الكويت.. هل يتحايل الإخوان بوثيقة القيم للحصول على أصوات في الانتخابات؟
قال محمود علي الباحث المتخصص في شؤون جماعات الإسلام السياسي، إن شعار تطبيق الشريعة الإسلامية هو واحد من -الأكلشيهات- المعتادة لتنظيم الإخوان، للاستهلاك الانتخابي وكسب الأصوات.

السياق
تستعد دولة الكويت لإجراء الانتخابات التشريعية في 29 سبتمبر الجاري، وذلك لفك حالة الاشتباك بين الحكومة ومجلس الأمة والتي أسفرت عن تجميد وتعطيل الإصلاحات الاقتصادية في البلاد.
ويستعد نواب الإخوان والسلفيين (الحركة الدستورية الإسلامية- حدس) لخوض الانتخابات المقبلة، لتعويض خسارتها في الانتخابات التكميلية الماضية، التي جرت في مارس 2019، وبعدها تلك التي عقدت في ديسمبر 2020.
ويبدو أن كتلة "الإسلاميين" استهلت التحضير للانتخابات المقبلة، بنفس المزاعم التي دأبت على ترويجها في المجتمعات المختلفة، وهي "تطبيق الشريعة الإسلامية".
إذ انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت ما يعرف بـ"وثيقة القيم"، التي تضم ما يزيد عن 10 بنود، أهمها تطبيق ما أسموه "قانون اللباس المحتشم"، ومنع الاختلاط سواء في الأماكن العامة أو المسابح والنوادي، بجانب "وقف الابتذال الأخلاقي".
هذه البنود، تضم مصطلحات تتباين تفسيرها، وتطلق يد التشدد في المجتمع الكويتي، بحسب مغردين أبدوا غضبهم ورفضهم لهذه الوثيقة، التي أعلن نحو 10 مرشحين التوقيع عليها.
تحركات للسيطرة
وهنا، يقول مصدر كويتي مطلع لـ"السياق"، إن جماعة الإخوان في الكويت تعد أقدم تنظيم لهم بمنطقة الخليج العربي والجزيرة العربية، لذا استطاعت التغلغل في المجتمع، ولهم قاعدة كبيرة، الأمر الذي قد يتيح لهم تحقيق نسب نجاح في الانتخابات القادمة.
المصدر أكد أيضًا أن هناك مواثيق تضعها الإخوان للانتخابات بحسب التسلسل الهرمي للتنظيم، يتم من خلالها الاتفاق على دعم شخصيات بعينها، وهو أمر حتمي بالنسبة لهم.
ولفت إلى أن الأوامر تأتي بترتيب الدعم من القيادات الخارجية، ولا يخفى الأمر على المهتمين بالجماعات الإسلامية، أن تيار الإخوان في الكويت ما هو إلا داعم مادي للجماعة الإخوان الخارجية وأعضائها.
المصدر الذي تحفظ على ذكر اسمه أو هويته، أوضح أيضًا أن الإخوان يستخدمون الدين لتحقيق أغراضهم ومصالحهم الخاصة، وأن الوثيقة التي يروجون لها حاليًا، ما هي إلا "استعطاف" للمجتمع الكويتي، لمواجهة الوعي المجتمعي بمخاطر جماعة الإخوان، وهو الأمر الذي يعود بشكل كبير إلى جهود مصر والسعودية والإمارات، التي أسقطت "القناع عن ذلك التنظيم وكشف أغراضه".
وفيما يتعلق بما يسمى "وثيقة القيم"، أشار المصدر إلى أنها تعد "كارت محروق" بالنسبة للمجتمع الكويتي، الذي يميل أغلبه الآن إلى رفضها.
واستدل على ذلك بردود الأفعال على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أكدت رفض تصدر ١٠ أشخاص موقعين على هذه الوثيقة للمشهد السياسي، وتنصيب أنفسهم أوصياء على المجتمع الكويتي.
وشدد المصدر على أن الكويت يستحيل أن تتحول إلى "قندهار" أو "كابول" كما يريد التيار المتشدد، كاشفًا عن أن كل ما يطمح له تيار الإخوان هو السيطرة على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، ليس لتمرير مثل هذه الوثيقة أو الحصول على موافقة برلمانية بأن يكون الدين أساسًا للدولة، ولكن للضغط على الحكومة وإخضاعها.
خطوط حمراء
من جانبه، يرى محمود علي، الباحث المتخصص في شؤون جماعات الإسلام السياسي في تصريحات لـ"السياق"، أن حظوظ الإخوان في مجلس الأمة الكويتي المقبل ستكون ضعيفة.
وفيما يتعلق بـ"وثيقة القيم"، أشار الباحث المتخصص في شؤون جماعات الإسلام السياسي، إلى أن تطبيق "الشريعة الإسلامية" هو واحد من "الأكلشيهات" المعتادة للجماعة، للاستهلاك الانتخابي وكسب الأصوات لا أكثر ولا أقل.
وذكّر علي بشعار التيار الإسلامي وإخوان مصر من قبل وهو "الإسلام هو الحل"، وهي شعارات قد انتهى وقتها، ولم يعد بالإمكان الحديث عن تطبيق الشريعة الإسلامية من منظور التيارات الإسلامية والإخوان، في المنطقة العربية كافة، في ظل الأوضاع القائمة.
فرص محدودة
من جانبه، يرى الدكتور غازي فيصل حسين مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية في تصريحات لـ"السياق"، أن فرص الإخوان بالكويت للحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية "محدودة جدًا".
وأشار إلى أن التجربة البرلمانية في الكويت نشأت وتطورت منذ عام ١٩٦٣، وحققت إنجازات مهمة على المستويات كافة، في ظهور تيارات ليبرالية، تواجه تغلل الفكر المتشدد بالمجتمع.
وتوقع الدكتور غازي أن تكون فرصة حصول الإخوان على الأغلبية "محدودة جدًا"، لسبب جوهري وهو أن الإسلام السياسي وخاصة بعد ٢٠١١، شهد هزائم متتالية في انتخابات برلمانية عديدة، كان آخرها في المغرب بعد تجربة استمرت 10 سنوات من الوصول إلى السلطة.
ونوه إلى انهيار تجربة التيار الإخواني في تونس، حتى إن زعيمها راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، يمثل أمام القضاء على ذمة تهم بالفساد وغيره.
ولم يغفل أيضًا هزيمة الإسلاميين في الجزائر وليبيا، إذ فشلت التيارات الإسلامية السياسية هناك فشلًا ذريعًا، بل وحولت ليبيا إلى بلد مزدحم بالإرهابيين، فضلًا عن فشل التيار في السودان وكذلك في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، ومن قبل هذه كله الفشل الذريع في مصر.
لذا، والحديث للدكتور غازي، فإنه من الصعوبة بمكان الحديث عن فرص لنجاح الإخوان في الانتخابات الكويتية القادمة أو التيارات الموالية لها.