هل أمريكا جادة في منع إيران من تطوير سلاحها النووي؟

لا تزال إدارة بايدن ترغب في الانضمام إلى الاتفاق النووي المنتهي الصلاحية، وقد قدَّمت باستمرار تنازلات من جانب واحد، وتخفيف العقوبات مقابل محاولة ضبط إيران لإنتاجها النووي، لكن بدلاً من ذلك، صعَّدت طهران هجماتها الإقليمية، وسرعان ما زادت برنامجها النووي

هل أمريكا جادة في منع إيران من تطوير سلاحها النووي؟

ترجمات - السياق

قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، إن استئناف مفاوضات فيينا في غضون الأسبوعين المقبلين، سيكشف ما إذا كان البيت الأبيض، جادًا في منع إيران من تطوير سلاحها النووي، أم لا، مشيرة إلى أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، سيقرر في اجتماعه الأخير، ما إذا كان سيوجه اللوم إلى طهران، لعرقلة مفتشي الوكالة أثناء تسريع برنامجها النووي، أم الوصول إلى اتفاق نهائي.

وأوضحت المجلة الأمريكية -في تقرير- أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ينتظر دورًا أكبر لبايدن بشأن النووي الإيراني، وما إذا كان مستعدًا للوقوف في وجه طهران، أم يتجاهل الانتهاكات الإيرانية، على أمل إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي سبق أن انسحب منه سلفه دونالد ترامب.

يذكر أنه منذ أبريل الماضي، بدأت المفاوضات النووية في فيينا بمشاركة الإدارة الأمريكية، إلا أنها -بعد جولات من المحادثات- لم تتوصل لإعادة إحياء الاتفاق الموقَّع عام 2015، وتوقفت في يوليو الماضي، بسبب الخلافات على عدد من الملفات الجوهرية.

 

ناقوس الخطر

 

ورأى التقرير، أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تدق ناقوس الخطر" منذ سنوات بشأن أنشطة إيران النووية غير المعلنة، ومن ذلك اكتشاف مفتشي الوكالة جزيئات يورانيوم من صُنع الإنسان في ثلاثة مواقع إيرانية، عامي 2019 و 2020.

وأوضح التقرير، أن هذه الاكتشافات تشكل انتهاكات واضحة لاتفاقية الضمانات الملزمة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتزامها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) بالكشف والتصريح عن الأماكن التي تصنع وتستخدم فيها المواد النووية، مشيرا إلى أنه في البداية، حاولت طهران إزالة وتعقيم الأدلة على الأنشطة غير المشروعة، بينما منعت المفتشين من الوصول إلى اثنين من المواقع المشبوهة لمدة عام تقريبًا.

رداً على ذلك، دعا قرار لمجلس المحافظين في يونيو 2020 إيران إلى "التعاون مع الوكالة وتلبية طلباتها، من دون مزيد من التأخير، بما في ذلك توفير الوصول الفوري إلى المواقع"، وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن طهران أتاحت الوصول إلى الموقعين المحجوبين في خريف 2020.

 

جزيئات اليورانيوم

 

ومع ذلك، أفاد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في مايو 2021، بأن إيران لم تجب عن أسئلتها بشأن جزيئات اليورانيوم التي من صُنع الإنسان، التي وجدها المفتشون، مشيراً إلى أن مشاركة طهران في هذه المسألة "توقَّفت".

وتعليقًا على ذلك، أوضح التقرير، أن دولة لديها برنامج نووي سِلمي، لن تحتاج إلى متابعة هذا النوع من التستر، مشيراً إلى أن المرشد الأعلى علي خامنئي، يعرف أيضًا أن المفاوضين الذين استخدمهم بايدن لإحياء الاتفاق النووي، من قدامى المحاربين في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، الذين سمحوا لطهران بوضع أسئلة مماثلة تحت البساط لتأمين الاتفاق النووي الأصلي، الذي انسحبت منه إدارة ترامب عام 2018.

ومنذ أن تولى بايدن منصبه، صعَّدت طهران مقاومتها لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ أعلنت الحكومة الإيرانية في فبراير الماضي، أنها لن تعود لتطبيق البروتوكول الإضافي، الذي يمكّن الوكالة من إجراء عمليات تفتيش في غضون مهلة قصيرة، في مواقع مثل المصانع التي تصنع وتجمع أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.

وأوقفت طهران بعد ذلك، وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى لقطات المراقبة بالفيديو وغيرها من البيانات الإلكترونية، التي تم جمعها على أجهزة الوكالة في المواقع النووية الإيرانية، إذ ادّعى النظام الإيراني أنه سيواصل تسجيل البيانات وتقديمها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمجرَّد تحريرها من العقوبات الاقتصادية الأمريكية، مهدِّدًا بأنه خلاف ذلك، سيتم حذف المعلومات.

وفي مارس الماضي، في أول اجتماع لمجلس المحافظين بعد تنصيب بايدن، تراجعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، عن تهديدات إيران بإفشال المحادثات النووية،ـ إذا واجهت أي انتقادات.

وذكر التقرير، أن طهران استغلت علامة الضعف هذه، إذ أنه بينما تخفي طهران بعض الأنشطة، تتحرك صراحةً نحو إنتاج اليورانيوم المستخدم في صُنع الأسلحة النووية.

 

اليورانيوم المخصَّب

ولأول مرة في تاريخها، بدأت إيران إنتاج 60 في المئة من اليورانيوم المخصَّب، كما بدأ النظام الإيراني إنتاج اليورانيوم، وهو مكوِّن رئيس في صُنع الأسلحة النووية. أيضا

وبدأت طهران أيضًا، تركيب المئات من أجهزة الطرد المركزي المتطورة، التي تعمل على تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر من النماذج القديمة للنظام.

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن إيران -بهذه الإجراءات- تنتهك الاتفاق النووي لعام 2015، ما يجعل العديد من أحكامه موضع نقاش، موضحة أن "وقت الاختراق" الذي تحتاجه طهران لإنتاج قنبلة ذرية -أي مقدار الوقت اللازم لإنتاج اليورانيوم لقنبلة ذرية واحدة- يزيد قليلاً على شهرين.

ومع ذلك -تضيف المجلة- لا تزال إدارة بايدن ترغب في الانضمام إلى الاتفاق النووي المنتهي الصلاحية، وقد قدَّمت باستمرار تنازلات من جانب واحد، وتخفيف العقوبات مقابل محاولة ضبط إيران لإنتاجها النووي، لكن بدلاً من ذلك، صعَّدت طهران هجماتها الإقليمية، وسرعان ما زادت برنامجها النووي.

وأشارت المجلة، إلى أنه غالبًا ما تسعى مجموعة (E3 )- فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا- إلى كبح جماح الولايات المتحدة، عندما تريد تحدي طهران أو رفع العقوبات ضدها، لكن هناك مؤشرات على أن إيران ربما تكون قد ذهبت بعيداً، إذ أكدت مجموعة E3 أن الخطوات النووية الأخيرة للنظام، ليس لها أي مبرر مدني، ما يشير إلى احتمال تغيُّر الموقف الأوروبي تجاه طهران قريبًا.

 

أكبر دولة راعية للإرهاب

وذكر التقرير، أنه قبل الاجتماع المقبل لمباحثات فيينا، يجب على بايدن تقديم قرار من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوجِّه اللوم إلى إيران، ويطالبها بالامتثال الفوري لتحقيقات الوكالة، والعودة إلى البروتوكول الإضافي، واستعادة أنشطة المراقبة السابقة للوكالة، مشيراً إلى أنه إذا أخذت الولايات المتحدة ومجموعة الدول الثلاث زمام المبادرة في هذا القرار، سيتم إقراره.

وتوقَّع التقرير، حدوث نقاش داخل إدارة بايدن، عما إذا كان هذا النهج سيدفع إيران إلى الانسحاب من المحادثات النووية في فيينا. ومع ذلك، لا يمكن للمحادثات النووية أن تحقق هدفها، إذا اعتقدت إيران أنه لا توجد تكلفة لعرقلة عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الهيئة المكلفة بمراقبة أي صفقة محتملة والتحقُّق منها.

وأضاف التقرير، أنه من المحتمل أن يكون بايدن منشغلًا بالانسحاب من أفغانستان، لكن هذه القضية تستحق اهتمامه أيضًا، مشيراً إلى أن منع أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، من حيازة سلاح نووي، يعتمد على تحميلها المسؤولية عن الانتهاكات التي ارتكبتها.