انتخابات ليبيا.. اجتماعات بالقاهرة ومحاولة برلمانية لحلحلة أزمة القاعدة الدستورية

بحسب مراقبين، فإن تشكيل مجلس النواب للجنة تعديل المواد الدستورية، محاولة لقطع الطريق على البعثة الأممية وإجهاض مقترحها، الذي منح صلاحيات تشريعية للمجلس الأعلى للدولة بالمخالفة

انتخابات ليبيا.. اجتماعات بالقاهرة ومحاولة برلمانية لحلحلة أزمة القاعدة الدستورية

السياق

بعد قرابة 20 يومًا من فشل مشاورات تونس، التي رعتها الأمم المتحدة وقاطعها البرلمان الليبي، عادًا إياها مسارًا موازيًا، حاول الأخير اتخاذ خطوة جديدة لحلحلة الأزمة السياسية، التي تمر بمخاض عسير في البلد الإفريقي.

تلك الأزمة نتجت عن «تعنت» رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة، في تسليم السلطة لخلفه فتحي باشاغا، ما جعل ليبيا أمام مفترق طرق، إما العودة لشبح انقسام المؤسسات، وإما الدخول في صراع مسلح، يعيد جراح العشرية الماضية.

إلا أنه وفي محاولة من رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، لإحداث اختراق في الأزمة السياسية الحالية، أعلن تشكيل لجنة من 12 عضوًا، تتولى مراجعة المواد الخلافية في الدستور الليبي.

 

المواد الخلافية

وبحسب القرار الصادر من مجلس النواب، واطلعت «السياق» على نسخة منه، فإن اللجنة ستكون مهمتها مراجعة المواد والنقاط محل الخلاف، في مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، وإجراء التعديلات اللازمة عليها.

وبحسب المادة الثالثة من قرار البرلمان الليبي، فإن اللجنة ستكون مهمتها الالتزام بما ورد في التعديل الدستوري الثاني عشر، ومراعاة بنوده حسب ورودها، والمواعيد المحددة لإنجاز مهامها، بينما نصت المادة الرابعة على أنه «للجنة عند الاختلاف من حيث الشكل أو الهدف الوارد في التعديل الدستوري الثاني عشر، عرض نتائج أعمالها على المجلس، وهي غير مخولة بترتيب أي التزام خارج مهمتها المحددة في المادة الثانية من هذا القرار».

كان برلمان ليبيا أقر في 10 فبراير الماضي، الإعلان الدستوري الثاني عشر، الذي تضمن نقاطًا عدة، بينها: تشكيل لجنة من 24 عضوًا من الخبراء والمختصين ممثلين بالتساوي للأقاليم الجغرافية التاريخية الثلاثة يختارون من مجلسي النواب والدولة مناصفة مع مراعاة التنوع الثقافي، تتولى مراجعة المواد محل الخلاف في مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية، وإجراء التعديلات الممكنة عليه.

 

قطع الطريق

إلا أن البعثة الأممية في ليبيا، حاولت «القفز» على المسار البرلماني، فدعت لتشكيل لجنة من 12 عضوًا بالمناصفة بين البرلمان وما يعرف بـ«الأعلى للدولة»، لتشكيل قاعدة دستورية تجرى على أساسها الانتخابات البرلمانية، في محاولة عدها البرلمان مسارًا موازيًا، رافضًا المشاركة فيها، ما أدى إلى فشل المشاورات التي عُقدت في تونس.

وبحسب مراقبين، فإن تشكيل مجلس النواب للجنة تعديل المواد الدستورية، محاولة لقطع الطريق على البعثة الأممية وإجهاض مقترحها، الذي منح صلاحيات تشريعية لـ«الأعلى للدولة» بالمخالفة، متوقعين أن تحل اللجنة -التي أمر صالح بتشكيلها- محل الإعلان الدستوري الثاني عشر الصادر من البرلمان.

وعن تمكن تلك اللجنة من وضع حلول للمواد الخلافية في الدستور الليبي، اشترط المراقبون نجاحها في مهمتها، بإبعاد ضغوط الثنائي الأمريكي السفير ريتشارد نورلاند والمبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز.

 

اجتماعات القاهرة

في سياق متصل، تعقد اللجنة المشتركة لمجلسي النواب والأعلى للدولة، أول اجتماعاتها -الأسبوع الجاري- في العاصمة المصرية القاهرة أو الغردقة، للتوصل إلى اتفاق بشأن الانتخابات في ليبيا.

وهو ما أكدته عضو لجنة مجلس النواب لإعداد القاعدة الدستورية، أسماء الخوجة، التي أشارت إلى أن اللجنة المكلفة بإعداد القاعدة الدستورية من مجلس النواب، ستجتمع الاثنين في القاهرة.

وأكدت البرلمانية الليبية، أن البرلمان ليس لديه -حتى الآن- أي تأكيد بمشاركة مجلس الدولة أو حضور ستيفاني ويليامز لتلك الاجتماعات.

إلا أن مصادر ليبية مطلعة، قالت إن الاجتماع الذي سيعقد في مصر سيكون برئاسة مشتركة للمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز التي قالت إنها متفائلة بإمكانية إجراء حوار بين المجلسين، لكسر الجمود السياسي وإجراء الانتخابات عام 2022.

 

القاعدة الدستورية

بدوه، أكد عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة، استضافة مصر اجتماعاً لوفدي البرلمان ومجلس الدولة، للتشاور في القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات في ليبيا، معربًا عن آماله بنجاح المشاورات والاجتماعات المرتقبة.

ورغم ذلك، فإنه قال إن الفجوة شاسعة بين لجنتي البرلمان ومجلس الدولة، في الأهداف التي شُكلت من أجلها اللجنتان.

تلك الفجوة حذر منها عضو مجلس الدولة عادل كرموس، الذي أشار إلى اجتماعات تونس، التي حضرها الأعلى للدولة وقاطعها البرلمان، في تصريحات يبدو أنها تمهد الطريق لمقاطعة المجلس الذي يسيطر عليه الإخوان تلك الاجتماعات.

 

قاعدة دستورية

وادعى كرموس، أن مهمة لجنة مجلس الدولة صياغة قاعدة دستورية لإجراء انتخابات برلمانية فقط، إلا أنه قال إن مجلس النواب شكل مؤخراً لجنة لتعديل مواد الخلاف بمشروع الدستور، ما يعد اختلافًا بين التوجهين، قد يكون سبباً في مقاطعة مجلس الدولة لاجتماعات مصر.

من جانبها، قالت وليامز إن العملية السياسية التي تقوم بها الأمم المتحدة، والتي تنص على تشكيل لجنة مشتركة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، لتغيير الدستور والسماح بالانتخابات، لم تأتِ من المريخ، بل من التعديل الدستوري الثاني عشر، على حد قولها.