مع استمرار فرار الروس من التجنيد.. هكذا يحاول الكرملين ضبط الحدود

وفقًا لوسائل إعلام غربية، عبر ما يقرب من 100 ألف روسي إلى كازاخستان منذ صدور أمر التعبئة، يضاف إليهم الآلاف من المتجهين إلى أرمينيا وجورجيا ومنغوليا ودول الشمال الأوروبي.

مع استمرار فرار الروس من التجنيد.. هكذا يحاول الكرملين ضبط الحدود

ترجمات - السياق

رغم وصف الكرملين أنباء هروب الشباب من روسيا بمبالغات أوروبية وجدت موسكو  نفسها أمام اختبار صعب على أرض الواقع بعد فرار قرابة الـ 200 ألف روسي على الأقل واضطرار الكرملين  إلى إرسال قوات الأمن الفيدرالية إلى المعابر الحدودية محاولة لمنع الشباب الروسي من الهروب.

ووصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الأمر بأن قوات الأمن الروسية تنتظر الهاربين من التجنيد على الحدود، مشيرة إلى إرسال قوات الأمن الفيدرالية إلى المعابر الحدودية، في محاولة لمنع الشباب الروس من الفرار إلى دول مثل جورجيا وكازاخستان ومنغوليا، هربًا من التجنيد والتعبئة الجزئية التي أعلنها بوتين قبل أيام.

الرئيس الروسي وصف قراره بالضروري لحماية شعبه من الحرب التي يشنها الغرب بشكل جماعي على موسكو، مشيرًا إلى أن التعبئة تستهدف جنود الاحتياط ومن التحقوا في السابق بالجيش الروسي ومن يمتلكون خبرة عسكرية.

وذكرت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها: "أرسل الكرملين المزيد من القوات لدعم جهوده الحربية المتعثرة ، لكن هذه الوحدات لم تتجه هذه المرة إلى أوكرانيا، بل إلى حدود روسيا مع دول أخرى، حيث كانوا يواجهون شبانًا يحاولون الانضمام إلى هجرة جماعية خارج البلاد".

وأشارت إلى أنه في محاولة لتضييق سُبل هروب الروس من أمر التجنيد الصادر الأسبوع الماضي ، أرسل جهاز الأمن الفيدرالي عربات مدرعة إلى الحدود ، لمنع مئات الشباب الذين تلقوا أوراق استدعاء عسكرية من الهروب، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية.

ووفقًا لوسائل إعلام غربية، عبر ما يقرب من 100 ألف روسي إلى كازاخستان منذ صدور أمر التعبئة، يضاف إليهم الآلاف من المتجهين إلى أرمينيا وجورجيا ومنغوليا ودول الشمال الأوروبي.

فيما قالت وكالة الحدود الأوروبية فرونتكس، الثلاثاء: إن عدد الروس الذين دخلوا الاتحاد الأوروبي قفز بعد التعبئة الجزئية التي أمرت بها موسكو، ومن المرجح أن تزداد وقائع العبور غير القانونية إذا قررت روسيا إغلاق الحدود أمام المجندين المحتملين.

وأضافت فرونتكس في بيان "خلال الأسبوع الماضي، دخل ما يقرب من 66 ألف مواطن روسي إلى الاتحاد الأوروبي، أي أكثر من 30 بالمئة مقارنة بالأسبوع السابق له، ووصل معظمهم إلى فنلندا وإستونيا".

 

اندفاع

وبينّت نيويورك تايمز، أن الاندفاع إلى الحدود بدأ في غضون ساعات من إعلان بوتين  التعبئة العسكرية، مشيرة إلى أنه رغم  نفي الكرملين  التقارير التي تفيد بأنه قد يمنع جميع الشباب في سن التجنيد من مغادرة البلاد لم  يخاطر العديد من الروس  بالبقاء في البلاد، خوفًا من استدعائهم.

ففي كازاخستان  ردًا على الدعوات بإغلاق الحدود التي يبلغ طولها 4600 ميل مع روسيا ، حث الرئيس قاسم غومارت توكاييف على "الإنسانية والصبر والتنظيم" ، قائلاً إن الروس "أُجبروا على المغادرة بسبب الوضع الحالي اليائس".

وفي جورجيا، أشارت الصحيفة إلى أنه مع اصطفاف السيارات لأميال على حدودها وتنتظر أكثر من 48 ساعة ، أعلنت السلطات أنها ستسمح للزوار بالدخول سيرًا على الأقدام، وقال وزير الداخلية في البلاد: إن عدد الساعين للدخول تضاعف تقريبًا خلال الأسبوع الماضي ، ليصل إلى نحو 10 آلاف في اليوم.

وقال جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ، -التابع لجهاز الأمن العام- ، في بيان: إنه تم نشر المزيد من القوات على المعابر الحدودية لضمان عدم مغادرة جنود الاحتياط البلاد "دون استكمال الإجراءات على الحدود".

فيما قالت إدارة الحدود التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي: "المركبات المدرعة تتحرك هناك، لكنها لا تتحرك لإقامة نقاط تفتيش، إنها، بالمعنى التقريبي، احتياطي لأي حالات غير متوقعة".

وأضافت: "لن تقام أي نقاط تفتيش.. الحواجز تعمل بشكل طبيعي، ولم يتم فرض قيود على مغادرة المواطنين الذكور في سن التجنيد".

 

فزع أوروبي

بالتوازي مع التوتر على الحدود الروسية، تصاعدت التوترات أيضًا في أوروبا، حيث وجه بعض المسؤولين أصابع الاتهام إلى موسكو بعد اكتشاف تسريبات مشبوهة في خطي أنابيب غاز يمتدان من روسيا إلى ألمانيا تحت بحر البلطيق، وسط مخاوف بشأن التخريب المحتمل.

وقالت شبكة الزلازل الوطنية السويدية إنها رصدت انفجارين كبيرين تحت البحر، الاثنين الماضي، بالقرب من مواقع التسريبات ، وتجري ثلاث دول تحقيقات في الحادث.

وحسب نيويورك تايمز، ينظر الأوروبيون أيضًا بقلق شديد إلى التحرك الروسي "سياسيًا" لضم مناطق أوكرانية، مشيرة إلى أنه بعد انتهاء الاستفتاءات في أربع مناطق تحتلها روسيا -دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا-، ادعت موسكو النصر، لفصل هذه المناطق عن أوكرانيا، حتى قبل اكتمال فرز الأصوات المزعوم.

وأوضحت، أنه مع القليل من الغموض حول النتيجة المزعومة للتصويت ، -الذي تم إجراؤه تحت حراسة مسلحة- ، كان السؤال الوحيد الذي بقي معلقًا في نهاية اليوم هو متى ستعلن الحكومة الروسية ضم المناطق الأربعة في شرق وجنوب أوكرانيا رسميًا.

وفي مواجهة ذلك، وصفت جماعات حقوقية ومسؤولون غربيون، الاستفتاءات بأنها "بروفة وهمية على الديمقراطية".

فعلى مدى أربعة أيام ، تم التلاعب بالأوكرانيين بالقهر والتخويف للإدلاء بأصواتهم في استفتاءات أدارها الكرملين، حيث مزجت السلطات الروسية ووكلائها في أوكرانيا تكتيكات التخويف البدائية - بما في ذلك وضع رجال مسلحين داخل مراكز الاقتراع - مع رسائل أخرى تتضمن معاني السيطرة الكاملة، فضلا عن تنظيم عدة حفلات في الساحات المركزية، والتي لم يشهدها إلا القليل.

وهو ما أكده دميترو أورلوف ، عمدة مدينة ميليتوبول المنفي ، الذي قال للصحيفة الأمريكية: إن نتائج التصويت لا معنى لها بسبب تكتيكات التخويف، مضيفًا: "إنهم يدقون الأبواب والأجراس بوحشية، ثم يعطون المواطنين ورقة اقتراع ويشيرون ببنادقهم إلى مكان وضع العلامة".

 

إدانات واسعة

وبينّت نيويورك تايمز، أن الاستفتاءات لاقت إدانة دولية واسعة ، وتعهد زعماء العالم بعدم الاعتراف بالنتائج المفترضة، لكن ذلك لم يمنع موسكو من الإعلان عنها.

كانت وسائل الإعلام الروسية الرسمية ، أعلنت -مساء الثلاثاء- ما وصفته بنتائج تظهر مستويات هائلة من الدعم للانضمام إلى روسيا، وذكرت وكالة الأنباء الروسية "تاس"، أن 93% من الناخبين في منطقة زابوريجيا الأوكرانية عبروا عن تأييدهم للانضمام إلى روسيا، فيما أعلنت  لجنة الانتخابات بمقاطعة خيرسون أن أكثر من سبعة وثمانين بالمئة من المشاركين في الاستفتاء صوتوا لمصلحة الانضمام إلى روسيا، بينما أيد نحو 93.95 في المائة في دونيتسك و 98.53 في لوهانسك الانضمام لموسكو.

فيما يقول مسؤولون أوكرانيون وغربيون: إن روسيا قد تستخدم هذه الاستفتاءات لتلفيق ذريعة أخرى للحرب ، بعد أكثر من سبعة أشهر من بدء الغزو الشامل.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه خلال الأيام المقبلة ، بينما تواصل القوات الأوكرانية معركتها لاستعادة الأراضي التي استولت عليها القوات الروسية في الشرق والجنوب ، فإنه من المتوقع أن تؤكد موسكو أن أوكرانيا تهاجم روسيا ، وليس العكس، وأنها ستدافع عن نفسها وسيادة أراضيها الجديدة بأي وسيلة.

وهو ما أكده بالفعل، ديمتري ميدفيديف ، الرئيس السابق لروسيا والذي يشغل الآن منصب نائب رئيس مجلس الأمن في البلاد ، والذي قال في تغريدة على موقع "تلغرام" أمس: إن موسكو لها الحق في الدفاع عن نفسها بالأسلحة النووية إذا جرى تجاوز حدودها وإن هذا "بالتأكيد ليس خدعة".

وحذر ميدفيديف، من أن موسكو لها الحق في الرد "دون كثير من المشاورات"، مع تصاعد التوتر بشأن الاستفتاءات التي أجريت في مساحات شاسعة من المناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا.

وترى الصحيفة الأمريكية، أنه على الرغم من كل ما سمتها هذه "المسرحيات الواهية" ، والعبثية في بعض الأحيان للاستفتاءات ، فقد كانت التداعيات الأمنية على أوروبا خطيرة للغاية ، فيما استقبل الأوكرانيون الأمر برعب وتوتر بشأن المدى الذي يمكن أن يذهب إليه بوتين بعد ذلك.

ونقلت الصحيفة عن أولكسندر دانيليوك ، السكرتير السابق لمجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني: "الجميع في أوروبا وأوكرانيا يشعر بالقلق إزاء إمكانية لحوء بوتين إلى استخدام الأسلحة النووية".

يذكر أن الضم الرسمي يتطلب تصويتًا في البرلمان الروسي، فيما ذكرت وكالة المخابرات العسكرية البريطانية أنه من المقرر أن يلقي بوتين كلمة أمام "الدوما" يوم الجمعة 30 سبتمبر، مشيرة إلى إمكانية إجراء التصويت داخل البرلمان على الضم، وبالتأكيد سينال موافقة الأغلبية، ما يعني أنه بدءًا من الجمعة المقبل ستكون هذه المناطق -دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا- روسية بشكل رسمي.

 

مخاوف أوكرانية

من جانبهم، أعرب الأوكرانيون عن مخاوفهم من أن تكون إحدى النتائج المباشرة للضم هي التجنيد في الجيش الروسي ، مما يجبر من هم في هذه الأراضي المحتلة على حمل السلاح ضد بلدهم.

وأشارت نيويورك تايمز، إلى أنه في أجزاء من "لوهانسك ودونيتسك" ، التي تسيطر عليها روسيا ووكلائها منذ عام 2014 ، هذا هو الحال بالفعل.

وبينّت أنه بعد عدة أشهر من الخسائر الفادحة ، قد تحتاج روسيا إلى كل المساعدة التي يمكنها الحصول عليها لمواصلة جهودها الحربية، ومن ثمّ من الممكن تجنيد مئات الشباب في هذه المناطق.

ويقدر المسؤولون الغربيون أن ما يصل إلى 80 ألف جندي روسي قتلوا أو جرحوا في الحرب ، فيما طُردت القوات الروسية -خلال الأسابيع الأخيرة- من الأراضي التي استولت عليها في وقت سابق من القتال.

وفي مواجهة هذه الخسائر الضخمة، أمر بوتين الأسبوع الماضي "بتعبئة جزئية" ، واستدعى 300 ألف شخص للانضمام إلى القتال ، بعد مقاومة طويلة للتجنيد العسكري الكبير.

وأمام هذه الاستدعاءات، توجه العديد من الروس إلى الحدود هربًا من التجنيد، فيما خرج آخرون إلى الشوارع للتظاهر ضد القرار.

ووفقًا لصحيفة نوفايا غازيتا المستقلة، فإنه مع تصاعد الاحتجاجات في أكثر من 50 مدينة ، تم احتجاز أكثر من 2300 شخص بموجب قوانين مكافحة الاحتجاج في الأسبوع الماضي.

وقالت الصحيفة إن مكاتب التسجيل والتجنيد العسكرية تعرضت لـ 21 هجومًا متعمدًا خلال نفس الفترة، مشيرة إلى أن ضابط تجنيد في سيبيريا أصيب بجروح خطيرة على يد مسلح بدا أنه في حالة ذهول من قرار التعبئة.