلطة، أصبح التنظيم أكثر نشاطًا، ووسَّع وجوده في كل مقاطعة أفغانية تقريبًا، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.

 

التحدي الأكبر

وشددت "واشنطن بوست" على أن الهجمات المتوالية التي يشنها تنظيم داعش الإرهابي في أفغانستان، تمثل التحدي الأول لسيطرة طالبان على الأوضاع الأمنية، منذ سقوط البلاد في قبضتها في أغسطس الماضي، مشيرة إلى أن القتال المتصاعد في ننغرهار، يهدد باستنفاد موارد طالبان المحدودة، ونفور الكثير من الأفغان نتيجة تردي الوضع الأمني.

وأوضحت أن تنظيم داعش بدأ مهاجمة جلال آباد، في غضون أسابيع من سيطرة طالبان على البلاد. ورد قادة طالبان المحليون في البداية، بقتل العديد من المتعاونين المتهمين وتعليق جثثهم على طول الطرق الرئيسة وعند التقاطعات المزدحمة.

وقال فاتح، أحد مقاتلي طالبان في جلال آباد: "كانت هذه طريقة فعالة للغاية للرد، لقد كان درسًا للناس أن هذا ما يحدث إذا انضممت إلى داعش، أردنا أن نظهر لهم العواقب".

وأضاف: "بنفسي، علقت جثتين على أحد الطرق"، مقدرًا أن مقاتلي طالبان الآخرين علقوا نحو 40 آخرين، في إشارة إلى قطع رؤوس العشرات من المتهمين المتعاونين، وتابع أن العقوبات نُفِّذت بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، ووافقت عليها قيادة طالبان الإقليمية.

ولكن -حسب "واشنطن بوست"- منذ عمليات القتل الوحشية، ازداد العنف، وفقًا للبيانات التي جمعها مسؤولو الصحة المحليون، بينما يحذر بعض سكان جلال آباد ومسؤولون سابقون في الحكومة الأفغانية، من أن نهج طالبان لاستعادة النظام، سيعزز جهود تنظيم داعش في التجنيد.

 

شديدة الوحشية

ونقلت "واشنطن بوست" عن عبدول السيد، الباحث المقيم في لندن، خبير شؤون الجماعات المتطرفة في أفغانستان وباكستان، قوله: إن القادة القبليين في ننغرهار طالبوا طالبان بإنهاء أعمال القتل، وحذّروا من أنهم لن يستطيعوا منع الشباب من الانضمام إلى تنظيم داعش، وبداية حقبة تنذر بوحشية شديدة.

لكن في مؤتمر صحفي عقده مؤخرًا ، قلل المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، من أهمية التهديد، قائلًا إن تنظيم الدولة ليس لديه أي دعم بين الأفغان، وإن الجماعة "تم التعامل معها إلى حد كبير".

لكن خليل حمراز ، المتحدث باسم مديرية مخابرات طالبان، أقر في المؤتمر نفسه بأن سيطرة طالبان العسكرية على البلاد، عززت بشكل غير مقصود صفوف تنظيم الدولة، وقال: إن هجمات طالبان على السجون في جميع أنحاء البلاد، أدت إلى تحرير سجناء من تنظيم الدولة، يهددون الآن الأمن في أفغانستان.

وتابع: "خلال انتصار الإمارة الإسلامية، تمكن العديد من سجناء داعش للأسف من الفرار، لكن في الأشهر التي تلت ذلك، اعتقل مقاتلو طالبان نحو 600 من المشتبه بهم من تنظيم الدولة، وأبطلوا مفعول المتفجرات القاتلة".

وحسب "واشنطن بوست" يتراوح عدد مقاتلي تنظيم الدولة في أفغانستان، بين 2000 و3500، مشيرة إلى أن هذا العدد لا يذكر أمام عدد مقاتلي طالبان الذين يقدرون بنحو 70.000 .

وأوضحت الصحيفة، أن طالبان تخوض معارك مع تنظيم الدولة منذ سنوات، إذ أنه عام 2019 ، ساعد مقاتلو طالبان في إخلاء جزء كبير من إقليم ننغرهار من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، مشيرة إلى أن هجمات تنظيم الدولة انخفضت في جميع أنحاء أفغانستان بشكل حاد في العام التالي، لكن المسؤولين الأمريكيين حذروا من أن التنظيم يمكن أن يعيد تجميع صفوفه بسهولة، إذا لم يتم تطبيق ضغوط مكافحة الإرهاب، بعد انسحاب الولايات المتحدة.

 

تعذيب وغارات

ونقلت "واشنطن بوست" عن أحد سكان جلال آباد وناشط في المجتمع المدني -رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية- قوله: إن أولئك الذين سجنتهم طالبان وأفرجت عنهم، عانوا في كثير من الأحيان أيامًا من التعذيب، في إشارة إلى أن هؤلاء كونوا اللبنة التي شكلت تنظيم داعش لقتال طالبان.

من جانبه، قال فاتح، مقاتل طالبان المكلف بجناح المخابرات التابع للحركة في جلال آباد: إن قائد مخابرات طالبان الأعلى في ننغرهار، محمد بشير، يوقع جميع الأهداف قبل شن أي غارة، وله القول الفصل في جميع الأحكام التي يتم تسليمها إلى المشتبه بهم المعتقلين.

وأضاف فاتح، نقلًا عن بشير الذي يرفض التحدث لوسائل الإعلام: "يخبرنا بشير بأن داعش مثل الفيروس الذي لن يصيب أفغانستان فحسب، بل البلدان الأخرى"، مضيفًا، أن القائد البالغ من العمر 45 عامًا، يصدر أوامره باعتقال الأشخاص الأقل خطورة، بينما يتم التعامل مع الخطرين في التنظيم بالقتل المباشر.

من جانبه، رفض بلال كريمي، نائب المتحدث باسم طالبان، التعليق على ما إذا كانت محكمة تابعة لطالبان، قد حكمت بضرورة شنق أعضاء داعش المتهمين علنًا أو قطع رؤوسهم، لكنه قال: "إن العديد من أعضاء تنظيم الدولة قُتلوا في اشتباكات مسلحة".

وردًا على ذلك، قال فاتح: إن معظم المشتبه بهم المحتجزين للمحاكمة، يتم إحضارهم إلى مجمع المخابرات في جلال آباد، مشيرًا إلى أنه إذا حكم عليهم بالإعدام يتم إعدامهم وإلقاء جثثهم في الشارع خارج المبنى، بينما في حالات أخرى، يتم رصهم بجانب بعضهم، ثم إطلاق النار عليهم.

ونقلت "واشنطن بوست" عن محمد طاهر مباريس، الذي يقود وحدة طالبان التي تم نقلها مؤخرًا من غزنة إلى جلال آباد، قوله: إن شبكات واسعة من مخبري طالبان، ستساعد الجماعة في النهاية لتحقيق ما لم تستطع الولايات المتحدة تحقيقه، بهزيمة تنظيم الدولة في أفغانستان.

وقالت الصحيفة:"بينما أنهى استيلاء طالبان العسكري على أفغانستان عقودًا من الحرب في معظم أنحاء البلاد، فإن العنف تصاعد بقوة في ننغرهار بهجمات شبه يومية من داعش، ووصف بعض سكان جلال آباد غارات طالبان، بأنها أكثر وحشية من تلك التي نفذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأفغان".