لمواجهة تأثير الحركات الإسلامية.. فرنسا تقر قانونًا يشدِّد الرقابة على المساجد
صاغ ماكرون وأنصاره في المجلس التشريعي، مشروع القانون، كرد فِعل على انتشار النزعة الانفصالية الإسلامية، التي وصفها الرئيس بأنها مشروع سياسي وديني لتشكيل مجتمع موازٍ، تكون للقوانين الدينية فيه، الأسبقية على القوانين المدنية.

ترجمات - السياق
أقرَّت فرنسا، مشروع قانون جديد، يشدِّد الرقابة الحكومية، على المساجد والجمعيات الدينية، ومواجهة تأثير الحركات الإسلامية، التي يقول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنها تقوِّض القيم العلمانية في البلاد، بحسب "وول ستريت جورنال".
ووفقًا للصحيفة، فإن التشريع الجديد، المسمى قانون تعزيز احترام مبادئ الجمهورية، مرَّره مجلس النواب، بأغلبية 49 صوتًا مقابل 19، وحصل على الدعم من حزب ماكرون الوسطي "الجمهورية إلى الأمام"، إضافة إلى أحزاب الوسط الأخرى.
وصوَّت نواب من اليسار واليمين، ضد النص لأسباب مختلفة، وبينما يرى الاشتراكيون خصوصًا أنه دليل على "عدم الثقة بالجمعيات"، امتنع اليمين المتطرف عن التصويت.
وصاغ ماكرون وأنصاره في المجلس التشريعي، مشروع القانون، كرد فِعل على انتشار النزعة الانفصالية الإسلامية، التي وصفها الرئيس بأنها مشروع سياسي وديني لتشكيل مجتمع موازٍ، تكون للقوانين الدينية فيه، الأسبقية على القوانين المدنية، بحسب الصحيفة.
قيم الجمهورية الفرنسية
وتقول حكومة ماكرون: إن هذه الأيديولوجية "النزعة الانفصالية الإسلامية" تقوِّض قيم الجمهورية الفرنسية (الحرية والمساواة والأخوة)، إضافة إلى العلمانية، والفصل الصارم بين الدين والدولة في فرنسا.
ويحظر مشروع القانون، ممارسات مثل الزواج القسري وتعدُّد الزوجات، التي تقول الحكومة إن الأيديولوجية الانفصالية تؤيدها.
ونقلت الصحيفة عن زعماء دينيين قولهم: إن حملة الحكومة تجاوزت الانقسام بين الدين والدولة، الذي نشأ بموجب قانون عام 1905 التاريخي، إذ صاغ هذا القانون العلمانية من خلال منع الجماعات الدينية، من تلقي مساعدات الدولة، مع استثناءات قليلة، واستبعاد رجال الدين من المناصب الحكومية، كما أكد حرية التعبير والممارسة الدينية، في حدود "النظام العام".
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن القانون الجديد يخوِّل الحكومة إغلاق دور العبادة، وحل المنظمات الدينية، من دون أمر المحكمة، إذا وجدت أن أيًا من أعضائها، يحرِّض على العنف أو الكراهية.
كما يسمح بحل مؤقت، لأي جماعة دينية، تنشر أفكارًا تحرِّض على الكراهية أو العنف.
كما سيتعيَّـن على المنظمات الدينية، الحصول على تصاريح حكومية كل خمس سنوات، لمواصلة العمل، وتصديق حساباتها سنويًا، إذا تلقَّت تمويلًا أجنبيًا.
إضافة إلى كل ذلك، يَـعُـدُّ القانون الجديد، أي شخص يحاول الضغط على موظفي الخدمة المدنية، أو مقدمي الخدمات العامة (دينيًا) أو بطرق بعيدة عن القيم العلمانية لفرنسا، مرتكبًا لجريمة جنائية.
وبموجب أحكام القانون، سيواجه الرجل الذي يرفض السماح لطبيب بفحص زوجته، عقوبة تصل إلى السجن خمس سنوات، وغرامة تصل إلى 75 ألف يورو.
فقد الحريات
من جانبه، صوَّت حزب الجمهورية الفرنسي المحافظ "Les Républicains" ضد مشروع القانون ، قائلاً إنه لم يفعل ما يكفي لمعالجة المشكلة.
كما عارضه الاشتراكيون وحزب فرانس أونبويد اليساري، مبرِّرين خُطوتهم بأن مشروع القانون، يمنح الحكومة سلطة كبيرة على الجماعات المدنية والدينية.
وقال آلان ديفيد، النائب الاشتراكي: "بهذا النص، لم نكسب شيئًا، وفقدنا الحريات"، بحسب الصحيفة.
حظر البوركيني
لم يدرج المشرِّعون في مجلس النواب، بعض التعديلات التي سعى مجلس الشيوخ الفرنسي إلى إضافتها، لا سيما الأحكام التي تمنع مرافقي المدارس الميدانية، من ارتداء الشعارات الدينية العلنية، وحظر البوركيني في حمامات السباحة العامة.
كما يطلب القانون، الذي تم إقراره، من الآباء الذين يدرسون أطفالهم في المنزل، الحصول على إذن الحكومة، وهو بند يهدف إلى ضمان تعليم الأطفال، القيم العلمانية الفرنسية.
ويحظر القانون أيضًا، الزواج القسري أو الممارسة بين بعض العائلات المسلمة، التي تتطلَّب من المرأة، الخضوع لفحص طبي للتحقُّق من عذريتها، قبل أن تتمكَّن من الزواج، وفقًا للصحيفة.
هجمات إرهابية
يأتي هذا القانون، في أعقاب سلسلة من الهجمات الإرهابية، التي مزَّقت شرائح المجتمع الفرنسي، لا سيما الدور الذي يفترض أن يلعبه النظام التعليمي، في تحويل أبناء المسلمين الفرنسيين إلى مواطنين، في جمهورية علمانية.
ففي أكتوبر 2020، تم قطع رأسال المدرس صمويل باتي، في هجوم إرهابي، بسبب عرض رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد على طلابه.
أما المهاجم فهو لاجئ شيشاني، يبلغ من العمر 18 عامًا، تصرَّف بعد مشاهدة الفيديو، بحسب السُّلطات.
وبعد أسبوعين من هذه الواقعة، قتل تونسي ثلاثة أشخاص، في هجوم بسكين، على كنيسة في الريفيرا بمدينة نيس.
وعقب هذه الهجمات، شنَّت السُّلطات الفرنسية حملة واسعة، أدت إلى إغلاق بعض المدارس الإسلامية، وبدء تحقيقات في عشرات المساجد.
وأمرت السُّلطات بالإغلاق المؤقت، لعشرات المساجد والجمعيات، بما في ذلك جماعة مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا أو CCIF، وهي مجموعة توفِّر التمثيل القانوني للمسلمين، الذين يقولون إنهم عانوا التمييز بسبب دينهم.