حان أوان قطف رؤوس داعش... ماذا ينتظر التنظيم بعد تساقط قياداته؟

قال الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإرهابية، الدكتور مروان شحادة، في تصريحات لـ السياق، إن سرعة قتل قيادات تنظيم داعش، تدل على أن التنظيم بدأ يفقد -قبضته الصلبة- على قواته، ما جعل قيادات الصف الأول يتساقطون.

حان أوان قطف رؤوس داعش... ماذا ينتظر التنظيم بعد تساقط قياداته؟

السياق "خاص"

بعد سنوات من زرعه الرعب في النفوس بقطعه الرؤوس، بات تنظيم داعش الإرهابي مطارَدًا في الصحاري والوديان، يبحث عن ملاذ آمن لـ«دولته» التي لم تعد دولة، ولقادته الذين «حان أوان قطف رؤوسهم»، بعد أن أصبحت البلدان التي فيها انتشروا، تحتضن قبورهم.

فمن سنوات كان «إرهاب» تنظيم داعش ملء الأسماع والأبصار، يطوف بعملياته الإرهابية من النيل إلى الفرات، إلا أنه بعد 5 سنوات، منذ تأسيسه دولته المزعومة عام 2014، حانت لحظة الحساب عام 2019، بهزيمته على يد القوات الأمريكية، التي أعلنت قتل زعيمه الأول أبو بكر البغدادي، في عملية أذنت بغروب شمس التنظيم.

وبينما يحاول التنظيم الإرهابي -منذ 3 سنوات- العودة بعملية هنا وأخرى هناك إلى الساحة، عبر المنطقة التي انطلق منها إرهابه في سوريا، إلا أنها كانت «مقبرته» ومسلحيه الذين وارى فيها الثرى أجساد 4 إرهابيين تزعموا «داعش»، بينما جاء خامسهم ليأخذ دوره، في القائمة.

الأسبوع الماضي، أعلن «داعش»، قتل زعيمه الرابع أبوالحسن القرشي، الذي يعد ثاني «زعيم» للتنظيم يقتل في أقل من سنة، في عملية لم يحدد مكانها ولا زمانها، إلا أن واشنطن تحدثت بعدها بساعات، عن عملية نفذتها فصائل معارضة جنوبي سوريا متنصف أكتوبر الماضي.

 

نكسات متتالية

إلا أن تلك النكسات التي تعرض لها تنظيم داعش، لا يعني أن الأخير استستسلم لـ«المقصلة»، بل إنها تشير إلى خلل في صفوفه، سمح للأجهزة الأمنية في المنطقة باختراقها، بحسب مراقبين، أكدوا أن التنظيم الذي اعتمد -منذ سنوات- على «الذئاب المنفردة» لا يزال خطرًا.

ورغم ذلك فإن المراقبين، قالوا إن تلك العمليات المضادة لـ«داعش»، تكشف أن سوريا والعراق لم يعدا ملاذًا آمنًا له، مشيرين إلى أن التنظيم يستمد استمراريته خصوصًا من فروعه الإفريقية والآسيوية.

إلى ذلك، قال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إن «داعش» لن ينتهي، فقد اكتسب خبرة في البقاء والتكيف عبر السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي ينجح دائمًا في الخلط بين المركزية واللامركزية في القيادة، لينجو من حملات الاستئصال الشبيهة.

وأوضح الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، أن قتل زعيم داعش أبو الحسن الهاشمي، الذي لم يمض على قيادته التنظيم سوى 8 أشهر فقط، في سابقة بتاريخ التنظيم، يؤكد أن هذه الضربة تمثل انتكاسة كبيرة له، ستؤدي إلى إثارة الشكوك داخل قياداته، لمعرفة الاختراقات الموجودة في صفوفه، أملًا بمعالجة الضعف الأمني، إلا أنه قال إن خطوة كهذه قد تؤدي إلى انشقاقات داخل التنظيم، أو في الأفرع الخارجية.

 

فقدان القبضة الصلبة

من جانبه، قال الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإرهابية، الدكتور مروان شحادة، في تصريحات لـ«السياق»، إن سرعة قتل قيادات تنظيم داعش، تدل على أن التنظيم بدأ يفقد «قبضته الصلبة» على قواته، ما جعل قيادات الصف الأول يتساقطون.

ورغم أن هوية زعيم «داعش» المقتول أبوالحسن الهاشمي لم تكن معلومة، فإن شحادة رجح أن يكون عراقيًا، لأن العراقيين مازالوا متحكمين في زمام أمور التنظيم، باستئثارهم بأعلى المناصب.

 

المرحلة الأسوأ

وأكد الخبير الأردني، أن التنظيم يمر بأسوأ مراحله في العراق وسوريا، ما دفعه لاستبدال الأراضي التي يفقدها بالتوسع غربي إفريقيا، خاصة في نيجيريا وبحيرة تشاد وبوركينا فاسو وجزء من مالي، إضافة إلى تحويل عمياته إلى تفجير المساجد وغيرها من المنشآت، مشيرًا إلى أن هذا السلوك يدل على أن التنظيم فقد بوصلته، وأصبح يسعي وراء أجندات خفية، على حد قوله.

من جانبه، قال مدير الأبحاث في معهد «صوفان غروب» الأمريكي للمعلومات الاستخباراتية والأمن كولن كلارك، إن زعيم تنظيم داعش الذي قُتل، كان صاحب أضعف أداء منذ إنشاء التنظيم.

 

سر كنية القرشي

وعن تأخر إعلان التنظيم قتل زعيمه وكشف هوية خليفته، باعتبار العملية السورية جرت في أكتوبر الماضي، وإعلان داعش أواخر نوفمبر الماضي، قال كلارك، في تصريحات لـ«فرانس 24»، إن «داعش كان يجهد على الأرجح لإيجاد خلف له»، موضحًا أن التنظيم «يخضع لضغوط قصوى من خصوم مختلفين، ولم يعد يملك هامش التحرّك نفسه حتى للتواصل مع أنصاره».

وأكد مدير مركز الدراسات المستقلة «كاونتر اكسترميزم بروجيكت»، هانس-ياكوب شيندلر، أن الإبقاء على كنية القرشي «لتعزيز صورة الزعيم حتى لو أنها كنية تخفي شخصًا آخر، إلا أن ذلك كافٍ لكي يستمرّ التنظيم بالعمل».

وأشار إلى أن «سوريا لم تعد ملاذًا لتنظيم داعش، يمكن له أن يُبقي فيها على هيكلية معينة، لكنها لم تعد مكانًا آمنًا لقيادته»، مضيفًا: «عندما يقتل التنظيم الجميع، لا يبقى له حلفاء».

أما الأستاذ بجامعة العلوم السياسية في باريس جان-بيار فيليو المتخصص بالجماعات المتطرفة، فيقول إن «هشاشة القيادة العليا للتنظيم تزيد استقلالية فروعه، لاسيما تلك النشطة جدًا في أفغانستان والساحل».