لبنان نحو إنهاء القطيعة مع سوريا... الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى بيروت

مثلت زيارة الوفد اللبناني إلى سوريا، خطوة مهمة نحو ما وصفه محللون بتطبيع العلاقات مع سوريا، التي رحبت ووافقت على طلب الوفد اللبناني، بتمرير الغاز والطاقة الكهربائية من مصر والأردن عبر أراضيها، مبدية استعدادًا لتلبيته.

لبنان نحو إنهاء القطيعة مع سوريا... الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى بيروت

السياق

لبنان كان مفتاحًا لإنهاء القطيعة العربية مع سوريا، بعد أن تخلى عن سياسة «النأي بالنفس» التي اتبعها سبيلًا للخروج من انقسامات القوى السياسية إزاء العلاقات مع دمشق، بعد أحداث ما يعرف بـ«الربيع العربي».

ومثَّلت زيارة الوفد اللبناني إلى سوريا، أمس، خطوة مهمة نحو ما وصفه محللون بتطبيع العلاقات مع سوريا، التي رحبت ووافقت على طلب الوفد اللبناني، بتمرير الغاز والطاقة الكهربائية من مصر والأردن عبر أراضيها، مبدية استعدادًا لتلبيته.

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، إن وفدًا وزاريًا زار العاصمة السورية دمشق، مساء السبت، ضم نائب رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع وزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر ووزيري المالية والطاقة في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وريمون غجر، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

 

الغاز المصري

وأوضحت أن الوفد الوزاري اللبناني، عقد مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، محادثات لبحث نقل الغاز المصري عبر سوريا، وكيفية التعاون في هذا المجال.

وبحسب البيان الختامي، فإن الجانبين أكدا «مناقشة الأوضاع الصعبة التي يمر بها البلدان، خاصة في مجالات الكهرباء والغاز»، بينما طلب لبنان «إمكانية مساعدة سوريا للبنان في تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية».

وبينما رحبت دمشق بالطلب اللبناني، مؤكدة استعدادها لتلبيته، اتفق الجانبان -من خلال فريق مشترك- على مناقشة القضايا المتعلِّقة بالأمور الفنية في كلا البلدين.

 

ترحيب سوري

من جانبه، قال الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري، نصري خوري، في كلمة خلال المؤتمر الصحفي، الذي أعقب انتهاء المباحثات الرسمية، إن بلاده طالبت بإمكانية مساعدة سوريا للبنان، في تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية، مشيرًا إلى أن الجانب السوري رحب بالطلب.

بدوره، قال وزير النفط السوري، بسام طعمة، في تصريحات صحفية، إن الهدف من الفريق المشترك، تحديد جاهزية البنى التحتية الغازية أو الكهربائية، التي تعرَّضت لأضرار كبيرة خلال النزاع، وتكلفت عملية إعادتها أو إبقائها في حالة الجاهزية مبالغ كبيرة جداً.

من جانبها، قالت وكالة الأنباء الأردنية «بترا»، إن الأردن يستضيف الأربعاء المقبل وزراء الطاقة في مصر وسوريا ولبنان.

وأشارت إلى أن العاصمة عمّان ستسقبل، وزير البترول والثروة المعدنية المصري، ووزير النفط والثروة المعدنية السوري، ووزير الطاقة والمياه اللبناني، مؤكدة أن الاجتماع يأتي بدعوة من وزيرة الطاقة والثروة المعدنية المهندسة هاله زواتي، لبحث سبل تعزيز التعاون لإيصال الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن.

 

اجتماع رباعي

من جانبه، أكد وزير الطاقة اللبناني، ريمون غجر، عقد اجتماع رباعي في الأردن، بين سوريا والأردن ومصر ولبنان، لبحث المواضيع التقنية والفنية والمالية، ووضع برنامج عمل وجدول زمني.

وأوضح غجر، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء اللبنانية، أن بلاده تستطيع أن تستفيد من الغاز المصري والكهرباء الأردنية، مشيرًا إلى أن «هذا الموضوع ليس جديداً فنياً، وكنا نبحثه لكن كانت هناك موانع، وكانت هناك الاستثناءات المطلوبة من الأمريكيين، الذين بادروا عندما رأوا صعوبة الوضع في لبنان».

 

الخط العربي

وبحسب وسائل إعلام، من المفترض أن ينقل الغاز عبر ما يُعرف بـ«الخط العربي»، من الحدود الأردنية جنوباً إلى وسط سوريا ومنها إلى محطة لقياس الكمية، قرب الحدود اللبنانية السورية، ثم إلى لبنان.

ويمتد أنبوب الغاز العربي برًا من مصر إلى سوريا ولبنان عبر الأردن، ويعبر من منطقة حمص وسط سوريا، وصولاً إلى دير عمار شمالي لبنان.

وأكدت أن لبنان يتفاوض منذ أكثر من سنة مع القاهرة لنقل الغاز عبر الأردن وسوريا، لكن العقوبات الأمريكية على سوريا، وآخرها قانون قيصر، كانت عقبة أمام الاتفاق.

 

المحور الإيراني

وفي محاولة من واشنطن، لإبعاد لبنان عن المحور الإيراني، أعلنت الرئاسة اللبنانية الشهر الماضي، موافقة واشنطن على مساعدة لبنان لنقل الطاقة الكهربائية والغاز من مصر والأردن مروراً بسوريا فلبنان، ما يعني موافقة واشنطن على استثناء لبنان، من العقوبات المفروضة على سوريا، التي تحظر إجراء أي تعاملات مالية أو تجارية معها.

ويشهد لبنان منذ أشهر شحاً في المحروقات، انعكس على مختلف القطاعات، من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية، وأدى إلى فرار دبلوماسيين من البلد العربي، على وقع أزمة اقتصادية صنَّفها البنك الدولي، من بين الأسوأ في العالم، منذ عام 1850.

ونتيجة تلك الأزمة، تراجعت قدرة مؤسسة الكهرباء على توفير التغذية لكل المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً، في الوقت الذي لم تعد فيه المولدات الخاصة، قادرة على تأمين المازوت اللازم، لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.

معاناة يومية

ويقف المواطنون يومياً ساعات طويلة أمام محطات الوقود لتعبئة خزانات سياراتهم، بينما حذَّرت المستشفيات مراراً من نفاد المحروقات ومخاطره على حياة المرضى.

وفقدت الليرة اللبنانية خلال عامين، أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، بينما أكدت الأمم المتحدة أن 78% من السكان يعيشون في الفقر.

وحذَّرت الأمم المتحدة، من أن أربعة ملايين شخص -ثلثي سكان لبنان- قد يفقدون الوصول إلى إمدادات المياه، في الأيام القليلة المقبلة، مع انقطاع التيار الكهربائي عن محطات الضخ.

ويقول ديفيد روز، في تقرير بصحيفة التايمز البريطانية: «مع النقص الحاد في الفريق الطبي والأدوية والكهرباء، التي تُملي مَنْ يعيش ومَنْ يموت، تؤثر أزمة الوقود بلبنان في الجميع».

 

نزوح جماعي

وأكد التقرير، أن نحو 2500 طبيب وممرض غادروا البلاد هذا العام، كجزء من نزوح جماعي أوسع للذين لديهم الوسائل أو المال للهجرة، مشيرًا إلى أن كثيرين غيرهم ليس لديهم خيار سوى البقاء، بينما تشعر أقلية بأن من واجبها البقاء.

وقال كاتب المقال ديفيد روز: إن المراكز الطبية في لبنان تعتمد على مولدات الطوارئ، على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، في حين أن العديد من المنازل والشركات، تتلقى فقط من ساعة واحدة إلى ست ساعات من الكهرباء في الشبكة يوميًا.

وأشار إلى إن إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون، أن البنزين سيباع بسعر اصطناعي جديد قدره 8000 ليرة للدولار، سيضاعف الأسعار، التي تبلغ أرقامًا مضاعفة في السوق المفتوحة.

 

حلحلة الأزمة

وعقدت الرئاسة اللبنانية، الأسبوع الماضي، اجتماعًا في قصر بعبدا، برئاسة الرئيس ميشال عون، لمعالجة أزمة المحروقات، أسفر عن الموافقة على اقتراح وزارة المالية، بمطالبة مصرف لبنان بفتح حساب مؤقت، لتغطية دعم عاجل واستثنائي للمحروقات، من بنزين ومازوت وغاز منزلي ومقدِّمي الخدمات وصيانة معامل الكهرباء، بما يمثِّل الفرق بين سعر صرف الدولار الأمريكي بحسب منصة صيرفة، والسعر المعتمد في جدول تركيب الأسعار المحدد بـ8000 ليرة لبنانية.

وبحسب قرار الرئاسة اللبنانية، فإن الدعم يصل في حده الأقصى 225 مليون دولار أمريكي، حتى نهاية سبتمبر المقبل، على أن يتم تسديد هذه الفروق بموجب اعتماد في موازنة عام 2022.

وأكد الاجتماع ضرورة التنسيق بين الوزارات والإدارات والأجهزة المعنية، من قضائية وأمنية وعسكرية، للحيلولة دون تخزين مواد البنزين والمازوت والغاز المنزلي أو احتكارها، أو استغلال المخزون الموجود حالياً، لتحقيق أرباح غير مشروعة.

الاجتماع بدت آثاره فورية، حيث رفع لبنان أسعار المحروقات بنسبة ترواحت بين 50 و70%، كخطوة نحو رفع الدعم تدريجياً عن المحروقات، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان.