مليشيا الحوثي تعترف بتجنيد الأطفال... فهل تمتثل للاتفاق الأممي؟

جددت مليشيا الحوثي اعترافها، بعد أن وقَّعت مع الأمم المتحدة خطة عمل جديدة، لحماية الأطفال المتضررين من النزاع المسلح في اليمن، الذي تستخدم فيه براءة الصغار كدروع بشرية وكبش فداء لمقاتليها.

مليشيا الحوثي تعترف بتجنيد الأطفال... فهل تمتثل للاتفاق الأممي؟

السياق 

اعتراف حوثي نادر لكنه ليس الأول، بتجنيد آلاف الأطفال، ما أدى إلى قتل وتشويه المئات منهم، في الحرب اليمنية التي دخلت عامها الثامن، من دون حسم.

مليشيات الحوثي، التي اعترفت -قبل 4 أعوام- بتجنيد الأطفال لخدمة المشروع الإيراني في المنطقة، جددت مساء الاثنين اعترافها، بعد أن وقَّعت مع الأمم المتحدة خطة عمل جديدة، لحماية الأطفال المتضررين من النزاع المسلح في اليمن، الذي تستخدم فيه براءة الصغار كدروع بشرية وكبش فداء لمقاتليها.

وقال الممثل الخاص للأمم المتحدة، المعني بالأطفال والنزاع المسلح فرجينيا جامبا، إن مليشيات الحوثي وقَّعت التزامًا لإنهاء ومنع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، مرحبة بهذا الإجراء الذي ينتشل آلاف الأطفال من معاناة استمرت 7 سنوات.

 

6 أشهر

وبحسب الأمم المتحدة، عبرت مليشيا الحوثي عن التزامها بوقف تجنيد واستخدام الأطفال -بما في ذلك بالأدوار الداعمة- وإطلاق سراحهم من صفوفهم في غضون ستة أشهر، وتقديم الدعم لإعادة الدمج.

وتتضمن خطة العمل أحكامًا خاصة بمنع قتلهم وتشويههم وحماية المرافق الصحية والتعليمية، بحسب الممثل الخاص، الذي قال إن ذلك أصعب جزء من الرحلة.

منذ بداية الانقلاب الحوثي في اليمن، وهو الآن في عامه الثامن، قُتل أو شوِّه أكثر من 10200 طفل، وجرى التحقق من استخدام ما يقرب من 3500، وفقًا لنصائح الأطفال والنزاع المسلح.

ودعا الممثل الخاص الحوثيين إلى تسهيل وصول الجهات الفاعلة الإنسانية إلى المجتمعات المتضررة من النزاع، وإعادة ترتيب أولويات حقوق الأطفال وحاجاتهم، مؤكدًا أن «خطة العمل يجب أن تنفذ، وأن تؤدي إلى إجراءات ملموسة لتحسين حماية الأطفال في اليمن».

 

التفاوض على السلام

وفتحت خطة العمل الباب، أمام تلبية الحاجات الإنسانية والاقتصادية الملحة لليمن، مع توفير فرصة لاستئناف العملية السياسية في اليمن، بحسب جامبا التي دعت مليشيا الحوثي لاغتنام فرصة الهدنة الحالية، لإدراج أحكام حماية الطفل في مفاوضات السلام الجارية.

وجددت استعداد الأمم المتحدة، لدعم الحوثيين والأطراف اليمنية الأخرى، في إجراءات تعزز حماية الأطفال من ويلات الأعمال العدائية.

وشددة مسؤولة الأمم المتحدة، على أن "تحقيق سلام دائم -نهاية المطاف- أفضل طريقة لحماية الأطفال في اليمن، ويجب أن يكون الهدف الأول لجميع أطراف النزاع".

بينما اعتبر المنسق المقيم للأمم المتحدة، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد جريسلي، الخطة «خطوة في الاتجاه الصحيح نحو حماية أطفال اليمن»، قائلًا: «الأمم المتحدة ملتزمة برعاية الأطفال والمساعدة في تحويل الخطة إلى عمل يبدأ الآن».

في الوقت نفسه، وصف ممثل اليونيسف فيليب دواميل التوقيع بأنه «معلم مهم لأطفال اليمن الذين تأثرت حياتهم بشكل رهيب من الصراع»، مضيفًا: نتطلع إلى تنفيذ خطة العمل ومواصلة العمل مع جميع الأطراف، لحماية ورفاهية الأطفال في اليمن».

 

اغتيال براءة الأطفال

كانت الأمم المتحدة أصدرت أواخر يناير 2022، تقريرًا كشفت فيه انتهاكات المليشيات الحوثية، التي تغتال براءة الأطفال في مهدها، وتزج بالأطفال الذين يمثلون مستقبل اليمن في أتون حرب، لا قِبل لهم بها، بينما يختبئ كبار القادة خلف الأسوار.

وكشف تقرير أممي جديد، عن قتل ما يقرب من ألفي طفل جنَّدتهم المليشيات الحوثية باليمن في ساحة القتال بين يناير 2020 ومايو 2021، مشيرًا إلى أن الانقلابيين -المدعومين من إيران- يقيمون معسكرات ويعقدون دورات لتشجيع الشباب على القتال.

وقال خبراء من الأمم المتحدة، إنهم استندوا في تقريرهم إلى تحقيقات أجروها في بعض المعسكرات الصيفية، التي تقيمها المليشيات الحوثية في المدارس، إضافة إلى مسجد نشر فيه الانقلابيون أيديولوجيتهم، لتجنيد أطفال يقاتلون في الحرب المستمرة منذ قرابة ثمانية أعوام، ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

وبحسب تقرير لجنة الخبراء المكونة من أربعة أعضاء، فإن أحد المعسكرات الصيفية درب أطفالًا لم تتجاوز أعمارهم 7 سنوات على تنظيف الأسلحة وتفادي الصواريخ، مشيرً إلى أنهم وثقوا 10 حالات فيها اصطحاب أطفال للقتال، بعد أن قيل لهم إنهم سيسجلون في دورات ثقافية.

ووثَّق التقرير تسع حالات قدمت فيها المساعدات الإنسانية أو رفضت للأسر، على أساس مشاركة أطفالهم في القتال، بينما لم يسلم المعلمون من هذا التصنيف، فقطعت المساعدات عن الممتنعين عن تدريس المناهج الحوثية.

 

العنف الجنسي

كما وثَّق التقرير حالة، فيها ارتكاب عنف جنسي ضد طفل خضع لتدريب عسكري، بحسب لجنة الخبراء التي قالت إنها تلقت قائمة تضم أسماء 1406 أطفال جنَّدتهم المليشيات الحوثية ولقوا حتفهم في ساحة المعركة عام 2020، إضافة إلى قائمة بـ 562 طفلًا قُتلوا في ساحة المعركة بين يناير ومايو 2021، بعد أن جنَّدهم الانقلابيون.

تقرير الخبراء أشار إلى أن الأطفال الذين لقوا حتفهم في ساحة المعارك في صفوف الحوثيين، كانت أعمارهم بين 10 سنوات و17 سنة، مشيرًا إلى أن عددًا كبيرًا منهم قُتل في عمران وذمار وحجة والحديدة وإب وصعدة وصنعاء.

 

سجل أسود

جانب ثان من التقرير الأممي، لفريق الخبراء المعني باليمن لعام 2021، الذي رفع إلى مجلس الأمن في 25 يناير 2022، سلَّط الضوء على جانب من «السجل الأسود» لمليشيا الحوثي، في ملف الإغاثة والإعمال الإنسانية في مناطق سيطرتها.

وبحسب التقرير الأممي، فإن الانتهاكات الحوثية شملت المنظمات الأممية والدولية، العاملة في المجال الإغاثي والإنساني والعاملين في هذه المنظمات، إضافة إلى المستفيدين من المساعدات، وكذلك التدخل في عمليات توزيع المساعدات الإغاثية، وعرقلة مرورها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وكشف التقرير «عقبات» عدة تفرضها مليشيا الحوثي أمام إيصال المساعدات الإنسانية، في المناطق التي تسيطر عليها، مشيرًا إلى أن تلك العقبات تمثلت في «حالات تأخير الموافقة على الاتفاقيات الفرعية، وطلبات لتبادل معلومات مفصلة عن قوائم المستفيدين، وممارسة ضغوط للتأثير في اختيار الجهات الشريكة المنفذة أو تصميم البرامج، إضافة إلى الفرض التعسفي لمرافق محرم على الموظفات في المجال الإغاثي والإنساني، وفرض قيود على الوصول ومنع التنقل، وتهديد المنظمات».