لبنان على حافة كارثة كبرى.. اعترافات حكومية وأزمات اقتصادية

حذَّر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، من كارثة كبرى، مشيرًا إلى أن الأزمات الحادة التي يعيشها اللبنانيون، على مختلف المستويات الحياتية والمعيشية والاجتماعية والصحية والخدماتية، تدفع الوضع في لبنان، نحو الكارثة الكبرى

لبنان على حافة كارثة كبرى.. اعترافات حكومية وأزمات اقتصادية

السياق

من نفاد مخزون عدد كبير من الأدوية الأساسية، مرورًا بالاحتجاجات اليومية، نتيجة أزمة المحروقات، إلى فشل الساسة في اختيار حكومة منذ أكثر من عام، عوامل عدة ألقت بظلالها السلبية على لبنان، الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية حادة.

وبينما حذَّر خبراء، من أن الاقتصاد اللبناني على شفا الانهيار، بعد عقود من سوء الإدارة والفساد، يدرس الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على بعض المسؤولين اللبنانين، الذين يحمِّلونهم مسؤولية هذه الأزمة الخانقة.

 

كارثة كبرى

إلى ذلك، حذَّر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، الدكتور حسان دياب، من كارثة كبرى، مشيرًا إلى أن «الأزمات الحادة التي يعيشها اللبنانيون، على مختلف المستويات الحياتية والمعيشية والاجتماعية والصحية والخدماتية، تدفع الوضع في لبنان، نحو الكارثة الكبرى، التي تتجاوز تداعياتها أي قدرة على الاحتواء، وبذلك نصبح أمام واقع لبناني مخيف".

وقال دياب، في تصريحات نشرتها «الوكالة الوطنية للإعلام»: ونحن نجتمع هنا، هناك في شوارع لبنان طوابير السيارات تقف أمام محطات الوقود، وهناك مَنْ يفتش في الصيدليات عن حبة دواء وعن علبة حليب أطفال، أما في البيوت، فاللبنانيون يعيشون من دون كهرباء، يهدِّد انقطاعها شبه الدائم، حياة المرضى في المستشفيات.

 

نفق مظلم

وأضاف أن لبنان يعبر نفقاً مظلماً جداً، وبلغت المعاناة حدود المأساة، مشيراً إلى أن الصورة أصبحت واضحة، أن لبنان واللبنانيين على شفير الكارثة.

وأكد دياب أن «الخطر الذي يهدِّد اللبنانيين لن يقتصر عليهم، عندما يحصل الارتطام الكبير، سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان، إلى المدى القريب والبعيد، في البر والبحر، لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان».

وأشار رئيس الحكومة اللبنانية، إلى أن الاستقرار في لبنان، نقطة ارتكاز الاستقرار في المنطقة، ومع وجود نحو مليون ونصف المليون نازح سوري، ومئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، سيكون من الصعب التكهن بنتائج انهيار الاستقرار في لبنان.

 

خطر قادم

وقال دياب، إن ربط مساعدة لبنان بتشكيل الحكومة، يشكِّـل خطرا على حياة اللبنانيين وعلى الكيان اللبناني، مشيرًا إلى الضغوط التي تمارس، وأن الحصار المطبق على لبنان، لا يؤثِّر في الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمناً باهظاً يهدِّد حياته ومستقبله، كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم، وما نشاهده من هجرة، دليل على أن اللبنانيين قد بلغ اليأس منهم، فقرَّروا مغادرة الوطن.

ودعا دياب العالم إلى إنقاذ لبنان، «والأشقاء والأصدقاء للوقوف إلى جانب اللبنانيين»، مطالبًا بعدم محاسبة الشعب اللبناني على أخطاء الفاسدين.

 

مؤشرات سلبية

وكانت نقابة مستوردي الأدوية اللبنانية، أعلنت نفاد مخزون عدد كبير من الأدوية الأساسية، التي تعالج أمراضاً مزمنة ومستعصية، مشيرة إلى أن مئات من الأدوية الأخرى، سينفد مخزونها خلال يوليوالحالي، إذا لم تعاود الاستيراد بأسرع وقت ممكن.

وأكدت نقابة مستوري الأدوية، أن الشركات المستوردة لم تحصل على موافقات لمعاودة الاستيراد، بينما تراكمت المستحقات لصالح الشركات المصدِّرة، لتصل إلى 600 مليون دولار.

وفي محاولة من الجيش اللبناني، لتخطي الأزمة الاقتصادية الحالية، وتوفير عائدات مالية عاجلة، أعلن -قبل أيام- إطلاق رحلات جوية سياحية للمدنيين، للتجول فوق لبنان بمروحيات عسكرية، مقابل 150 دولاراً للرحلة.

 

خط الفقر

كشف تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، أن قرابة 77% من الأسر اللبنانية، ليس لديها ما يكفي من الطعام أو حتى المال، لشراء مواد غذائية.

التقرير سبقه تقرير آخر للبنك الدولي، أكد فيه الأخير، أن الأزمة اللبنانية ربما تكون من أسوأ ثلاث أزمات في العالم، منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وقال التقرير، إن الناتج المحلي الإجمالي في لبنان، يشهد انخفاضا منذ عام 2018، بالتوازي مع سعر صرف غير رسمي، مشيرًا إلى أن «مثل هذا الانكماش الكبير والسريع، يرتبط عادة بالصراعات أو الحروب».

 

نقص الوقود

ويعاني لبنان منذ أسابيع، نقصًا حادًا في الوقود، نتيجة انعدام توافر النقد الأجنبي الكافي لاستيراده، ما تسبَّب في انقطاعات متكرِّرة للتيار الكهربائي، ونقص حاد في محطات وقود السيارات.

وقالت صحيفة فايننشال تايمز، في تقرير، إن نقص الوقود ضرب المصانع والشركات، في جميع أنحاء لبنان، ما يهدِّد بوقف التصنيع والتسليم والنقل، في بلد يعاني أسوأ أزمة اقتصادية في زمن السِّلم.

وأكدت الصحيفة، أن حالة الطوارئ المتعلِّقة بالوقود تفاقمت، بسبب قرار السُّلطات التي تعاني ضائقة مالية، بخفض دعم الوقود وانهيار قيمة الليرة اللبنانية.

وتضرَّرت الشركات بشدة، من التضخم المفرط والمشكلات التي يواجهها النظام المصرفي، بحسب  "الفاينانشال تايمز" التي أكدت أن أزمة الوقود، أدت إلى ظهور طوابير امتدت لمسافة أميال، وأعمال عنف في محطات الوقود واحتجاجات.

 

عودة الاحتجاجات

شهدت شوارع لبنان -منذ الأسبوع الماضي- عودة الاحتجاجات، التي قطع المتظاهرون خلالها الطرق في عدد من المناطق، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي المتردي وتراجع قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار.

يأتي ذلك، بينما سعى بعض المواطنين، للإسراع في شراء المواد الغذائية لتخزينها، وأغلقت محلات أخرى أبوابها للحد من خسائرها، في ظل التراجع المستمر لليرة اللبنانية.

 

أزمة اقتصادية طاحنة

ويكافح لبنان أزمة مالية كبيرة منذ عام 2019، أضرت بالعملة الوطنية، ونشرت الفقر وتسبَّبت في تعثُّر سداد ديون سيادية، بينما واجهها المصرف المركزي، بكبح وصول اللبنانيين إلى حساباتهم الدولارية، وفرض قيود مصرفية، تحظر التحويلات المصرفية إلى خارج البلاد.

وفي محاولة لكبح جماح الأسعار، في بلد يعيش أكثر من نِصف سكانه تحت خط الفقر، أقر مصرف لبنان في مايو 2020، آلية يوفر بموجبها الدولار المدعوم، لدعم استيراد المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية لصناعتها.

وفقدت الليرة، قرابة ثمانين في المئة من قيمتها مقابل الدولار، في السوق السوداء، بينما لا يزال السعر الرسمي مثبتاً على 1500 ليرة لبنانية، مقابل 180 ألفًا في السوق السوداء، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد المستوردة، خصوصاً الغذائية.