عشرات الآلاف على الجبهات... مليشيا الحوثي تزج بالأطفال إلى محارق الموت
تجنيد الأطفال، لم يكن الانتهاك الأكثر فظاعة، الذي ترتكبه مليشيا الحوثي بحق القصر، بل إن مؤسسة حقوقية يمنية كشفت أن الانقلابيين يستنزفون أعراضهم بتعريضهم للاغتصاب.

السياق
تجنيد وحرمان من الحق في التعليم والحياة، إضافة إلى اغتصاب بعضهم، أشكال متعددة من انتهاكات المليشيات الحوثية بحق الأطفال، في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
فـ«الانقلابيون» يلقون بالأطفال في محارق الموت، كمسلحين على خطوط النار المستعرة منذ 6 أعوام، بعد أن قتلوا براءتهم وفخخوا عقولهم، بمفاهيم مغلوطة وطائفية.
إلا أن تلك المعاناة القديمة المتجددة، التي بُحت أصوات المنظمات الحقوقية والحكومة اليمنية، من التنديد بها، أخذت منعطفًا خطيرًا، بعد أن أصبحت أكبر عملية استغلال للأطفال في الأعمال القتالية بتاريخ البشرية.
وإلى ذلك، أشار معمر الإرياني وزير الاعلام والثقافة والسياحة، بمناسبة اليوم العالمي للطفل، إلى «مأساة» الملايين من أطفال اليمن القابعين في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، والمعرَّضين لمخاطر التجنيد واستخدامهم في العمليات القتالية، وحرمانهم من حقهم في التعليم والحياة بصورة طبيعية، أسوة بأقرانهم في العالم.
عشرات الآلاف
وأكد الإرياني، عبر «تويتر»، أن مليشيا الحوثي الإرهابية اقتادت عشرات آلاف الأطفال، من منازلهم وأحيائهم ومدارسهم إلى معسكراتها، وغسلت عقولهم بالشعارات العدائية والأفكار الطائفية المستوردة من إيران، وزجت بهم إلى موت محقق في جبهات القتال.
وأشار المسؤول اليمني، إلى أن مليشيا الحوثي تواصل استغلال أطفال اليمن في أعمال قتالية، على مرأى ومسمع من العالم، مؤكدًا أنها تقتاد الآلاف منهم كل يوم، لمعاركها العبثية في مختلف جبهات القتال، خدمة لمشروعها الانقلابي وتنفيذ الأجندة التوسعية الإيرانية، من دون اكتراث بمصيرهم ومعاناة أسرهم.
وطالب الإرياني، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وحماية الطفولة، بممارسة ضغوط على مليشيا الحوثي «الإرهابية» لوقف جرائم تجنيد الأطفال.
كما دعا إلى تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية، ومحاسبة المتورطين في جرائم تجنيد الأطفال من قيادات ومسلحي المليشيا، وملاحقتهم في المحاكم الدولية باعتبارهم مجرمي حرب.
عمليات التجنيد
تصريحات الإرياني، التي أشارت إلى واقع وُصف بـ«الأليم»، لم تكن وحدها التي أشارت إلى معاناة الأطفال تحت قبضة الحوثي، بل إن تحالفًا حقوقيًا يمنيًا كشف عن تجنيد الميليشيات المدعومة إيرانيًا، 12 ألفًا و54 طفلًا، في عدد من المحافظات من مايو 2014 إلى مايو 2021.
وقال المدير التنفيذي لـ«التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان» مطهر البذيجي، إن الميليشيات الحوثية جندت 12 ألفًا و54 طفلا، بينهم 308 أطفال أعمارهم بين 8 أعوام و11 عامًا، و4430 طفلاً بين 12 و14 عاماً، و7305 أطفال بين 15 و17 عامًا.
وعن المناطق الأكثر تجنيدًا للأطفال، أكد البذيجي، أن محافظة عمران شهدت أكبر عدد من عمليات التجنيد بين المحافظات اليمنية، مشيرًا إلى تجنيد 1935 طفلاً، تلتها محافظة ذمار بـ 1861 طفلاً مجنداً، ثم محافظة صنعاء بـ 1861 طفلاً مجنداً، وتعز بـ 1248 طفلاً، ثم صعدة بـ 1116 طفلاً، وأمانة العاصمة بـ 1031 طفلاً مجنداً، ومحافظة حجة بـ 803 أطفال.
وأكد رصد 6729 طفلاً مجنداً في صفوف الميليشيا الحوثية، ومقتل 2450 طفلًا في العمليات العسكرية، وإصابة 498 طفلًا وأسر 790 طفلًا في الجبهات المختلفة، مشيرًا إلى أن الميليشيات الحوثية عملت منذ مايو 2014 بوتيرة عالية على استقطاب وتجنيد الأطفال، وإشراكهم في العمليات العسكرية، واستخدمت في سبيل ذلك المدراس والمساجد والمراكز الصيفية ووسائل الإعلام.
غسل الأدمغة
التجنيد القسري، الذي تفرضه مليشيا الحوثي، مرتبط بشكل مباشر بتوسع هؤلاء الإرهابيين، في إنشاء المراكز الصيفية واستقطاب أكبر عدد من طلاب المدارس، كخطوة أولى تنتهي بالزج بهم في جبهات القتال.
وكان ما يعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» التابع لمليشيا الحوثي، أصدر، قرارًا بإقامة مراكز صيفية للأطفال والشباب، تعمل على حشو عقولهم بالأفكار المتطرفة.
وفي محاولة لإنجاح تلك الخطوة، أمر حينها زعيم مليشيا الحوثي عبدالملك الحوثي، بأهمية الدعم المادي لها، داعيًا إلى الاهتمام بالدورات الصيفية التي قال إنها «ستسهم في إعداد جيل جديد».
وطلب حينها المتحدث الرسمي باسم مليشيا الحوثي محمد عبدالسلام، من سكان صنعاء الاستجابة إلى خطاب عبدالملك الحوثي، وإلحاق أبنائهم بهذه المراكز الصيفية.
إلا أن وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، حذر من تلك المراكز، قائلًا إن «المعلومات تؤكد أن بعض ما تسميها الميليشيا مراكز صيفية، معسكرات إرهابية مغلقة، يشرف عليها ويشارك في إدارتها خبراء إيرانيون لتدريب الأطفال على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والدفع بهم في جبهات القتال، ونشر الأفكار المتطرّفة الدخيلة على اليمن».
وعن أهداف تلك المراكز، قال الإرياني، إن مليشيا الحوثي لجأت إلى استقطاب وتجنيد الأطفال في ما تُسمى المراكز الصيفية، لتعويض خسائرها البشرية في جبهات القتال، خاصة مع عزوف أبناء القبائل عن الانخراط في صفوفها، بعد انكشاف مشروعها، وأنها مجرد ذراع قذرة تُدار من الحرس الثوري الإيراني، لزعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة.
وتشمل عمليات تجنيد الأطفال، تدريبات على تعلُّم الأساليب القتالية واستخدام الأسلحة، وتصنيع العبوات الناسفة والألغام من المواد البدائية أو المهربة، إضافة إلى زراعة الألغام وتنفيذ العمليات الانتحارية.
استنزاف الأعراض
تجنيد الأطفال، لم يكن الانتهاك الأكثر فظاعة، الذي ترتكبه مليشيا الحوثي بحق القصر، بل إن مؤسسة حقوقية يمنية كشفت أن الانقلابيين يستنزفون أعراضهم بتعريضهم للاغتصاب.
وقالت المحامية زعفران زايد، رئيسة مؤسسة تمكين المرأة اليمنية، عبر «تويتر»، إن المجندين الأطفال لدى ميليشيات الحوثي، يتعرَّضون لانتهاكات مروِّعة بما فيها الاغتصاب، والضرب والإهانة والتجويع.
وأضافت أنه عند إبلاغ الأهالي بما حصل لأولادهم من اغتصاب «قتلوهم خوفًا من العار، خاصة مع عجزهم عن محاسبة الحوثيين»، محذرة الأهالي «مَنْ يأخذون أولادكم لجبهات القتال ويعيدونهم لكم في توابيت، يحفظون أولادهم في بيوتهم بعيدًا عن الخطر، لأنهم يعلمون ما يحدث للأطفال في الجبهة».
تعامل احترافي
تلك الممارسات الحوثية، تعامل معها تحالف دعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، باحترافية، قائلًا، إن قواته أعادت عشرات الأطفال الذين جندتهم مليشيا الحوثي الإيرانية كمقاتلين، وسلَّمتهم لذويهم بعد العلاج والتأهيل.
وقال التحالف إن «ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، لا تزال مستمرة في تجنيد الأطفال وتعريضهم للهلاك»، مؤكدًا أن سلامة الأطفال وعدم الزج بهم في الحروب وتأثرهم بها «على رأس أولوياته».
عمليات عسكرية
من جهة أخرى، نفذ تحالف دعم الشرعية في اليمن، 26 استهدافا للميليشيات الحوثية في مأرب والبيضاء خلال 24 ساعة.
وأكد التحالف مقتل أكثر من 140 من الميليشيات وتدمير 18 آلية في مأرب والبيضاء، مشيرًا إلى أنه نفذ 11 عملية استهداف للميليشيات، لدعم قوات الساحل وحماية المدنيين.
تطورات ميدانية
من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، العميد الركن تركي المالكي، إن إعادة انتشار وتموضع القوات العسكرية للتحالف والقوات اليمنية التابعة للحكومة اليمنية بمنطقة العمليات، جاءت ضمن خطط عسكرية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، تتواءم مع الاستراتيجية العسكرية لدعم الحكومة اليمنية في معركتها الوطنية على الجبهات كافة.
وأكد المالكي، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أن القوات المشتركة بالساحل الغربي نفذت الخميس الماضي إعادة انتشار وتموضع لقواتها العسكرية، بتوجيهات من قيادة القوات المشتركة للتحالف، في عملية اتسمت بالانضباطية والمرونة، بحسب ما هو مخطط له، بما يتماشى مع الخطط المستقبلية لقوات التحالف.
وأشاد بانضباطية القوات العسكرية التابعة لدول التحالف والجيش الوطني اليمني، وكذلك القوات المشتركة بالساحل الغربي، أثناء عملية انتشارها وإعادة تموضعها العسكري، مؤكدًا أن القوات المشتركة بالساحل الغربي حققت انتصارات توجت باتفاق ستوكهولم، بعد تعنت الميليشيا الحوثية الإرهابية في الجلوس لطاولة المفاوضات.