احتجاجات إيران تدخل مرحلة الدبابات.. اشتباكات عنيفة وقطع الإنترنت وسائل إرهاب المتظاهرين

امتدت رقعة المظاهرات إلى قطاع الطاقة الحيوي في البلاد، فيما قال حساب -تصوير1500- على تويتر، إنَّ حركات إضراب نظمت بمنشآت الطاقة في جنوب غرب إيران لليوم الثاني؛ إذ احتجَّ العمال في مصفاة نفط عبادان، وكانجان ومنشأة بوشهر للبتروكيماويات.

احتجاجات إيران تدخل مرحلة الدبابات.. اشتباكات عنيفة وقطع الإنترنت وسائل إرهاب المتظاهرين

السياق

مرحلة جديدة دخلتها الاحتجاجات العارمة في إيران، والتي دخلت أسبوعها الرابع دون أن تخمد جذوتها بعد، لتبدأ السلطات الأمنية في طهران، باتخاذ إجراءات أكثر قمعية.

فمن استمرار الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن في إيران، مرورًا بنقل دبابات إلى المناطق الكردية، إلى قطع الإنترنت، كانت أدوات النظام الإيراني لـ«إرهاب» المتظاهرين، ولإيصال رسالة لهم بأنَّ آمالهم في الإطاحة به، ضربٌ من المستحيل.

فماذا حدث خلال الساعات الماضية؟

أظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي شاحنات تنقل دبابات خضراء داكنة إلى المناطق الكردية التي كانت مراكز محورية في حملة قمع الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني لدى احتجاز الشرطة لها.

واجتاحت الاحتجاجات التي تطالب بإسقاط المؤسسة الدينية أنحاء إيران منذ وفاة الشابة الكردية مهسا أميني، في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، في أثناء احتجازها لدى ما يعرف بـ«شرطة الأخلاق» في طهران لارتدائها «ملابس غير لائقة».

وفي حين أنه لا يعتقد المراقبون أن الاضطرابات اقتربت من الإطاحة بالحكومة، فإن الاحتجاجات تمثل أحد أجرأ التحديات منذ ثورة 1979، مع انتشار تقارير عن امتداد الإضرابات إلى قطاع الطاقة الحيوي.

وتصاعد التوتر بشكل خاص في المناطق الكردية التي تنحدر منها أميني. وتقول منظمات حقوقية: إن الأقلية الكردية في إيران، والتي يزيد عددها على عشرة ملايين شخص، تتعرض للاضطهاد منذ فترة طويلة، وهو اتهام تنفيه الحكومة.

وقالت مجموعة هنجاو لحقوق الإنسان، إن اشتباكات نشبت يوم الثلاثاء بين المتظاهرين وقوات الأمن في ثلاث مدن في إقليم كردستان، وهي سنندج وبانه وسقز حيث دفنت أميني الشهر الماضي، مشيرة إلى أن المحتجين في سقز أضرموا النار في تمثال لأعضاء بالحرس الثوري الإيراني.

صراخ السيدات

وبحسب مقاطع فيديو، نشرتها مجموعة «تصوير1500» على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، فإن إطلاق نار وصراخًا للسيدات بدا واضحًا في المقاطع المسجلة من سنندج.

ولقى ما لا يقل عن 185 شخصًا، بينهم 19 قاصرًا حتفهم، وأُصيب المئات واعتقلت قوات الأمن الآلاف، حسبما قالت منظمات حقوقية. وتقول الحكومة الإيرانية: إن أكثر من 20 من قوات الأمن قتلوا.

وامتدت رقعة المظاهرات إلى قطاع الطاقة الحيوي في البلاد، بحسب مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما قال حساب (تصوير1500) على تويتر، إنَّ حركات إضراب نظمت بمنشآت الطاقة في جنوب غرب إيران لليوم الثاني؛ إذ احتجَّ العمال في مصفاة نفط عبادان، وكانجان ومنشأة بوشهر للبتروكيماويات.

وبهتاف «الموت للدكتاتور»، في إشارة إلى الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، عبر العمال المحتجون العمال في مقاطع فيديو عن غضبهم من ممارسات النظام.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في المنطقة قوله، إن العمال في مصنع عسلوية كانوا غاضبين بسبب خلاف يتعلق بالأجور وليس بسبب وفاة أميني.

ورغم أن الاحتجاجات التي خرجت في الوقت الراهن، ساعدت تظاهرات شبيهة لها قبل أربعة عقود، في وصول رجال الدين للسلطة، إلا أن هواجس إزاحتهم من السلطة كانت المحرك الرئيس وراء قمعهم للاحتجاجات، بحسب مراقبين.

وهو ما أشار إليه وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي والذي كال الاتهامات لجماعات كردية إيرانية معارضة قال إنها تدعم الاحتجاجات، مشيرًا إلى أن قوات الأمن «ستعمل على تحييد الجهود اليائسة المناهضة للثورة».

ومن قطع النفط إلى طلاب الجامعات الذين لعبوا دورًا محوريًا في الاحتجاجات، بحسب مقطع فيديو نشره (تصوير1500) يكشف متظاهرين يضرمون النار في مكتب إمام مصلى في مدينة فولادشهر بأصفهان وسط البلاد.

حجب الإنترنت

وتقول صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إنه بينما يكافح المتظاهرون في إيران للوصول إلى الأدوات عبر الإنترنت التي من شأنها أن تساعدهم على التنظيم والبقاء في أمان، يتساءل بعض الإيرانيين عن سبب عدم قيام واشنطن ووادي السيليكون بالمزيد لوقف القمع.

وأثارت دعوات العمل نقاشات طويلة الأمد حول تأثير مجموعة العقوبات الأمريكية الواسعة على إيران، بما في ذلك تلك التي تستهدف شركات التكنولوجيا التي تقدم خدمات للإيرانيين عبر الإنترنت، وكذلك حول المسؤوليات العالمية لشركات التكنولوجيا الكبرى.

أحد العوامل الرئيسة التي أشعلت الاحتجاجات- التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عامًا في حجز ما يسمى بـ«شرطة الأخلاق» والتي تطورت إلى تمرد واسع النطاق ضد قادة رجال الدين في إيران هو الغضب المتصاعد من جيل الإنترنت.

وتقول نيجين، مدرسة في مدرسة ثانوية في طهران انضمت إلى المظاهرات، لصحيفة «واشنطن بوست»، إنَّ «الشباب لا يقبلون الكثير مما فُرض علينا (..) أعتقد أن الاختلاف الأكبر بينهما هو أنهم ولدوا في الفضاء الإلكتروني».

ويُعدّ تقييد الوصول إلى العالم الرقمي جزءًا أساسيًا من جهود طهران لإسكات الاحتجاجات، منذ ما يقرب من شهر؛ فحظرت «واتس آب» و«إنستجرام»، وأوقفت أو حدت الوصول إلى الإنترنت والهاتف المحمول، وضاعفت الرقابة على الإنترنت.

إلا أنّه على الرغم من المخاطر، فإنَّه لا يزال الإيرانيون يجدون طرقًا لمشاركة مقاطع الفيديو والتواصل مع الصحفيين والنشطاء الأجانب والتواصل مع العائلة والأصدقاء في الخارج.

مهسا المرداني، باحثة أولى في مجموعة حرية الإنترنت، قالت: «أنا في حالة صدمة بسبب الإسكات شبه التام للعديد من مصادر المعلومات القيمة حول التكنولوجيا والإنترنت والحريات عبر الإنترنت من داخل البلاد».

الغرب يلوح بالعقوبات

حملة القمع التي تشنّها السلطات الإيرانية على المحتجين دفعت بعض الدول الغربية إلى فرض مزيد من العقوبات على إيران، مما أثار توترًا دبلوماسيًا، في الوقت الذي توقفت فيه محادثات إحياء اتفاق طهران النووي.

وفي هذا الإطار، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، إنَّ هناك خمسة فرنسيين محتجزين الآن في إيران، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي وافق على الجوانب الفنية لفرض عقوبات على طهران تدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل.

وجاء رد فعل واشنطن على ممارسات النظام الإيراني كما هو مألوف، بسلوك طريقي الإدانة والعقوبات، بحسب «واشنطن بوست»، والتي قالت إنَّ إدارة بايدن خطت بحذر، كون الدعم المباشر للاحتجاجات يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، بالنظر إلى الشكوك الواسعة بشأن الولايات المتحدة في إيران وإلقاء كبار قادة إيران باللوم في الاضطرابات على المحرضين الغربيين.