سوق أسلحة إقليمي... سيطرة طالبان على أفغانستان تدق ناقوس الخطر
منذ عام 2003، زوَّدت الولايات المتحدة القوات الأفغانية، بما لا يقل عن 600 ألف قطعة سلاح خفيف، مثل بنادق M-16 وM-4 و76000 مركبة و16 ألف نظارة للرؤية الليلية و162 ألف جهاز لاسلكي ومعدات اتصالات أخرى.

ترجمات – السياق
حذَّرت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، من أن سيطرة حركة طالبان، على ترسانة ضخمة من الأسلحة، التي كان يملكها الجيش والشرطة الأفغانيان، ستؤدي إلى نشوء سوق أسلحة إقليمي، لبيع تلك الأسلحة التي ستقع -نهاية المطاف- بأيدي تنظيم القاعدة والمسلَّحين في المنطقة.
وقالت المجلة الأمريكية، إن حركة طالبان، سيطرت على أسلحة ومعدات أمريكية قُدِّرت قيمتها بالمليارات، بما في ذلك الأسلحة الصغيرة وسيارات وشاحنات صغيرة وطائرات، وطائرات من دون طيار، إلا أنه في خضم الفوضى السائدة، ليس من الواضح للمسؤولين الأمريكيين، المعدات التي استولت عليها حركة طالبان.
سوق أسلحة
من جانبه، قال نيلز دوكيه، المدير المؤقَّت لمعهد السلام الفلمنكي: «ما نراه الآن هو أن هذه الأسلحة، التي انتهى بها الأمر في أيدي طالبان، من المحتمل أن تنتشر في المنطقة لعقود مقبلة»، مشيرًا إلى أنه «في الوقت الحالي، هم فعالون للغاية، لأنه إذا كنت تريد السيطرة على الأرض، فأنت بحاجة إلى أسلحة صغيرة».
الصور التي انتشرت في جميع أنحاء العالم، الأسبوع الماضي، لمقاتلي «طالبان» يقفون أمام طائرات الهليكوبتر والطائرات الهجومية الخفيفة، سمحت للتنظيم بإذلال الحكومتين الأفغانية والأمريكية السابقتين، بحسب «بوليتيكو» الأمريكية، التي قالت إن هذه الصور لا تهم مراقبي التطرف منذ فترة طويلة، بقدر انتشار البنادق والرصاص والقنابل اليدوية.
كولين كلارك، مدير السياسات والبحوث في مجموعة صوفان، عبر عن ثقته بأن بعض هذه المعدات، سينتهي بها المطاف في أيدي القاعدة والجهات الفاعلة السيئة، مشيرًا إلى أنه أمر لا مفر منه، بينما يبدو من غير الواضح، عدد الأسلحة وصناديق الذخيرة، التي لا تزال من دون رقابة، أو مدى يأس طالبان للحصول على أموال سريعة، أثناء محاولتها التحول إلى إدارة البلاد.
خطر أمني
جاي لامب، مدير مبادرة السلامة والعنف في جامعة كيب تاون، قال -في تصريحات للمجلة الأمريكية- إن هذا الأمر يمثِّل خطرًا أمنيًا كبيرًا على البلدان المحيطة بأفغانستان، لأنه يمكن بيع الأسلحة بسهولة، لميليشيات داخل البلاد، وفي أماكن مثل باكستان.
وقال لامب: «ما يحدث في هذه المواقف، هو أن سماسرة السلاح سيعرِّفون بأنفسهم، وسيعرضون نقودًا أو سلعًا ثمينة، مقابل تلك الأنواع من الأسلحة».
وقالت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، إن حجم المساعدة العسكرية الأمريكية، على مدى العقدين الماضيين مذهل، حيث تم إنفاق 83 مليار دولار، لتدريب وتجهيز جيش بعد سنوات من الخسائر الفادحة في ساحة المعركة، اختفى أخيرًا.
600 ألف قطعة سلاح
ومنذ عام 2003، زوَّدت الولايات المتحدة القوات الأفغانية، بما لا يقل عن 600 ألف قطعة سلاح خفيف، مثل بنادق M-16 وM-4 و76000 مركبة و16 ألف نظارة للرؤية الليلية و162 ألف جهاز لاسلكي ومعدات اتصالات أخرى، وفقًا لمكتب المساءلة الحكومي لعام 2017.
وفي الآونة الأخيرة، وتحديدًا بين عامي 2017 و2019، شحنت الولايات المتحدة 4700 عربة همفي أخرى و20 ألف قنبلة يدوية وآلاف من الذخائر الصغيرة وقاذفات القنابل اليدوية، وفقًا لتقرير المفتش العام، الخاص بإعادة إعمار أفغانستان لعام 2020.
وأفادت مجموعات المراقبة مثل SIGAR منذ فترة طويلة، بأن الآلاف من البنادق وقطع أخرى من المعدات، اختفت بعد وقت قصير من شحنها إلى الوحدات في الميدان، وطالما صمدت طالبان في وجه المعدات الأمريكية، التي تمكنت من الحصول عليها، بما في ذلك الأسلحة الصغيرة، من فئة العمليات الخاصة ونظارات الرؤية الليلية.
ميزة كبيرة
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن سيطرة طالبان، الأسبوع الماضي، على قطع مدفعية وأنظمة هاون، سيوفِّر ميزة كبيرة على أي مجموعات تسعى إلى تحدي حُكم طالبان، بما في ذلك تحالف الميليشيات في الشمال، الذي يتحد الآن، لكن يمكن أن تنفد الفائدة، من دون نظام إصلاح وصيانة فعال.
وقال جوستين فليشنر من «Conflict ArmamentResearch» وهي مجموعة تتعقَّب تهريب الأسلحة، إن هناك احتمالًا كبيرًا بأن بعض المعدات المتروكة، قد سقطت بالفِعل في أيدي مقاتلي القاعدة وداعش، بالنظر إلى الوضع الفوضوي على الأرض، والصلات المحلية المعقَّدة بين هذه الجماعات.
وتكافح حكومة الولايات المتحدة، لجرد المعدات التي سلَّمها الجيش المنسحب، بما في ذلك مقدار ما كان في حالة صالحة للعمل، بحلول الوقت الذي استولى عليه المتمرِّدون.
معدات صدئة
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين: «ليست لدينا صورة كاملة، بالطبع، عن المكان الذي ذهبت إليه كل مادة من مواد الدفاع، لكن بالتأكيد، قدر لا بأس به منها وقع في أيدي طالبان».
ومع ذلك، فمن المحتمل أن تصبح المعدات الأكثر تطورًا، مثل الطائرات ومعدات الاتصالات، غير قابلة للتشغيل في غضون أشهر، حتى إن الجيش الأفغاني والقوات الجوية لم يتمكنا من صيانة طائراتهما ومعظم أساطيل مركباتهما، من دون آلاف المتعاقدين الأجانب، للقيام بهذا العمل.
وقالت «بوليتيكو» إنه على المدى القصير، ليس هناك ما يدعو إلى أن تكون طالبان قادرة على تشغيل أي من الطائرات التي استولت عليها، ونظرًا للإصلاح المعقَّد الذي تتطلَّبه، من المحتمل أن تتمتع طائرات الهجوم من طراز A-29 وطائرات الهليكوبتر بلاك هوك، بعمر محدود غير متصل.
عشرات الطائرات
ومن سلسلة التوريد العالمية، التي تموِّلها الولايات المتحدة، نقل العشرات من طائرات A-29 وطائرات الهليكوبتر إلى أوزبكستان، خلال عطلة نهاية الأسبوع، من قِبَلِ الطيارين الأفغان الفارين من سيطرة طالبان، لكن ليس واضحًا، ما الذي سيحدث لتلك الطائرات.
ويتمثَّل أحد مخاوف طالبان، في الوصول إلى العيار الصحيح من الذخيرة، لكن بعد نفاد الملايين من الطلقات المخزنة للبنادق الأمريكية الصنع، من المرجح أن يجدوا المزيد في السوق المفتوحة.
وقال روبرت موجاه، مدير مجموعة «SecDev»: «تتمتع طالبان بخبرة كبيرة في التعامل مع مجموعة من الأسلحة المصنعة في الولايات المتحدة واستخدامها، بما في ذلك المدافع الرشاشة الثقيلة ومدافع الهاون ومدافع الهاوتزر وعربات همفي»، مشيرًا إلى أنه «بعد كل شيء، كانوا يشترونهم ويسرقونهم ويأخذونهم من قوات ANDSF منذ ما يقرب من عقدين».
وبين أبريل ويوليو 2021 فقط، زوَّدت الولايات المتحدة قوات الدفاع الذاتي الجوية الروسية، بأكثر من ألف صاروخ 2.75 بوصة، و61 ألف طلقة متفجرة 40 ملم، و900 ألف طلقة 0.50 وما يزيد على مليوني طلقة 7.62.