هل تضطر واشنطن إلى رفع الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإرهاب؟

عامل الوقت يبدو جوهريًا في المفاوضات التي بدأت قبل عام، فالغرب يعتقد أن إيران تمتلك اليورانيوم القادر على صُنع قنبلة نووية، إلا أن طهران -التي تستشعر ميزة هذا الوقت وقرب الوصول لصُنع القنبلة- كانت مشتركة في مساومات اللحظة الأخيرة، وتفرض شروطها.

هل تضطر واشنطن إلى رفع الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإرهاب؟

ترجمات - السياق

تحولات في مواقف الدبلوماسيين، المشتركين في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، وسط غموض بإمكانية التوصل إلى تسوية، خاصة بعد رفض واشنطن الاستجابة لضمانات طهران.

المفاوضات التي بدأت في فيينا، منذ ما يقرب من عام، تحاول فيها إيران اللعب على وتر الوقت، خاصة أنها قاب قوسين أو أدنى من امتلاك اليورانيوم، القادر على صُنع قنبلة نووية.

إلا أن ظهور بعض المطالب الإيرانية، التي ترفضها واشنطن قد يعيد الاتفاق للنقطة صفر مجددًا، بحسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية، التي أشارت إلى أن الضمانات التي طالبت بها إيران، ترتبط بحتمية أن يكون هذا الاتفاق ملزمًا للإدارات الأمريكية المقبلة.

وتساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، عن مصير الاتفاق النووي الإيراني، في ظل حالة عدم اليقين التي ترتبط بمسار المباحثات، مشيرة إلى أنه من غير المؤكد أن يتم التوصل لاتفاق أم لا، في ظل رفض واشنطن الاستجابة للضمانات التي طالبت بها إيران.

 

عامل الوقت

وأوضحت المجلة الأمريكية، أن عامل الوقت يبدو جوهريًا في المفاوضات التي بدأت قبل عام، فالغرب يعتقد أن إيران تمتلك اليورانيوم القادر على صُنع قنبلة نووية، إلا أن طهران -التي تستشعر ميزة هذا الوقت وقرب الوصول لصُنع القنبلة- كانت مشتركة في مساومات اللحظة الأخيرة، وتفرض شروطها.

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من جانب واحد من الاتفاق النووي عام 2018، دفع إيران إلى تخصيب اليورانيوم ليصل إلى 60%، ما يجعلها قريبة من عتبة الـ90% المطلوبة للأسلحة النووية.

 

رفض أمريكي

ضمانات إلزام الاتفاق للإدارات الأمريكية المقبلة، ليس المطلب الوحيد لإيران، بل إن طهران تشدد على ضرورة رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، الأمر الذي يمثل عائقًا أمام التوصل إلى اتفاق نهائي ملزم لجميع الأطراف، بحسب «فورين بوليسي».

وأشارت المجلة، إلى أن الإيرانيين كانوا يشعرون بالقلق إزاء طول أمد الصفقة في ظل معارضة الجمهوريين.

واستدلت المجلة على رؤيتها بتصريحات مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي السابق، بأن الاتفاق الذي أعيد إحياؤه سيقسم الجمهوريين إذا عادوا إلى البيت الأبيض مرة أخرى، بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي جو بايدن، في إشارة إلى أن أي اتفاق قد ترفضه أي إدارة لاحقة للبيت الأبيض.

 

هجمات عدائية

ومع ذلك، فإن «فورين بوليسي» رأت أن استجابة واشنطن للمطلب الإيراني، الخاص برفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، لا يُعد تنازلًا كبيرًا، بالنظر إلى أن تصنيفه جماعة إرهابية، لم يكن له أي تأثير في الحد من هجماته العدائية، بل أدى إلى تحفيزه لمزيد من الهجمات الإرهابية في الشرق الأوسط.

وأكدت المجلة الأمريكية، أن الأمور كانت تسير بشكل مستقر طوال المفاوضات، حتى ألقت إيران بحجر في المياه الراكدة، بشأن إصرارها على رفع اسم الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية.

وبينما قالت «فورين بوليسي»، إن الطلب الإيراني يدعو إلى الانزعاج من موقف طهران الدبلوماسي المتشدد، إلا أنها أكدت أن هذا التنازل يجب أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لتقديمه.

 

الإهانة الأكبر

وحذرت المجلة الأمريكية من أن رفع واشنطن تصنيف الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، سيجعل الحلفاء في المنطقة يفسرون القرار بأنه أكبر إهانة على الإطلاق.

إلا أن أمريكا حاولت تهدئة مخاوف حلفائها، بقرارها الأسبوع الماضي، الذي فرض عقوبات جديدة على كيانات مرتبطة ببرنامج الصواريخ البالستية الإيراني.

وفي محاولة جديدة لتهدئة المخاوف، أكد المبعوث الأمريكي الخاص لإيران روبرت مالي ووزير الخارجية أنتوني بلينكين، أنه بصرف النظر عن تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، فإن الولايات المتحدة ستظل تعامله ككيان غير شرعي، وأن مجموعة من العقوبات ستبقى كما هي، لتعيقه عن ممارسة الأعمال التجارية في الخارج.

 

عقوبات أمريكية

وقالت «فورين بوليسي»، إنه منذ عام 2007 يتعرض الحرس الثوري الإيراني لمجموعة من العقوبات الأمريكية، تمنع الشركات والبنوك الأمريكية من التعامل معه ومع الكيانات التابعة له.

وأكدت المجلة الأمريكية، أنه تمت إضافة الحرس الثوري الإيراني إلى قائمة المنظمات الإرهابية فقط عام 2019 تحت حملة الضغط الأقصى التي شنها ترامب، لكن ذلك كان له تأثير محدود في قدرات الحرس الثوري الإيراني على إحداث فوضى في المنطقة.

وهو ما أكده علي واعظ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، الذي قال للمجلة الأمريكية: التصنيف الإرهابي لم يكن له أي تأثير في تقليص العمليات المسلحة الهجومية للحرس الثوري في المنطقة.

 

تنازل ضروري

وقالت «فورين بوليسي»: الحرس الثوري الإيراني سيظل خاضعًا للعقوبات بموجب العديد من برامج العقوبات الأمريكية الأخرى، مشيرًا إلى أن شطبها من قائمة الإرهاب ليس تنازلًا كبيرًا من إدارة بايدن.

وهو ما أشار إليه مراقبون، أكدوا أنه خلال الأسابيع التي تلت وضعه ضمن قوائم الإرهاب، واصل الحرس الثوري الإيراني هجماته عبر أذرعه العسكرية، إذ اتهم بالوقوف وراء إسقاط طائرة أمريكية من دون طيار، وبتنفيذ هجوم استهدف شركة أرامكو السعودية، والهجمات المتكررة التي تستهدف القوات الأمريكية في العراق.

من جانبه، قال علي واعظ: «من الصعب القول إن التصنيف قد فعل أي شيء للحد من نفوذ الحرس الثوري الإيراني... في الواقع، لقد رأينا الأمر يزداد سوءًا».

 

الطريق الوحيد

ورغم تشديد المجلة الأمريكية على ضرورة عدم ثقة الغرب بالوعود الإيرانية، التي تخص التزامها بوقف التصعيد في المنطقة، مقابل تنحية الحرس الثوري الإيراني ككيان إرهابي، فإنها رأت أن الطريق الوحيد لرفع الحرس الثوري من قوائم الإرهاب، يجب أن يبدأ بإعلان إيران منع جميع الميليشيات التابعة لها من القيام بأي أعمال عدائية، تهدد أمن وسلامة دول المنطقة.

وأوضحت «فورين بوليسي»، أنه إذا كان حذف الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإرهاب مرتبطًا بالتزامات جديدة من الجانب الإيراني -ومن ذلك وقف أنشطته العدائية في المنطقة- يجب توضيحها للعلن، حتى لا تحاول طهران التنصل من التزاماتها.

ورأت أن المطلب الإيراني بحذف الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، يتعلق برغبة الرئيس إبراهيم رئيسي في إرضاء حلفائه في الداخل، لاسيما أن هذه الخطوة -حال تحقيقها- ستؤدي إلى تعزيز نفوذه وربما تزيد فرص فوزه بولاية رئاسية ثانية.

وأكدت «فورين بوليسي»، أنه على مدى الأربعين سنة الماضية، تم تمكين الحرس الثوري الإيراني من قِبل آيات الله، لاستخدامه ضد القوى السياسية المعتدلة في إيران، للحفاظ على هيمنة المرشد الأعلى.

 

إضعاف النظام الإيراني

إلا أن الطريقة الوحيدة لإضعاف النظام الإيراني الحالي، تكمن في أن يكتسب المعتدلون الإيرانيون درجة أكبر من النفوذ داخل البلاد، بحسب المجلة الأمريكية، التي قالت إن هذا الأمر يصعب تحقيقه، في ظل تمتع الحرس الثوري الإيراني بقاعدة شعبية كبيرة، تحول دون إجراء أي تغييرات في المستقبل القريب، الأمر الذي يفرض على واشنطن أن تكون أكثر حذرًا في تقديم أي تنازلات لإيران للتوصل إلى اتفاق نووي، لاسيما وأن طهران تستغل مطالبها في الضغط على الغرب لتحقيق مآربها، من دون تقديم ما يوازي ذلك على الأرض.

وأضافت: «قد لا يكون من الحكمة أن يتنازل الغرب، لكن الوقت ليس في صالحه»، مشيرة إلى أنه إذا سمح الغرب لإيران بأسبوعين إضافيين أو شهر، فإن الأخيرة ستتمكن من إحراز تقدم هائل في تخصيب اليورانيوم، ما يؤدي إلى تجنُّب الصفقة.