وسط تحديات عدة... مستقبل دبي بين أميري الإعلام والأرقام
دبي بين رجلي الإعلام والأرقام... مستقبل المدينة بيد الأميرين الشابين

ترجمات - السياق
متكئة على رجلي الإعلام والأرقام، بات مستقبل مدينة دبي بين «يدي أميرين مختلفين للغاية»، هما نجلا حاكمها، محمد بن راشد آل مكتوم.
فالأميران الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم (39 عامًا)، ولي عهد دبي، وشقيقه الشيخ مكتوم (38 عامًا) اللذان يختلفان كثيرًا في طريقة إدارتهما، يواجهان «مهمة حماية مكانة دبي كمركز أعمال بارز في الشرق الأوسط، وسط المنافسة الإقليمية والتدقيق الدولي، في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا، بحسب وكالة بلومبيرغ الأمريكية.
إلا أن كلا الأميرين أثبت نجاحًا منقطع النظير في مهمته، فالشيخ حمدان الذي «يتميز بشخصيته الشابة والديناميكية» التي ساعدته في بناء علاقات بسكان دبي، أثبت أنه محوري لدبي كسوق مالي هذا العام، حيث يتولى زمام المؤسسات المترامية الأطراف في الإمارة التي تديرها الدولة.
أما شقيقه مكتوم فيظهر في صورة رجل قد يكون أقل بروزًا في المشهد الاجتماعي بالمدينة، لكن تأثيره يلقى إشادة المستثمرين الأجانب، ويجعل المديرين التنفيذيين في الشركات التي تديرها الحكومة واقفين على أصابع أقدامهم.
منافسة إقليمية
واستعرضت وكالة بلومبيرغ في تقريرها الذي ترجمته «السياق»، ملامح من شخصية الأميرين، اللذين لم يتجاوزا الـ40 من العمر، والمسؤولية الملقاة على عاتقهما، ومدى تأثيرهما الحالي في المدينة، وسط «منافسة» إقليمية اشتدت وتيرتها مع دخول المملكة العربية السعودية بقوة على خط المنافسة، برغبتها في محاكاة دبي كنقطة جذب للمواهب الأجنبية والاستثمار.
وتقول الوكالة الأمريكية، إن الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم (39 عامًا)، ولي عهد دبي، وشقيقه الشيخ مكتوم (38 عامًا) «كُلفا بالحفاظ على مكانة المدينة كمركز أعمال في الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أنه نظرًا لأن والدهما، حاكم دبي، البالغ من العمر 73 عامًا، يمنحهما مزيدًا من المسؤولية، فقد خصصا مكانة لهما في المدينة.
ونقلت الوكالة عن ناصر الشيخ، المدير العام السابق للدائرة المالية في دبي، الذي ساعد في توجيه الإمارة خلال أزمة 2009، قوله: «فكر في الأمر على أنه شركة... حمدان هو رئيس مجلس الإدارة ومكتوم هو الرئيس التنفيذي. حمدان هو وجه دبي وولي العهد، لكن القرارات في جميع القضايا تتخذ بعد التشاور بين الشقيقين».
الشيخ حمدان
تقول «بلومبرغ»، إن الشيخ حمدان، الملقب بـ«فزاع»، وهي كلمة تعني الاندفاع لمساعدة الآخرين، عُيِّـن وليًا للعهد، عام 2008.
وعن ملامح شخصية الشيخ حمدان، تقول «بلومبرغ»، إن حسابات ولي عهد دبي على وسائل التواصل الاجتماعي تمتلئ بصور رسمية، لكن له أيضًا صور أثناء القفز بالمظلات وتسلق الجبال وركوب الخيل، أو الوقوف على قمة أطول برج في العالم.
وأوضحت أن لديه 14.6 مليون متابع على موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام»، ويختلط بالناس في مراكز التسوق والمطاعم في دبي، ما يمثل استمرارًا لصورة والده «القائد الودود».
ويرافق حمدان والده في معظم الاجتماعات مع حكام آخرين في الإمارات، ويرأس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، الذي يضم شقيقه، بينما يقول موقع المجلس على الإنترنت إن حمدان «يتميز بشخصيته الشابة والديناميكية» التي ساعدته في بناء علاقات بسكان دبي، فضلًا عن أنه يرأس مجلس إدارة صندوق الثروة السيادي للإمارة.
وتقول «بلومبرغ»، إن ولي العهد الذي وصفته بـ«صاحب الشخصية الجذابة»، رئيس تسويق في مدينة مبنية على التألق وقدرتها على جذب رؤوس الأموال وملايين السياح، مشيرة إلى أن الشيخ حمدان أثبت أنه محوري لدبي كسوق مالي هذا العام، حيث يتولى زمام المؤسسات المترامية الأطراف في الإمارة التي تديرها الدولة.
مكتوم... «رجل الأرقام»
ومن ولي عهد دبي إلى شقيقه مكتوم بدا الاختلاف واضحًا، فالأخير يظهر «في صورة رجل قد يكون أقل بروزًا في المشهد الاجتماعي بالمدينة، لكن تأثيره يلقى إشادة المستثمرين الأجانب، ويجعل المديرين التنفيذيين في الشركات التي تديرها الحكومة واقفين على أصابع أقدامهم»، بحسب «بلومبرغ».
وانطلق الأمير مكتوم إلى دائرة الضوء عندما عُيِّـن وزيرًا للمالية في سبتمبر 2021 بعد وفاة عمه، إلا أنه لفت أنظار المستثمرين بسبب دوره في بيع أسهم للشركات المملوكة للإمارة، بعد أن طالبوا لسنوات بإدراج تلك الشركات لتعزيز سوق الأسهم في دبي.
وتقول «بلومبرغ»، إن الأمير مكتوم لديه دور حازم في التدقيق على الموارد المالية للشركات التي تسيطر عليها الدولة في دبي، والتي كان بعضها ضمن أزمة دبي المالية عام 2008.
منذ توليه رئاسة هيئة التدقيق المالي، أمر الأمير الشاب بإجراء تحقيقات مالية في العديد من الشركات الحكومية، عند الاشتباه في فساد محتمل، وفق مطلعين على الأمر، قالوا إنه «يجعل الاجتماعات الرسمية قصيرة وجادة وفي صلب الموضوع».
تغييرات إيجابية
ونقلت الوكالة الأمريكية عن مصرفي قوله إن الشيخ مكتوم، الذي يتولى منصب نائب رئيس الوزراء، نائب حاكم دبي، يطلب تحديثات بشأن مشروعات محددة في بعض الأوقات، في وقت متأخر من الليل، أو في عطلات نهاية الأسبوع.
بينما قال المحلل المالي طارق فضل الله، في تصريحات لـ«بلومبرغ»: «حدث تغيير إيجابي في بورصات الإمارات منذ تولي الشيخ مكتوم السلطة... هو من جيل يرتاح للتغيير السريع».
ويهدف الشيخ مكتوم إلى ضمان عدم تكرار أزمة عام 2009، عندما تطلبت المدينة خطة إنقاذ بـ 20 مليار دولار من أبوظبي، بحسب «بلومبرغ»، التي قالت إنه كان في ذلك الوقت، في أوائل العشرينيات من عمره.
وبينما كانت دبي على شفا التخلف عن السداد، استدعى الأمير مكتوم، ناصر الشيخ، المدير المالي للمدينة في ذلك الوقت، لاستعراض الوضع المالي.
وقال الشيخ لـ«بلومبيرغ»: «طلب مني الجلوس معه وتصفح الأرقام... أراد أن يعرف أين كانت نقاط التوتر وما سببها».
عقبات جديدة
ومن تلك العقبات توجه السعودية إلى جذب المواهب الأجنبية، التي ربما انتهى بها المطاف في دبي، إلا أن الإمارات استجابت بسرعة لجعل الدولة أكثر جاذبية للشركات الأجنبية وتشجيع الوافدين، بحسب «بلومبرغ».
وقالت نجلاء القاسمي، الباحثة في مركز دبي لأبحاث السياسة العامة، التي عملت أيضًا سفيرة لدولة الإمارات: «يلعب الشيخ مكتوم حاليًا الدور المحدد له، وهو دور تقني»، مشيرة إلى أن «دور الشيخ حمدان -كولي للعهد- سياسي بدرجة أكبر. إنه محبوب جدًا من السكان والقبائل، وقادر أيضًا على التواصل وجذب مجتمع المغتربين الكبير في دبي».
واختتمت «بلومبرغ» تقريرها بقولها، إن مستقبل دبي «يعتمد على الديناميكية بين الأخوين، فالشيخ حمدان يخلف والده -نهاية المطاف- كوجه للمدينة، بينما يرسخ الشيخ مكتوم دوره كرجل الأرقام».