للمرة الثانية في 48 ساعة.. غارات للجيش الإثيوبي على تيغراي
نشر تلفزيون خاضع لسيطرة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، مقطع فيديو لعمود دخان، قيل إنه يتصاعد فوق الموقع الذي تعرَّض للقصف.

السياق
للمرة الثانية في 48 ساعة، يشن الجيش الإثيوبي، غارات جوية على ميكيلي عاصمة إقليم تيغراي شمالي البلاد، استهدفت منشآت، قالت عنها الحكومة الإثيوبية، إن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي حوَّلتها إلى مركز لتصنيع الأسلحة.
وقال رئيس مكتب الاتصال الحكومي، ليغيسي تولو، في تصريح مقتضب، إن «الغارة استهدفت منشآت تم تحويلها من متمردي تيغراي، إلى مركز لتصنيع الأسلحة وإصلاح معداتهم العسكرية».
ولم يكشف المسؤول الإثيوبي، أية حصيلة للخسائر البشرية لهذا القصف الجوي، الذي دمَّر موقعًا صناعيًا، بحسب أحد السكان، قال إن القصف كان كثيفًا والطائرة كانت قريبة جدًا، مشيرًا إلى أن «الشركة احترقت ولا نعرف ما إذا كان هناك ضحايا، لكن المبنى دُمِّر».
منشآت عسكرية
وقال فريق تقصي الحقائق، التابع للحكومة الإثيوبية، في تغريدة عبر «تويتر»، إن «الغارات الجديدة استهدفت منشآت استخدمتها الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي المتمردة، لإنتاج الأسلحة وإصلاح المعدات العسكرية»، مشيرًا إلى أن «العمليات المركزة استهدفت مخابئ غير قانونية، للأسلحة والمعدات العسكرية الثقيلة، في مواقع محددة».
يأتي ذلك بينما نشر تلفزيون Tigrai Television الخاضع لسيطرة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، مقطع فيديو لعمود دخان، قيل إنه يتصاعد فوق الموقع الذي تعرَّض للقصف.
تأتي الغارات الجوية، التي شنها الجيش الإثيوبي، بعد يومين من غارتين نفَّذهما على مواقع جبهة تحرير تيغراي الشعبية بميكيلي، في تصعيد جديد للنزاع بين القوات الفيدرالية الإثيوبية وحلفائها ضد المتمردين، منذ ما يقرب من عام.
وقالت الأمم المتحدة، في بيان، إن الغارات التي شنها الجيش الإثيوبي، أسفرت عن مقتل ثلاثة أطفال على الأقل، مشيرة إلى أن «أفرادا في الفرق الصحية المحلية، أفادوا بمقتل ثلاثة أطفال وجرح شخص، في ضربة جوية عند أطراف ميكيلي في تيغراي».
أضرار بشرية ومادية
وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، ينس لاركي: «خلال النهار جُرح تسعة أشخاص، في ضربة جوية ثانية استهدفت وسط ميكيلي، تسبَّبت بأضرار في المنازل وبفندق مجاور».
وكانت الحكومة الإثيوبية، وصفت المعلومات التي كشفت عنها منظمات إنسانية ومصادر دبلوماسية وطبية، عن عمليات القصف بأنها «محض أكاذيب»، مشيرة إلى أن الضربتين الجويتين، كانتا تستهدفان متمردين في جبهة تحرير شعب تيغراي.
وردًا على تقرير تلفزيون تيغراي عن شن الضربات الجوية، قال ليجيسي تولو، رئيس خدمات الاتصال الحكومية: «لماذا تهاجم الحكومة الإثيوبية مدينة تابعة لها؟ مقلي مدينة إثيوبية».
وقال تولو إن «الإرهابيين هم مَنْ هاجموا المدن التي تضم مدنيين، وليست الحكومة»، متهمًا جبهة تحرير شعب تيغراي، بقتل المدنيين في القتال الذي تخوضه في المناطق المجاورة لتيغراي.
اتهامات متبادلة
واتهمت وزارة الخارجية الإثيوبية جبهة تحرير تيغراي، بمحاولة التغطية على ما وصفتها بالهجمات على المدنيين في أمهرة وعفر، وهما منطقتان مجاورتان لتيغراي، امتد إليهما القتال.
إلا أن غيتاشيو ريدا، المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيغراي، قال إن القصف استهدف قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين، نظراً لأن الاثنين هو يوم السوق في ميكيلي، في إشارة إلى الاثنين الماضي.
وقال ريدا، في تغريدة عبر «تويتر»، إن «سلاح الجو التابع لآبي أحمد، أرسل طائراته الحربية لمهاجمة أهداف مدنية داخل ميكيلي وخارجها»، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وقال تلفزيون تيغراي، الذي تسيطر عليه الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، إن الغارات الجوية أصابت العديد من المدنيين، بينما أكد عامل إغاثة ودبلوماسي لـ«رويترز» وجود ضربات جوية في مقلي.
ونقلت وكالة رويترز، عن طبيب في المنطقة قوله إنهم سمعوا الهجوم الأول صباح الاثنين: «في البداية سمعت أصوات طائرات وصوت انفجار من بعيد»، متابعًا: سمعت صوتاً آخر في فترة ما بعد الظهر، بدا أقرب من الآخر، وهذا الصوت بدا وكأنه قادماً من المدينة.
المرة الأولى
هذه هي المرة الأولى منذ بدء الصراع، التي تتحدث فيها الأنباء عن قصف جوي في ميكيلي، رغم وقوع غارات جوية في أجزاء أخرى من تيغراي.
ويشهد إقليم تيغراي معارك منذ نوفمبر الماضي، عندما أرسل رئيس الوزراء آبي أحمد الحائز جائزة نوبل للسلام عام 2019، القوات الفيدرالية للتخلص من السلطات المحلية المنبثقة عن جبهة تحرير شعب تيغراي، بعدما اتهمها بمهاجمة ثكنات للجيش، ما أدى إلى مقتل الآلاف وإجبار أكثر من مليوني شخص على النزوح.
وتعرَّضت قوات الجبهة للهزيمة في البداية، إلا أنها عادت لتستولي على معظم أجزاء المنطقة في يوليو الماضي، وزحفت على المناطق المجاورة في ولايتي أمهرة وعفر.
هجوم بري
والأسبوع الماضي، قالت جبهة تحرير تيغراي، إن الجيش الإثيوبي شن هجوماً برياً لإخراجها من أمهرة، وهو ما أقره الجيش، إلا أنه اتهم قوات الجبهة بأنها كانت البادئة فيه.
ويشعر دبلوماسيون في المنطقة، بالقلق من أن يفاقم تجدد القتال زعزعة الاستقرار في إثيوبيا، التي تضم 109 ملايين نسمة، ويعمِّق المجاعة في تيغراي والمناطق المحيطة بها.
وتضاعف عدد الأطفال الذين أدخلوا المستشفيات، لإصابتهم بسوء تغذية حاد في إقليم تيغراي هذه السنة، مقارنة بعام 2020 حسبما ذكرت الأمم المتحدة.
احتجاجات حاشدة
وكان آبي أحمد وصل إلى السلطة، عندما استقال سلفه وسط احتجاجات حاشدة عام 2018، بحسب «الإيكونوميست» التي قالت إنه رغم أن الأشهر الأولى من ولايته، تضمنت إصلاح العلاقات مع المعارضة، وتوقيع اتفاق سلام مع إريتريا (التي فاز بسببها بجائزة نوبل عام 2019)، فإن حُكمه منذ ذلك الحين، شابته اضطرابات عرقية وتباطؤ اقتصادي وحرب أهلية مدمِّرة، في ولاية تيغراي الشمالية.
فبينما قالت أمريكا إنها ستفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين بالحرب في تيغراي، إذا لم تبدأ الأطراف (التي تشمل أيضًا القوات الإريترية التي تقاتل إلى جانب القوات الإثيوبية) محادثات أو تسمح بوصول الطعام، إلى أولئك الذين تحاصرهم الحكومة، حذَّر مارتن غريفيث، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، في 29 سبتمبر الماضي، من أن مئات الآلاف قد يتضورون جوعًا.
ورغم تلك التحذيرات والنداءات، فإن رد آبي أحمد كان طرد سبعة من كبار مسؤولي الأمم المتحدة، متهماً إياهم بـ«التدخل» في شؤون إثيوبيا، بحسب مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، التي قالت إن حكومة أديس أبابا أوقفت في أغسطس الماضي، عمل منظمة أطباء بلا حدود، والمجلس النرويجي للاجئين، وهما منظمتان إغاثيتان.
ضغوط أجنبية
ولم يكتفِ رئيس وزراء إثيوبيا، بطرد المسؤولين الأمميين وصم أذنيه عن التحذير الأمريكي، بل أعلن في خطاب تنصيبه، أن أديس أبابا لن تخضع للضغوط الأجنبية.
وبينما تقول «الإيكونوميست»، إن آبي أحمد ألمح سِرًا إلى أنه قد يكون منفتحًا على المفاوضات مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، أفادت الأنباء بأن المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي إلى القرن الأفريقي، الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو، حصل على إذن لاستطلاع قيادة الجبهة، التي قالت عنها المجلة إنها لن تقبل بوساطة الأخير.
وتوقعت المجلة، أن يكون رئيس الوزراء الإثيوبي، عازمًا على شن هجوم جديد على جبهة تحرير تيغراي، إلا أنها قالت إن ذلك قد يجبر أمريكا، على اتخاذ قرار في تعليق الوصول المعفي من الرسوم الجمركية للسلع الإثيوبية، بموجب قانون النمو والفرص الإفريقي، مشيرة إلى أن العلاقات السيئة بين إثيوبيا وحلفائها، مهيأة لمزيد من التدهور.