أولى تحديات حكومة باشاغا.. مليشيات بمصراتة تعلن العصيان وتحذيرات دولية

لم تمضِ ساعات عن اختيار فتحي باشا، إلا وأطلت المليشيات المسلحة برأسها، معلنة رفضها قرارات مجلس النواب، بتشكيل حكومة جديدة يرأسها باشاغا، محذرة من الذهاب في مسار أحادي، ينسف باقي المسارات وجميع الاتفاقات

أولى تحديات حكومة باشاغا.. مليشيات بمصراتة تعلن العصيان وتحذيرات دولية
فتحي باشاغا

السياق

مرحلة جديدة تخوض غمارها ليبيا، لتعبيد الطريق الحافل بالأشواك، تمهيدًا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تعذر إجراؤها بسبب حالة «القوة القاهرة» التي فرضت نفسها على البلد الإفريقي.

تلك المرحلة أعد لها مجلس النواب الليبي العدة، بتشكيل حكومة جديدة لقيادتها، برئاسة فتحي باشاغا، بعد انتهاء عمر حكومة عبدالحميد الدبيبة، في 24 ديسمبر الماضي، بتعذر إجراء الانتخابات.

إلا أن الحكومة الجديدة تواجه عقبات عدة، أبرزها رفض بعض المليشيات المسلحة سحب البساط من حكومة الدبيبة، ومحاولتها الإبقاء عليها بكل الطرق الممكنة، ما كشف عن سيناريوهات قد يكون بعضها خطيرًا، ويهدد بالعودة إلى مربع الاقتتال في ليبيا.

 

مليشيات مصراتة

ولم تمضِ ساعات عن كشف تلك السيناريوهات، إلا وأطلت المليشيات المسلحة برأسها، معلنة رفضها قرارات مجلس النواب، بتشكيل حكومة جديدة يرأسها فتحي باشاغا، محذرة من الذهاب في مسار أحادي، ينسف باقي المسارات وجميع الاتفاقات.

وقالت ما تسمى «القوى الأمنية والعسكرية بمصراتة»، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها ترفض ما حدث في جلسة البرلمان، وما وصفته بـ«الانفراد بالشأن السياسي والدستوري»، مطالبة بالوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، عبر دستور مستفتى عليه من الشعب.

وحذرت تلك المليشيات جميع الأطراف، من المساس بالمسار السياسي المتفق عليه، للحفاظ على مدنية الدولة والتداول السلمي للسلطة.

الموقف نفسه، عبَّر عنه قادة وحكماء وأعيان من مدينة مصراتة، أعلنوا رفضهم قرار مجلس النواب تشكيل حكومة وصفوها بـ«الموازية»، مطالبين بتنفيذ خارطة الطريق المتوافق عليها في تونس، التي تهدف إلى إجراء الانتخابات التي ينتظرها الليبيون.

واستنكر حكماء مصراتة، محاولة شق صف المدينة باستخدام بعض أبنائها، لتنفيذ المشروع الذي يهدف إلى تمكين من وصفوهم بـ«الانقلابيين» من السيطرة على طرابلس.

ورفع حكماء مصراتة لهجتمهم التصعيدية، ملوحين بالعنف، قائلين: «كل القوى العسكرية في المدينة جاهزة للدفاع عن الشرعية بمعية كل شرفاء الوطن».

إلا أن ما يعرف بـ«تجمع شباب غريان»، كان له موقف أكثر شططًا، متخطين مسألة رفض الحكومة، إلى المطالبة بدعم حراك لإسقاط مجلسي النواب والدولة، وتأكيد تنفيذ خارطة الطريق، وفق ما نص عليه حوار جنيف.

 

مرحلة جديدة

وطالب الحراك بتحديد موعد لإجراء الانتخابات، بألا يتجاوز يونيو المقبل، مجددًا رفضه أي مرحلة جديدة والتمديد لمجلسي النواب والدولة.

في مواجهة مواقف المليشيات المسلحة، كان للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رأي حمال أوجه، فأكد أنه يتابع الوضع في ليبيا، وقد أُحيط علمًا بالتصويت الذي جرى الخميس، 10 فبراير، في مجلس النواب بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، لاعتماد التعديل الدستوري الذي يرسم مسارًا لعملية مراجعة مشروع الدستور لعام 2017 والعملية الانتخابية، كما أحيط علمًا بتصويت مجلس النواب لتعيين رئيس وزراء جديد.

وبينما لم يبدِ ترحيبًا ولا امتعاضًا، دعا الأمين العام جميع الأطراف والمؤسسات، إلى مواصلة ضمان اتخاذ هذه القرارات الحاسمة بطريقة شفافة وتوافقية.

كما دعا الجميع إلى المحافظة على الاستقرار في ليبيا كأولوية، مذكرًا المؤسسات بالهدف المتمثل بإجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، لضمان احترام الإرادة السياسية لـ 2.8 مليون ليبي سجلوا للتصويت.

الموقف نفسه، الذي لم يحسم الجدل، كان عنوان تغريدة مقتضبة من السفارة الأمريكية في ليبيا، عبَّرت فيها عن تأييدها لبيان الأمين العام للأمم المتحدة، قائلة إنها تؤيد رسالة الأمين العام بشأن التوافق والاستقرار والانتخابات.

 

موقف غير محسومة

مواقف سياسية لم تحسم، إلا أنها قد تتغير بعد إحكام رئيس الحكومة فتحي باشاغا قبضته على المليشيات المسلحة، وإحداث تغييرات جوهرية وملموسة على أرض الواقع.

إلا أن التغييرات قد تجد حائط صد أمامها، بعد إعلان رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، في مظاهرة بمصراتة (المدينة التي ينتمي إليها وباشاغا)، أنه لن يتنازل عن مبادئ ثورة 17 فبراير.

ورغم ذلك التحدي الجوهري، فإن مراقبين قالوا إن باشاغا المسؤول الأمني السابق، يعرف العقبات التي تنتظره، والحلول جاهزة لتخطيها، بأقل الخسائر الممكنة، مشيرين إلى أن الأخير لديه الشرعية اللازمة، لاتخاذ قرارات من شأنها إحداث توازنات في الحالة الليبية.

 

اشتباكات مسلحة

وعن احتمال نشوب اشتباكات مسلحة، بين المليشيات الرافضة لتنحي الدبيبة والمؤيدة لذلك، قال المحلل الليبي معتز بلعيد، في تصريحات لـ«السياق»، إن الاحتمال وارد وبشكل كبير، إلا في حال تدخل حكماء ومشايخ مصراتة، كون أصول الرجلين من هناك، إضافة إلى تهدئة من شخصيات وطنية وقوى دولية فاعلة، مشيرًا إلى أنه رغم ذلك، فإن العاصمة طرابلس وكل المدن الليبية يسودها قلق كبير بهذا الخصوص.

إلا أن المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، قال في تصريحات لـ«السياق»، إنه لا يعتقد أن هناك أي اشتباكات مسلحة قد تحدث، لأن عبدالحميد الدبيبة لا يملك قوة عسكرية، يستطيع من خلالها مواجهة باشاغا.

وأشار إلى أن باشاغا لديه كتائب من طرابلس ومصراتة مؤيدة له، مؤكدًا أن هبوط باشاغا في مطار معيتقة، بعد عودته من طبرق خير إشارة على قوة الرجل.