بيان عسكري ليبي غاضب... سيناريوهات كارثية وأوضاع تنذر بمستقبل قاتم
قال المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي للسياق إن تعنت عبدالحميد الدبيبة وتصرفاته التي وصفها بالصبيانية أجبرا اللجنة على الذهاب إلى هذا الخيار الذي يهدد بنسف العملية السياسية برمتها، والعودة إلى مربع الصراعات والحروب من جديد.

السياق
حالة من الغضب داخل صفوف الجيش الليبي، من ممارسات الحكومة الليبية الرافضة لتسليم السلطة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، دفعت ممثلي الجيش الليبي في اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، لتعليق مشاركتهم في اللجنة، حال عدم الاستجابة لمطالبهم الأربعة.
فوسط حالة من «النهب الممنهج» وغير المسبوق لأموال الليبين، إضافة إلى «فساد» مالي بات ثابتًا على وزرائها، ما أحال عددًا كبيرًا منهم للتحقيق، تقبع حكومة الدبيبة على السلطة، رافضة الانصياع لـ«قرارات الشرعية» الصادرة من البرلمان الليبي، القاضية بمنح الثقة لحكومة فتحي باشاغا.
ممثلو الجيش الليبي باللجنة العسكرية 5+5 يعلقون عملهم باللجنة ويتهمون #الدبيبة بالمسؤولية عن الانقسام وتدهور الأوضاع.#السياق #ليبيا pic.twitter.com/u0gdZeYVrw
— خارج السياق (@k_alsyaaq) April 9, 2022
ممارسات سلطوية
ممارسات سلطوية عددها ممثلو الجيش الليبي في اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، في بيان صدر مساء السبت و«زلزل» الأوضاع في ليبيا، أكدوا فيه أن الدبيبة «نكث عهده بشأن عدم ترشحه للانتخابات وعرقل الاستحقاق الدستوري بحجج واهية»، إضافة إلى أنه "خالف الاتفاق ولم يعين وزيرًا للدفاع واحتفظ بهذه الحقيبة لأغراض ومكاسب شخصية".
لم تكن تلك ممارسات حكومة الدبيبة فحسب، بل إن السياسي الرافض تسليم السلطة، أوقف صرف مرتبات منتسبي القوات المسلحة الليبية أكثر من مرة، آخرهاعدم صرفها لأربعة أشهر على التوالي حتى الآن، وكذلك بعض المؤسسات الأخرى بالمنطقة الشرقية، إلا أنه في المقابل صرف مبالغ طائلة لبعض المليشيات المسلحة غربي ليبيا.
تصرفات وومارسات قال عنها ممثلو الجيش الليبي في اللجنة العسكرية إنها «مخالفة للاتفاق السياسي وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان وفق المعايير والمواثيق الدولية والوطنية»، تحت مرأى ومسمع الأمم المتحدة وبعثتها والمجتمع الدولي، من دون أن تحرك ساكنًا.
وأشار البيان العسكري إلى أن الدبيبة «تناسى» وتجاهل دور القوات المسلحة الليبية في مكافحة الإرهاب، وحراسة وتأمين الحقول النفطية، المصدر الرئيس لقوت الليبيين، وحماية حدود الدولة التي كانت مرتعًا لعصابات الجريمة المنظمة.
المطالب الأربعة
تلك الممارسات دفعت ممثلي الجيش الليبي في اللجنة العسكرية إلى تعليقهم أعمال اللجنة (شق القوات المسلحة) إلى حين النظر في مطالبها: إيقاف تصدير النفط وغلق الطريق الساحلي الرابط بين الشرق والغرب.
كما طالب ممثلو الجيش الليبي بإيقاف جميع أوجه التعاون مع هذه الحكومة ومكوناتها، التي مازالت تعمل معها داخل المناطق التي تؤمنها القوات المسلحة، وإيقاف تسيير الرحلات الجوية بين الشرق والغرب.
استجابة عاجلة
مطالب قال عنها الحقوقي الليبي جمال عامر، في تصريحات لـ«السياق»، إنها مشروعة، محذرًا من أنه إذا لم تحدث استجابة عاجلة، فإن الوضع سيكون خطيرًا.
وأوضح الحقوقي الليبي، أن القوات المسلحة التي كان لها دور كبير في تحرير ليبيا من المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، تعاني -منذ أربعة أشهر- انقطاع الرواتب، في سابقة ليست الأولى من نوعها.
وحذر من تداعيات البيان على العملية السياسية في ليبيا، مشيرًا إلى أنه سيؤثر في حكومة فتحي باشاغا، وسيعيد الانقسام السياسي الحاد، إضافة إلى تداعيات اقتصادية ستنجم عن إغلاق النفط الليبي.
وبينما لم تصدر ردود فعل من السلطات غربي ليبيا، قال الحقوقي الليبي، إن معظم الأجسام في المنطقة الغربية (حكومة الدبيبة، والمليشيات المسلحة، واللجنة العسكرية) باتوا رهينة في أيدي جماعات الإسلام السياسي هناك.
مربع الصراعات
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن البيان كان واضحًا في بنوده ومطالبه، مشيرًا إلى أنه سيكون حاسمًا، لاسيما أن اللجنة العسكرية كانت دائمًا بعيدة عن التجاذبات السياسية.
وأوضح المحلل الليبي، أن «تعنت» الدبيبة وتصرفاته التي وصفها بـ«الصبيانية» أجبرا اللجنة على الذهاب إلى هذا الخيار الذي يهدد بنسف العملية السياسية برمتها، والعودة إلى مربع الصراعات والحروب من جديد.
وحذر المحلل الليبي، من أنه إن لم يلق هذا البيان أي استجابة من البعثة الأممية والدول الراعية للتوافق الليبي، فإن تداعياته ستصل إلى حد نسف مخرجات جنيف، وستذهب بليبيا في طريق جديد للتخلص من الحكومة، التي أصبحت كـ"السرطان الذي ينهش جسد الدولة الليبية".
الطريق الجديد -بحسب الأوجلي- يتمثل في انتزاع الدبيبة من على كرسيه بقوة السلاح، وتمكين الحكومة الجديدة -المكلفة من مجلس النواب- من ممارسة مهامها والذهاب باتجاه خارطة طريق لا تتخذ من مخرجات جنيف مرجعية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات قد تكون أعدت بالفعل برعاية الولايات المتحدة.
بيان متوقع
بدوره، قال رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي (المنتهية ولايته) عبدالمنعم اليسير، إن بيان اللجنة العسكرية الليبية متوقع، لأن الحكومة الجديدة والقيادة العامة ومجلس النواب أصبحوا طرفًا أساسيًا في الصراع الذي «ألهبته» المليشات المسلحة وجماعات الإسلام السياسي ومفتي الإرهاب في ليبيا الصادق الغرياني.
وأوضح السياسي الليبي، في تصريحات لـ«السياق»، أن المليشيات المتحالفة مع تلك المنظومة الفوضوية في المنطقة الغربية، لن تسمح بأن يكون هناك وفاق بين الأطراف المتصارعة سياسيًا، مشيرًا إلى أنها تريد هذا التصعيد، وذاك الصدام.
وحذر اليسير، المجتمع الدولي من أن البيان العسكري الليبي إخطار بأن مشاريعه في ليبيا «فاشلة»، وأن عليه اتخاذ خطوات جادة لا مهادنة الأطراف المليشياوية في المنطقة الغربية.
باشاغا يتهم الدبيبة
إلى ذلك اتهم رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا، رئيس الحكومة المنتهية صلاحياتها عبد الحميد الدبيبة، بالسعي إلى تعميق الانقسام، متعهدًا بدخول العاصمة قريبًا بالطريق السلمية.
وحمَّله مسؤولية ما تمر به البلاد من فوضى أمنية وسياسية، جراء تعنت حكومته التي وصفها بـ "مغتصبة السلطة وبلا أي مشروعية قانونية".