سيناريوهات خطيرة وخيارات محدودة.. أوكرانيا تتصدر قمة بوتين وبايدن

قالت مصادر إن المسؤولين يدرسون أيضًا، قطع روسيا عن نظام سويفت الدولي للمدفوعات، في حال المضي قدمًا في الغزو، لكن ذلك سيكون خيارًا نوويًا.

سيناريوهات خطيرة وخيارات محدودة.. أوكرانيا تتصدر قمة بوتين وبايدن
قطع روسيا عن نظام سويفت للمدفوعات

السياق

«حزمة إجراءات شديدة العدوانية»، هكذا تستعد أمريكا لمعاقبة روسيا حال غزوها أوكرانيا، إلا أن المحادثة الهاتفية الأهم، التي سيتواجه فيها الرئيسان جو بايدن وفلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، قد تبدد أجواء عدم الثقة المتبادلة، وتفضي إلى قرارات لتهدئة الأوضاع قبل انفجارها.

فوسط قلق عميق، بشأن تخطيط روسيا لعمل عسكري كبير ضد أوكرانيا، فإن الرئيس بايدن لن يقبل بأي من الخطوط الحمراء لبوتين لتوسع الناتو في أوروبا الشرقية، وسيوضح أن الولايات المتحدة مستعدة للرد على أي غزو، كما قال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية للصحفيين، مشيرًا إلى العقوبات وإذا لزم الأمر، إرسال قوات إضافية، ستكون وسيلة واشنطن لطمأنة الحلفاء المتوترين.

وتقول شبكة «سي إن إن»، في تقرير ترجمته «السياق»، إن العلاقة بين الرئيسين اتخذت منعطفًا دراماتيكيًا الشهر الماضي، عندما دق المسؤولون الأمريكيون ناقوس الخطر بشأن التحركات العسكرية الروسية غير النظامية، بالقرب من الحدود الأوكرانية.

ففي حين اتهمت واشنطن روسيا، بحشد القوات بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، لتخويف عضو طموح في حلف شمال الأطلسي، ما يشير إلى تكرار سيناريو 2014، عندما استولت موسكو على شبه جزيرة القرم على البحر الأسود من أوكرانيا، يرفض الكرملين فكرة أن قواته مستعدة للغزو، مشيرًا إلى أن قواته تتحرك حول أراضيه لأغراض دفاعية بحتة.

حشد الآلاف

وقال رئيس أركان الجيش الأمريكي، الجنرال جيمس ماكونفيل، نهاية الأسبوع الماضي، إن روسيا حشدت ما يقرب من 100 ألف جندي بالقرب من الحدود، كما أقامت خطوط إمداد في المنطقة مثل الوحدات الطبية والوقود، التي يمكن أن تستمر في صراع طويل الأمد.

وبحسب «سي إن إن»، فإن تقييمًا استخباراتيًا أمريكيًا، وجد أن روسيا قد تستعد للغزو في وقت مبكر من الشهر المقبل، بـ 175 ألف جندي، من مواقع بالقرب من الحدود الجنوبية والغربية والشمالية الشرقية لأوكرانيا.

وأفاد مسؤولون أمريكيون بـ «ارتفاع كبير» في عمليات التضليل الروسية، التي تصف الحكومة الأوكرانية بأنها غير شرعية، بينما أطلع المسؤولون الأمريكيون أيضًا كبار المسؤولين الأوكرانيين على أدلة بأن روسيا تشارك في أنشطة مزعزعة للاستقرار في أوكرانيا، بينها تحريض المعارضة ضد إدارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ويقول كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، إن بايدن -الذي كان يشغل منصب نائب رئيس باراك أوباما، وزار أوكرانيا 6 مرات- واقعي بشأن ما يمكن أن يحققه مباشرة مع بوتين.

معاقبة روسيا

من وجهة نظر بايدن، فإن أي محادثة مع بوتين، الذي يستجيب للمباشرة والقوة أفضل من الصمت، بحسب «سي إن إن»، التي قالت إنه عندما يجلس الرئيس الأمريكي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض الثلاثاء، لإجراء مكالمة فيديو آمنة، فإنه يخطط أن يوضح -بعبارات مفصلة- الطرق التي ستُعاقب بها روسيا حال استمرار الغزو.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لـ«سي إن إن»، إن تلك العقوبات، التي ستكون بالتنسيق مع الحلفاء الأوروبيين، ستشمل «إجراءات اقتصادية مضادة جوهرية، تهدف إلى إلحاق ضرر اقتصادي كبير وخطير بالاقتصاد الروسي».

مطالب أوكرانية

وفي مقابلة حصرية على قناة «سي إن إن»، حث وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، بايدن على الوقوف بحزم ضد موسكو، قائلًا: إذا كان بإمكاني أن أنصح الرئيس بايدن، فأود أن يوضح لبوتين أنه يجب ألا تكون هناك خطوط حمراء من جانب الكرملين(..) الخط الأحمر هنا في أوكرانيا، وسوف يتفاعل العالم المتحضر من دون تردد، مشيرًا إلى أن «فكرة عدم استفزاز روسيا لن تنجح».

ورغم التصعيد العسكري، فإنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بوتين قد اتخذ قرارًا نهائيًا بغزو أوكرانيا، بينما تكهن بعض المسؤولين بأن التعزيزات العسكرية قد تكون وسيلة لروسيا، للاستفادة من تنازلات الغرب.

ومن المتوقع أن يطالب بوتين، بايدن بتقديم ضمان ملزم «يستبعد أي توسع إضافي للناتو باتجاه الشرق، ونشر أنظمة أسلحة من شأنها أن تهددنا على أراضي الدول المجاورة، بما في ذلك أوكرانيا»، صرح بذلك مستشار بوتين للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف للصحفيين الأسبوع الماضي.

تعهدات ملزمة

وردا على سؤال، عن مطالب روسيا بتعهد ملزم من الناتو بعدم التوسع شرقًا، قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: «لا نعتقد أن الحديث عن الخطوط الحمراء مفيد، وكما قال الرئيس، لن نذهب للعمل وفق منطق قبول الخطوط الحمراء لأي شخص».

في غضون ذلك، يعتقد العديد من المسؤولين الأمريكيين، أن روسيا تستخدم فقط مناقشات زحف الناتو كذريعة لمهاجمة أوكرانيا، مع العلم أن بايدن والمسؤولين الغربيين الآخرين، لن يقبلوا مطالب بوتين، بحسب «سي إن إن».

من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: «قلقنا هو أن روسيا قد ترتكب خطأ فادحًا، بمحاولة إعادة صياغة ما تعهدت به عام 2014، عندما حشدت قواتها على طول الحدود، وعبرت إلى الأراضي الأوكرانية السيادية، مدعية كذبًا أنها استفزت»، في إشارة إلى الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم.

المسؤول الأمريكي الكبير، قال إن بلينكن تحدث إلى فولوديمير زيلينسكي رئيس أوكرانيا، وسيتحدث بايدن مع زيلينسكي في الأيام المقبلة، لإطلاعه على المكالمة مع بوتين.

وأضاف المسؤول الأمريكي، أن الولايات المتحدة تدرس مع حلفائها الأوروبيين وحلف شمال الأطلس،ي عددًا من الإجراءات لردع هجوم روسي، بما في ذلك إرسال مستشارين عسكريين وأسلحة جديدة إلى أوكرانيا.

خيارات أمريكية

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تتخذ أيضًا خطوات، للتخطيط لنشر قوات أمريكية إضافية في أوروبا، على الجانب الشرقي لحلف شمال الأطلسي، للمساعدة في طمأنة الحلفاء بشأن استمرار الدعم الأمريكي.

وتابع: «أعتقد أنه يمكنك توقع أنه في حال حدوث غزو، فإن الحاجة إلى تعزيز ثقة وتطمينات حلفائنا في الناتو وفي الجناح الشرقي ستكون حقيقية، وستكون الولايات المتحدة مستعدة لتقديم هذا الطمأنينة»، مؤكدًا أن «الإدارة الأمريكية تعمل من خلال التخطيط الحكيم، لما يتعين علينا القيام به، في حال حدوث مثل هذا التصعيد، وكيف يتعين علينا ضمان أمن حلفائنا في الناتو في هذا السياق».

وقال مطلعون على المناقشات، في تصريحات لـ«سي إن إن»، إنه يجرى النظر أيضًا في عقوبات جديدة صارمة، ضد أعضاء الدائرة المقربة من بوتين وعلى منتجي الطاقة الروس، مشيرين إلى أن العقوبات الاقتصادية الجديدة، قد تستهدف مجموعة من القطاعات، بما في ذلك منتجو الطاقة والبنوك الروسية والديون السيادية لروسيا.

وقال مسؤول أمريكي كبير لشبكة «سي إن إن»، إن هناك أيضًا مناقشة جادة بشأن حرمان منتجي الطاقة الروس من أسواق الديون إذا غزوا أوكرانيا.

بينما قال مسؤول أمريكي كبير آخر: «لقد وضعنا حزمة شديدة العدوانية(..) الولايات المتحدة حذرت روسيا من أنها في حال غزو أوكرانيا، فإنها وأوروبا معًا ستفرضان أسوأ العقوبات الاقتصادية على الإطلاق على أي دولة، خارج إيران وكوريا الشمالية».

خيار نووي

وقالت مصادر إن المسؤولين يدرسون أيضًا، قطع روسيا عن نظام سويفت الدولي للمدفوعات، في حال المضي قدمًا في الغزو، لكن ذلك سيكون خيارًا «نوويًا».

بالنسبة لبعض الأوكرانيين، فإن الإجراءات المحتملة ليست كافية، كما قال مستشار للرئيس الأوكراني لشبكة «سي إن إن»، مضيفًا أن فرض العقوبات فقط، بعد تحرك روسيا للغزو سيكون بلا جدوى، وأنه يجب فرض بعض العقوبات على الأقل بشكل استباقي، لحمل روسيا على التراجع.

وقال المستشار: «وِجهة نظر كييف هي أن أي عقوبات محتملة، في حال غزو بوتين، مأخوذة في الحسبان بالفعل من موسكو، وتوفر قيمة ردع تقترب من الصفر، ومع ذلك، فإن فرض عقوبات قوية، مع تضمين بنود التراجع فيها، إذا اتخذت روسيا خطوات حقيقية لخفض التصعيد، قد يكون إيجابيًا».

من جانبه، قال أندري كورتونوف رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي المقرّب من وزارة الخارجية، في تصريحات لوكالة رويتر»: من غير المحتمل التوفيق بين موقعي الرجلين.

ضبط النفس

وأضاف: «الشيء الوحيد الذي يمكن أن يتفقا عليه على الأرجح -إذا اتضح أنها محادثة جيدة- هو أنه يجب على جميع المشتركين بشكل مباشر أو غير مباشر في الموقف، ضبط النفس والالتزام بوقف التصعيد، بخلاف ذلك، لا أرى -بأي حال من الأحوال- كيف يمكن لبايدن وعد بوتين بأن الناتو لن يتجه شرقًا».

وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن واشنطن تريد تجنب أزمة ودوامة سلبية في العلاقة الأوسع، من خلال الدبلوماسية ووقف التصعيد.

وأشار بعض المحللين الروس والأمريكيي،ن إلى أن الزعماء قد يتفقون على إجراء محادثات لخفض التصعيد، وأوضح الكرملين أنه يريد قمة جديدة بين بوتين وبايدن العام المقبل.

وفي كييف، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إن القوات المسلحة الأوكرانية قادرة على محاربة أي هجوم من روسيا، في الوقت الذي تحتفل فيه البلاد بيوم الجيش الوطني، بعرض للمركبات المدرعة الأمريكية وزوارق الدورية.

أوكرانيون يعلقون

توقعات الأوكرانيين، الذين قابلتهم «رويترز» في شوارع العاصمة الأوكرانية، متباينة بشأن محادثات الثلاثاء، إذ قال الأوكراني فولوديمير بيليبيوك (71 عامًا): «نعتقد أن بايدن صديق كبير لبلدنا، حتى الآن أثبت نفسه كشخص يريد بإخلاص مساعدة أوكرانيا في الخروج من هذا الموقف الأحمق».

لكن رسلان لابوك، نادل يبلغ من العمر 28 عامًا، رأى فرصة ضئيلة لتحقيق اختراق، قائلًا: «ليس لدينا من نعتمد عليه إلا على قواتنا، على أنفسنا قبل كل شيء».

وقال فلاديمير بولاتوف (61 عامًا) لـ "رويترز" في موسكو: الزعماء يجب أن يتحدثوا عن الحد من مخاطر «الحرب الساخنة» لكنه يشك في إمكانية ذلك، فلا أعتقد أن أي شيء معقول سيخرج من هذا الاجتماع.

وقالت إيلينا، المتقاعدة التي أجريت المقابلة معها في منطقة الصراع شرقي أوكرانيا، إنها كانت تعلق آمالها على وقف القصف، مضيفة: «يجب أن تتغير الأشياء، هذا ما نأمله(..) ليس لدينا المزيد من القوة لتحمُّل هذا».