بعد اهتزاز مصداقية أمريكا.. بايدن بحاجة إلى استراتيجية جديدة مع إيران

تساءل الكاتب، هل نحن على شفا أزمة إيرانية أخرى؟ وأضاف: إذا كان بايدن مهتمًا بنتيجة أخرى، غير اختبار إيران سلاحًا نوويًا، الذي يعد فشلًا ذريعًا للسياسة الأمريكية، فإنه يحتاج إلى إعادة التفكير في معايير المفاوضات، التي قد تجرى قريبًا في فيينا.

بعد اهتزاز مصداقية أمريكا.. بايدن بحاجة إلى استراتيجية جديدة مع إيران
بايدن

ترجمات – السياق

بعد أكثر من ثلاث سنوات، من انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الإيراني، فإن طهران الآن على بُعد أسابيع أو أشهر فقط من امتلاك مواد لصُنع سلاح نووي، بحسب ديفيد فارس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة روزفلت.

وتساءل الكاتب، في مقال بـ"ذا ويك" الأمريكية: "هل نحن على شفا أزمة إيرانية أخرى؟" وأضاف: "إذا كان بايدن مهتمًا بنتيجة أخرى، غير اختبار إيران سلاحًا نوويًا، الذي يعد فشلًا ذريعًا للسياسة الأمريكية، فإنه يحتاج إلى إعادة التفكير في معايير المفاوضات، التي قد تجرى قريبًا في فيينا".

ومن المقرر، أن تستأنف مفاوضات البرنامج النووي الإيراني في فيينا، الخميس المقبل، وسط مخاوف غربية من أن تضع إيران شروطًا جديدة على الطاولة، أبرزها المطالبة برفع القيود عن أموالها المجمَّدة، وهو ما قد يعقِّد سير المباحثات.

مصداقية أمريكا..!

كمحاولة للخروج من الأزمة، طالب أستاذ العلوم السياسية، إدارة بايدن أولاً بمواجهة المصداقية الأمريكية التي تضررت بشدة، مشيرًا إلى أن إيران كانت في حالة امتثال لشروط خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 عندما انسحب ترامب من الاتفاقية، التي حدَّت من أنشطة التخصيب الإيرانية، مقابل تخفيف العقوبات، وفرض عقوبات جديدة قاسية.

وعبَّـر عن اندهاشه من قرار ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي، متسائلًا عمّا إذا كانت خطة ترامب، محاول منه لمحاصرة الإدارة الديمقراطية المقبلة، ووضعها في مأزق كبير سياسيًا، أو القيام بعمل انتقامي ضد الرئيس السابق باراك أوباما الذي وقَّع الاتفاقية، موضحًا أن الإجابة عن هذا السؤال قد لا يعرفها أحد.

وأشار إلى أن مناورة ترامب فشلت بشكل متوقَّع ومذهل -في إشارة إلى أن إيران لم تتراجع عن عمليات التخصيب رغم العقوبات القاسية الجديدة- مشددًا على أنه لم تكن هناك خطة لما بعد ذلك.

وأضاف الكاتب: "افترض قيادات الحزب الجمهوري، الذين دعموا الانسحاب من الاتفاق النووي، أن النظام الإيراني سيعود زاحفًا إلى طاولة المفاوضات، ويقبل أقل مما حصل عليه عام 2015، إلا أن ذلك لم يحدث، بل أتت النتيجة عكسية، بعدما دمَّرت مناورة ترامب، أي ثقة للنخب الإيرانية، في الولايات المتحدة.

مخاوف إيران

وعن مخاوف إيران من جدوى العودة للمفاوضات، أوضح ديفيد فارس، أن الأزمة الحالية سببها الفوضى التي خلَّفها فريق بايدن، مشددًا على أنه لن يكون من السهل التوصل إلى اتفاق جديد، مضيفًا: "ضع نفسك مكان الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي... ما الفائدة التي يمكن أن تعود على بلاده، من العودة إلى نسخة معدَّلة من الاتفاق السابق"؟

وأشار إلى إن المخاوف الإيرانية تتجذر من عودة ترامب إلى السلطة مرة أخرى عام 2024، خصوصًا بعد إعلان عزمه الترشح، ومن ثم فإنه إذا أعيد انتخابه رئيسًا، من المؤكد أنه سينسف أي اتفاق جديد، قد يوقِّعه الرئيس الحالي جو بايدن.

وأضاف الكاتب: "بعد أن تحمَّل الضغط الاقتصادي الكبير الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد بلاده، ما الذي يمكن أن يخشاه رئيسي أيضًا من الولايات المتحدة؟"، مشيرًا إلى أنه منذ ما يقرب من 20 عامًا، يحذِّر القادة الأمريكيون من أن "كل الخيارات مطروحة"، وأن الولايات المتحدة على وشك قصف البرنامج النووي الإيراني، أو أنها ستسمح لإسرائيل بشن ضربة عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية، ومع ذلك، لم يلجأ أي زعيم إلى التحرك، رغم اقتراب ساعة الاختراق النووي الإيراني، أكثر من أي وقت مضى.

إيران تراقب

ونبَّه فارس، إلى أن إيران لا تتابع فقط إكمال برنامجها النووي، وإنما تراقب أيضًا ما يحدث حولها على المستوى الدولي، خصوصًا الأحداث الأمريكية، وآخرها، انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، القرار الذي اتخذه ترامب ونفَّذه بايدن، ومن ثم فإن طهران تستبعد أي إجراء عسكري محتمل ضد منشآتها، في إشارة إلى تباطؤ القرار الأمريكي.

وأوضح الكاتب، أن إيران تجاوزت المخططات والمصاعب الاقتصادية، التي واجهتها نتيجة العقوبات، مشيرًا إلى أن طهران تحمَّلت هذا الكم من المعاناة، مقابل الوصول إلى السلاح النووي، وها هم الآن يقتربون -أكثر من أي وقت مضى- من تحقيق حلمهم، مضيفًا: "لقد أصبحوا الآن قريبين جدًا، لدرجة أنهم يستطيعون عمليًا شم رائحة التداعيات، فلماذا يتوقَّفون من دون تنازلات كبيرة؟".

تفاوض جديد

وأمام هذه التحديات، شدد فارس، على أن هذه الحقائق -قرب وصول إيران لسلاح نووي- تتطلب نموذجًا تفاوضيًا جديدًا، مشيرًا إلى أن فريق بايدن يحتاج أولاً إلى التخلي عن خيال الوصول لصفقة أفضل، والتخلص من أي شخص يقف في طريق عودة المفاوضات، موضحًا أنه بسبب الخطأ الفادح لإدارة ترامب في الانسحاب من اتفاق 2015، أصبحت طهران، في موقف تفاوضي أقوى مما كانت عليه عام 2015، مع حافز أقل لتصديق الوعود الأمريكية.

ويرى فارس، أن وصول رئيسي إلى سدة الحكم في إيران، كان مخططًا له من قِبل المرشد الأعلى علي خامنئي، لمواصلة الحكم المستبد هناك، مشيرًا إلى أن شخصية الرئيس الجديد أكثر تحفظًا وتشددًا من سلفه روحاني.

وأوضح، أنه بحسب ما ورد، فإن رئيسي لا يعد العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة أولوية قصوى، ويفضِّل بدلاً من ذلك، إعادة بناء الاقتصاد من خلال تعميق العلاقات مع روسيا والصين ودول إقليمية أخرى، مشيرًا إلى أنه لا يثق بالولايات المتحدة، لدرجة أن المفاوضات، إذا حدثت، ستكون بطيئة ومؤلمة.

وأشار إلى أنه بدلاً من إعادة التفكير في نهجها، فإن إدارة بايدن عازمة على ما يبدو، على ربط أي اتفاق نووي جديد بتغييرات أخرى في السياسة الإيرانية، مثل تفكيك برنامج الصواريخ.

ومع ذلك، فإن أي تحرك نحو اختراق نووي من قِبل إيران، سيؤدي إلى فوضى سياسية في الولايات المتحدة، ما يجعل رد الفعل الهستيري على الانسحاب من أفغانستان يبدو هادئًا ومدروسًا، وأضاف: "إذا كان بايدن يرغب في تجنُّب هذه النتيجة، عليه أن يعي أن الوقت ينفد بسرعة"، وفقًا للكاتب.