ماريوبول... آخر معاقل القوات الأوكرانية تدخل معركتها الأخيرة

طلب قيادي في قوة مشاة البحرية الأوكرانية، التي تدافع عن آخر معقل للقوات الأوكرانية في ماريوبول المحاصرة منذ أسابيع، إخراجهم من المكان

ماريوبول... آخر معاقل القوات الأوكرانية تدخل معركتها الأخيرة

السياق

بعد أسابيع طويلة من الحصار، دخلت معركة ماريوبول مراحلها النهائية، مع إعلان وزارة الدفاع الروسية فتح ممر إنساني، بعد تعثر هذا المسعى مرات عدة، منذ السبت الماضي.

وأكدت إيرينا فيريشتشوك، نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، أنه جرى التوصّل إلى اتفاق مع روسيا على ممر إنساني لإجلاء مدنيين من مرفأ ماريوبول المحاصر جنوب شرقي البلاد.

وقالت في رسالة عبر تليغرام: "توصّلنا إلى اتفاق مبدئي مع الروس، لممر إنساني للنساء والأطفال وكبار السن"، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.

بينما أعرب عمدة المدينة، فاديم بويشينكو، عن أمله بإجلاء 6 آلاف مدني اليوم، مؤكدا أن 100000 مدني ما زالوا عالقين في المدينة المحاصرة، بينما قُتل عشرات الآلاف، وفق زعمه.

 

الأيام الأخيرة

إلى ذلك، طلب قيادي في قوة مشاة البحرية الأوكرانية، التي تدافع عن آخر معقل للقوات الأوكرانية في ماريوبول المحاصرة منذ أسابيع، إخراجهم من المكان.

وقال سيرغي فولينا، من لواء مشاة البحرية 36 المنفصل، الذي يتحصن في مصنع آزوفستال الضخم والمحاصر، في فيديو انتشر بشكل واسع: "ربما نواجه أيامنا إن لم تكن ساعاتنا الأخيرة".

وأضاف: "الروس يفوقوننا عددًا بمعدل عشرة إلى واحد، نناشد ونلتمس من جميع زعماء العالم مساعدتنا"، متابعًا: "نطلب منهم إخراج القوات ونقلنا إلى منطقة تابعة لطرف ثالث".

إلى ذلك، أكد أن الروس يتمتعون "بأفضلية في الجو وسلاح المدفعية والقوات على الأرض والمعدات والدبابات"، بحسب ما نقلت "فرانس برس". وأضاف: "نحن ندافع فقط عن هدف واحد مصنع آزوفستال، حيث يوجد إضافة إلى العسكريين مدنيون وقعوا ضحية لهذه الحرب".

وليس من الممكن التحقق من أي معلومات يقدمها الطرفان، بالنظر إلى حجم المعركة ونقص الاتصالات في ماريوبول.

ويُعتقد أن القوات الروسية توغلت في المدينة بشكل تدريجي، وقد ذكر بعض المسؤولين الأوكرانيين أن مستشفى بالقرب من مصنع آزوفستال أصيب بشكل مباشر.

ودعت روسيا -في إنذار جديد- القوات الأوكرانية في ماريوبول إلى إلقاء سلاحها "بشكل فوري"، مشيرة إلى أن القوات الأوكرانية داخل مصنع آزوفستال تواجه "وضعًا كارثيًا".

 

مجمع آزوفسال

وتؤكد روسيا من جهتها أنها فتحت ممرًا يفترض أن يسمح للقوات الأوكرانية، التي تقرر الاستسلام، بمغادرة ماريوبول، لكن الجيش الروسي كشف مساء الثلاثاء أن "أحدًا" لم يسلك هذا الممر الإنساني. وقال المصدر إنه سيعاد فتح هذا الممر الأربعاء الساعة 11.00 بتوقيت غرينتش.

وفي هذه المدينة، التي تخشى السلطات الأوكرانية أن يكون قُتل فيها بين عشرين ألفًا و22 ألف مدني، يتركز القتال حول مجمع آزوفستال للصناعات المعدنية.

وقال مجلس مدينة ماريوبول -عبر تطبيق تلغرام- إن المقاتلين الأوكرانيين متحصنون في الموقع، لكن هناك "ألف مدني على الأقل معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، في ملاجئ تحت الأرض" بالمجمع الصناعي.

كانت روسيا دعت المدافعين عن ماريوبول إلى وقف مقاومتهم بعد إنذار أول وجَّهته الأحد في إطار سعيها للاستيلاء على هذه المدينة. وستسمح لها السيطرة على ماريوبول بربط شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، بالجمهوريتين الانفصاليتين المواليتين لروسيا في دونباس.

يذكر أن ماريوبول التي كان يقطنها نحو 400 ألف أوكراني، قبل العملية الروسية، تحولت إلى أنقاض على مدى أسابيع من القصف والحصار.

وشكلت منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية في 24 فبراير، هدفًا مهمًا لموسكو، لاسيما أن السيطرة عليها ستخولها الربط بين مناطق الشرق الأوكراني وشبه جزيرة القرم جنوباً، التي ضمت إلى الأراضي الروسية عام 2014.

 

إنقاذ شعبنا

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -مساء الثلاثاء- مجددا إلى إجلاء المدنيين الذين ما زالوا في ماريوبول.

وقال الرئيس الأوكراني في فيديو عبر "فيسبوك": "الوضع في ماريوبول على حاله، حرج إلى أقصى الدرجات"، متهمًا الجيش الروسي "بعرقلة الجهود الهادفة إلى تنظيم ممرات إنسانية وإنقاذ شعبنا".

وبهذا الهجوم شرقي أوكرانيا، تؤكد روسيا بدء "مرحلة جديدة" من الحرب التي شنتها في فبراير وقرر حلفاء أوكرانيا الغربيون في مواجهتها، الرد عبر المضي قدمًا في دعمهم العسكري لكييف، من خلال إرسال طائرات مقاتلة.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي لصحفيين الثلاثاء، إن الأوكرانيين "لديهم اليوم عدد من الطائرات المقاتلة بتصرفهم أكبر مما كان قبل أسبوعين".

وأضاف: "من دون الخوض في تفاصيل ما تقدمه دول أخرى، يمكنني القول إنهم تلقوا طائرات وقطع غيار إضافية لزيادة أسطولهم"، ملمحًا إلى أن الأمر يتعلق بطائرات روسية.

وطلبت كييف من شركائها الغربيين طائرات "ميغ-29" تدرب عسكريوها على قيادتها ويملكها عدد قليل من دول أوروبا الشرقية.

وبعد إعلان جو بايدن إرسال شحنة قطع مدفعية هويتزر الأسبوع الماضي، تعكس  الخطوة الأخيرة تغييرًا في موقف الغرب، الذي رفض -أكثر من شهر- تزويد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة، لتجنُّب أي تصعيد للصراع.

 

عقوبات جديدة

خلال اجتماع عبر الفيديو، قررت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وبولندا وإيطاليا وكندا ورومانيا واليابان "تعزيز الضغط على الكرملين، خصوصًا عبر تبني عقوبات جديدة".

وجاءت تصريحات الجانب الغربي هذه، بينما أكدت القوات المسلحة الأوكرانية -الثلاثاء- أن الروس "كثفوا هجومهم" على طول خط المواجهة شرقي البلاد.

واعترف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ببدء "مرحلة جديدة من العملية العسكرية الروسية".

 

هدنة إنسانية

في نيويورك، دان هذا الهجوم الروسي الجديد، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي طلب من الجانبين وقف المعارك في "وقفة إنسانية" لمدة أربعة أيام بمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي.

ميدانيًا، تحدثت روسيا عن عشرات الضربات الصاروخية الأخرى جنوبي أوكرانيا، خط الجبهة الآخر.

وأكدت هيئة أركان القوات الأوكرانية أنها صدت عشر هجمات روسية ودمرت "12 دبابة" في ال24 ساعة الماضية في منطقتي لوغانسك ودونيتسك.