تصاعد نجم المعارضة وخفوت الإخوان... ما حظوظ حزب العدالة والتنمية في انتخابات المغرب؟

حديث عن احتمالات كبيرة، بخسارةحزب العدالة والتنمية الحاكم، بسبب حالة عدم الرضا، لدى المغاربة، عن منجزاته، خلال السنوات العشر المنصرمة، التي قاد فيها الحكومة ولايتين متتاليتين، مُني خلالها بانتقادات لاذعة

تصاعد نجم المعارضة وخفوت الإخوان... ما حظوظ حزب العدالة والتنمية في انتخابات المغرب؟
الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعدالدين عثماني

السياق

على أنغام تصاعد مؤشرات الإصابات بكورونا، وارتفاع نسبة البطالة، تجرى الانتخابات التشريعية في المغرب، التي من المقرر أن تبدأ الأربعاء، وسط تساؤلات عن حظوظ حزب العدالة والتنمية الحاكم، في الفوز بفترة جديدة.

فانتخابات برلمانية وبلدية ستجرى الأربعاء، في البلد الإفريقي، لتحدِّد شكل الحكومة المغربية في السنوات الخمس المقبلة، بينما لا تزال أحزاب المعارضة، تبحث عن موطئ قدم بالحكومة.

إلا أن حظوظ أحزاب المعارضة، في الفوز بأكبر عدد من المقاعد، ستحدِّدها القاعدة الشعبية، التي بدأت تتآكل لحزب العدالة والتنمية الحاكم، خاصة بعد السخط الشعبي ضده، في الوقت الذي تحدَّثت فيه تقارير عن رغبة الملك محمد السادس، في التخلُّص من حكومة الإخوان، وعدم تمكينهم من الاستمرار ولاية ثالثة، في قيادة الحكومة المغربية.

سخط شعبي

هناك حديث عن احتمالات كبيرة، بخسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم، بسبب حالة عدم الرضا، لدى المغاربة، عن أداء الحزب ومنجزاته، خلال السنوات العشر المنصرمة، التي قاد فيها الحكومة ولايتين متتاليتين، مُني خلالها بانتقادات لاذعة.

وكان حزب العدالة والتنمية المغربي، وصل إلى السُّلطة عام 2011، إبان أحداث ما عرف بـ«الربيع العربي»، التي استغلها الحزب ومارس ضغوطًا سياسية على المملكة المغربية، ما حدا بملك المغرب إلى إجراء تعديلات دستورية حينها، زادت صلاحيات الحكومة.

إلا أن الحزب الذي قاد البلد الإفريقي، فترتين متتاليتين عمرهما 10 سنوات، لم يحقِّق منجزات على أرض الواقع، ما خلَّف حالة من الإحباط والتردد، في الناخبين المغاربة.

طرد رئيس الحكومة

ونتيجة لهذا الإحباط، طرد مواطنون وتجار مغاربة قبل يومين، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، من أحد الأسواق التجارية بمدينة الرباط، وطلبوا منهما الرحيل.

العثماني الذي كان يقود حملته الانتخابية بشوارع الرباط، استقبله المواطنون والتجار بشعارات «ارحل وسير في حالك»، بينما هتف آخرون «لصوص»، فور دخوله سوق آيت باها التجاري بمدينة الرباط، ليفاجأ بمطالبة المواطنين له ولحزبه بالرحيل.

وبحسب المقاطع المتداولة، فإن العثماني وأعضاء حملته الانتخابية، حاولوا التحدُّث مع المواطنين، إلا أن الغضب الذي قوبلوا بها، أجبرهم على الخروج من السوق التجاري والمغادرة.

ورغم ذلك، فإن سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب وهو رئيس الحكومة أيضًا، قال إن «الحزب نجح في حصد نجاحات كبيرة في المشاركة السياسية، حيث أعاد الثقة والنزاهة للعمل السياسي».

لكن ماذا نعرف عن انتخابات الرباط؟ وما عدد مَنْ يحق لهم التصويت؟ وما التحديات التي تواجه حزب العدالة والتنمية؟ وهل يمكن للأخير الفوز بولاية ثالثة؟ هذا ما تجيب عنه «السياق» في هذا التقرير.

بلغ عدد الناخبين في المغرب 17 مليونًا و983 ألفًا و490 ناخبًا من نحو 36 مليون نسمة، عدد سكان المغرب، بحسب البيانات الرسمية.

الانتخابات المغربية التي تجرى غدًا الأربعاء، تجمع بين نظامي القوائم، الذي يطبق في الدوائر التي يسكنها أكثر من 50 ألف نسمة، أما الأقل سكانًا فيطبق عليها نظام الاقتراع الفردي.

يتم توزيع المقاعد بناءً على الأصوات وليس التمثيل النسبي، على أن يعيِّـن ملك المغرب محمد السادس -فور إعلان النتائج النهائية للاقتراع- رئيس الحكومة الجديدة من الحزب المتصدِّر للانتخابات، ويكلِّفه بإعداد لائحة تضم مقترحات بشأن أسماء الوزراء.

ويشارك في الانتخابات المقبلة، 31 حزبًا، إلا أن حزب العدالة والتنمية الائتلاف الحكومي، يرأس لأول مرة في المغرب الحكومة الحالية في ولاية ثانية، بعد فوزه في انتخابات 2011 و2016، وسط توقعات بأن يخسر الولاية الثالثة.

وتحت شعار «المصداقية والديمقراطية والتنمية»، يخوض حزب العدالة والتنمية، الذي فاز بـ125 من أصل 395 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، كاشفًا أن برنامجه يهدف إلى إقرار نظام الحُكم، ومتابعة الإصلاحات الهيكلية ذات الصلة.

وتنحصر المنافسة القوية في الاستحقاق الدستوري، بين الأحزاب الأربعة الكبيرة: «التجمع الوطني للأحرار»، «الأصالة والمعاصرة»، و«حزب الاستقلال» إضافة إلى حزب «العدالة والتنمية».

المنافسون الرئيسيون

مراقبون قالوا إن حزب «التجمع الوطني للأحرار»، الذي يمثِّله 37 نائبًا، في البرلمان المغربي، يعد المنافس الأقوى في الانتخابات المرتقبة، مؤكدين أنه سيسعى إلى قيادة الحكومة المقبلة، مدعومًا برجال الأعمال.

الحزب، الذي يوصف بأنه مقرَّب من القصر -أسسه مقرَّب من الملك الراحل الحسن الثاني في السبعينيات- يتزعمه وزير الفلاحة عزيز أخنوش، الذي قال إن «التجمع الوطني للأحرار قدَّم الوزراء الذين حقَّقوا نتائج ممتازة، في جميع القطاعات الإنتاجية».

وحزب الأحرار معروف باستقطابه نُخب المال والأعمال والإدارة بوزارات قوية، وينفق بسخاء على الحملة الانتخابية، عبر الترويج للمجال الرقمي، بينما تشير تقديرات إلى هوة مالية كبيرة بينه وبين منافسيه.

أحزاب أخرى معارضة في المغرب، ما زالت تبحث لها عن موطئ قدم، في الحكومة المقبلة، وهي الأصالة والمعاصرة، وله 102 نائب في الغرفة الأولى، والاستقلال وله 46 نائبًا، والتقدُّم والاشتراكية وله 12 نائبًا، بينما رجَّح مراقبون أن تكون لحزب الأصالة والمعاصرة، فرص كبيرة في الفوز.

إقبال على التصويت

رغم التنافس القوي بين الأحزاب في المغرب، لنيل أكبر حصة من رصيد حزب العدالة والتنمية، الذي بدأ ينفد لدى الشعب المغربي، فإن مراقبين حذَّروا من أن نسبة الإقبال على الانتخابات المغربية المقبلة، قد تكون ضعيفة جدًا، في ظِل عزوف الناخب المغربي.

من جانبه، قال المحلل السياسي المغربي، مصطفى السحيمي، في تصريحات لـ«فرانس 24»: إن «إقناع نحو 18 مليون مغربي بالتوجُّه إلى مكاتب الاقتراع، يبقى الرهان الأول في هذا الاستحقاق»، مشيرًا إلى أنه في ظِل غياب استطلاعات رأي لتوجُّهات الناخبين، أظهرت نتائج دراسة لمؤشر الثقة، نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات في فبراير، أن 64% من المغاربة لا ينوون المشاركة في هذه الانتخابات.

إلا أنه حذَّر من أن انخفاض نسبة المشاركة العامة، في الانتخابات المغربية المرتقبة، قد يصب في مصلحة حزب العدالة والتنمية، تأسيسًا على وجود قاعدة للحزب تصوِّت له في كل الأحوال.

هذا بينما يستعد أكثر من 100 مراقب، من 19 منظمة دولية، لمراقبة الانتخابات المغربية المقرر تنظيمها في الثامن من سبتمبر الجاري.

4600 مراقب

وكشفت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، أمينة بوعياش، في تصريحات صحفية، اعتماد أكثر من 4600 مراقب لمراقبة عملية الاقتراع من منظمات وطنية عدة، مشيرة إلى أن المجلس الوطني سيشارك بأكثر من 550 ملاحظًا.

بدورها، أعربت بعثة جامعة الدول العربية، لملاحظة الانتخابات المغربية، عن تطلعها إلى أن يجرى هذا الاستحقاق الانتخابي في أفضل الأحوال، وأن تعكس نتائجه إرادة الشعب المغربي، في اختيار ممثليه وفق إرادته الحرة. 

وقالت الجامعة العربية -في بيان- إنها ستلتقي خلال مهمتها مختلف الأطراف المعنية بالإعداد والتنظيم لهذه الانتخابات، على أن تصدر بيانها التمهيدي، عقب انتهائها من عملية الملاحظة، وسترفع تقريرها النهائي، إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وسيتضمَّن ملاحظاتها التفصيلية عن المهمة والتوصيات الخاصة بذلك، على أن يرسله الأمين العام، إلى الجهات المعنية في المملكة المغربية.