العراق.. مخاوف من عودة داعش والكاظمي يشرف على عملية لملاحقة التنظيم
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي فاضل أبو رغيف، إن تنظيم داعش الإرهابي "لن يعود إلى سالف عهده، بعد أن انكسرت شوكته وانطفأت جذوته بعد عام 2017"

السياق
في رد فعل سريع، أعلنت العمليات المشتركة العراقية، انطلاق عمليتين أمنيتين في ديالى وكركوك لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، بعد أقل من 72 ساعة من التحرك المفاجئ للتنظيم الإرهابي، الذي هاجم إحدى قرى كركوك وسيطر عليها، كأول وجود له على الأرض، منذ دحره قبل عامين، وسط مخاوف من عودة التنظيم إلى البلاد مرة أخرى.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني، انطلاق العمليات بإشراف رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، ومشاركة قوات التحالف الدولي.
وأكدت الخلية في بيان، التنسيق مع قوات البيشمركة، بينما تحركت قوات من جهاز مكافحة الإرهاب، بالاشتراك مع قوات خاصة من حرس الإقليم، في عمليات أمنية بإسناد من طائرات الجيش والقوة الجوية وطائرات التحالف الدولي.
وتأكيدًا لمفاجئة هذا الهجوم الإرهابي ومؤشراته الخطرة، بحسب مراقبين، يشارك في العمليات الأمنية رئيس لوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في قضاء مخمور على رأس وفد أمني عسكري رفيع المستوى.
فما دلالات هذا الهجوم الإرهابي؟ وهل انسحاب أمريكا من العراق له تأثير في اتجاه إعادة تجربة أفغانستان؟
الثغرات الأمنية
يقول علي الكاتب، المحلل السياسي العراقي لـ"السياق"، إن التقارير الأمنية لبعض المعنيين بالشأن الأمني، تشير إلى وجود ضعف وثغرات كبيرة يستغلها تنظيم داعش لشن هجماته المتكررة.
وأشار إلى أن التنظيم شن العديد من الهجمات التي وصلت إلى قلب العاصمة بغداد، "وهدد بالضرب من أقصر نقطة لحصن الدولة العراقية".
ورأى المحلل السياسي العراقي، أن المشكلة الرئيسة في الملف الأمني، تكمن في أن العقلية الأمنية التي يعتمدها أصحاب القرار العسكري لا تزال عند حدود "التقليد" والأساليب التي لا تنسجم مع طبيعة تلك المواجهات، كونها تتطلب تحديث خرائط الحرب وأدوات المعركة كأحد أبرز الثغرات الأمنية.
وأشار علي الكاتب إلى أن "الجهد العسكري والتسليح ليسا كافيين لوقف هجمات داعش، خصوصًا أن القوات تخوض مواجهات متنوعة مع التنظيم، لذا من المفترض أن يكون هناك جهد استخباري نشط مدعوم بآليات وأدوات فنية تمكن من دحر التنظيم".
واعتبر أن تنظيم داعش يختار ضرباته وفق تخطيط، يريد من خلاله الدعاية الإعلامية، وإظهار قدرته بالتأثير في الاستقرار وتهديد الأمن، بالطريقة والتوقيت اللذين يحددهما، ونجح في ذلك أكثر من مرة.
وبحسب المحلل السياسي العراقي، فإن "هجمات كركوك تأتي نتاجاً لمساحة الالتباس والارتباك بين بغداد وأربيل، بشان تأمين المناطق المتنازع عليها عبر نقاط مشتركة، ما أوجد مناطق رخوة أمنياً، استطاع داعش استغلالها لنفث إرهابه فيها".
وأشار إلى أن داعش يحاول، من خلال هجماته الأخيرة، استرجاع ذكريات يونيو2014، بالإفصاح عن رغبته في معاودة إسقاط المدن من دون الاكتفاء بالضرب من وراء الستار التي اعتمدها بعد انتهاء معارك التحرير.
وفي ما يتعلق بتأثير الانسحاب الأمريكي، أعرب علي الكاتب، عن مخاوف من الانسحاب، واعتبر أنها "مغامرة وتعريض الأمن العراقي للمزيد من الضربات التي يخشى أن تكون ذات أثر كبير".
وأضاف: "حذرنا من هذا السيناريو، بضرورة أن يكون هناك قرار عسكري تقني مدروس، للبت في بقاء تلك القوات الأمريكية".
الاستراتيجيات الأربع
من جانبه، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي فاضل أبو رغيف، لـ"السياق" إن تنظيم داعش الإرهابي "لن يعود إلى سالف عهده، بعد أن انكسرت شوكته وانطفأت جذوته بعد عام 2017".
وأكد الخبير العسكري العراقي أن "التنظيم الإرهابي لم يعد له وجود ولا نقطة انطلاق على الأرض، لكنه يحاول بين الحين والآخر تنفيذ بعض العمليات من خلال استراتيجياته الأربع البالية: التفخيخ والانتحار والعبوات الناسفة والاغتيالات".
وقال إن هذه الاستراتيجيات تساعده فيها "الطبيعة المعقدة للوديان والكهوف، لأنه يتأقلم معها ويعيش عليها، ومسلحوه إما مطاردون أو مطلوبون أمنيًا أو أبناء للمعتقلين أو المفقودين والمجهولين، لكنهم أكثر ضراوة وشراسة".
ولم يستبعد أبو رغيف، تنفيذ داعش أعمالًا إرهابية خلال الفترة المقبلة، ضد مدنيين أو عسكريين".
بالمقابل، قلل أبو رغيف، من الانسحاب الأمريكي من العراق، قائلًا إن الانسحاب سيؤثر في مجال التسليح والتجهيز فقط، وأضاف: "الأجهزة الأمنية في العراق اكتسبت خبرة في قتال حرب المدن وحرب الكر والفر".
أداة وظيفية
من ناحية أخرى، لفت محمد أرسلان، الكاتب العراقي، الخبير المتخصص في الجماعات الإرهابية لـ"السياق: إلى أن "داعش أداة وظيفية تُستخدم من بعض القوى الدولية، لتحقيق أجندات ومصالح تلك الأطراف منذ ظهوره عام 2014.
واستبعد أرسلان، انسحاب أمريكا من العراق، قائلًا: "أمريكا لن تنسحب من العراق، وربما تعيد انتشار قواتها، لكنها بكل تأكيد لن تترك هذه الجغرافيا كي تدخل روسيا أو الصين أو غيرهما من الدول".
وأكد أن "أمريكا تحاول بكل ما تملك أن تنهي نفوذ الإيرانيين في العراق، كما تفعل ذلك في سوريا أو لبنان، لذلك ربما نرى ظهورًا أكثر لمثل هذه الهجمات على القرى والمدن".