لماذا يخشى بايدن تصدع التحالف الداعم لأوكرانيا؟
عقد بايدن محادثات على مدار ساعات خلال الأشهر الأخيرة، مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، وقادة أجانب آخرين لم يدعموا دائمًا التحالف الغربي لدعم أوكرانيا، وحثهم على الوقوف بحزم ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ترجمات - السياق
مع اشتداد الحرب الكلامية بين أمريكا وروسيا على خلفية الصراع في أوكرانيا، يخشى الرئيس الأمريكي جو بايدن، من حدوث تصدعات في التحالف الداعم لكييف في حربها ضد موسكو، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
وعقد بايدن محادثات على مدار ساعات خلال الأشهر الأخيرة، مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، وقادة أجانب آخرين لم يدعموا دائمًا التحالف الغربي لدعم أوكرانيا، وحثهم على الوقوف بحزم ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وذكرت الصحيفة، أن بايدن أجرى خلال الأشهر الأخيرة، محادثات مطولة مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، فضلًا عن قادة آخرين ممن لم يظهروا دعمًا مستمرًا للتحالف الغربي الداعم لأوكرانيا، إذ حثهم على الوقوف بحزم ضد بوتين.
ووفقًا لمسؤول كبير في البيت الأبيض- تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته- فإن البيت الأبيض تفاجأ بمواجهة مودي لبوتين في قمة الشهر الماضي، حيث طالبه باللجوء إلى طريق السلام، موضحًا أن "الأمر غير معتاد بالنسبة لزعيم بذل جهودًا كبيرة ليظل محايدًا في الصراع الروسي الأوكراني".
ومع ذلك، ما زال بعض المسؤولين الأمريكيين متشككين في حدوث انفراجة مع الهند، التي تتمتع بعلاقات سياسية وعسكرية واسعة النطاق مع روسيا، لكنهم يأملون في أن يساعد هجوم بوتين الصاروخي، يوم الإثنين الماضي على العاصمة الأوكرانية كييف، في إقناع جنوب إفريقيا ودول أخرى بدعم أوكرانيا.
مهمة محورية
واعتبرت واشنطن بوست، أن مناقشات بايدن مع مختلف القادة تظهر محاولاته للضغط بقوة من أجل الحفاظ على ما يبدو أنه أصبح المهمة المحورية لرئاسته، والمتمثلة في الحفاظ على التحالف العالمي والمحلي الداعم لأوكرانيا، حيث تدخل الحرب في أول شتاء لها "والذي من المرجح أن يكون شتاءً مريرًا ووحشيًا"، خصوصًا على أوروبا، التي انقطع عنها الغاز الروسي قبل أيام.
وأشارت إلى أن بعض حلفاء الولايات المتحدة يواجهون رياحًا معاكسة على المستوى الاقتصادي بسبب الحرب في أوكرانيا، بينما أعرب بعض الجمهوريين في الداخل عن شكوكهم حيال المليارات من المساعدات الموجهة لكييف.
وترى الصحيفة، أن اتصالات بايدن ربما تكون قد أتت أكلها، حيث وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء، بأغلبية ساحقة على قرار يدين محاولة روسيا لضم أربع مناطق أوكرانية، وقالت إن الضم الروسي "غير قانوني".
وخلال الجلسة الخاصة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن أوكرانيا، صوتت 143 دولة لصالح قرار الإدانة، بالتساوي مع تصويت مناهض لروسيا في مارس، وكان هناك تصفيق عند التصويت.
وفي المقابل، صوتت 5 دول فقط ضد القرار، بما في ذلك روسيا وكوريا الشمالية وسوريا، وامتنعت 35 دولة عن التصويت، إذ يمكن لأي دولة لا ترغب في إبداء رأيها أو إثارة غضب الولايات المتحدة أو روسيا أن تمتنع عن التصويت.
ونبهت الصحيفة إلى أن بايدن والمسؤولين الأمريكيين يعملون على إقناع دول عدم الانحياز في أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا بالامتناع عن اتخاذ موقف محايد وإدانة الكرملين بشكل صريح، وهو جهد قال المحللون إنه قد يتعزز بعد وابل الهجمات الصاروخية التي شنتها روسيا على كييف وغيرها من المدن الأوكرانية مؤخرًا.
وحسب الصحيفة، كان قادة الولايات المتحدة يأملون أن يدعم 100 على الأقل من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193- وهو العدد الذي أيد قرار الأمم المتحدة لعام 2014 الذي يدين ضم روسيا لشبه جزيرة القرم- مشروع القرار، حسبما قال العديد من كبار المسؤولين في الإدارة.
وأشارت إلى أنه في مارس الماضي، عندما عرضت الولايات المتحدة لأول مرة قرارًا للأمم المتحدة يدين الغزو الروسي، تلقت دعمًا من 141 دولة عضوًا.
وفي مساعيه لزيادة الاصطفاف الدولي ضد بوتين، عقد بايدن وزعماء مجموعة السبعة اجتماعًا افتراضيًا، صباح الثلاثاء الماضي-بمشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي- "لمناقشة التزامهم الثابت بدعم أوكرانيا ومحاسبة بوتين في مواجهة العدوان والفظائع الروسية".
وخلال الاجتماع تعهد رؤساء حكومات مجموعة السبع بمحاسبة الرئيس الروسي والمسؤولين الروس، عن الموجة الأخيرة من الهجمات في أوكرانيا، حسبما قال قادة المجموعة في بيان مشترك عقب الاجتماع.
كما التزمت دول مجموعة السبع بدعم أوكرانيا "للمدة التي تستغرقها"، بينما وعدت بمواصلة تقديم الدعم المالي والإنساني والعسكري والدبلوماسي والقانوني.
وأكدت دول المجموعة للرئيس الأوكراني: "أننا ثابتون في التزامنا بتقديم الدعم الذي تحتاجه أوكرانيا للحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها"، بحسب البيان.
وقال البيان: "سنواصل تقديم الدعم المالي والإنساني والعسكري والدبلوماسي والقانوني وسنقف بحزم مع أوكرانيا طالما استغرقت ذلك. نحن ملتزمون بدعم أوكرانيا في تلبية احتياجات التأهب لفصل الشتاء." قالت المجموعة.
تصدعات داخلية
وذكرت واشنطن بوست، أنه في الوقت الذي يسعى فيه بايدن إلى الحفاظ على تحالفه العالمي، تظهر تصدعات في الدعم السياسي في الداخل للمليارات من المساعدات التي ترسلها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، ومن المرجح أن تتسع هذه الانقسامات بشكل كبير إذا استعاد الجمهوريون مجلس النواب في الثامن من نوفمبر المقبل.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث، أن نسبة الأمريكيين الذين يشعرون بالقلق الشديد بشأن هزيمة أوكرانيا انخفضت من 55 بالمائة في مايو إلى 38 بالمائة في سبتمبر، ومن بين الجمهوريين والمستقلين ذوي الميول الجمهورية، قال 32 في المائة إن الولايات المتحدة تقدم الكثير من الدعم للحرب- ارتفاعًا من 9 في المائة في مارس -.
ونقلت الصحيفة عن ريتشارد غوان، خبير الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، قوله: "الضربات الصاروخية الأخيرة على كييف ستذكر الكثير من أعضاء الأمم المتحدة بأن أوكرانيا هي الضحية في هذه الحرب"، مشيرًا إلى أن هذا المفهوم (سقط) عن البعض -إلى حد ما- خلال مناقشات الأمم المتحدة الأخيرة، حيث دعا الكثير من أعضاء الأمم المتحدة إلى السلام بعبارات غامضة، ما فُهم منها أنهم يؤيدون الموقف الروسي، لكن قد تأتي الضربات الصاروخية الروسية الأخيرة على كييف بردود فعل منطقية وتعيد التوازن في قراءة الدبلوماسيين للوضع على الأرض.
لكن الدبلوماسية لم تكن سهلة، إذ تضررت البلدان النامية في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا بشكل كبير جراء ارتفاع أسعار الوقود ونقص الغذاء العالمي الناجم عن الحرب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين، قولهم: إن بايدن، في محادثاته مع نظرائه، بذل قصارى جهده للقول إن العدوان والحصار الروسي، وليس العقوبات الأمريكية، هي المسؤولة عن الصراع.
وأشارت إلى أن الأحداث الأخيرة بعد تفجير جسر إستراتيجي روسي رئيس، السبت الماضي، والذي ألقى بوتين باللوم فيه على أوكرانيا، ثم شن موسكو هجومًا مضادًا غاضبًا يوم الإثنين استهدف كييف ومدنًا أوكرانية أخرى، زادت من الانطباع بأن الحرب ستطول.
ويتوقع المسؤولون الأمريكيون تباطؤ القتال خلال الشتاء، عندما يؤدي الطقس البارد والظروف الموحلة إلى إعاقة العمليات العسكرية، ولكن مع استمرار القصف المتبادل، فإن المفاوضات تبدو بعيدة المنال، خصوصًا مع ضم بوتين لأربع مناطق أوكرانية جديدة، فضلًا عن قراره بالتعبئة العامة لما يصل إلى 300 ألف جندي احتياطي.
وأمام هذه التطورات، رأت الصحيفة، أن البيت الأبيض ظل -حتى الآن- قادر على الحفاظ على دعم الحزبين للعديد من المساعدات وحزم الأسلحة بمليارات الدولارات لأوكرانيا، لكن بعض الجمهوريين المتحالفين مع الرئيس السابق دونالد ترامب بدأوا في إثارة تساؤلات حول سبب إنفاق الولايات المتحدة الكثير من الأموال على حرب بعيدة في الخارج، لافتةً إلى أنه من المرجح أن يؤدي القرار الذي اتخذه تحالف أوبك بلس -الذي تقوده السعودية وروسيا- الأسبوع الماضي لخفض إنتاج النفط إلى ارتفاع أسعار الغاز مرة أخرى، مما قد يزعج الجمهور الأمريكي والأوروبي أكثر من ذي قبل، ما يعني ضغوط جديدة بشأن المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا، خصوصًا أثناء فصل الشتاء.
أيضًا ما يعيق مساعي بايدن بشأن دعم أوكرانيا، -حسب الصحيفة- أنه رغم الاتصالات العديدة بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأوكراني، إلا أن العلاقة لم تكن دائمًا سلسة.
ففي بداية الحرب، دعا زيلينسكي مرارًا وعلنًا الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى لبذل المزيد لإرسال أسلحة إضافية وفرض عقوبات أشد على روسيا، حتى عندما كان بايدن والكونغرس يرسلون بالفعل كميات غير مسبوقة من المساعدات والأسلحة المتقدمة إلى كييف.
وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن أخبر الزعيم الأوكراني سرًا أنه سيكون من الصعب عليه الاستمرار في طلب المال من الكونغرس إذا بدا زيلينسكي غير ممتنّ وظل يقول إنه ليس كافيًا، وفقًا لمسؤول سابق في البيت الأبيض.
ومع ذلك، عندما يُسأل بايدن وكبار مساعديه عن المدة التي يتوقع أن تضخ فيها الولايات المتحدة المليارات في المجهود الحربي، كثيرًا ما يقولون: "طالما يستغرق الأمر".
وفى السياق ذاته، صرح بعض المسؤولين الأوكرانيين بأن رغبتهم في التفاوض أقل من أي وقت مضى، بالنظر إلى نجاحاتهم الأخيرة في ساحة المعركة ومحاولة ضم روسيا غير القانونية للأقاليم الأوكرانية، فيما قال الرئيس الأوكراني: إن بلاده ستفكر في العودة إلى طاولة المفاوضات فقط في حالة إقصاء بوتين من السلطة.
وفي المقابل، ردت موسكو بأنها لن تنهي عملياتها العسكرية إذا رفضت كييف التفاوض.