الغارديان: رفض أمريكا قرار بولندا بشأن مقاتلات ميغ29 انتكاسة لأوكرانيا

رأت الغادريان، أن القرار البولندي يثير تساؤلات عن استعداد الدول الأوروبية للتصعيد عسكريًا ضد روسيا، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم التوتر وتصعيد الحرب

الغارديان: رفض أمريكا قرار بولندا بشأن مقاتلات ميغ29 انتكاسة لأوكرانيا

ترجمات – السياق

قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن الخلاف بين الولايات المتحدة وبولندا بشأن تزويد وارسو أوكرانيا بمقاتلات من طراز "ميغ29" روسية الصنع، قد يؤدي إلى تفاقم التوتر وتصعيد الحرب.

كانت بولندا أعلنت استعدادها لوضع مقاتلاتها الحربية من طراز ميغ29 سوفيتية الصنع "فورًا ومجانًا" تحت تصرف الولايات المتحدة، ونقلها إلى قاعدة رامشتاين في ألمانيا، لإرسالها في ما بعد إلى الأوكرانيين، الذين يدافعون عن بلادهم بوجه الغزو الروسي منذ 24 فبراير الماضي.

ورأت الصحيفة، أن القرار البولندي يثير تساؤلات عن استعداد الدول الأوروبية للتصعيد عسكريًا ضد روسيا، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم التوتر وتصعيد الحرب.

 

انتكاسة وتفوق روسي

وقالت الصحيفة، إن الخلاف بين وارسو وواشنطن على الاستخدام المحتمل للمقاتلات، لـضرب القوات الروسية داخل أوكرانيا، أحد الإخفاقات الدبلوماسية القليلة للغرب، الشهر الماضي.

ورأت أن هذا الخلاف -الأمريكي البولندي- يمثل انتكاسة ستكون نتيجته، احتفاظ روسيا بالتفوق الجوي، موضحة أن الولايات المتحدة وأوروبا عملتا بجد لإبقاء خلافاتهما بشأن العقوبات وحظر النفط عند الحد الأدنى، وحاولتا التوفيق بين المصالح الوطنية لبعضهما، في مواجهة روسيا.

وأضافت: لذلك كان لافتًا عندما وصف البنتاغون لأول مرة عرضًا بولنديًا لإرسال طائرات إلى القاعدة الجوية الأمريكية في رامشتاين بأنه "اقتراح لا يمكن الدفاع عنه"، ثم قالت فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأوروبية والآسيوية، في جلسة أمام مجلس الشيوخ: "على حد علمي لم يحدث تشاور معنا بأنهم خططوا لمنحنا هذه الطائرات".

كانت واشنطن تدرس اقتراحًا لتزويد بولندا لأوكرانيا بمقاتلات من الحقبة السوفيتية، على أن تحصل وارسو بدورها على طائرات (إف 16) الأمريكية لتعويض خسارتها.

وذكرت الصحيفة البريطانية، أن جزءًا من المشكلة أن الاقتراح البولندي كان مختلفًا بشكل دقيق، لكنه حاسم عن مخطط نوقش في الغرف المغلقة بين الجانبين، إلا أنه -حسب الصحيفة- على خلفية التوترات الدبلوماسية المشحونة للغاية، فإن العرض مهم ولافت للنظر خصوصًا لموسكو.

 

غضب بوتين

وأوضحت "غادريان" أن بولندا شعرت بأن هذه الخطة ستعرضها لغضب بوتين، فمارست لعبة «تمرير الطرد الدبلوماسي»، إذ عدلت المقترح بحيث ترسل الطائرات إلى قاعدة رامشتاين، وكان من شأن هذه الخطوة إخراج بولندا من مرمى النيران الروسية، إذ ستُنسب الخطة إلى الولايات المتحدة أو الناتو أو الاتحاد الأوروبي.

بينما من وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن أي قرار لتسليم الطائرات سيقع في النهاية على عاتق بولندا، لأن واشنطن لا تريد تورط الناتو في صراع مباشر مع روسيا، رغم أن هذا الاقتراح لم يكن مختلفًا نوعيًا عن تزويد دول حلف شمال الأطسي أوكرانيا بصواريخ، غافلين المضادة للدبابات.

وحسب "غارديان" فقد اقترحت بولندا أيضًا أن تتطابق دول الناتو الأخرى، التي لديها طائرات ميغ على خط المواجهة مع خطتها، وهو اقتراح موجه إلى سلوفاكيا ورومانيا بالتحديد، مشيرة إلى أن التنفيذ يعني أن أوكرانيا ستكون لديها 70 طائرة إضافية تحت تصرفها.

وأمام ذلك، كان رد البنتاغون سريعًا: "ببساطة ليس من الواضح لنا أن هناك مبررًا ملموسًا لذلك"، ومن ثمً حمّل بولندا مسؤولية عملية التسليم، في حال إتمامها.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه من المحتمل أن تكون الحكومة القومية البولندية أطلقت خطتها لتخفيف ضغوط الكونغرس الأمريكي والرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي عليها، وهي تعلم جيدًا أنها ستُرفض.

والمحصلة النهائية -حسب وصف "غارديان"- بعد هذه الانتكاسة الدبلوماسية، احتفاظ روسيا بتفوقها الجوي، ذلك أن الطيارين الأوكرانيين، الذين تدربوا في بولندا على قيادة ميغ29، أصبحوا على الأرض بلا وسائل دفاع.

 

دروس مستفادة

ورغم صعوبة تحقيق الأمر على الأرض، فإن "غارديان" رأت أن في القصة دروسًا مستفادة للجانبين، مشيرة إلى أن طائرات ميج29 ظهرت أول مرة في 27 فبراير، عندما اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارًا غير مسبوق بتقديم مساعدة عسكرية لدولة خارج الكتلة.

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي السامي للسياسة الخارجية والأمنية، جوزيب بوريل: مساعدة كييف ستشمل أيضًا أسلحة هجومية، بما في ذلك الطائرات.

وأضافت "غارديان": "صحيح أن القوات الأوكرانية المحاصَرة تحتاج إلى مقاتلات، لكن يجب أن تكون من الطراز الذي تدرب عليه الطيارون الأوكرانيون، ما يعني أنهم بحاجة إلى أن تكون طائرات روسية الصنع، وعلى رأسها ميغ29، مشيرة إلى أن ذلك يدحض التصريحات الأمريكية بأن الأوكرانيين يستخدمون بشكل ممتاز الأسلحة المضادة للدبابات وللطائرات وليس ميغ29.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن أسطولًا جديدًا من الطائرات، سيضمن بقاء المجال الجوي فوق أوكرانيا محل نزاع، على الأقل لبعض الوقت، وسيجعل روسيا تفكر مرتين في الضربات الجوية على كييف.

ومع ذلك -تضيف الصحيفة- خرجت وارسو قوية بطريقة أخرى خلال الـ 24 ساعة الماضية، إذ نشرت الولايات المتحدة بطاريتي صواريخ أرض-جو جديدتين من نوع باتريوت في بولندا، تنفيذًا لتعهدها بالدفاع عن أراضي بلدان حلف شمال الأطلسي، وفق ما أعلن مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية.

وأشارت "غارديان" -في ختام تقريرها- إلى أن صواريخ Pac-3 MSE  قادرة على إسقاط صواريخ إسكندر الروسية البالستية والمناورة، إلا أن أوكرانيا -لسوء الحظ- مازالت تفتقر للمزيد من الصواريخ المضادة للطائرات، رغم تزيد واشنطن وأوروبا لها بالمئات منها مؤخرًا.

وأوضحت أن القلق البولندي من روسيا منطقي، إلا أنه بنظر بعض المحللين غير مبرر، نظراً لاستبعاد إقدام روسيا على الانتقام من بولندا عسكريًا، كونها عضوًا صريحًا في حلف الناتو، الذي سيفعل تلقائيًا المادة 4 من معاهدة الحلف، لكن يبدو أن هواجسها التاريخية ومخاوفها من روسيا جعلتها تفضل الاستغناء عن مقاتلات إف16 التي كانت ستقدمها لها واشنطن، لتعويض خسارتها لميغ29.