اشتباكات عنيفة في طرابلس تبعثر الحل في ليبيا... ومطالبات بمحاكمة أطرافها

اتهامات متبادلة... السياق تكشف تفاصيل الاشتباكات العنيفة بين جهازين تابعين للحكومة الليبية

اشتباكات عنيفة في طرابلس تبعثر الحل في ليبيا... ومطالبات بمحاكمة أطرافها

السياق

اشتباكات عنيفة اندلعت فجر الجمعة، في العاصمة الليبية طرابلس، بين اثنين من الأجهزة التابعة للحكومة الليبية، تبعثر ما تبقى من جهود للحل في البلد الإفريقي، الذي مزَّقت أوصاله عشرية من الصراعات، لم تخفت جذوتها حتى الآن.

وقالت مصادر ليبية في تصريحات لـ«السياق»، إن اشتباكات عنيفة اندلعت وتيرتها فجر الجمعة، بين ما يعرف بـ«جهاز دعم الاستقرار» التابع للمجلس الرئاسي، وما يعرف بـ«اللواء 444» التابع لرئاسة الأركان بمحيط منطقة صلاح الدين، جنوبي العاصمة طرابلس.

وأوضحت المصادر، أن «اللواء 444، صد هجوماً فجر اليوم، على معسكر التكبالي بمنطقة صلاح الدين»، مشيرة إلى أنها أسرت أفراداً من جهاز دعم الاستقرار، كانوا يحاولون الهجوم على المعسكر.

 

تصعيد خطير

وأكدت وصول رتل من السيارات المسلَّحة إلى منطقة قصر بن غشير، إضافة إلى رتل آخر من السيارات المصفَّحة، قادمًا من مدينة الزاوية، مشيرة إلى أن الاشتباكات التي ما زالت مستمرة، تنذر بتصعيد خطير في العاصمة طرابلس.

وأكدت المصادر مقتل القيادي في ما يعرف بـ«اللواء 444» عمران الورفلي، أثناء الاشتباكات في منطقة صلاح الدين، مشيرة إلى مقتل أمير الزرقاني، التابع لما يعرف بـ«جهاز دعم الاستقرار».

وبحسب شهود عيان تحدَّثوا لـ«السياق»، فإن بعض العائلات نزحت، إثر سقوط قذائف واشتعال النار داخل إحدى الشقق، في عمارة بالقرب من الإشارة الضوئية بمنطقة صلاح الدين.

وأكد شهود العيان، أن هناك طائرات مسيَّـرة تركية تحوم في منطقة الاشتباكات بالعاصمة طرابلس، بينما أعلن مركز طرابلس الطبي ومستشفى الخضراء العام، حالة الاستنفار القصوى للفرق الطبية، بعد وصول عدد من الجرحى نتيجة الاشتباكات الدائرة في طرابلس.

 

الانحراف عن المسار

 من جانبه، قال آمر ما تسمى منطقة طرابلس العسكرية عبدالباسط مروان، إن «اللواء 444 انحرف عن مساره ووجب التصحيح»، مشيرًا إلى أن اللواء أصبح ذا ذمة مالية مستقلة، وضخ 10 ملايين دينار ليبية إلى حسابه من الدولة.

وأشار مروان، في مقطع بثته ما تسمى منطقة طرابلس العسكرية، إلى أن اللواء يضم غير عسكريين «حذَّرنا من استقطابهم»، مؤكدًا أنها أصبحت غير ممتثلة للأوامر.

إلا أن عبدالمالك المدني، الناطق باسم ما تعرف بـ«عملية بركان الغضب»، قال في تغريدة عبر «تويتر»، إنه جرى «إفشال محاولة تمـرُّد داخل العاصمة طرابلس، تقودها مجموعة من العسكريين، بدعم العصابات المتحالفة، بعد محاولتهم السيطرة على معسكر التكبالي وتنفيذ مخطط خارجي».

 

محاولة تمرُّد

وأكد المدني، أسر العشرات من المهاجمين، مطالبًا المجلس الرئاسي والمدَّعي العام العسكري، بإجراء تحقيقات سريعة وعاجلة، وتوضيح ملابسات الهجوم.

من جانبها، أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، عن «عميق قلقها» من القتال الذي وقع الجمعة في منطقة صلاح الدين بالعاصمة ومحيطها، معبِّـرة عن أسفها لـ«عجز حكومة الوحدة الوطنية عن ضبط تحركات تلك التشكيلات المسلَّحة  داخل الأحياء المكتظة بالمدنيين».

وشدَّدت المنظمة، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، على أن ضمان سلامة المدنيين، مسؤولية حكومة الوحدة الوطنية، مؤكدة أن أن تجدُّد النزاعات المسلَّحة في أكثر من منطقة، خلال الأسابيع الماضية، يشكل خطراً داهماً على سلامة مئات الآلاف من المدنيين، داخل عدد من تلك المدن، نتيجة لاستخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة.

واعتبرت المنظمة، أن هذه الأعمال القتالية، التي أصبحت تتجدَّد بين الفترة والأخرى داخل الأحياء المدنية، يمكن إدراجها تحت جرائم الحرب، التي يجب التحقيق فيها، لأنها تخالف صراحة اتفاقية جنيف الرابعة، التي تقضي بضرورة تجنيب المدنيين مخاطر الاقتتال، في حال النزاع داخل حدود الدولة الواحدة.

 

جرائم حرب

وأكدت أن استعمال الأسلحة داخل المدن، سواء لتدمير مواقع معادية، أم لبث حالة من الرعب بين المدنيين، لأغراض عسكرية أو سياسية، يعد مسوغًا لإدراج فاعليه ضمن مجرمي الحروب، ويمكن المطالبة بمحاكمتهم على المستوى الدولي.

تأتي الاشتباكات، بعد أقل من أسبوع على اشتباكات بين ما يعرف بـ«جهاز دعم الاسقرار» في مدينة الزواية، غربي ليبيا، أسفرت عن عدد من المصابين.

وكانت مليشيات ما يعرف بـ«البحث الجنائي» بقيادة محمد بحرون الملقب بـ«الفار» التابعة لوزارة الداخلية وقوات ما يعرف بـ«جهاز دعم الاسقرار»  التابعة إلى المجلس الرئاسي، دخلتا في اشتباكات عنيفة، امتدت إلى مناطق عدة بمحيط المدينة، ما أسفر عن أضرار مادية بعدد من المنازل، ومقتل شخصين وإصابة عدد من الجانبين.

 

جهاز جديد

وكان رئيس المجلس الرئاسي السابق فايز السراج، أعلن في يناير 2021، قبل قرابة شهرين من تركه السلطة، تعيين عبدالغني الككلي رئيسًا لجهاز أمني تحت مسمى «دعم الاستقرار»، أحدث ضجة وغضبًا حينها في الشارع الليبي.

إلا أن اتفاقًا لوقف إطلاق النار، وقع في أكتوبر 2020، قبل تشكيل الجهاز، على بدء عملية حصر وتصنيف المجموعات والكيانات المسلَّحة بجميع مسمياتها على التراب الليبي، سواء التي تضمها الدولة أو التي لم يتم ضمها، ومن ثم إعداد موقف عنها، من حيث قادتها وعدد أفرادها وتسليحها وأماكن وجودها، وتفكيكها، ووضع آلية وشروط إعادة دمج أفرادها بشكل فردي إلى مؤسسات الدولة.

ونص الاتفاق، الذي يهدف إلى وقف فوري لإطلاق النار، على إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العكسرية والمجموعات المسلَّحة بإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية برًا وبحرًا وجوًا، في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ توقيع وقف إطلاق النار.

كما نص الاتفاق، الذي اطعلت «السياق» على نسخة منه، على تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي، وخروج فرق التدريب، على أن تكلف الغرفة الأمنية -المشكلة بموجب الاتفاق- باقتراح وتنفيذ ترتيبات أمنية خاصة، تكفل تأمين المناطق التي تم إخلاؤها من الوحدات العسكرية والتشكيلات المسلَّحة.