الجحيم المنسي.. روايات تدمي القلوب عن فظائع السجون الإيرانية
تغريدات غوليان، التي كشفت أشكال التعذيب التي يتعرَّض لها النساء في سجون إيران، بينها الاعتداء الجنسي، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثارت ردود فِعل غاضبة، من الإيرانيين ونشطاء المجتمع المدني.

ترجمات - السياق
إجبار النساء، على ممارسة الجنس مع الحراس، أو الدخول في زيجات مؤقتة مع نزلاء عنبر الرجال، إضافة إلى تفتيش جسدي مع انتزاع ملابسهن أمام موظفي السجن، وتهديدات بإيذاء السجينات الأخريات، مشاهد أدمت قلوب متخيليها قبل مَنْ عايشوها، وسلَّطت الضوء على الجحيم المنسي، في سجن بوشهر سيئ السمعة في إيران.
تلك المشاهد، التي وثَّقتها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في مقال للصحفية والناشطة الإيرانية مسيح علي نجاد، مستندة فيه إلى تغريدات نشرتها الناشطة الإيرانية الشابة سبيده غوليان (26 عامًا) المعتقلة في سجن بوشهر الإيراني سيئ السمعة.
وقالت نجاد، الصحفية الإيرانية، المؤلفة والناشطة في مجال حقوق المرأة، التي تقدَّم Tablet وهو برنامج حواري على خدمة صوت أمريكا الفارسية، إن نحو 30 من أفراد قوات الأمن الإيرانية، داهموا منزل الصحفية والناشطة في مجال حقوق العمال سبيده غوليان، مشيرة إلى أنه تم إبعادها بالقوة من منزلها، بينما سحب عملاء آخرون الهواتف المحمولة من أفراد أسرتها.
وأشارت إلى أن سبب الاعتقال الذي وصفته بـ«الوحشي» كان واضحًا، فقد كتبت غوليان، التي كانت في إطلاق سراح مؤقت من السجن، تغريدات أشارت فيها إلى الأوضاع المؤلمة التي تعيشها النساء في هذا السجن، واصفة إياه بـ«الجحيم المنسي».
تغريدات غوليان، التي كشفت أشكال التعذيب التي يتعرَّض لها النساء في سجون إيران، بينها الاعتداء الجنسي، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثارت ردود فِعل غاضبة، من الإيرانيين ونشطاء المجتمع المدني.
وقالت غوليان إن اللاتي ليس لديهن نقود، يجبرن على ممارسة الجنس مع الحراس، أو الدخول في «زيجات مؤقتة» مع نزلاء عنبر الرجال، مشيرة إلى أن أفغانية لجأت إلى إيران مع طفلها، بعد سيطرة طالبان، إلا أن المطاف انتهى بها في السجن، حيث أطلق الحراس على طفلها لقب «اللقيط».
وأوضحت أن «مجموعة من أشكال التعذيب، تنتظر أي سجين يحتج، بينها تهديدات بإجراء تفتيش جسدي، أمام الموظفين والسجناء الآخرين، والحبس الانفرادي، والاعتداء، وفقدان امتيازات الهاتف، وإلغاء حقوق الزيارة أو الإجازة».
كاتبة المقال، تنقل عن سجينة سياسية أخرى في سجن بوشهر تدعى محبوبة رضائي، قولها إن حراس السجن هددوا باغتصاب وقتل غوليان، مضيفة أنها تعرضت أيضًا لضغوط، من أجل الدخول في زواج مؤقت مقابل المال.
وتشير نجاد، إلى أنها لم تكن المرة الأولى لغوليان في السجن، فقد سُجنت قبل ذلك وهي في الـ23 من عمرها، عندما ألقي القبض عليها في نوفمبر 2018 لنشرها عن احتجاج عمالي في مصنع للسكر، مؤكدة أنه بعد ذلك بوقت قصير، ألقي القبض عليها هي وزميلها الناشط في مجال حقوق العمال إسماعيل بخشي، وتعرَّضا للتعذيب في السجن، 25 يومًا، حتى أفرجت عنها أجهزة المخابرات الإيرانية بكفالة.
وغالبًا ما تُرى غوليان تومض بابتسامة من تحت شعر مصبوغ باللون الأزرق أو الأخضر أو الأشقر، إلا أنه من الصعب تخيُّل الفظائع التي تعرَّضت لها في السجن، التي لم تجبرها على الصمت، بل فضحت انتهاكات النظام الإيراني بحق السجينات.
وقالت غوليان للمحققين من منظمة العفو الدولية، إن سجانيها ضربوها بالجدران وجلدوها، مشيرة إلى أنهم كانوا يحاولون إجبارها على الاعتراف بتهم «قلب نظام الحكم واختطاف مطالب العمال».
وأثناء استجوابها ساعات طويلة، وُصفت مراراً بـ«العاهرة» واتُهمت بممارسة علاقات جنسية مع العمال المضربين، الذين كانت تدافع عنهم، بحسب «واشنطن بوست» التي قالت إن هذا التعذيب النفسي، يهدد بإيذاء السجينات لكسرهن.
إلا أنه بعد أن أعلنت غوليان عن التعذيب الذي تعرَّضت له، أعيد القبض عليها عام 2019، بحسب خودارام جوليان، والدها الذي قال إن قوات الأمن ضربت ابنته أمامه، مشيرًا إلى أنه عندما حاول ابنه مهدي، منع السلطات من دخول المنزل، ضربوه واعتقلوه هو الآخر.
وتقول «واشنطن بوست»، إن مساعدة العمال المحتجين على تأكيد حقوقهم، تثير حنق الحكومة الإيرانية، التي تبني شرعيتها على الادعاء بأنها توفر للمواطنين حياة عادلة وسعيدة، مشيرة إلى أن النظام الإيراني لا يتسامح مع مَنْ يبتعد عما يعتبره سلوكًا أو مظهرًا مقبولاً.
وأشارت إلى أن تجربة غوليان، بعيدة كل البعد عن كونها فريدة من نوعها في إيران، حيث يتم اعتقال وتعذيب الآلاف من الأفراد بشكل تعسفي من النظام كل عام، إلا أنه مع ذلك، هناك شيء واحد يجعل قضيتها مختلفة، فخلال إطلاق سراحها المؤقت، نشرت غوليان يومياتها من السجن، التي تحتوي على 19 مشهدًا مؤلمًا من شهورها في الاعتقال.
وتسلِّط روايتها الضوء، على القسوة التعسفية لنظام السجون في إيران، في عالم يُجبر فيه الكثيرون على الإدلاء باعترافات كاذبة، بعد أن يتعرَّضوا لممارسات قاسية، خاصة اللائي يتعرَّضن للإذلال الجنسي والاغتصاب والحلاقة القسرية في الأروقة.
وتقول «واشنطن بوست»: بعد ظهور مذكرت غوليان، أعيد اعتقالها مرة أخرى واقتيدت إلى سجن إيفين سيئ السمعة في طهران، مشرة إلى أنها في مارس من هذا العام، نقلت إلى سجن في بوشهر جنوبي إيران، كجزء من سياسة نقل السجينات السياسيات إلى مرافق نائية.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أنه طالما كان نظام الملالي من أسوأ سجاني المعارضين والمحتجين في العالم، إلا أن السلطات المحلية تتخذ إجراءات إضافية لسحق روح المعارضات، خاصة الشخصيات التي تشبه غوليان.
ومع ذلك، فإن ما كشفت عنه لامس وترًا حساسًا، وأدى إلى رد فِعل نادر، ليتوجه محمد مهدي الحاج محمدي، رئيس السجون الإيرانية، إلى «تويتر» لينفي رواية غوليان، ويؤكد أن السجناء يعاملون معاملة عادلة.
كان محمدي قد اعتذر عن مقطع فيديو نشرته مجموعة قراصنة إيرانية، على وسائل التواصل الاجتماعي، أظهر حراس إيفين يضربون النزلاء بقسوة.
من جانبها، قالت منظمة هيومان رايتس ووتش، إن السلطات الإيرانية، منعت منذ ما يقرب من عقدين، المراقبين المستقلين من زيارة السجون الإيرانية، مشيرة إلى أنهم رفضوا التحقيق بشكل هادف في مزاعم الانتهاكات، وحاكموا السجناء الذين أبلغوا عن تعرُّضهم للتعذيب
وأشارت إلى أنه في السنوات الثلاث الماضية وحدها، مات خمسة سجناء على الأقل في ظروف مريبة، بينما تقاعست السلطات عن إجراء تحقيق شفاف أو محاسبة أي شخص.