قمع النساء في إيران مستمر.. صحفيات يدفعن ثمن تغطية الاحتجاجات
بحسب منظمة مراسلون بلا حدود والاتحاد الدولي للصحفيين، فإن 25 صحفيًا جرى اعتقالهم في إيران على خلفية تغطيتهم للاحتجاجات خلال الأيام الماضية.

ترجمات – السياق
مع استمرار التظاهرات الغاضبة في إيران لليوم الـ 14؛ احتجاجًا على وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام على توقيفها من جانب شرطة الأخلاق، كثّفت السلطات الإيرانية، الضغوط على الصحفيين الذين يغطون الاضطرابات المترامية الأطراف في البلاد.
وكشفت شبكة بلومبرغ الأمريكية، عن اعتقال السلطات ما لا يقل عن 26 مراسلًا ومصورًا منذ اندلاع المظاهرات في 16 سبتمبر، وفقًا للجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك.
وبحسب منظمة مراسلون بلا حدود والاتحاد الدولي للصحفيين، فإن 25 صحفيًا جرى اعتقالهم في عموم المناطق الإيرانية أثناء قمع الاحتجاجات الشعبية خلال الأيام الماضية، والتي اندلعت على خلفية مقتل الشاب مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق.
إلى ذلك، دعا الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، أنتوني بيلانغر، السلطات الإيرانية إلى إطلاق سراح الصحفيين في سجونها، ورفع القيود الأمنية عن المحتجين، ولا سيما وضع حد لتعطيل الإنترنت في المحافظات الإيرانية.
كانت مهسا أميني، 22 عامًا، لقيت حتفها أثناء احتجازها من قِبل شرطة الآداب في طهران، بدعوى عدم ارتدائها الحجاب بالشكل اللائق، مما تسبب في خروج احتجاجات تعد الأكبر منذ ثورة 1979.
حبس انفرادي
وذكرت بلومبرغ، أن من بين المحتجزين نيلوفر حميدي، مراسلة صحيفة شرق الإصلاحية، والتي كانت من أوائل الصحفيين الذين كتبوا عن قضية أميني، مشيرة إلى أنه تم احتجازها في الحبس الانفرادي بسجن إيفين -سيئ السمعة- بالعاصمة طهران الأسبوع الماضي، وفقًا لتغريدة محاميها محمد علي كامفيروزي.
فيما كتب زوجها محمد حسين أغورلو، أنَّ زوجته تخضع للاستجواب في سجن إيفين دون إبلاغها بالتهم الموجهة إليها.
وحسب الزوج، فإن "حميدي" اعتقلت بعد مداهمة منزلها يوم الخميس الماضي من قِبل عناصر تابعين لوزارة الإعلام، الذين نهبوا الممتلكات وصادروا أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الخاصة بها.
والأسبوع الماضي كانت حميدي من أوائل الصحفيين الذين كتبوا عن دخول مهسا إلى المستشفى بعد أن دخلت في غيبوبة على يد شرطة الآداب الإيرانية.
وبعد الإبلاغ عن نقل مهسا إلى مستشفى الكسرة، نشرت "حميدي" صورة لوالدي الفتاة وهما يتعانقان في ممر المستشفى، والتي انتشرت بسرعة عبر الإنترنت.
وبحسب صحيفة شرق، فقد ألقي القبض أيضًا على إلهة محمدي، مراسلة صحيفة هاميهان، بعد أن غطت جنازة أميني.
وحسب منظمة مراسلون بلا حدود شملت القائمة كلًّا من الصحفيين، مجتبى رحيمي، وعلي رضا خوشبخت، وروح الله نخعي، وخسرو كردبور مدير تحرير وكالة أنباء "موكريان"، ورئيس تحريرها مسعود كردبور، ومرضية طلائي وعلي خطيب زاده صحافيي، وإيمان به بسند، وويدا رباني، وكذلك المصور الصحفي أحمد حلبي ساز، وبتول بلالي، وسميرة علي نجاد، والصحفية الأحوازية، مهرنوش طافيان.
وذكرت بلومبرغ، أن الشرطة الإيرانية اعتقلت آلاف الأشخاص في أنحاء إيران بينما قُتل عشرات المحتجين في اشتباكات مع قوات الأمن.
وكانت آخر مرة علقت فيها السلطات على ضحايا الاحتجاجات يوم السبت عندما قالت وسائل إعلام رسمية، إن 41 شخصًا قتلوا، فيما قالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو يوم الثلاثاء الماضي: إنَّ عدد القتلى بلغ 76 متظاهرًا.
قمع الصحفيات
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن قوات الأمن الإيرانية، لم تلبث أن تواصل اعتقال الصحفيات، في حملة قمع غير مسبوقة، خصوصًا اللاتي يغطين المظاهرات التي خرجت في شتى البلاد احتجاجًا على مقتل "أميني".
وأفادت بأن الشرطة الإيرانية اعتقلت أيضًا قبل ثلاثة أيام، الناشطة "مهرنوش طافيان"، وهي مراسلة صحفية من مدينة الأهواز -موطن الجالية العربية الإيرانية- جنوب غرب البلاد، بحسب لجنة حماية الصحفيين.
كانت طافيان معتقلة من قبل ومعروفة بتغطيتها لاحتجاجات نوفمبر 2019 في خوزستان، والتي قُمعت بِعنف من قِبل قوات الأمن آنذاك.
وحسب لجنة حماية الصحفيين، تم اعتقال العديد من المحررين والمراسلين العاملين في وسائل الإعلام الكردية، لنفس السبب؛ تغطية المظاهرات التي خرجت احتجاجًا على مقتل أميني.
و"أميني" التي تعود جذورها إلى مدينة ساغز في إقليم كردستان بغرب إيران، قد أثارت وفاتها ردود فعل قوية في أنحاء البلاد، وبشكل خاص في المنطقة الكردية، حيث يتهم المواطنون، الحكومة بالمسؤولية عن مقتلها.
أما المصورة يلدا معويري فقد استخدمت -حسب بلومبرغ- موقع التواصل الاجتماعي "انستغرام" لإخبار متابعيها البالغ عددهم 52000 أنها ستُدخل السجن بعد تعرُّضها للضرب والاعتقال من قِبل الشرطة أثناء تغطيتها للاحتجاجات في طهران في 19 سبتمبر.
وقالت "يلدا معيري" في تسجيل مسرب من سجن "قرشك": "أحوالنا هنا سيئة للغاية، هناك مشاجرات وضرب كل يوم، ليس لدينا أمن، تمَّ وضع أكثر من 100 شخص في قاعة رياضية بدون مرافق وبدون تهوية، لا يوجد سوى ثلاثة مراحيض ودورات مياه لهؤلاء المعتقلين".
رقابة صارمة
وتخضع وسائل الإعلام في إيران لرقابة صارمة من قِبل الدولة، ولا يُسمح للصحفيين بالعمل إلا إذا حصلوا على موافقة واعتماد حكومي رسمي.
كما تعتمد جميع الصحف ووكالات الأنباء على تمويل الدولة، وغالبًا ما تعكس إما وجهات النظر المحافظة للمؤسسة أو آراء الفصائل السياسية الأكثر اعتدالًا.
وأشارت بلومبرغ إلى أن "قلة قليلة من وسائل الإعلام والصحف تعمل مستقلة جزئيًا عن الدولة، إلا أن انتقاداتها للقيادة الإسلامية غالبًا ما تكون (ناعمة) وغير مؤثرة".
ورغم ذلك، إلا أنَّ الشبكة الأمريكية شددت على أنه غالبًا ما يتعرض الصحفيون لضغوط لعدم كتابة تقارير تنعكس بشكل سيئ على القادة، أو تركز على حقوق الإنسان أو حقوق الأقليات والجماعات المحظورة.