مع استمرار الاحتجاجات.. هل تتراجع إيران عن تطبيق قانون الحجاب؟

إيران.. الاحتجاجات تشتعل ومسؤول سابق يطالب بإعادة النظر في تطبيق قانون الحجاب

مع استمرار الاحتجاجات.. هل تتراجع إيران عن تطبيق قانون الحجاب؟

السياق

أربعة أسابيع من الاحتجاجات والمظاهرات التي يزداد لهيبها ويرتفع مستوى العنف فيها بين الجماهير الغاضبة الرافعة لشعار "الموت للديكتاتور"، ومطالبين بنهايةٍ لحكم خامنئي وسقوط نظام الملالي، وبين قوات الأمن التي تستخدم أنواع التنكيل والقمع كافة، حسب جمعيات حقوقية ووسائل إعلام ومقاطع فيديو وصور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

واتهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الخميس الولايات المتحدة، بالعمل على زعزعة استقرار بلاده، وقال إن واشنطن باتت تعتمد سياسة "زعزعة استقرار" حيال طهران.

وقال الرئيس الإيراني "الآن بعد فشل الولايات المتحدة في العسكرة (ضد إيران) والعقوبات، لجأت واشنطن وحلفاؤها الى السياسة الفاشلة لزعزعة الاستقرار"، وذلك خلال قمة "مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا" ("سيكا") في كازاخستان.

ورأى أن "الأمة الإيرانية أفشلت الخيار العسكري الأمريكي، وبحسب ما أقروا بأنفسهم، ألحقت هزيمة نكراء بسياسة العقوبات والضغوط القصوى".

 

إعادة النظر في الحجاب

بدوره، دعا علي لاريجاني، الرئيس السابق للبرلمان الإيراني، إلى إعادة النظر في تطبيق قانون الحجاب الإجباري، والاعتراف بأن الاحتجاجات لها جذور سياسية عميقة، وليس ببساطةٍ نتاجَ التحريض الأمريكي أو الإسرائيلي.

وقال رئيس البرلمان السابق، إن "التطرف في فرض الأعراف الاجتماعية يؤدي إلى ردود فعل متطرفة"، مشيرًا إلى أن الحجاب له حل ثقافي، ولا يحتاج إلى مراسيم أو استفتاءات "أقدر خدمة قوات الشرطة والباسيج، لكن عبء التشجيع على الحجاب لا يوكل إليهما".

وأضاف: "عندما تصبح ظاهرة ثقافية منتشرة على نطاق واسع لا يكون العلاج المواجهة الصارمة.. الناس والشباب الذين خرجوا إلى الشوارع هم أطفالنا".

 

"أيادٍ خارجية"

المظاهرات، التي انطلقت عقب مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني 22 عامًا على يد ما تسمى بشرطة الأخلاق، زادت وتيرتها عقب كلمة للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وصف فيها المظاهرات بأنها حوادث جزئية وسلبية وتحركها أيادٍ خارجية.

فيما نشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعنوان "لا تتركوا سنندج وشأنهم"، وسنندج هي عاصمة محافظة كردستان غرب إيران، وأحد أكثر المدن اشتعالًا بالاحتجاجات وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى على يد القوات الأمنية.

وفي حي "حجي آباد بسنندج"، بدا حسب مقاطع فيديو أن المحتجين سيطروا على تلك المنطقة.

وفيما يبدو فإنَّ هذه الاحتجاجات تمثل أحد أجرأ التحديات منذ ثورة 1979.

وفي هذه الاحتجاجات لعب طلاب الجامعات دورًا محوريًا، وبحسب مقطع فيديو نشره (تصوير1500) يكشف متظاهرون يضرمون النار في مكتب امام مصلى في مدينة فولادشهر بأصفهان وسط البلاد.

 

أحكام قاسية

إلى ذلك، أعلن رئيس السلطة القضائية في إيران غلام حسين محسني إجئي الخميس، أنه أمر القضاة بإصدار أحكام قاسية على المتظاهرين الذين وصفهم بـ"العناصر الرئيسة في أعمال الشغب".

وقال: "لقد أصدرت تعليمات لقضاتنا بتجنب إظهار التعاطف غير الضروري مع العناصر الرئيسة التي تقف وراء أعمال الشغب وإصدار أحكام قاسية عليهم"، وفق ما نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية.

 

"الأكراد"

وتصاعد التوتر بشكل خاص في المناطق الكردية التي تنحدر منها أميني. وتقول منظمات حقوقية: إن الأقلية الكردية في إيران، والتي يزيد عددها على عشرة ملايين شخص، تتعرض للاضطهاد منذ فترة طويلة، وهو اتهام تنفيه الحكومة

وشهدت مدينة رشت عاصمة محافظة جيلان شمال إيران، مظاهرات عنيفة أطلقت خلالها قوات الشرطة النار على المتظاهرين، وأظهرت مقاطع فيديو وجود قوات الأمن على دراجات نارية على الرصيف، يطلقون النار في ممر ضيق ويضربون المارة بظهور البنادق.

إضرابات النفط

ودخل على خط الاحتجاجات عمال المناطق النفطية في مدينة عسلوية الاقتصادية الواقعة جنوب إيران، فيما أعلن الاتحاد الحر لعمال إيران، عن اعتقال أكثر من 30 عاملًا وكذلك احتج العمال في مصفاة نفط عبادان، وكانجان ومنشأة بوشهر للبتروكيماويات مرددين هتافات «الموت للدكتاتور» ومطالبين بإسقاط النظام.

ولقى ما لا يقل عن 185 شخصًا، بينهم 19 قاصرًا حتفهم، وأُصيب المئات واعتقلت قوات الأمن الآلاف، حسبما قالت منظمات حقوقية.

من جانبه اتهم وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي جماعات كردية إيرانية معارضة بأنها تدعم الاحتجاجات، مشيرًا إلى أنَّ قوات الأمن «ستعمل على تحييد الجهود اليائسة المناهضة" للثورة".

حجب الإنترنت

وفي محاولة من النظام الإيراني لمنع انتشار الأخبار والمقاطع التي توثق قمع القوات الأمنية، صعبت الحكومة الإيرانية بشدة إمكانية الاتصال بالإنترنت.

إلى ذلك تقول صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إنه بينما يكافح المتظاهرون في إيران للوصول إلى الأدوات عبر الإنترنت التي من شأنها أن تساعدهم على التنظيم والبقاء في أمان، يتساءل بعض الإيرانيين عن سبب عدم قيام واشنطن ووادي السيليكون بالمزيد لوقف القمع.

وأثارت دعوات العمل نقاشات طويلة الأمد حول تأثير مجموعة العقوبات الأمريكية الواسعة على إيران، بما في ذلك تلك التي تستهدف شركات التكنولوجيا التي تقدم خدمات للإيرانيين عبر الإنترنت، وكذلك حول المسؤوليات العالمية لشركات التكنولوجيا الكبرى.

ويُعدّ تقييد الوصول إلى العالم الرقمي جزءًا أساسيًا من جهود طهران لإسكات الاحتجاجات، منذ ما يقرب من شهر؛ فحظرت «واتس آب» و«إنستجرام»، وأوقفت أو حدَّت من الوصول إلى الإنترنت والهاتف المحمول، وضاعفت الرقابة على الإنترنت.

إلا أنّه على الرغم من المخاطر، فإنَّه لا يزال الإيرانيون يجدون طرقًا لمشاركة مقاطع الفيديو والتواصل مع الصحفيين والنشطاء الأجانب والتواصل مع العائلة والأصدقاء في الخارج