وفاة أيمن هدهود... بيان حاسم من النيابة المصرية يكشف التفاصيل
بحسب النيابة العامة، جرى إيداع الباحث الاقتصادي بإدارة الطب النفسي الشرعي بالمجلس القومي للصحة النفسية بالقاهرة بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، لإعداد تقرير طبي عقلي عن حالته، ومسؤوليته عن أفعاله وقت ارتكاب الواقعة.

السياق
بعد أيام من الجدل والروايات المتضاربة المنسوبة لذويه وبعض وسائل الإعلام المحسوبة على التيارات الإخوانية، حسمت النيابة العامة في مصر، ملابسات وفاة الباحث الاقتصادي أيمن هدهود.
كانت أسرة الباحث الاقتصادي هدهود أعلنت في 5 فبراير الماضي، أن نجلها اختفى لتكتشف وجوده بعد ذلك داخل أحد مقار وزارة الداخلية، بتهمة محاولة اقتحام أحد العقارات.
وبين تصريحات منسوبة لذويه، تتهم السلطات المصرية بالتسبب في وفاة ابنها، ورواية لوزارة الداخلية المصرية، تؤكد فيها أن هدهود حاول اقتحام أحد العقارات، ما أدى إلى ضبطه، دخلت النيابة العامة على خط القضية التي شغلت باحثين وحقوقيين مصريين خلال الفترة الماضية.
وقالت النيابة العامة -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- إنها تلقت بلاغًا في السادس من فبراير الماضي، من حارس عقار بأحد أحياء القاهرة الراقية، يفيد بدخول أيمن هدهود العقار الذي يحرسه، ومحاولته فتح إحدى الشقق، وهذيانه -آنذاك- بكلمات غير مفهومة، مشيرة إلى أن الحارس أمسك به حتى حضرت الشرطة وألقت القبض عليه.
إيداع هدهود المستشفى
وأوضحت النيابة العامة، أنها باشرت التحقيقات بعد القبض على هدهود، إلا أنها حينما حاولت استجوابه في ما نُسب إليه من اتهام الشروع في السرقة، تعذَّر ذلك لترديده كلمات غير مفهومة، مشيرة إلى أنها تشككت في سلامة قواه العقلية، فاستصدرت أمرًا من المحكمة المختصة بإيداعه أحد المستشفيات الحكومية لإعداد تقرير عن حالته النفسية.
وبحسب النيابة العامة، جرى إيداع الباحث الاقتصادي بإدارة الطب النفسي الشرعي بالمجلس القومي للصحة النفسية بالقاهرة بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، لإعداد تقرير طبي عقلي عن حالته، ومسؤوليته عن أفعاله وقت ارتكاب الواقعة.
وبموجب قوانين رعاية المريض النفسي، فإن المتهمين المُشتبه في إصابتهم بمرض نفسي يودعون داخل قسم الطب الشرعي بمستشفى العباسية 45 يومًا قابلة للزيادة، تحت حراسة من وزارة الداخلية، لفحص المتهم عن طريق لجنة ثلاثية لتحديد أهليته.
تفاصيل الواقعة
النيابة العامة استمعت -كذلك- لشهادة حارس العقار، الذي تقدم بالبلاغ ضد هدهود، مشيرًا إلى أن المتهم توجه للعقار مُسرِعًا، وحينما حاول استيقافه سبَّه المتهمُ وقصد إحدى الشقق بالعقار وشرع في فتحها عنوةً مناديًا على اسم سيدة.
وتابع حارس العقار في شهادته أمام النيابة العامة: حاولت ردعه بمعاونة حارس آخر، فتعدى المتهمُ علينا بالضرب، وانتابته حالة هياج شديد، وألقى بنفسه أرضًا وأخذ يصيح بكلمات غير مفهومة، فأبلغت الشرطة التي ألقت القبض عليه.
رواية حارس العقار الذي قصده هدهود، أيدها زميله حارس العقار المجاور في التحقيقات، بينما شهدَ مُجري التحريات بأن تحرياته لم تتبين إذا ما كان قصد المتهم من فعله السرقة.
وفاة هدهود
بعد قرابة شهر من الواقعة، وتحديدًا في الخامس من مارس الماضي، تلقت النيابة العامة إخطارًا بوفاة المتهم بالمستشفى المُودَع بها جراء هبوط حاد في الدورة الدموية وتوقف عضلة القلب.
وقالت النيابة العامة إنها ناظرت جثمانه، وتبين لها خلوه من أي إصابات، كما انتدبت مفتش الصحة لتوقيع الكشف الظاهري على جثمانه، نافية وجود شبهة جنائية في وفاته.
وأشارت إلى أنها استدعت اثنين من أشقائه -عادل وأبو بكر- وشهدا في التحقيقات بأنهما لا يشتبهان في وفاة شقيقهما جنائيًّا، مؤكدين أن تصرفات المتوفى التي وصفاها بـ«المضطربة» تكرر حدوثها منه مرتين، الأولى منذ شهرين حين عُثِرَ عليه بالطريق العام بمنطقة السلام يقوم بأفعال مضطربة ويتحدث إلى نفسه، فانتقلا إليه وتسلماه من الأهالي الذين تحفّظوا عليه، والثانية حين افترش الأرض أمام غرفِ نُزلاءِ أحد الفنادق فانتقلا إليه واصطحباه.
وبحسب النيابة العامة، فإنها استمعت لأقوال مدير وحدة الطب الشرعي النفسي، وطبيبة، وممرض بالمستشفى الحكومي الذي كان المتهم مُودَعًا به، فشهدوا بأنه كان يعاني اضطرابًا بدرجة الوعي، ودُوارًا، وعدم اتزان، وارتفاع درجة حراراته، واشتُبِه في إصابته بكورونا، مؤكدًا أنه جرى اتخاذ الإجراءات الطبية المقررة في مثل تلك الحالة، إلا أنه تُوفي خلال نقله لأحد المستشفيات الحكومية لتلقي العلاج.
وانتدبت النيابة العامة مصلحة الطب الشرعي لإجراء الصفة التشريحية على جثمان المتهم، واستمعت لأقوال عضوَيْن باللجنة الثلاثية المكلفة بإعداد تقرير بفحص حالته النفسية والعقلية، فشهدا بأن المتهم كان يعاني اضطراب الفصام، وغير مُهتَدٍ للزمان والمكان والأشخاص، وضعيف التركيز والانتباه، وكان يتحدث بكلام غير مفهوم تخلله إنكارُه ارتكابَه واقعة الشروع في السرقة محل التحقيق معه، وأنه دلف العقار الذي ألقي القبض عليه فيه بحثًا عن السيدة التي كان ينادي باسمها، حسب أقوال حارس العقار.
شبهة جنائية
وبينما أكدت اللجنة الثلاثية أن «تدهور حالة هدهود النفسية توثر في درجة الوعي، ومن الممكن أن تنتهي بالوفاة»، قالت النيابة العامة إنها استدعت شقيق المتهم عمر هدهود، لسماع شهادته، بعد أن ادعى وجودَ شبهةٍ جنائية، إلا أنه لم يمتثل لقرارها بالحضور.
كان عمر هدهود شقيق الباحث الاقتصادي المتوفى، قال إنه قبل نقل جثمان أخيه إلى المشرحة مساء أول أمس، تمكنت أسرته من رؤيته في ثلاجة الموتى.
وادعى هدهود، أن أسرته حاولت التقاط صور للجثمان، إلا أن ممثلي مستشفى العباسية للأمراض النفسية، رفضوا احتفاظ الأسرة بالصور.
اتهامات زائفة
من جانبه، قال مدير مستشفى العباسية، حاتم ناجي، في تصريحات صحفية، إن القضية في حوزة النيابة العامة، مشيرًا إلى أن مَن يوجه أصابع الاتهام إلى المستشفى، سيعرف أن اتهاماته غير صحيحة.
وحاولت وسائل إعلام إخوانية ترويج روايات منسوبة تارة لمصادر مجهولة، وأخرى لأفراد من أسرة هدهود -لم تحدد هويتهم- بأن هناك شبهة جنائية في الواقعة، متهمة وزارة الداخلية والسلطات المصرية بالتستر عليها، بالمخالفة للواقع.
تلك الروايات رددها بعض المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، من دون التثبت من الرواية الرسمية، بل إنهم كانوا يروجون للتصريحات المنسوبة لمصادر مجهولة، تاركين ما تنشره السلطات المصرية عن الواقعة وتفاصيلها التي تتكشف يومًا بعد الآخر.