كيف فشل جيك سوليفان في آخر اختبار لإيران؟

يرى مايكل روبين، أن سقوط النظام الإيراني بشكله الحالي، لن يوقف الخطر النووي فحسب، ولكن إرهاب طهران ومحاولاتها لزعزعة استقرار الجيران باسم -تصدير الثورة- وقمع النساء والأقليات العِرقية والدينية قد ينتهي أيضًا قريبًا.

كيف فشل جيك سوليفان في آخر اختبار لإيران؟
جيك سولفان

ترجمات - السياق

قال الباحث والمؤرخ الأمريكي، مايكل روبين، إن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، فشل في آخر اختبار لإيران. مشيرًا إلى أن محاولة ربطه بين حقوق الإنسان في طهران -بعد انتقاده لطريقة تعامل الأمن مع المتظاهرين- وملفها النووي، قد لا يأتي بالنتيجة المرجوة، إلا في حالة واحدة.

كان سوليفان قال في حديث لشبكة سي بي إس الأمريكية الأحد الماضي: إن دعم المتظاهرين الإيرانيين واستمرار المفاوضات مع إيران بشأن أسلحتها النووية غير المشروعة لا يستبعد أحدهما الآخر.

وأوضح، أنَّ المفاوضات مع إيران على برنامجها النووي لا تؤثر بأي شكل من الأشكال على نية واشنطن وإصرارها على انتقاد ما يجرى في شوارع طهران، مضيفًا: "نحن اتخذنا خطوات ملموسة لمعاقبة شرطة الآداب التي تسببت بوفاة مهسا أميني، كما اتخذنا خطوات لمساعدة الإيرانيين على الحصول على الإنترنت وتقنيات التواصل التي تسمح لهم بالحديث مع بعضهم البعض ومع العالم.. فمن جهتنا، سنقوم بما يلزم لحماية الإيرانيين الشجعان".

واعتبر سوليفان أن هدف المفاوضات هو منع إيران من الحصول على سلاح نووي، مشددًا على أن الولايات المتحدة "مُصرّة على النجاح في سعيها هذا"، إلا أنه رفض الاتهامات التي تقول إن الإعفاءات من العقوبات جراء أي اتفاق نووي ستقوّي من نظام طهران.

وقال: "نحن نستخدم الديبلوماسية من أجل منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية.. إذا نجحنا في هذه الجهود ونحن مصممون على النجاح فسيكون العالم وأمريكا وحلفاؤنا أكثر أمانًا"، إلا أنه أوضح أن "ذلك لن يمنعنا بأي شكل من الأشكال من التحدث علانية عن قمع السلطات الإيرانية الوحشي لمواطنيها ونسائها.. يمكننا التفاوض والتحدث عن هذا الأمر في نفس الوقت".

واستطرد: "نجري مفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، وهذا الأمر لا يؤثر بأي حال من الأحوال على استعدادنا في التحدث علنًا عما يحدث في شوارع إيران حاليًا".

 

سوليفان مخطئ

وردً على هذه التصريحات، رأى روبين في تحليل نشرته صحيفة واشنطن إكزامنير الأمريكية، أن "سوليفان مخطئ"، مشيرًا إلى أن الحرس الثوري الإسلامي ليس جيشًا عاديًا مكلفًا بالدفاع عن الأراضي فقط، وإنما بصفته مدافعًا عن الثورة الإسلامية وقيمها، فإنه يرى أن الأعداء الخارجيين والإيرانيين أصحاب العقول الحرة يشكلون تهديدًا مماثلًا.

وبيّن الكاتب، أن الحرس الثوري لا يسيطر (عمليًا) على البرنامج النووي، والاقتصاد الإيراني فحسب، وإنما ينسق أيضًا عمليات القمع الداخلي ضد المتظاهرين والمعارضين.

وأوضح، أنه نظرًا لأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تتقبل المزيد من التنازلات في سياستها مع طهران، وأوقفت سياسة الضغط الأقصى التي كان يتبعها سلفه الرئيس دونالد ترامب، وترفض فرض العقوبات الحالية، أملًا في استعادة الاتفاقية النووية لعام 2015، فإنها تعمل على ضخ الأموال في نظام القمع للجمهورية الإسلامية، وهو ما يساعد الحرس الثوري على فرض سياسته سواء على المستوى الخارجي أو الداخلي.

وقال: "قد يعطي مسؤولو إدارة بايدن أحيانًا كلمة دعم لحقوق الإنسان في إيران، لكن هذا لا يمثل أي أهمية بالنسبة للمرأة الإيرانية التي تخاطر بكل شيء في الشوارع، فضلًا عن أن هذه الكلمة لن توقف القيادة الدينية هناك عن القمع"، مستشهدًا بمواقف واشنطن السابقة من مطالبة حركة طالبان باستمرار، باحترام المرأة الأفغانية، وهو ما لم يحدث على الأرض حتى الآن.

وشدد الكاتب على أن السبيل الوحيد لتمكين الشعب الإيراني وإنهاء البرنامج النووي هو ضمان انتصار الشعب الإيراني على النظام، معتبرًا أن محاولة التوصل لاتفاق نهائي بشأن البرنامج النووي الإيراني يُعد بمثابة مكافأة لنظام يكذب باستمرار.

وأضاف: "في الواقع، سوليفان، الذي بدأ المحادثات الإيرانية السرية كمساعد لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون منذ أكثر من عِقد من الزمان، بات الآن مغيبًا عن الواقع ويخلط بين عملية المفاوضات والنتيجة المرجوة".

 

منطق قصير النظر

ووصف روبين، الطريقة التي تدير بها إدارة بايدن المفاوضات مع إيران، بأنها "قصيرة النظر"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة كانت قد سلكت هذا الطريق من قبل، إذ إنه قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، نصح الدبلوماسيون والمستشارون للرئيس جورج بوش الأب، -الذي قضى كل حياته المهنية في التفاوض مع نظرائه السوفييت، على اتفاقيات الحد من التسلح- بمعارضة استقلال أوكرانيا، بدعوى أنه إذا انهار الاتحاد السوفيتي- الخصم الرئيس لأمريكا على مدى نصف القرن الماضي- فإن الاتفاقات التي تفاوضوا عليها قد تصبح أيضًا موضع نقاش.

وأشار إلى أنه في حديثه إلى المشرعين الأوكرانيين حينها، قال بوش: "نحن ندعم النضال في هذا البلد العظيم من أجل الديمقراطية والإصلاح الاقتصادي"، وحذر من أن "الحرية ليست مثل الاستقلال"، كما شرع في الإشارة إلى العلاقات مع الاتحاد السوفيتي، وربط أوجه الشبه -بين أوكرانيا والاتحاد والسوفيتي- بتلاقي الولايات الأمريكية بعد الإخفاقات والشكوك المتبادلة الموجودة في المؤتمر القاري الأول والثاني، الخاصين بإعلان الاستقلال وقيام الجمهورية الأمريكية.

وأمام ذلك رأى روبين، أن بوش الأب أخطأ عندما أعطى الأولوية للحفاظ على نظام القمع الفاشل على الحرية المحتملة لملايين الناس.

وبالمثل -حسب الكاتب- فإن المشكلة مع إيران لم تكن ببساطة في ترسانتها النووية المحتملة فحسب، بل كانت بالأحرى في النظام الذي قد يستخدم مثل هذه الأسلحة.

وأشار إلى أنه لطالما كان الشعب الإيراني أكثر اعتدالًا من النظام الذي يزعم أنه يمثله، ومن ثمّ "بدلًا من الانخراط في مفاوضات مع نظام يحتضر، يجب على سوليفان أن يدرك أن زوال الجمهورية الإسلامية قد يحل أكثر مما يمكن لدبلوماسية إدارة بايدن أن تحله".

وخلص روبين في تحليله إلى القول: "سقوط النظام الإيراني بشكله الحالي، لن يوقف الخطر النووي فحسب، ولكن إرهاب طهران ومحاولاتها لزعزعة استقرار الجيران باسم (تصدير الثورة) وقمع النساء والأقليات العِرقية والدينية قد ينتهي أيضًا قريبًا".

وأضاف: "يجب ألا يكرر الرئيس جو بايدن أخطاء بوش الأب، ولا ينبغي على سوليفان أن يعيد ما فعله مستشار بوش للأمن القومي برنت سكوكروفت، وإنما يجب عليهما بدلًا من ذلك أن يدركا أن الدبلوماسية (سيئة التوقيت وغير المدروسة) تضر أكثر مما تنفع".