أعلن الحرب على خصومه... عمران خان يدفع باكستان إلى حافة الهاوية

خان يلعب لعبة خطيرة للغاية، حيث أعلن الحرب على البرلمان والسلطة القضائية، كما بات في مواجهة مع الجيش أيضاً، ولكن من خلال تحدي مؤسسات الدولة بشكل مباشر، فهو يدفع المجتمع الباكستاني إلى حافة الهاوية

أعلن الحرب على خصومه... عمران خان يدفع باكستان إلى حافة الهاوية
عمران خان

ترجمات-السياق

قبل خلعه من منصبه، في تصويت برلماني غير مسبوق بحجب الثقة، أعلن رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان، الحرب على خصومه، وهو الآن يحاول تنفيذ تهديده، من خلال تأجيج المخاوف من اندلاع صراع أهلي دموي، إذا لم تتم إعادته إلى السلطة، في غضون الأشهر القليلة المقبلة، الأمر الذي يدفع البلاد إلى حافة الهاوية، بحسب الكاتب الباكستاني حميد مير.

وأوضح مير، في مقال لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن خان حاول -خلال السنوات الأخيرة- ترسيخ قبضته على السلطة من خلال تبني استراتيجية شعبوية للاستقطاب والانقسام، وهو الآن، يعتمد على الأساليب نفسها، لعكس هزيمته على يد البرلمان، حتى لو كان ذلك يعني الاستهزاء العلني بالقواعد الدستورية للبلاد، والأخطر من ذلك كله أنه أعلن خططًا لجلب مليوني عضو من حركة إنصاف الباكستانية إلى إسلام أباد، في الأسبوع الأخير من مايو الجاري، لتأكيد مطالبته بالسلطة وترهيب المعارضين.

 

محاصرة البرلمان

وفقًا للكاتب، فإن هناك تقارير تفيد بأن الموالين لخان سيحاولون محاصرة البرلمان والمباني العامة، لإيقاف عمل الحكومة التي تخضع لسيطرة تحالف يقوده رئيس الوزراء شهباز شريف، إذ أشعل رئيس الوزراء السابق مشاعر مؤيديه بسبب الأكاذيب، ما جعلهم حريصين على مواجهة الذين لا يعدونهم خصومًا سياسيين فحسب، ولكن أيضًا "خونة".

ومن الواضح أن خان يأمل أن يتمكن من استخدام جماعته، لدفع مطالبته بإجراء انتخابات جديدة في غضون شهرين، وهي الحملة التي تُطلق عليها "مسيرة الحرية".

وأضاف مير، الذي عمل في باكستان وغطى النزاعات في أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان وكشمير، أن أتباع خان يرغبون في التحرر من التدخل الأجنبي، مشيرًا إلى أن هذا هو مفتاح خططه لاستعادة السلطة، إذ يأمل الفوز في انتخابات جديدة، ليس على أساس أدائه في الحكومة (الذي كان سيئًا) ولكن من خلال الدفع بنظرية مؤامرة مناهضة لأمريكا، ففي رواية خان، أنه جرى عزله من السلطة من قِبل السياسيين الباكستانيين، الذين كانوا ينفذون أوامر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بمعاقبته، لتحديه إملاءاتها المزعومة.

كيف يخطط رئيس وزراء باكستان المعزول للعودة إلى منصبه؟

مزاعم خان

وقال الكاتب الباكستاني، إن أتباع عمران خان يستخدمون تقنيات التضليل المعروفة لنشر رسالته، كما شارك خان نفسه مقطع فيديو من قناة (فوكس نيوز) تظهر فيه ريبيكا جرانت، المحللة المؤيدة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قائلة إن على باكستان دعم أوكرانيا وإنهاء مناهضة سياسات الولايات المتحدة، لكن يبدو أن رئيس الوزراء السابق تجاهل حقيقة أن جرانت كانت تتحدث بصفتها الشخصية، وليست كممثلة للإدارة في واشنطن".

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة، إلى أن قِلة من الباكستانيين -على ما يبدو- يقبلون مزاعم خان، إذ رفضت القيادة السياسية والعسكرية العليا –بالإجماع- روايته للأحداث، لكن ذلك لم يوقفه لحظة، حيث لم يتوان عن جمع الأموال من أنصاره، لمقاومة ما يسميها الحكومة "المستوردة" الجديدة، وهي أموال تشمل تبرعات من مؤيدين في دول أجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

استهداف بالقتل

أضاف مير، الصحفي الوحيد الذي أجرى مقابلة مع أسامة بن لادن بعد هجمات 11 سبتمبر: "أتباع خان يتحدثون بقلق شديد عن التهديدات التي يقولون إنها موجهة إليهم، وقد تصبح توقعاتهم بأن المواجهة السياسية الحالية ستؤدي إلى إراقة الدماء نبوءة تتحقق بالفعل، إذ اتهم أحد زعماء المعارضة بالتخطيط لاغتيال رئيس الوزراء السابق، بينما زعم آخر أنه هو نفسه مستهدف بالقتل، ومن خلال استدعاء احتمال حدوث اضطرابات مدنية، فإن أنصار خان قد يطلبون، من بين أمور أخرى، من الجيش التدخل بشكل فعال في السياسة أو مواجهة العواقب".

ويتحدى خان نفسه قيادة الجيش ولكن بشكل غير مباشر، إذ إنه قبل أيام، ذكر اسم قائد عسكري بنغالي من القرن الثامن عشر تعاون مع القوات الاستعمارية البريطانية، ما جعله أحد أشهر الخونة في شبه القارة الهندية، وهي الرسالة التي فهمها الجميع، حيث كان يلمح إلى أن قادة الجيش اليوم خونة، لأنهم يرفضون دعمه ضد المخططين الأجانب الوهميين، ما استدعى ردًا فوريًا من الجيش، من خلال إصدار بيان حذر فيه من جره إلى "الخطاب السياسي في البلاد".

وثائق تكشف تفاصيل الساعات الأخيرة من حكم عمران خان.. لماذا حاول استفزاز الجيش؟

لعبة خطيرة

رأى مير أن خان يلعب لعبة خطيرة للغاية، حيث أعلن الحرب على البرلمان والسلطة القضائية، كما بات في مواجهة مع الجيش أيضاً، ولكن من خلال تحدي مؤسسات الدولة بشكل مباشر، فهو يدفع المجتمع الباكستاني إلى حافة الهاوية.

وتابع: "هناك العديد من الدلائل على أن هذه المؤسسات تستعد للرد على رئيس الوزراء السابق، إذ يمكن أن تعلن لجنة الانتخابات قريباً حكمها في القضية التي كانت تمضي فيها ضد خان (بشأن التمويل الأجنبي المزعوم لحملته الانتخابية) منذ عام 2014، وفي الوقت نفسه، تحقق الحكومة في مزاعم فساد ضده وحاشيته، وقد أخبرني وزير رفيع المستوى مؤخراً بأن لديهم الكثير من الأدلة لفتح قضية، وقال إن خان يطالب بإجراء انتخابات سريعة، لأنه يريد استباق اتخاذ إجراء ضده".

كان رئيس الوزراء الباكستاني الحالي قد ألقى خطاباً، في 9 مايو الجاري، اتهم فيه خان بتقويض الديمقراطية، من خلال إلقاء "السموم" على مؤسسات الدولة، وقال: "إذا لم يتوقف ذلك بالقانون والدستور، فإن البلاد ستصبح انعكاساً بشعاً لسوريا وليبيا".

وحذر مير من أن المناخ السياسي في باكستان متوتر بشكل غير مسبوق، معرباً عن أمله بأن تجد قوى الديمقراطية مخرجاً من الأزمة الحالية.