جدل في العراق إثر إرجاء انتخاب الرئيس.. وأمل جديد بعد قرار البرلمان

تلك التطورات المتسارعة، تكشف تصاعد حدة الخلافات السياسية التي يشهدها العراق، منذ الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر المنصرم، وتصدر نتائجها التيار الصدري

جدل في العراق إثر إرجاء انتخاب الرئيس.. وأمل جديد بعد قرار  البرلمان
البرلمان العراقي

السياق

آمال انتخاب البرلمان العراقي رئيسًا للبلد الآسيوي تبخرت، بعد حضور 58 نائبًا فقط، من أصل 329، الجلسة التي كانت مقررة الاثنين، لاختيار من يتولى المنصب الرفيع.

فعدم اكتمال النصاب القانوني لالتئام مجلس النواب، المحدد بالثلثين من 329 عضوًا، دفع هيئة رئاسة البرلمان إلى تحويل الجلسة لتداولية، لمناقشة عدد من القرارات التي لا تحتاج إلى تصويت نيابي.

وفي تطور جديد، كشف الاختلاف بين المكونات السياسية في العراق، أعلنت رئاسة البرلمان، فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، بدءًا من التاسع من فبراير الحالي.

فشل البرلمان

وقالت رئاسة البرلمان العراقي، في بيان: «نظرا لانتهاء المدة الدستورية المحددة لانتخاب رئيس الجمهورية بموجب المادة (72/ ثانيًا، ب) من الدستور بلا انتخابه، واستنادًا لأحكام قانون الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية رقم (8) لسنة 2012، قررت رئاسة مجلس فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بدءًا من غد الأربعاء، ولمدة 3 أيام».

قرار رئاسة البرلمان العراقي، يأتي بعد فشل جلسة النواب أمس، في اختيار رئيس جديد، ما عقد آمال تسوية سريعة للوضع، وأفرز حالة من الفراغ الدستوري.

وينص الدستور العراقي على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية في غضون 30 يومًا من انتخاب رئيس البرلمان، الذي انتخب في التاسع من يناير الماضي، ما كان يستدعي انتخاب رئيس جديد أمس، وهو ما لم يحدث.

إيقاف ترشيح زيباري

كما يأتي قرار رئاسة البرلمان العراقي، بعد يومين من قرار المحكمة الاتحادية العراقية، بإيقاف ترشيح الزعيم الكردي هوشيار زيباري (68 عامًا)، ما كشف ارتفاع حدة الخلافات السياسية بالعراق.

وقالت وكالة فرانس برس، في تقرير، إن عملية انتخاب رئيس جديد للعراق، المقررة الاثنين، شهدت خلط أوراق بقرار المحكمة تعليق ترشيح السياسي الكردي البارز، على خلفية اتهامات بالفساد بعد أن كان أحد أبرز الأسماء المطروحة للمنصب.

إلا أن وكالة الأنباء العراقية، أرجعت قرار المحكمة الاتحادية، إلى أن المدعين وجدوا أن إجراءات مجلس النواب في ما يخص قبول المرشح تخالف أحكام الدستور، وتمثل خرقًا جسيمًا للنصوص الواردة فيه.

قرار المحكمة الاتحادية، رد عليه زيباري، عبر «فيسبوك»، مؤكدًا احترامه لقرار المحكمة، لحين حسم الدعوى المقامة من بعض المتشبثين بأيام ما قبل الإصلاح، معبرًا عن ثقته بأن يؤكد القضاء ما أكدته مؤسسات الدولة من استيفائه لشروط الترشح، وأن ما يشاع لا يعدو أن يكون أنينًا من أجل مزيد من التشبث بالسلطة.

وتنحصر المنافسة بين المرشحين الكرديين زيباري والرئيس الحالي برهم صالح، اللذين ينتميان إلى الحزبين الكرديين المتنافسين على النفوذ في إقليم كردستان، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.

الانتكاسة الثانية

ووصفت «فرانس برس»، قرار تعليق ترشيح زيباري، بأنه «ثاني انتكاسة يتعرض لها السياسي المخضرم، بعد قرار الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، سحب دعمه لترشيحه له على خلفية الاتهامات بالفساد التي يؤكد زيباري أنها بقيت في إطار المزاعم ولم تتم إدانته بها».

وقدم أربعة نواب في البرلمان، الأسبوع الماضي، التماسًا إلى المحكمة يطالبون فيه باستبعاد زيباري، لأنه لا يلبي الشروط الدستورية لتولي منصب رئيس الجمهورية، مشيرين إلى قرار البرلمان سحب الثقة من زيباري عام 2016 حين كان وزيرًا للمالية، على خلفية اتهامات تتعلق بفساد مالي وإداري.

تصاعد الخلافات

تلك التطورات المتسارعة، تكشف تصاعد حدة الخلافات السياسية التي يشهدها العراق، منذ الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر المنصرم، وتصدر نتائجها التيار الصدري.

وشغل زيباري مناصب وزارية عدة بين عامي 2003 و2016، أبرزها الخارجية تسعة أعوام بين 2005 و2014.

وأثارت الشبهات بتورطه في فساد غضب جزء من الرأي العام في الأيام الأخيرة، ما تسبب بحرج للصدر الذي يقدم نفسه على أنه مناهض للفساد.

وبحسب العرف المتفق عليه منذ قرابة 15 عامًا، فإن منصب رئيس الجمهورية يعود تقليديًا إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء والسُّنة مجلس النواب.

أسماء مرشحة

وتداولت تقارير محلية عدة أسماء لمنصب رئيس الجمهورية، إضافة إلى برهم صالح، وهم: لطيف رشيد، وفؤاد حسين وزير الخارجية الحالي، ودارا نور الدين.

وقالت إن لطيف رشيد أصبح مرشح الحزب الديمقراطي البديل لزيباري، كاشفة أنه الأوفر حظًا، خاصة مع استياء التيار الصدري من إصرار مسعود بارزاني على ترشيح خاله هوشيار زيباري.

ولطيف رشيد ينتمي إلى الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو مستشار رئاسي عمل مع الرئيسين جلال طالباني وبرهم صالح.

إلا أن مراقبين أكدوا أن المفاوضات تحتاج إلى موافقة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مشيرين إلى أن اختيار رئيس الجمهورية الجديد، لن يكون خارج سياق التفاهمات بين القوى السياسية.

ويمر العراق بفراغ دستوري، بسبب تجاوز المدة القانونية لاختيار رئيس للجمهورية، إلا أنها ليست المرة الأولى، فقد مر بفترات مماثلة عامي 2010 و2014.

وبينما طالب سياسيون بأن يتسلم رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، مهام رئاسة الجمهورية مؤقتًا، بسبب خلو المنصب بعد انتهاء الفترة القانونية لانتخاب رئيس جديد، أكد مراقبون أن هذا الأمر غير ممكن.

تشكيل الحكومة

ويعطل انتخاب الرئيس، تشكيل حكومة في العراق، إلا أن زعيم التيار الصدري أكد مرارًا سعيه للمضي قدمًا في تشكيل حكومة أغلبية وطنية، واضعًا خارج حساباته القوى المحسوبة على إيران، وهي الإطار التنسيقي الذي يضم تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي (المكون بأغلبيته من فصائل مسلحة موالية لإيران) وتحالف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وأحزابا شيعية أخرى.

وفي تصريحات لوكالة فرانس برس، قال المحلل السياسي العراقي حمزة حداد: «لا أحد يعرف أن يكون في المعارضة، الجميع يعرفون كيفية تقاسم الحصص»، كاشفًا إمكانية تشكيل تحالف موسع.

كاظم، قال إن الساسة العراقيين يخشون الخروج من الحكومة، لأن ذلك يعني فقدان السلطة، وفرص الحصول على أموال، وبسبب الخوف من الملاحقة القضائية، مشيرًا إلى أن خروج هذه الأطراف يجعلها مفسدة للعملية السياسية، ويشير إلى «عدوانية الخصوم السياسيين العراقيين».