ماذا عنا؟.. القطريون يطالبون بحقوقهم قبل كأس العالم

قطر تشوهت سمعتها عالميًا، بسبب سجلها في حقوق الإنسان، وأصبحت تقريبًا نموذجًا لإساءة معاملة العمال المهاجرين، رغم أن أولئك هم الذين يجهزون البلاد لاستقبال البطولة العام المقبل

ماذا عنا؟.. القطريون يطالبون بحقوقهم قبل كأس العالم

ترجمات - السياق

ذكرت صحيفة إندبندنت البريطانية، أنه منذ إعلان فوز دولة قطر باستضافة كأس العالم 2022 قبل 11 عامًا، أصبحت الدوحة محل تدقيق مستمر.

وقالت، في تقرير، إن "قطر تشوهت سمعتها عالميًا، بسبب سجلها في حقوق الإنسان، وأصبحت تقريبًا نموذجًا لإساءة معاملة العمال المهاجرين، رغم أن أولئك هم الذين يجهزون البلاد لاستقبال البطولة العام المقبل".

 

حقوق الإنسان

وذكرت "إندبندنت" أن قضية حقوق الإنسان في قطر أصبحت معروفة جيدًا، بسبب تلقي العمال لرواتب ضعيفة، وقد لا يتلقون رواتبهم على الإطلاق، أو غير قادرين على تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد، من دون إذن صاحب العمل، مشيرة إلى أنه تم سحب جوازات سفر هؤلاء العمال بشكل غير قانوني، وإجبارهم على العمل ساعات طويلة في حرارة لا تحتمل بعيدًا عن المنزل، فضلًا عن العيش في مساكن سيئة، وصولًا إلى أولئك الذين دفعوا ثمنًا غاليًا وخسروا حياتهم، ويحدث ذلك كله، بينما تشهد البلاد التحول الأكبر على الإطلاق من أي دولة استضافت كأس العالم.

وأوضحت الصحيفة أنه ردًا على كل تلك الاتهامات، تجاوبت قطر مع أغلبية الانتقادات العالمية، وأجرت إصلاحات جوهرية، من بينها إقرار حد أدنى للأجور، وإلغاء نظام الكفالة المثير للجدل، مشيرة إلى أنه رغم أن مناقشة مسألة حقوق الإنسان، أو الافتقار إليها، ركزت إلى حد كبير على جانب واحد، هو العمال الأجانب، فإن المجتمع الدولي ربما تناسى حقوق القطريين.

 

حقوق القطريين

وقالت "إندبندنت" إنها تحدثت مع عدد من القطريين، الذين كشفوا تراجع حقوقهم في هذه الدولة الخليجية الصغيرة، إلا أنها بدلت أسماءهم، واستخدمت أسماء أخرى (مستعارة)، ونقلت عمن سمته أحمد، أنه سأل بغضب: "كل شيء يدور حول حقوق العمال، لكن ما الذي يجعلكم تعتقدون أن القطريين لديهم حقوق؟".

ويقول أحمد: "إن استضافة كأس العالم أشبه بإلقاء الملح على الجرح، لأن قيادتنا لا تهتم بنا، فكيف سيفكر العالم بنا؟"، مضيفًا: "الكثير من الناس هنا يحتقرون الأسرة الحاكمة الحالية، بسبب ذلك".

وشددت الصحيفة البريطانية، على أن (أحمد) ليس وحده من أعرب عن الإحباط بشأن المناقشات محدودة المنظور، إذ نقلت عن مواطنة أخرى سمتها (نورا)، قولها: "على مدى سنوات، كان الناس يعبرون عن آرائهم، وكل ما يفعلونه هو إسكاتنا، هناك تركيز على أمور أخرى، مثل كأس العالم، لكن ماذا عن حقوقنا؟".

وأضافت "إندبندنت" أن من وصفتهم بـ(بعض الأفراد الشجعان) تحدثوا عن مخاوف السكان، قبل فوز قطر بحق استضافة كأس العالم، وتناولتها جماعات حقوقية دولية بشكل متقطع، بينها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، وقد سلطت الضوء على المخاوف المتعلقة بحقوق النساء والافتقار لحرية التعبير، بين أمور أخرى.

 

نوف المعاضيد

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أنه كانت هناك قضايا كبيرة تثير مخاوف حقوقية، بينها قضية نوف المعاضيد (23 عامًا)، التي هربت من قطر وطلبت اللجوء في المملكة المتحدة نهاية عام 2019، بعدما قالت إنها تعرَّضت لانتهاكات.

وبينت أن (نوف) عادت إلى الديار هذا العام، بعد ضمانات لسلامتها، لكنها اختفت فور عودتها إلى الدوحة، بينما تعتقد المجموعات الحقوقية أنها "محتجزة".

وكشفت "إندبندنت" أنها تواصلت مع الحكومة القطرية، بخصوص القضايا الواردة في التقرير، لكنها لم تتلق جوابًا، مشيرة إلى أنه "في حين ينصب التركيز إلى حد كبير على العمال المهاجرين، والاستعداد لكأس العالم، فإن العديد من القطريين الساخطين يستخدمون البطولة، للمطالبة بأوضاع أفضل لأنفسهم".

ونقلت الصحيفة عن (عايشة)، وهي قطرية، قولها: "إن كأس العالم قوة دافعة لتشجيع الناس على التحدث، والتعبير عن مخاوفهم، فلقد رأينا كم يمكن للضغط الدولي لجعل مؤسسات بعينها في الدولة تتحرك، وتتخذ إجراءً لحل بعض المشكلات".

 

الوصاية الخانقة

وذكرت الصحيفة البريطانية أن "هذا لا يشمل فقط الإعراب عن المخاوف بشأن قاعدة الوصاية الخانقة، التي يمكن أن تمنع النساء من السفر أو العمل في الخارج، من دون موافقة الذكور، بل يشمل عددًا لا يحصى من القضايا، من حقوق المرأة عمومًا، والقدرة على ارتداء الملابس وفقًا للاختيار وليس العرف، والمخاوف بشأن المعاشات التقاعدية، وتمويل خدمات مثل الصحة، أو حتى الزواج بجنسيات مختلفة".

وروت "إندبندنت" معاناة مواطنة تدعى (العنود)، قالت: إنها قطرية، والقانون يمنعها من الزواج بغير قطري (أسود)، مشيرة إلى أنها لكي تفعل ذلك، مضطرة للسفر إلى الخارج، موضحة أنها تخطت الثلاثين من عمرها، فمتى تبدأ حياتها التقليدية من زواج وتكوين أسرة، متسائلة: "هل أنتظر 10 سنوات أخرى؟".

 

مواقع التواصل

وبينت "إندبندنت" تأثير شبكات التواصل الاجتماعي في إعلاء أصوات الكثيرين في قطر، لا سيما عندما يتعلق الأمر بحقوق النساء.

ونقلت عن عايشة قولها: "كان الناس صريحين جدًا، ويتواصلون عبر الشبكات الاجتماعية، إنها منصتهم الوحيدة، وبوابتهم المفضلة".

بينما تؤكد نورا، أن استخدام منصات التواصل الاجتماعي، مثل "تويتر" يشير إلى حماسة الشباب القطري لتحدي السلطات عبر الإنترنت.

وسلطت نورا الضوء على عدد من الحريات التي تنقص الفتاة القطرية، منها رغبة الشابات في ارتداء ملابس مختلفة، "إذ ترتدي النساء في قطر تبعًا للتقاليد عباءات سوداء طويلة الأكمام، رغم رغبة العديد منهن في أن يكن أكثر إبداعًا"، مضيفة: "تحب القطريات ارتداء العباءات الملونة، لكن الناس لديهم مشكلة مع ذلك".

 

ملك الرجال

أما هيا، التي تنتمي إلى العائلة المالكة في قطر، فقالت: "ما زلنا مِلكًا للرجال بموجب القانون، لم تصبح النساء راشدات في قطر، دائمًا تحت رعاية الرجل".

وأضافت: "أحب أميرنا، لكن هل يقوم بعمل جيد للنساء؟ لا... لماذا؟ لأنه يدرك أن ذلك سيؤدي إلى حرب أهلية... لا يزال كثيرون كارهين للنساء هنا".

وحسب الصحيفة، تجادل القطريات، بأن الطبيعة المتماسكة للمجتمع القطري الصغير، تحد من قدرتها على المطالبة بالإصلاحات لأن "الجميع يعرفون بعضهم".

 

أخطار التغيير

وترى الصحيفة أن الدعوة للتغيير تجلب الأخطار، إذ ينظر المحافظون القطريون إلى أولئك المطالبين بالإصلاح بريبة، ويتهمونهم بأنهم مسؤولون عن إضعاف الهوية الإسلامية التقليدية للبلاد، لتناسب المجتمع الغربي.

ونقلت "إندبندنت" عن روثنا بيجوم، الباحثة بحقوق النساء في "هيومن رايتس ووتش"، قولها: إن هناك "نوعًا من الاتفاق الضمني" بين الأسرة الحاكمة والمجتمع، مضيفة: "سلمت السلطات السيطرة إلى الرجال للتحكم في نسائهم، ما يعني أن الدولة تتأكد من أن القوانين والسياسات لا تسمح للمرأة باتخاذ القرارات بمفردها".

وتختم الصحيفة البريطانية، تقريرها بالقول: إن القلق المتزايد بشأن الطريقة التي يُعاملون، بها قد يؤدي حتماً بالقطريين إلى مواجهة مع حكامهم، مشيرة إلى أن دولة قطر تعد ملكية مطلقة تحكمها عائلة آل ثاني منذ تأسيسها منتصف القرن التاسع عشر ، ومنذ الاستقلال عن الحكم البريطاني قبل 50 عامًا.

وأوضحت أن انتقاد الأسرة الحاكمة نادر للغاية، لكنه ظهر في بعض الأماكن، مشيرة إلى أن ذلك كان ملحوظًا خلال ترتيبات التصويت لانتخابات مجلس الشورى الأخيرة.

ويقول أولئك الذين تحدثت إليهم "إندبندنت" إنهم يدركون المخاطر التي يتعرَّض لها أمنهم من خلال التعبير عن أي انتقاد، مهما كان معتدلاً، إذ تعمَّد البعض الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي للسبب نفسه، لكن -حسب الصحيفة البريطانية- من الواضح أن البعض لديهم الشجاعة الكافية للتعبير عن تعاستهم.